﴿أَوَ لَم یَرَوا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً﴾. من مهام الحج تحقیق السلام فی العلاقات الاجتماعیة، وتوفیر فرصة نموذجیة للسلام فی العلاقات فیما بین الناس، فی فترة الإِحرام فی الحج، وتوفیر رقعة نموذجیة من الأرض; لتمکین السلام فی العلاقات الاجتماعیة هی رقعة الحرم.
ولکی نعرف موقع السلام فی هذه الرحلة، لا بدّ من أن نستعرض المراحل الأساسیة فیها بإیجاز شدید، بالقدر الذی نستطیع أن نتعرف فیه على مواقع السلام فی هذه الرحلة الإِلهیة. الحج رحلة الأنا والذات إلى الله على الطریقة الإِبراهیمیة أو اختزال لهذه الرحلة الشاقة التی قطعها من قبل أبونا إبراهیم علیه السلام، على الطریقة الرمزیة التی تعتمدها فریضة الحج بصورة واضحة. هذه الرحلة تبدأ مهمتها من المیقات، وتنتهی بطواف النساء وطواف الوداع والآن نشیر بإجمال إلى الأشواط الرئیسة التی یقطعها الحاج فی هذه المرحلة من الأنا إلى الله تعالى.
النصّ الکامل لکلمة الإمام الخامنئی فی اللقاء الذی جمعه بتاریخ ٨/٦/٢٠٢٢ مع القیّمین على شؤون الحجّ فی حسینیّة الإمام الخمینیّ (قده). وفی کلمته شدّد قائد الثورة الإسلامیّة على کون الحجّ مظهر الاتحاد للأمّة الإسلامیّة داعیاً إلى الترکیز على نقاط الاشتراک واجتناب التفرقة، وطالب سماحته الحکومة المضیفة للحجّ بضمان أمن الحجّاج والعمل وفق مصالح الأمّة الإسلامیّة، کما اعتبر سماحته الصهیونیّة بلاء للعالم الإسلامیّ وأنّ الدول المطبّعة مع هذا الکیان المزیّف لن تجنی سوى الضرر.
یعتبر الحج إحدی الفرص المناسبة والقیمة للتطرق الی القضیة الفلسطینیة، وعلى المسلمین-انطلاقا من شعورهم بالواجب- أن ینتهزوا هذه الفرصة الثمینة وأن یتخذوا خطوات جادة فی مجال تنسیق وتوجیه الآلیات والأمکانیات الفعالة الکفیلة لحل هذه القضیة. فالقضیة الفلسطینیة قد جرحت قلوب المسلمین فی جمیع أنحاء العالم منذ أکثر من سبعة عقود ورسمت دورًا دمویًا فی صحیفة العالم الإسلامی.ویمکننا فی هذا الصدد، طرح العدید من القضایا الرئیسیة کعناوین فکریة، وطبعا ینبغی تقدیم حل عملی وتنفیذی لکل منها،. ومن الواضح فی هذا الصدد هو أن المثقفین والنخب السیاسیة یعتبرون المسؤولین الاوائل فی عملیة حل القضیة الفلسطینیة. لکن القضایا التی یمکن طرحها کموضوع رئیسی واساسی لهذا الموضوع هی کما یلی:
أَود فی بدایة کلمتی أن اعبر عن سعادتی بلقاء حضراتکم الیوم و مشارکتی فی هذا المؤتمر العلمی الذی یناقش واحده من القضایا الاسلامیة التی تهم عالمنا المعاصر و هی قضیة الوحدة الاسلامیة و التی أصبحت جزء لا یتجزء من عوامل وعناصر التنمیة و الرقی فی بلادنا الاسلامیة و أرجو أن یخرج بنتائج طیبة و بخاصة فی تثقیف امتنا الاسلامیة و یساهم فی التقدم نحو الحضارة الاسلامیة الجدیدة التی اعلن فکرتها الامام آیه العظمی السید علی الخامنئی حفظه المولی کما اننی انتهز الفرصة و اتقدم بجزیل التقدیر و الامتنان لمشارکتکم البنائه فی هذا الموتمر و خاصة للباحثین والعلماء الذین نستفید من محاضراتهم القیمة و الشکر الجزیل للذین ساهموا فی عقد هذا الموتمر و بذلوا جهوداً مشکورة ثمینة من أجل ایصال صوت الحق الی العالم کله من هذا المنبر و من هذا المکان المقدس الذی وصفه الله تعالی بانه «قیاما للناس».
مما لا شک فیه أن المؤتمر العالمی للحج هو المظهر التام والعلنی للسلوک الدینی ووحدة المسلمین فی کافة المجالات. ولا تستطیع أی مناسک أو عبادة کالحج، أن تحفّز القوى الراقدة للأمة الإسلامیة للمضی فی طریق احیاء القیم الإسلامیة ومحاربة الآفات والأعداء اللدودین. من ناحیة أخرى، یمکن القول بحزم ویقین بأن الدعاة الحقیقیین للوحدة والتضامن الإسلامی هم المؤمنون المخلصون الذین الی جانب ممارسة العبادة والتحلی بالأخلاق جعلوا الجهاد بالأموال والأنفس قدوتهم و اسلوبهم الدائم ولم یشعروا ابدا بالخوف من الاعداء رغم کثرة عدتهم وأعدادهم.