شذرات من اقوال السید الخمینی فی اصطفاء الزهراء(ع) | ||||
PDF (374 K) | ||||
المقدمة الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام على سید المرسلین، المبعوث رحمة للعالمین أبی القاسم محمد ، وعلى أمیر المؤمنین وسید الوصیین علی بن أبی طالب وعلى الصدیقة الطاهرة فاطمة الزهراء سیدة نساء العالمین، وعلى ذریتها الطیبین الطاهرین، واللعن الدائم على اعدائهم اجمعین من الاولین والآخرین.. لاشک ان الغوص فی حقیقة وماهیة الزهراء (علیها السّلام) صعب مستصعب فهذه الذوات لها بعدا ظاهریا بحسب البشریة ولهم بعدا باطنیا بحسب السر والبعد الالهی الروحی بحیث نستطیع ان نقول انهم لا یعرفهم حق معرفتهم غیر الله وغیر انفسهم . وقد رسمت الزهراء ( علیها السّلام ) صورة متجلیة لأشرف ما فی المرأة من إنسانیة وصیانة وکرامة وقداسة ورعایة وعنایة ، بالإضافة إلى ما کانت علیه من ذکاء وقّاد وفطنة حادّة وعلم واسع ، وکفاها فخرا أنّها تربّت فی مدرسة النبوّة وتخرّجت من معهد الرسالة وتلقّت عن أبیها الرسول الاکرم ( صلّى اللّه علیه واله ) ما تلقّاه عن ربّ العالمین ، وممّا لا شک فیه أنّها تعلّمت فی دار أبویها ما لم تتعلّمه أی من النساء فی مکة . وان الاصطفاء الإلهی بمعناه العام الذی یعنی وجود أفراد من البشر یجسدون المبادئ والقیم فی حیاتهم، ویبلغون مستوى الطهارة والکمال، ویکونون قدوات وهداة، لبنی الإنسان على امتداد التاریخ، لم یجعله الله تعالى رتبة خاصة بالرجال دون النساء، بل اصطفى عینات من النساء کما اصطفى من الرجال، مما یدل على قابلیة المرأة واهلیتها لأعلى درجات الکمال، وأن تکون فی موقع الریادة والاقتداء، وفی مستوى التفوق والامتیاز على سائر بنی البشر نساءً ورجالاً. و لا یخفى أنّ الإمام الخمینی (قده) قد نهض بالإسلام نهضةً فکریة على کافة المستویات ، وأثبت من خلالها قدرة هذا الدین العظیم على اختراق العصور والنفاذ إلیها لیأخذ مکانه الریادی فی حیاة الأمّة بشکلٍ عام وفی الجوانب الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة وغیرها . وهذا الرجل العرفانی الذی کانت علاقته بأهل بیت النبوة (علیهم السلام) متجلیة بقدرة الله عزّ وجلّ ومتمثلة بهم وعلى رأسهم الصدیقة الطاهرة صلوات الله علیها، حیث یتفضل قائلاً: «إن ذلک البیت الصغیر الذی ضمّ فاطمة علیها السلام وأولئک الخمسة الذین تربوا فیه والذین یمثّلون فی الواقع التجلی لکامل قدرة الله تعالى قدموا من الخدمات ما أدهشنا وأدهشکم، بل وأدهش البشر جمیعاً» . لذلک عبّر الإمام قدس سره فی أکثر من موضع أثناء أبحاثه العرفانیة والأخلاقیة عن العجز وعدم القدرة لدى أی إنسان للإحاطة بحقیقتهم لمعرفة منزلتهم علیه السلام والوقوف على أسرارهم إلا أنفسهم علیهم السلام. الشذرات المضیئة ورد ذکر الزهراء(ع) فی اقوال الإمام الخمینیّ (قدس سره) وسوف نأخذ شذرات منها فیما یخص موضوع الدراسة: الاول: ((إنّ جمیع الأبعاد الکمالیّة المتصوَّرة للمرأة، والمُتصوَّرة للإنسان قد تجلّت فی فاطمة الزهراء (سلام الله علیها). إنّها لم تکن امرأة عادیّة، بل کانت امرأة روحانیّة، امرأة ملکوتیّة، إنساناً بتمام معنى الإنسان، بکلّ الأبعاد الإنسانیّة، حقیقة المرأة الکاملة، حقیقة الإنسان الکامل، إنّها لیست امرأة عادیّة، بل موجود مَلَکُوتی قد ظهر فی العالم فی صورة إنسان، موجود إلهی جبروتی ظهر بصورة امرأة)). لاشک ان الحقائق الکمالیّة للزهراء علیها الذی اصطفاها الله جلا وعلا ؛ لأنها المرأة الفریدة