دور الإعلام فی رؤیة الإمام الراحل الاجهزة الاعلامیة بین تهذیب المجتمع وبین تغریبه سعید کاظم | ||
الاعلام الفاسد والاعلام الصحیح للإذاعة والتلفزیون فی رأی الامام الراحل دور کبیر فی مجال الاعلام الفاسد، وفی مجال الاعلام الصحیح أیضاً… فهذه الأجهزة، وجمیع المطبوعات کذلک لها اهمیة عظیمة، ولکن أهمیة الإذاعة والتلفزیون أکثر من البقیة. هذه الأجهزة أجهزة تربویة، یجب أن تتربى جمیع فئات الشعب بواسطة هذه الأجهزة. إنها جامعة عامة؛ فالجامعات عبارة عن جامعات محدودة، بینما تلک الأجهزة عبارة عن جامعة عامة، یعنی جامعة تنتشر فی جمیع أنحاء البلاد. ومن هنا یجب أن تقوم هذه الأجهزة بتوعیة جمیع فئات الشعب الایرانی المسلم، وأن تجعلهم من المجاهدین، ومن المفکرین، ومن المستقلین، ومن الأحرار، وأن تخلّصهم من التغرّب، وتمنح الاستقلال للجماهیر. فهذه هی أهم وظیفة لهذه الأجهزة، ولها وظیفة التعامل مع الجماهیر کالمعلم والتلمیذ. ویجب على الکتّاب والخطباء والعلماء وذوی الخبرة أن یتحدثوا فی هذه الأجهزة، وأن یُسمح لهم بالتحدّث. وما أکثر الذین یقترحون هذه المعانی، فیجب إعطاؤهم الفرصة لیتحدثوا. علیهم أن یقدموا أشیاءً مفیدة تنفع الشعب بدلاً من تلک الأمور التی لا تنفعه أو تضره، وأن یقدموا له غذاءً صحیحاً وسلیماً. الاعلام المضاد والمضلل وضرره الکبیر على المجتمع فی اعتقاد الامام ( علیه الرحمة ) إن واحدة من مشاکل ایران الکبیرة فی عهد النظام المباد هی مشکلة الصحافة؛ إذ کان الطاغوت ینتخب عملاءه الذین کانوا فی خدمته وخدمة الأجانب، وینتخب أفضلهم لإدارة المطبوعات والإعلام المضاد للإسلام والمضاد للبلاد، ولکن ضمن غطاء إسلامی ووطنی. فهل الضربة التی لحقت بالبلاد والإسلام بواسطة الإعلام فی زمن الطاغوت کانت أکبر، أم تلک الضربات التی تلقیناها من قبل سائر المؤسسات الطاغوتیة؟! وعلیه یجب على المطبوعات أن تحمل نداء الشعب، وتحمل نداء الإسلام، وتبلّغ للأحکام الإسلامیة، وتطبیقها، وتهذّب المجتمع، وتنشر الأخلاق الإلهیة. وکانت فی زمن الطاغوت مکلّفة بعکس هذه الأمور تماماً، إذ کانوا یجرون کل قضایا بلادنا وجمیع القضایا الإسلامیة ـ من خلال الدعایة الواسعة فی تلک الأجهزة الطاغوتیة ـ لصالح الطاغوت؛ وإن الضربة التی لحقت بالإسلام من المطبوعات ووسائل الإعلام الطاغوتیة لا تضاهیها أیة ضربة من الأجهزة الأخرى، وقد أفسدت المطبوعات والمجلات والإذاعة والتلفزیون شباننا إلى الدرجة التی قد تکون مراکز الفساد الأخرى لم تقم بذلک! فهذه المجلات والمطبوعات والإذاعة والتلفزیون وجمیع وسائل الإعلام الأخرى هی التی جرّت شباننا إلى الفساد بدلاً من توجیههم نحو الجامعة والعمل والأدب. الإعلام المبتذل وتغریب المجتمع وکشف الامام الراحل أیضا دور الإذاعة والتلفزیون والصحافة والسینما والمسارح التخریبی فی تدمیر وتخدیر الشعوب وخاصة جیل الشباب، وأی خطط خبیثة واسعة کانت تعدّ خلال القرن الأخیر ـ ونصفه الثانی خصوصاً