التوبة وأثرها على الانسان والمجتمع | ||
مما لا شک فیه ان مخالفة الانسان المکلف لارادة الله تعالى فیما امر به من معروف ونهى عنه من منکر تخرجه عن حکم الطاعة ولکنها لا تخرجه عن حکم الاسلام، مما یجعل أمر رجوعه للطاعة لاصعوبة فیه. لان المکلّف لازال وثیق الصلة فی علاقته بالله تعالى. لهذا السبب جعل الله رجوع العاصی الى الطاعة طاعة فی نفسه، أو بمعنى اخر ان الله تعالى قد خاطب کل مکلف عاصی بالرجوع الى طاعة الله، وانه سیُثاب على رجوعه الى ذلک ما یُثاب على سائر الطاعات، وهذا الرجوع هو ما یعرف فی العقیدة الاسلامیة بإسم التوبة. وعلى هذا فان التوبة طاعة مأمور بها على جهة الوجوب، تعدیلاً لمسار حرکة المکلّف فی الحیاة، الا انها تختلف عن غیرها من الواجبات بان لها وجها قد لانجده فی سائر ما اوجبه الله تعالى من تکالیف. وذلک انها تعد بمثابة اعتذار یتحرّى فیه العاصی ان یتجاوز له الله عزوجل عن خروجه ومخالفته. یقول تعالى فی الامر بالتوبة: ((یا ایها الذین آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا)) (التحریم: 8)، ویقول ((وتوبوا الى الله جمیعا ایها المؤمنون لعلکم تفلحون)) (النور: 31)، ویقول ((واستغفروا ربکم ثم توبوا الیه ان ربی رحیم ودود)) (هود: 90). إذاً..التوبة بمثابة اعتذار، یتحرى الانسان لیمحو به ما صدر عنه من مخالفات ، فیقول فعلت واسأت وقد اقلعت. ویظهر مع هذا الضعف والمسکنة وقوة سلطان النفس والشیطان، وان ما فعله لم یکن عن استهانة بحق الله ولاجهلاً به، ولا انکاراً ولا استهانة بوعید الله، وانما لغلبة الهوى وضعف القوة عن مقاومة الشهوة، ویظهر ایضا الطمع من مغفرة الله ورجاء عفوه وکرمه، وان یترک الذنب ویرجع الى طاعة الله على اجمل الوجوه. حیث ان التائب قد رجع عن المخالفة وارتکاب الذنوب مقرا بالخطأ، وانه اقلع عنه ولن یعود الیه. وهذا ابلغ وجوه الاعتذار. وللتوبة بالمعنى السابق، ثلاثة ارکان لابد منها حتى تصبح توبة حقیقیة یتلافى بها المکلف ما فرط فیه، والارکان هی: 1. معرفة الذنب: یتقدم التوبة دائماً معرفة الذنب المرجوع انه ذنب، وانه مخالفة لمراد الله، وعصیان له، کما ینبغی ایضا معرفة مدى ضرر الذنب وکونه حجاباً بینه وبین کل مرغوب لدیه. فان عرف ذلک معرفة محققة بیقین ، تألم بسبب فوات المحبوب، وهذا الالم هو الندم الرکن الثانی من ارکان التوبة. 2. الندم: ان تألم القلب بسبب الذنب هو فی الواقع ضرب من الفهم یطبق على القلب ویغطیه حتى یتمنى معه الانسان ان ما حدث منه لم یحدث. وهو غم یصحب الانسان صحبة دائمة، لانه کلما تذکر راجعه ذلک التوجه والحزن والتأسف والتحسر على ما حدث منه. فالندم اذن یوجع القلب، ای انه فعل قلبی لا یتعلق الا بفعل قلبی لا یتعلق الا بفعل النادم دون غیره، وهو یتضمن ثلاثة امور: ـ الم یلحق بالانسان على ما فعله. ـ بغض وکراهیة لما فعل. ـ اعتقاد قبح ما ندم علیه. والرسول صلى الله علیه وآله وسلم عندما قال ((الندم توبة)) انما عنی ان الندم معظم ارکان التوبة، وحدیث الرسول صلى الله علیه وآله وسلم یلفتنا فی الندم لامرین: الاول: ان ترک المعصیة من غیر ندم علیها لاتعد توبة، لان العاصی اذا ملّ ما یرتکبه من آثام، غیرنادم على ما ارتکبه من ذنوب وکان على عزم معاودتها لایسمى تارکا للمعصیة، ولایسمى تائبا عنها. الثانی: ان الندم انما یکون على المعصیة لقبحها وحرمتها لا لأمر آخر، فاذا إقترف الانسان المعصیة وندم علیها لاضرارها ببدنه، او اخلالها بعرضه، او بماله ، لایکون توبة، فلو ندم مثلا على شرب الخمر والزنا لخفة العقل وزوال المال والعرض لایکون تائبا، وهذه الندامة لاتسمى توبة. اما اذا ندم لخوف النار او طمع فی الجنة، مع علمه بقبح المعصیة کان توبة. وان ندم على قبح المعصیة مع غرض اخر کالذی ذکرنا فان کانت جهة القبح بحیث لو انفردت لتحقق الندم فتوبة، وان تاب عن مرض الموت او مرض مخوف، وکانت التوبة والندامة لقبح المعصیة یکون تائباً. وعلى هذا لابد من اعتبار الندم والعزم جمیعا حتى تکون التوبة صحیحة، فان الانسان اذا ندم ولم یورثه هذا الندم عزما على عدم الفعل حالا ومستقبلا، او عزم ولم یندم لم یکن تائبا. مما یعنی انه لابد من اقتران الامرین احدهما بالاخر، فلو انفصلا لاتصح توبة تائب. وبهذا تتحقق التوبة النصوح. وهی التوبة الخالصة لوجه الله تعالى، ای التوبة المجردة التی لایتعلق بها شیء وهی الاستقامة على الطاعة من غیر توجه نحو معصیة، والاّ یحدّث الانسان نفسه بالعودة الى الذنب متى ما قدر علیه، وان یترک الذنب لاجل الله خالصا کما ارتکبه لاجل هواه مجمعا علیه بقلبه وشهواته.
قبول التوبة نص الله تعالى فی کثیر من الآیات على انه یقبل توبة المکلف اذا تاب عن ذنبه ورجع الى طاعته، نذکر منها قوله تعالى ((ألم یعلموا ان الله هو یقبل التوبة عن عباده)) (التوبة: 104) وقوله ((وهو الذی یقبل التوبة عن عباده ویعفو عن السیئات)) (الشورى: 25).
المغفرة ان قبول الله تعالى لتوبة المعاصی یعنی انه تعالى قد قبل رجوعه الى دائرة الطاعة، ولکن اثر الذنب الذی ارتکبه المکلف العاصی لایزال موجوداً، مما یدل على ان قبول التوبة لم یتناول الذنب الذی به خرج عن الطاعة. فلابد اذن ان یلی قبول التوبة ما یمحو به الله تعالى الذنب حتى یصبح کأنه لم یکن. هنا یأتی دور المغفرة ستراً للذنب برفع التبعة عنه، ولهذا امر الله بالدعاء والمغفرة یقول تعالى: ((الذین یقولون ربنا اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار)) (آل عمران: 16)، ویقول: ((واعف عنا واغفر لنا)) (البقرة: 286). ویتضمن الدعاء بالمغفرة ان یصون الله تعالى المکلف من ان یمسه العذاب، وذلک بالتجاوز عن ذنوبه بإسقاط العقاب عنه، ولذلک قال تعالى ((ومن یغفر الذنوب الا الله)) (آل عمران: 135) وقوله ((غفرانک ربنا والیک المصیر)) (البقرة: 285)، والغفران یقتضی اسقاط العقاب وایجاب الثواب ، وهذا لایستحقه الا المؤمن.
