ما وراء الحرب الأوروبیة على الحجاب والنقاب | ||
الکتاب: الإسلام فی مرمى نیران العلمانیة الفرنسیة: ما وراء الحرب الأوروبیة على الحجاب والنقاب المؤلف: ممدوح الشیخ الحجم: 160 صفحة الناشر: مکتبة بیروت / مصر الکاتب ممدوح الشیخ، کاتب مصری متخصص فی شؤون الوعی الاسلامی، وخاصة فیما یتعلق بالنهضة الاسلامیة الممتدة فی ربوع البلدان الاوروبیة، والآخذة فی النمو المطرد بمرور الایام. وفی کتابه هذا یتناول الشیخ، قضیة الحجاب الاسلامی فی اوروبا، والمحاولات المریبة والیائسة لاحتوائه وطمس هویته الخالصة.یبدأ المؤلف کتابه بالقول: إن هذا الکتاب لیس عن "شهیدة الحجاب" الصیدلانیة المصریة مروة الشربینی ... وإن کان استشهادها سبباً من أسباب صدوره، وهی تکاد تطل من صفحاته. إنه محاولة لفهم الثقافة الأوروبیة التی وضعنا الحجاب، ومن بعده النقاب، أمام حقیقتها کاشفاً عن أصولیتها العلمانیة وتصلبها ورفضها العدوانی لـ "الآخر" الدینی والقومی والثقافی. ویدعو الکتاب عموماً لتقصی جذور الأزمة فی موقف الثقافة الأوروبیة، وبخاصة الثقافة الفرنسیة التی وضعت الثورة الفرنسیة حجر أساسها، فالشجب والغضب تعبیران عاطفیان – وهما یستحقان التقدیر – لکن الفهم قد یکون أعمق أثراً....وبخاصة بالنسبة للمستقبل. ولقد أصبح الزی الإسلامی رمزا للمواجهة بین العالم الإسلامی وأوروبا. وقد کشفت التجربة، أن المحیط الأطلنطی أصبح یفصل بین تشکیلین حضاریین تزداد المسافة بین موقف کل منهما من الدین. فبینما تزداد أمریکا تدینا تزداد أوروبا ابتعاداً عن الدین وتقییدا ودوره فی الشأن العام. یقول الکاتب فی هذا الصدد: من الدروس المهمة لمعرکة الحجاب فی أوروبا: أن معظم المؤسسات الحقوقیة الدولیة، والأمم المتحدة، وبعض العواصم الإنجلوسکسونیة، وبعض کنائس أوروبا، وبعض جهات التمثیل الدینی الیهودیة فی أوروبا، کانت خلال الأزمة أکثر احتراماً للإسلام من کثیر من العلمانیین العرب!مقراً: بان التهاون بحق الإساءات التی تحدث للمقدسات الدینیة باسم الإبداع فی بلادنا من المؤکد أنه یفتح الباب لأن یتجرأ علیها الآخرون فی بلادهم! إذ تحول البحر المتوسط بالفعل من "همزة وصل" إلى "ساحة مواجهة". وسیأتی الوقت الذی یدرک فیه أصحاب التأثیر على ساحة العمل العام أن المستقبل ستحسمه، المواجهة بین مکة المکرمة وباریس! یحمل الباب الأول عنوان: "المسلمون والیهود فی سلة واحدة!" یخصصه المؤلف لرصد حقیقة مثیرة هی أن الحرب على الحجاب والنقاب إعادة إنتاج لـ "المسألة الیهودیة". ولقرون کان کلاهما فی الوجدان الأوروبی "عدواً". وفی الحروب الصلیبیة کانت جیوش الصلیبیین حیثما مرت تبید جماعتین: المسلمین والیهود. وبعد زوال الدول الدینیة من أوروبا أصبح الیهود عدواً لمعظم التشکیلات القومیة الکبرى فی أوروبا، أما العداء للإسلام فقد لا یحتاج لمن یؤرخه. ویستعرض المؤلف کذلک تجربة المسلمین والیهود فی أفران الغاز النازیة! کما أن قانون الرموز الدینیة الفرنسی حظر ارتداء القلنسوة الیهودیة کما حظر ارتداء الحجاب. سؤال یحاول الفصل الاول الاجابة علیه :"ضد الحجاب أم ضد الدین والتدین؟" ، وللإجابة عنه یفرد المؤلف قسما من الفصل لإشکالیة تعریف الدین. ویؤکد ممدوح الشیخ أن أزمة الثقافة الأوروبیة مع الدین بدأت فی عصر التنویر حیث کان بدایة "تأسیس معرفی" للمفاهیم الرئیسة الحاکمة للاجتماع الإنسانی لا مجرد تغییر فی هیکلیة السلطة أو الموقف من "السلطة الکنسیة". وفی إطار هذا التحول ظهر مفهوم جدید للدین سرعان ما أصبح اساساً لسلسة من التعریفات التی کان جمیعها – تقریبا – لا ینطبق على الأدیان السماویة وبخاصة الإسلام والیهودیة. والخلاف فی تعریف الدین نشأت عنه رؤیتان إحداهما تبنتها