ـ باستخدام هذه الوسائل سواء للدعایة ضد الإسلام وضد علمائه العاملین، أو للدعایة لمصلحة المستعمرین ـ الغربیین والشرقیین ـ کما استخدمت لإیجاد سوق لبضائعهم، لاسیّما الکمالیة وبضائع الزینة؛ بکافة الأشکال، تبدأ بالتقلید فی طراز المبانی وزینتها، وتستمر تقلیداً فی أنواع المشروبات والملابس وطرزها، وآل الأمر إلى أن أصبح فخراً عظیماً ـ خاصة للنساء الثریات أو المتوسطات الثراء ـ التغرّب فی کافة شؤون الحیاة سلوکاً وقولاً ولباساً، وفی آداب وتقالید المعاشرة وطریقة الحدیث واستخدام المفردات الغربیة فی الأحادیث والکتابات، حتى کان محالاً فهمها على غالبیة الناس، وعسیراً حتى على أمثال هذا الطراز من المتغرّبین ! الأفلام التلفزیونیة کانت من صناعة غربیة أو شرقیة، تحرف جیل الشباب فتیة وفتیات عن مسار حیاتهم الطبیعی، وعن العمل والصناعة والإنتاج والعلم، وتجرّهم إلى الجهل بهویتهم وأنفسهم أو إلى النظرة السیئة وإساءة الظن بکل شیء یتعلق بهم وببلدهم ، حتى بالثقافة والآداب والآثار القیمة التی نقل الخونة النفعیون الکثیر منها إلى مکتبات ومتاحف الغرب والشرق. وکانت المجلات والصحافة الیومیة تفخر بأنها تقود الجمهور ـ لا سیما فئة الشبان الفاعلة ـ إلى الغرب أو الشرق بما تنشره من مقالات وصور مبتذلة مؤسفة، وبسباقها فی نشر المقالات المضادة لثقافتنا وللإسلام. فضلا عن الدعایة الواسعة المروّجة لمراکز الفساد والبغاء والقمار ومحلات بیع البضائع التجمیلیة وأدوات الزینة واللعب والخمر ـ خاصة ما کان یستورد من الغرب ـ؛ فقد کانت الدمى واللعب وبضائع الزینة والتجمیل تستورد مقابل النفط والغاز والمعادن الأخرى، وهناک مئات القضایا المماثلة، التی لا اطلاع لأمثالی علیها. ولو أتیح ـ لا سمح الله ـ لحکم النظام البهلوی العمیل المهلک للحرث والنسل أن یستمر فإنه لم یکن لیمرّ وقت طویل حتى یتنکر فتیانا الراشدون ـ وهم أبناء الإسلام والوطن الذین تتطلع إلیهم أعین الشعب ـ یتنکروا لشعبهم وللإسلام، أو یتلفوا شبابهم فی مراکز الفساد، أو یصبحوا خدماً لدى القوى الناهبة للعالم، ویجروا البلاد إلى الدمار. وکل ذلک بفعل شتى المکائد والمخططات الشیطانیة، التی کان ینفذها النظام الفاسد ووسائل الدعایة والمثقفون المتغربون أو المتشرقون. وقد منّ الله تبارک وتعالى علینا وعلیهم، بأن أنقذنا جمیعاً من شرّ المفسدین والناهبین. وینصح الامام الخمینی الحکومة الاسلامیة قائلا :وصیتی الآن إلى مجلس الشورى الإسلامی الحالی وفی المستقبل، ورئیس الجمهوریة ورؤساء الجمهوریة مستقبلاً، ومجلس أمناء الدستور ومجلس القضاء والحکومة فی کل زمان، هی أن لا یمسحوا لهذه الأجهزة الخبریة والصحافة والمجلات، أن تنحرف عن الإسلام وعن مصالح البلاد. ولنعلم جمیعاً أن الإسلام والعقل یدینان الحریة على الطراز الغربی، فهی تؤدی إلى تدمیر الشبان، فتیات وفتیة. وتحرم الدعایة والمقالات والخطابات والکتب والصحافة المنافیة للإسلام، وللعفة العامة ومصالح