مشاکل الفتیات ..کیف نتعامل معها ؟ ان سائر الناس معرّضون فی حیاتهم الیومیة لکثیر من الانفعالات التی تؤثر علیهم إیجابیًا، وکذلک یتعرضون للانفعالات السلبیة. هذه الانفعالات منها ما هو یسیر ومآله للزوال فی ساعة أو ساعتین، ومنها ما هو صعب الزوال ویحتاج لوقت طویل حتى یزول ویتلاشى. وعندما یتعرض الناس لانفعال سلبی معین ویحسون بالحزن والکآبة فإنهم یحبون أن ینفسون عن أنفسهم بأی طریقة کانت، ولو لم یفعلوا ذلک فإنه سیأتی الیوم الذی یعجزون فیه عن تحمل المزید من الهموم، فتخرج هذه الهموم عن کونها هموماً وأحزاناً عادیة إلى أن تکون اکتئابًا مزمنا یحتاج لطبیب حتى یعالجه.. وهذه نصائحی لاخواتی العزیزات: عندما تشعرین بالحزن والاکتئاب فإنک بحاجة لشخص قریب من نفسک تحدثیه بما فیک، وتبثین له شکواک، تحدثیه عن أحزانک وهمومک، وأنت لا تریدین منه " الحل " لمشکلتک، ولا أن تخبریه برأیک وأن ینصحک بشیء معین- خصوصا وأن کثیرا من مشاکلک لا حل لها عند من تشتکین لهم- بقدر ما تحتاجین منه لأمرین: - الاستماع والإنصات الجید - التعاطف والمشارکة الوجدانیة ولا نعنی بهذا أنک لا تریدین حلا لمشاکلک، بل نقصد أنک لا تطلبین الحل ابتداء، بل تریدین ممن تشتکین له أن یستمع إلیک ویمکنک من الکلام حتى یذهب ما بنفسک من الحزن.. وبعد ذلک تکونین متقبلة للحل الذی یعطیها إیاک من تتکلمین معه. ولا شک أن الفتاة عندما تغضب أو تتوتر أو تحزن فإنها تبدأ بالکلام مع من تحب، فتشکو له ما تعانی منه.. وهذا عکس ما یفعله الرجل الذی یعتزل الناس فی مثل هذه الظروف، ویرفض الحدیث مع أی أحد. وأنت عندما تشتکین فلا یعنی هذا دائماً أنک فعلاً تحسین بمشکلة، فإنه قد یوجد من الفتیات من تحب أن تشتکی لمن تحب من الناس حتى تشعر بحبهم لها، وتعاطفهم معها.. ویمکننا القول إن الفتاة فی مجتمعنا عندها مشکلة حقیقیة فی إیجاد شخص یتعاطف معها ویکون قریبًا منها، یتشرب المشاکل والهموم، ویستمع للشکوى ویظهر التعاطف والإهتمام الصادق، خصوصًا عندما تکون الفتاة محاطة بأبٍ بعیدٍ عنها وبینها وبینه علاقة رسمیة تمنعها من الشکوى له؛ وأم لاهیة عابثة بعیدة عنها.. تتعامل الفتاة معها بعلاقة رسمیة بحیث لا تستطیع أن تجعل منها صدیقة لها، وبعیدة عنها بحیث أن الأم لا تنزل للمستوى العمری المناسب لابنتها ولا تتفهم حاجتها فی هذا السن. ان الحاجـة للتعاطـف وللاستماع هما السبب الأول، لأنک یا عزیزتی فی کثیر من الحالات لا تجدین من یستمع إلیک فی البیت، فتجدین فی الشکوى للاخریات فرصة للتنفیس عن نفسک خصوصًا وأن صدیقاتک سیسمعن ما تقولیه وسیظهرن تعاطفهن معک نظرًا لأن هذا سیجعلک تثقین بهن وتحبیهن. والسبب الثانی أن الرجل یحکم على المرأة بمنظاره وبمقاییسه على الأمور، والرجل یرى أن الشکوى مزعجة جدًا لأنها نوع من أنواع الضعف الذی لا یرضى أن یضع نفسه فیه. وغالباً تشتکی الفتاة لمن تمیل إلیهن فی بعض الاحیان، ولکنها لا تفتح قلبها على مصراعیه إلا لمن تثق بهن، فإن لم تجد الفتاة من تثق به فی البیت فربما تکون الشکوى للصدیقات والرفیقات الملتزمات هی البدیل الانجح. زینب الخاصی | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,200 |
||