الدولة المرکزیة التی ولدت مع انهیار السلطة السیاسیة للکنسیة بدءا من صلح وستفالیا (1648)، وتمت ترجمة هذه الرؤیة النظریة فی برنامج عمل عرف باسم "التحدیث". یناقش الفصل الثالث: "الأیدیولوجیة العلمانیة" تحول العلمانیة – بالتحدید فی أوروبا – إلى "أصولیة"، ویشیر فی هذا السیاق إلى أن بعض علماء الأدیان اقترح النظر إلى العَلمانیة على أنها دین غیر سماوی، والممارسة العَلمانیة تتشابه مع بعض الممارسات الدینیة وبخاصة فی قضیة تفصلها مع الشأن السیاسی. ویفرد ممدوح الشیخ فصلا یناقش فیه "الحجاب والنقاب بین علمانیتین"، ففی مقارنة تظهر الفرق الجوهری بین العلمانیتین الفرنسیة والألمانیة قال رئیس الوزراء الفرنسی نیکول سارکوزی: "على من لا یحب الجمهوریة الفرنسیة الانتقال للعیش فی بلد آخر". ویؤکد المؤلف أن ثمة أبعاد ملازمة للعلمانیة الفرنسیة التی لم تکن محایدة إزاء شؤون الدین والمجتمع المدنی عامة لأنها کانت من طبیعة جذریة مقاتلة، وذات وجهة معادیة للکنیسة الکاثولیکیة خاصة وللدین عامة. ویخصص المؤلف فصلا لقضیة "البعد الجسدی (الجنسی) فی الحرب على الحجاب والنقاب" فوراء الرفض الواضح للحجاب والنقاب أبعاد ثقافیة واعیة فی الفکر الأوروبی تدفع باتجاه الرغبة فی "استئصال" الزی الإسلامی کونه علامة على ما یعتبرونه قهرا للجسد الأنثوی. ومن القضایا المهمة التی تکشف عنها القراءة المعرفیة لعلاقة الأوربیین بالشرق – وبالتحدید فی إطار حرکة التوسع الاستعماری – أن العلاقة الاستعماریة مع الشرق تبدو فی صورة المستعمر الذکر والمستعمرة الأنثى فی لقاء جنسی، وکتاب رحلات الغربیین فی القرن التاسع عشر استخدموا فی أغلب الأحیان الصور الجنسیة لخلق وتعزیز المنزلة البطولیة لکثیر من المستکشفین والرحالة الذکور الذی کتبوا عن فتح واختراق القارات المجهولة، والمتمیزة غالبا بخصب الطبیعة الخضراء والنساء. هذه الازدواجیة بین الفتحین الجنسی والاستعماری أدت إلى تأطیر المشروع الاستعماری ضمن إطار معترف به. وفی هذا الإطار وصفت کتب رحلات الشرق فی کثیر من الأحیان بأنه "المؤنث الأبدی". وتحت عنوان "الجزائر تلقی الحجاب" کتب الطبیب فرانز فانون – ابن جزر الأنتیل – فی کتابه "سوسیولوجیا ثورة" ما یعد أحد أکثر الدراسات تمیزا وسبقا فی تحلیل هذه العلاقة، عبر تجربة الاحتلال الفرنسی للجزائر الذی یمثل المواجهة الأکثر عنفا بین فرنسا والإسلام. وقد کانت أول مشکلة فی الزی الإسلامی أنه "یبدو ثابتا إلى حد أنه یکفی بصورة عامة لتمییز المجتمع العربی"، وبالحجاب تتعین الأشیاء وتتنسق، فالمرأة الجزائریة فی نظر الملاحظ هی "تلک التی تتستر وراء الحجاب". والأخصائیون فی المسائل التی تدعى بمسائل السکان الأصلیین والمسؤولون فی الدوائر المختصة بالعرب "نسقوا عملهم بالاستناد إلى تحلیلات علماء الاجتماع وعلماء الأخلاق". وتم العمل وفقا للصیغة المشهورة: "لنعمل على أن تکون النساء معنا وسائر الشعب سیتبع". وقد استطاعت الإدارة الاستعماریة تعریف نظریة سیاسیة محددة قائلة: "إذا أردنا أن نضرب المجتمع الجزائری فی صمیم تلاحم أجزائه، وفی خواص مقاومته، فیجب علینا قبل کل شیء اکتساب النساء، ویجب علینا السعی للبحث عنهن خلف الحجاب حیث یتوارین، وفی المنازل حیث یخفیهن الرجل". الباب الاخیر یناقش فیه المؤلف الصلة المتنامیة بین الهویة والدیموغرافیا والنبوءات والتحذیرات التی تتکاثر کالفطر من المیزان الدیموغرافی فی أوروبا وتأثیراته على هویتها. وفی فصلٍ تالٍ یناقش ممدوح الشیخ "الدین وحقوق الإنسان بین فرنسا وأمریکا"، وکیف أن أمریکا وبریطانیا أدانتا "قانون الحجاب" وحظر النقاب. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,470 تنزیل PDF: 2 |
||