فی خصالها وطباعها و التی تجمع اغلب خواصّ وصفات الأنبیاء والرسل (علیهم السلام) التی وجدت فیها, لأنها تربت فی کنف الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) حیث وصلت إلى اعلى المرتب التی قصرت عنها أیدی الجمیع. ویفسر الامام الخمینی (قده) کیف انها قد جمعت کل خصال وصفات الأنبیاء(ع) قائلا : «إن جمیع خصال النبیین والأولیاء والصدیقین (ع) ومقاماتهم التی بلغوها بما اشتملت علیه من مضامین مجتمعة فی سیدة نساء العالمین (ع)، بل إن لها من الحالات فی مقام القرب من الله تعالى ما لا یسعها ملک مقرب ولا نبی مرسل حیث قد وصلت إلى ما لم یصلوا إلیه وهو الثابت للنبی (ص) والأئمة الأطهار (ع) دون غیرهم کما فی روایات المعراج، (لو دنوت أنملة لاحترقت)، وکما ورد عنهم (ع) (إن لنا مع الله حالات لا یسعها ملک مقرب ولا نبی مرسل). . وان هذه الحالات التی وصفها الامام لم تکن صادرة الا من نبی مقرب او مرسل ویردف قائلا حول منزلتها العظیمة التی اصطفاها الباری عز وجل وفضلها على نساء العالمین، لا تحتاج الى منصبا تتولى الجلوس علیه لأنها العالمة القاضیة الحاکمة. حیث یقول (قده): «فمثل هذه المنزلة.. تصدق طبقاً للروایات على فاطمة الزهراء (علیها السلام) أیضاً، ولا یعنی هذا أن تکون خلیفة أو حاکماً أو قاضیاً، بل هی شیء آخر أبعد من الخلافة والحکومة والقضاء لذلک، فإن قولنا إن فاطمة لم تتولَّ الحکم أو الخلافة أو القضاء لا یعنی تجریدها من منزلة القرب تلک أو أنها امرأة عادیة أو شخص مثلی ومثلکم» . لأن نورها (ع) وجد قبل الخلق:عن النبی الأکرم (ص): «إن الله خلقنی وخلق علیاً وفاطمة والحسن والحسین قبل أن یخلق آدم حین لا سماء مبنیة ولا أرض مدحیة ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار». ومن هنا یتبین ان النبی(ص) وأهلِ بیتِه (علیهم السّلام) لهم وجود نورانیا قدمه الله تعالى على وجودِهم الجسمانیّ الکریم ، وأنّ هذا الوجودَ النّوریَّ کانَ فی عوالمَ سابقةٍ جدّاً على هذا العالم ، وسابقةٍ على جمیعِ المخلوقاتِ حتّى الملائکةِ والعرشِ والکُرسی والسّماءِ والأرضِ . الثانی: ((مسألة مجیء جبرئیل إلى شخص لیست مسألة عادیّة، لا تتصوّر أنّ جبرئیل یأتی إلى أیّ شخص، أو أنّ من الممکن أن یأتی، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بین روح ذلک الشخص الذی یأتی جبرئیل إلیه وبین مقام جبرئیل الذی هو الرّوح الأعظم.....هذا التّناسب کان قائماً بین جبرئیل الرّوح الأعظم، والدرجة الأولى من الأنبیاء، کرسول الله وموسى وعیسى وإبراهیم وأمثالهم )). ویفصل القول فی مسالة فضائل اهل البیت ع وخاصة الصدیقة الطاهرة « وإننی أعتبر هذه الفضیلة للزّهراء علیها السلام على الرّغم من عَظَمة کلّ فضائلها الأخرى أعتبرُها أعلى فضائلها، حیث لم یتحقّق مثلُها لغیر الأنبیاء، بل لم یتحقّق مثلُها لجمیع الأنبیاء علیهم السلام، وإنّما للطّبقة العلیا منهم، ولِأعظمِ الأولیاء الذین هم فی رُتبتِهم، ولم تتحقّق لشخصٍ آخر. وهذه من الفضائل المختصّة بالصّدّیقة علیها السلام”. عصمة الزهراء(ع) ضرورة من ضرورات المذهب هناک أمران یشدّد الإمام قدس سره على معرفتها والتمسک بهما حول رؤیته لأهل بیت العصمة علیه السلام بحیث ان إنکارهما یؤدی إلى خللٍ عقیدی والانحراف عن الأصول أو الضروریات التی تؤدی إلى الانخراط فی زمرة الضالین عن طریق الهدایة والاستقامة والثبات: الأمر الأول: أنه لا یصل أحد إلى المراتب المعنویة التی وصل إلیها أئمتنا الأبرار صلوات