بین شخصیة الفتى وشخصیة الفتاة | ||
إن الفکرة التی تؤکد على تنشئة الفتاة کأم والفتى کرجل کل یعتز بجنسه.. راض عن ماحباه به الخالق من صفات ومیزات یقدر علیها دون الآخر.. إن هذه الفکرة لیست رأی شخصی ولا رأی جماعی بل هی رأی الاسلام ومبدأه وشریعته قبل کل شیء. فلو قلّبنا فی صفحات الاسلام وشریعته، لوجدنا أنه حریص أشد الحرص على تمیز الفتاة عن الفتى منذ نعومة أظفاره، ولوجدنا الاسلام یکرّم الفتاة لأنها فتاة والفتى لأنه فتى.. ولوجدنا أن الاسلام یربی کل منهما على الاعتزاز بدینه لابجنسه ولوجدنا نصوصاً صریحة من سنة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم للعن المتشبهات من النساء بالرجل والمتشبهین من الرجال بالنساء. نعم إن الأمر فی المجتمع المسلم لاینتهی عند الملابس والألعاب ولایقف عند مرحلة من العمر.. ولکنه یشمل کل المراحل فی حیاة الجنسین من البدایة إلى النهایة.. سنجد کل شیء مختلف ولکن لاشیء من هذا الاختلاف یحطّ من مکانة الفتاة عن الفتى.. ولایرفع من مکانة الفتى عن الفتاة، بل تکون المرأة والرجل انسانین فی حدود ما شرع الله وکما یرید الله وبیّن رسوله الکریم.. فلایجدان حرجاً من نفسیهما مما قضى الله ورسوله.. فلایخضع أحد منهما لسلطة أحد مکرهاً.. لأن الخضوع یجب أن یکون لأمر الله ولکل جزاؤه بما کسبت یدیه فی حدود طاقته التی أرادها الله له، فالمرأة إمرأة منذ الیوم الذی تولد فیه، تُربى وتُوجه لتکون أمّاً وزوجة، وهذا غایة الکمال بالنسبة للمرأة.. والرجل رجل منذ الیوم الذی یُولد فیه، یُوجه ویُربى لیکون زوجاً وأباً وإبناً وقوّاما مسؤولاً أمام الله وأمام شرع الله عن کل فرد جعله الله أمانة فی عنقه. هذه التربیة لاتعنی أکثر من وضع کل شیء فی مکانه الطبیعی ضمن حدود دیننا دون زیادة أو نقصان.. فلابأس أن تتزین الطفلة مقلّدة أمّها مادامت ستکون تحت رقابتنا على شرط أن ننبهها إلى أن هذا الأمر محصور عمله فی البیت ولاینبغی أن یتم خارجه.. من جهة أخرى فإنه من الجهل بمکان مخالفة أبسط المبادئ التی جعلها الاسلام حقاً للانسان بصرف النظر عن جنسه، فنرى آباء وأمهات یمنعون بناتهم من الخروج الى الهواء والشمس وممارسة بعض أنواع الریاضة فی حدود الشریعة وربما من إتمام مجرد المرحلة الابتدائیة من الدراسة بدعوى انهن فتیات والفتاة خلقت للبیت.. فیتجاهلوا بذلک أن الریاضة وتقویة الأجسام والتعرّض للهواء والشمس والاحتکاک بالمجتمع حق طبیعی لکل فرد سواء کان ذکراً أو أنثى کبیراً أو صغیراً.. فإذا ماجاءت لحظة الاختیار، درس کل واحد منهما ما یختاره من علوم مما یناسبه.. وفی أوقات الفراغ نوجّه الولد الى تعلم المهن الیدویة کالنجارة والکهرباء.. ونوجّه البنت لتعلم الطب والتعلیم والادارة والخیاطة والتطریز والطهو وإعداد الحلوى وما إلى ذلک. فبذلک یتم تدریب الولد على القیام بأعمال المنزل داخل البیت وخارجه اقتداء بسنة النبی العظیم واستجابة لقدرة الذکر على القیام بذلک. وکذلک یتم تدریب البنت أیضاً على القیام بالأعباء المنزلیة الداخلیة ولابأس أن نجعلها تلم ببعض الأمور الخارجیة استجابة لقدرتها وتمشیاً مع العصر الذی نعیشه ولاتستطیع الفتاة أن تنعزل عن مجتمعها إذا ما فقدت المحرم ذات یوم. إن باستطاعتنا أن نربی أولادنا بشکل متوازن دون إفراط وتفریط وإسراف لأن الاسلام یدعونا إلى التوازن، ولأن المیل عن هذا التوازن یؤدی إلى البعد عن الدین الذی ندّعی أنه وراء قهرهن واذلالهن. إن فهم نصوص الکتاب والسنة التی تطرقت لهذا الموضوع بموضوعیة وصفاء نفس ونقاء من هوى النفوس وتعمیم هذا الفهم فی المجتمع ونشره بین العامة، یجعلنا نعیش حیاتنا بهدوء وسلام، وهذا یفیض الأمن والطمأنینة على حیاة ابنائنا وبناتها ویجعلهم أکثر ایماناً بربهم وعدله وقضائه وأکثر إطمئناناً لحکمه وحکمته. قال تعالى: ((ومن عمل صالحاً من ذکر أو انثى وهو مؤمن فلنحیینه حیاة طیبة ولنجزینهم أجرهم بأحسن ماکانوا یعملون)) (النمل: 97) وعلینا أن نطهّر هذه النفوس من شرورها ومن عُقدها الموروثة، ونشذّب أفکارنا من جاهلیتها وشذوذها، ونطلب الحکمة فی تربیة أولادنا لأن الحکمة ضالة المؤمن وأولادنا یحتاجون منا ـ کما أظن ـ لبعض الجهد فی البحث عن انجح الطرق والسبل لانقاذهم مما وقع به الکثیر من أبناء وبنات هذه الأمة. بتول صادق | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,496 |
||