البلاد، ویجب علینا جمیعاً وعلى المسلمین کافة منعها، ویجب منع المدمر من الحریات، والجمیع مسؤولون إذا لم یُتصدّ بحزم لما یخالف الشرع ولما یعرقل مسیرة الشعب، والبلد الإسلامی، ولما یتنافى وکرامة الجمهوریة الإسلامیة؛ وإذا ما شاهد فتیة حزب الله أیّاً من تلک الموارد، فلیراجعوا الأجهزة المختصة، وإذا ما قصّرت هذه، فعلیهم أن یبادروا هم إلى منع ذلک. أهمیة الاعلام المرئی ویحذر الامام الجماهیر من التلفزیون بالذات فهو الأکثر ارتباطاً ـ من بین وسائل الإعلام التی نملکها کالمطبوعات والمجلات والصحف والسینما والمسرح والرادیو ـ بالجماهیر، وذلک لسببین: الأول أن المطبوعات ومهما بلغ عدد نسخها فإنها لیست عامة على مستوى البلاد جمیعاً. وثانیاً فإنه لا یتمکن جمیع الناس من الاستفادة منها لأن نصف عدد السکان تقریباً هم من الأمیین. فلا یتمکنون من الاستفادة من المطبوعات، وتستطیع دور السینما أن تمارس عملها ضمن محیط محدود. والإذاعة موجودة فی کل مکان، ولکنها تؤثر عن طریق السمع فقط. أما التلفزیون فإنه یؤثر فی کل أنحاء البلاد ویتأثر به حتى ذلک القروی الذی یسکن المنطقة الحدودیة وهو أمی، ولکنه یملک عیناً وأذناً، أی إنه یستفید من التلفزیون استفادة سمعیة وبصریة، فالرادیو له فائدة سمعیة فقط، وأما التلفزیون فله فائدة سمعیة وبصریة، فیشاهد ذلک الشخص تلک الصور والرسوم، ویستمع إلى الصوت. لذا فإن التلفزیون أهم من جمیع وسائل الإعلام الأخرى. ویتمکن هذا الجهاز أن یصلح دولة بأکملها، أو أن یفسدها. وهذا ما لا تقدر علیه لا الصحافة ولا دور السینما ولا المسارح ولا الإعلام اللفظی الذی یُمارس على المنابر، إذ إن لجمیع هذه شعاع محدود النطق. إن الرادیو له شعاع مثل التلفزیون ولکنه سمعی فقط، بینما للتلفزیون تأثیر سمعی وکذلک بصری، وإن التلفزیون قادر عن طریق السمع والبصر على تربیة الناس أو إفسادهم. زرع الامل فی النفوس ویحثّ الامام ( قدس سره ) الشعب الایرانی ان یزرعوا الأمل فی نفوسهم، کما یجب على الکتاب والخطباء أن یزرعوا الأمل لدى هذا الشعب الابی، فلا یجعلوه یشعر بالیأس. ولیقولوا بأننا قادرون ولسنا عاجزین وهذا هو الواقع، وإننا قادرون، ویجب أن نرید. إن أفضل خدمة یقدّمها کتّابنا الیوم هو زرع الأمل فی قلوب أبناء هذا الشعب الذی یقف بوجه الشرق والغرب، ولا یرید الخضوع لسلطة الشرق ولا الغرب، وأن یقولوا لهم بأنکم قادرون على البقاء غیر مرتبطین بالشرق ولا بالغرب حتى النهایة. فلو أوجد هؤلاء الکتّاب والخطباء الأمل لدى الشعب بدلاً من اعتراض بعضهم على بعض ومحاربة بعضهم بعضاً، وجعلوا الشعب یشعر بالثقة بنفسه والاطمئنان، وأوجدوا الاستقلال الروحی لدى الشعب، إذا قامت وسائل الإعلام بهذه الخدمة وکذلک المطبوعات والکتّاب والخطباء، فأوجدوا هذا الاطمئنان فی الشعب، فإننا سنبقى منتصرین حتى النهایة. وإنه لأمر مؤسف أن لا ننتبه نحن الخطباء والکتّاب والاذاعة والتلفزیون وسائر المطبوعات لهذا المعنى، وهو