الله علیهم، حیث لا یمکن ذلک لأی کان سواء کان نبیاً مرسلاً (باستثناء خاتم الأنبیاء صلى الله علیه وآله وسلم) أو ملکاً مقرباً، ویعتبر قدس سره أن هذا الأمر من ضروریّات المذهب. یقول قدس سره: «وإن من ضروریات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا یبلغه ملک مقرب ولا نبی مرسل، وبموجب ما لدینا من الروایات والأحادیث فإن الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم والأئمة علیهم السلام کانوا قبل هذا العالم أنواراً فجعلهم بعرشه محدقین وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا یعلمه إلا الله، وقد قال جبرائیل علیه السلام کما ورد فی روایات المعراج: «لو دنوت أنملة لاحترقت»، وقد ورد عنهم علیهم السلام: «إن لنا مع الله حالات لا یسعها ملک مقرب ولا نبی مرسل». الأمر الثانی: أن هذه المقامات بأجمعها ثابتة لسیدة نساء العالمین صلوات الله علیها. فمن یعتقد خلاف ذلک یعتبره الإمام قدس سره خارجاً عن مذهب الحق. یقول قدس سره: «کما أن هذه المقامات المعنویة ثابتة للزهراء علیها السلام مع أنها لیست بحاکم ولا خلیفة ولا قاض، فهذه المقامات شیء آخر غیر وظیفة الحکومة»، ولذا عندما نقول أن الزهراء علیها السلام لیست بقاض ولا خلیفة، فهذا لا یعنی أنها مثلی ومثلکم، أو أنها لا تمتاز عنا معنویاً.31.إن فاطمة (علیها السلام) إنسان بکل ما للکلمة من معنى. لو کانت رجلاً لکانت مکان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم . وإضافة إلى ضرورة هذه المکانات لها فهی صلوات الله علیها على وجه خاص کان لها ما لم یکن لغیرها. فیجدر بنا أن نتعرف على قراءة الإمام قدس سره لمقامها المعنوی، نجوم کالفراشة حول مصباح النور الأبدی الذی لا یطفأ. المقام المعنوی للزهراء علیها السلام یقول قدس سره: «إننی أعتبر نفسی قاصراً عن التحدث حول الصدیقة سلام الله علیها، وأکتفی بذکر روایة واحدة ورد فی الکافی الشریف ومنقولة بسند معتبر، وتلک الروایة هی أن الصادق علیه السلام قال: بأن فاطمة علیها السلام عاشت بعد أبیها خمسة وسبعین یوماً فی هذه الدنیا واشتد علیها الحزن، وکان جبرائیل الأمین یحضر عندها ویعزّیها ویخبرها بأمور عن المستقبل.. أنا أعتبر هذه الفضیلة فوق جمیع الفضائل الأخرى التی ذکرت للزهراء علیها السلام ـ رغم عظمة الفضائل الأخرى ـ وهی لم تحصل لأی إنسان آخر سوى الأنبیاء علیهم السلام، ولیس کل الأنبیاء، بل الطبقة الأولى منهم وبعض الأولیاء الذین کانوا بمنزلتهم، وبهذا التعبیر أی المراودة مع جبرائیل خلال خمسة وسبعین یوماً لم تحصل لحد الآن لأی إنسان آخر، وهذه من الفضائل الخاصة بالصدیقة الزهراء سلام الله علیها» 41. «إن المعنویات والتجلیات الملکوتیة، الإلهیة، الجبروتیة، المُلکیة والناسوتیة مجتمعة کلها فی هذا الموجود (السیدة فاطمة الزهراء علیها السلام)».51 تحدّث الإمام الراحل قدس سره عن شخصیّة الصدّیقة الکبرى بأنّها: «امرأة تضاهی جمیع الرجال، امرأة هی مثال الإنسان.. امرأة جسَّدت الهویّة الإنسانیّة الکاملة»، وأشار الإمام قدس سره إلى تکوین نطفة السیدة الزهراء علیها السلام من شجرة الجنّة طوبى ممّا یجعلها حوراء من عالم الملکوت بقوله: «لم تکن الزهراء امرأة عادیة، کانت امرأة روحانیّة، امرأة ملکوتیّة، کانت إنساناً بتمام الکلمة.. نسخة إنسانیّة کاملة”.16 وفی ختام هذه المقالة التی عرضناها فیها شذرات بسیطة من اقوال الامام الخمینی(قده) لدلالتها على العمق الالهی الاصطفائی لمقام السیدة الجلیلة العظیمة فاطمة الزهراء (علیها افضل والسلام) ولا یسعنا الا ان نتوجه بالنداء والاستغاثة بمقام الزهراء (علیها السلام) بـ اللهم وبالأسماء الحسنى وبالاسم الأعظم - دلالة على تعظیم المدعو من قبل الداعی. وقد جاء التأکید من قبل سیدة نساء العالمین بأن حصول التوجه الذی یکون سبباً للإجابة مقرون بمعرفتهم، فلابد من معرفة النخب التی انتخبها الله لعباده معرفة صحیحة لیحصل التوجه الصحیح المؤدی إلى الإجابة. ومن هنا فالزهراء (علیها السلام) هی محور الاصطفاء ومداده، وهذا هو الواقع إذا کان الأئمة من ذریتها ونسلها . السلام علیک یا معدن النبوة ومصنع الإمامة ورحمة الله وبرکاته... والحمد لله رب العالمین المصدرة المعتمدة خیر ما نبدأ به القران الکریم 1-أهل البیت (ع): توفیق أبو علم (مکتبة الإرشاد). دار الجیل للطبع والنشر والتوزیع دار الفکر المعاصر دار الکتب العلمیة دار الکتاب العربی شرکة الاعلمی للمطبوعات. 2-الأربعون حدیثاً المؤلف: العلامة محمد باقر المجلسی ،مکتبة فدک لأحیاء التراث. تحقیق فارس حسون کریم.. 3-بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار تألیف العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى الشیخ محمد باقر المجلسی قدس سره الجزء الثالث مؤسسة الوفاء بیروت 4-حقیقة الامامة فی المدرسة العرفانیة بحر المعارف · بیروت : مرکز بقیة الله الاعظم للدراسات والنشر، · ١٩٩٩ · 5-دروس من فکر الإمام الخمینی (قُدِّسَ سِرُّهْ) المعالم الفکریّة لنهج الإمام الخمینیّ (قدس سره)، والمعالم التنظیمیّة لأهمّ شرائح المجتمع. مرکز المعارف للتألیف والتحقیق من مؤسسات جمعیة المعارف الإسلامیة الثقافیة، متخصص بالتحقیق العلمی وتألیف المتون التعلیمیة والثقافیة، وفق المنهجیة العلمیة والرؤیة الإسلامیة الأصیلة. 6-صحیفة الإمام الخمینی المؤلف الخمینی، روح الله، ناشر: مؤسسة تنظیم و نشر آثار امام خمینی، طهران. 7-الکلمات القصار : مواعظ وحکم من کلام الامام الخمینی. الکاتب: الخمینی، روح الله. مکان النشر: طهران : الناشر: مؤسسة تنظیم ونشر تراث الامام الخمینی .. 8-منهجیة الثورة الاسلامیة مقتطفات من افکار واراء الامام الخمینی · المؤلف : مؤسسة تنظیم ونشر تراث الامام الخمینی · الناشر : مؤسسة تنظیم تراث الامام 9-مکانة المرأة فی فکر الإمام الخمینی(ره) طبعة المجمع العالمی لأهل البیت (ع). هذا الکتاب یشمل خطابات للإمام الخمینی (ره) حول السیدة فاطمة الزهراء علیها السلام، و مکانة المرأة فی دین الإسلام المبین ، وذلک فی بعض مباحثه، وللکتاب ثلاثین باباً.
1. أهل البیت لتوفیق أبو علم : 116 . 2. الکلمات القصار, ص55. 3. مکانة المرأة فی فکر الإمام الخمینی (قده)، ص23. 4. بحار الأنوار، ج18، ص382. 5. الأربعون العلامة المجلسی، ص177، شرح الحدیث 15. 6. مکانة المرأة فی فکر الإمام الخمینی (ره)، ص22 7. دروس من فکر الإمام الخمینی ص54 .. 8. بحار الأنوار ، العلامة المجلسی ج 37 ص83 9. مکانة المرأة فی فکر الإمام الخمینی (ره)، ص24 10. حقیقة الإمامة فی المدرسة العرفانیة. ص110. 11. حقیقة الإمامة فی المدرسة العرفانیة. ص105. 12. الحکومة الإسلامیة (الإمام الخمینی قدس سره) ص52. . 13. الحکومة الإسلامیة، ص 52. 14. منهجیة الثورة، الإمام الخمینی قدس سره ص120ـ121. . 15. صحیفة الإمام, الإمام الخمینی, ج7, ص250 16. الکلمات القصار، للسید الخمینی ص55 | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 137 تنزیل PDF: 35 |
||||