ضرورة زرع الأمل والاطمئنان فی قلوب هذا الشعب المضحی، الذی صمد وقدّم دماء شبانه وضحى بکل غالٍ ونفیس من أجل الإسلام واستقلال البلاد. وسائل الإعلام اکثر تأثیرا من الاسلحة المخرّبة ویدعو الامام لتسخیر وسائل الاعلام لتهذیب المجتمع الایرانی المحافظ ،فوسائل الإعلام ـ وخاصة الإذاعة والتلفزیون ومراکز التربیة والتعلیم العامة هذه ـ قادرة على أداء خدمات کبیرة لإیران وللثقافة الإسلامیة. وإن الأجهزة التی هی فی تماس سمعی أو بصری یومی مع الناس فی أنحاء البلاد، سواء المطبوعات فی مقالاتها وکتاباتها، أو الإذاعة والتلفزیون فی البرامج والتمثیلیات والأفلام والفنون المفیدة، یجب أن تشد من همّتها، وتعمل أکثر، ویُطلب من القائمین علیها والفنانین الملتزمین الاهتمام بالتربیة الصحیحة وتهذیب المجتمع، والأخذ بنظر الاعتبار جمیع فئات الشعب، وأن یعلّموا الجماهیر الحیاة الشریفة ولیکونوا أحراراً وذلک من خلال الفنون والتمثیلیات والامتناع عن تقدیم الفنون السیئة والمبتذلة. لقد ابتلى شعبنا العزیز خلال الخمسین سنة الأخیرة المظلمة بالمجلات والصحف المخربة والمفسدة لجیل الشبان، والأسوأ منها دور السینما والإذاعة والتلفزیون، والتی دفعت شعبنا ـ من خلال برامجها ـ للارتماء أکثر فأکثر فی أحضان الغربیین والمتغربین، وإن وسائل الإعلام تعد أکثر سوءاً وضرراً من المدافع والدبابات والأسلحة المخربة، وغالباً ما تزول أضرار الأسلحة، بینما تبقى الأضرار الثقافیة وتنتقل إلى الأجیال القادمة کما شاهدتم وتشاهدون. ولولا لطف الله الخاص ومنّه، والتغیر السریع للناس فی أنحاء البلاد لم نکن ندری ما هی العاقبة التی ستنتظر الإسلام والبلاد. والیوم أیضاً إن لم یتم الوقوف بجد بوجه هذه الحثالة المتبقیة من ذلک النظام الفاسد، فإن الخطر یهدد البلاد ـ ولو فی المستقبل البعید ـ وإن من السذاجة التسامح فی هذه الأمور. ویجب على المتدینین أن یبذلوا جهدهم، ویمنعوا الانحراف حتى ولو کان بسیطاً. الإعلام فی خدمة الجماهیر واخیرا یرى امام المستضعفین انه بشکل عام یجب أن تسیر صحافة أی دولة وإذاعتها وتلفازها مع الشعب فی طریق واحد، وتکون فی خدمته. وینبغی للصحافة أن ترى ماذا یرید الشعب، وما هو الطریق الذی یسیر علیه، وتبثّ الوعی من هذا الطریق وتهدی الناس. إذا وجدت صحافة تسیر خلافاً للشعب، وسلکت طریقاً غیر الذی یسلکه، حتى لو فرضنا أن الشعب والدولة سمحا بذلک، فإنها لا یمکنها أن تنال تأیید هذا الشعب، ولیس صحیحاً أن نقول عنها بأنها صحافة وطنیة وصحیفة وطنیة. ولو کتبت مقالات منحرفة ـ لا سمح الله ـ وامتنعت عن کتابة تلک المواضیع التی تخدم الناس، فإن هذا العمل یعدّ مؤامرة. وهذا موضوع یختلف عن حریة الصحافة. ویجب أن تکون المجلة فی خدمة البلاد، وخدمة البلاد هی القیام بالتربیة؛ تربیة الشباب، وبناء الإنسان؛ بناء الإنسان الشریف، بناء الإنسان المفکر لکی ینفع بلاده. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,583 |
||