الزوجان الشابان بحاجة إلى نصائح وتوجیهات الکبار | ||
الزوجان الشابان بحاجة إلى نصائح وتوجیهات الکبار آیة الله السید علی أکبر الحسینی یقول أمیرالمؤمنین علیه السلام (الموعظة والنصیحة تحیی القلب وتنیر الفکر وتزیل رواسب الغفلة والغرور) ((غررالحکم و دررالحکم)). وهنیئاً لأولئک الأزواج والزوجات الذین تتوفر لدیهم الفرصة للاستفادة بشکل مستمر من نصائح وتوجیهات الوالدین أو کبار العائلة. وما أروع أن یتجنب کل من الزوج والزوجة الحدّ’ والنزاع والکلام البذیء الذی لاجدوى منه لدى حصول خلاف بینهما ویلجآ إلى شخص أکبر منهما سناً یتمتع بالوعی والتجربة لیعرضا مشکلتهما علیه ویستمعا إلى توجیهاته ونصائحه بخصوص حیاتهما الزوجیة ویأخذا بتلک النصائح والتوجیهات ویعملا بها. وما أروع أن تکون جمیع الأمّهات کهذه الأم التی سنتحدث عنها ـ واعیات ویتمتعن بالفهم والإدراک والصبر ویضعن تجاربهن المفیدة فی الحیاة تحت تصرف أولادهن حیث إن الحیاة تقوم على أساس تقبل النصائح والاستفادة من التجارب. قالت لی احداهن: اتصلتُ فی إحدى المرات هاتفیاً بوالدتی وقلت لها بأن صبری قد نفد وأرید أن أترک أطفالی وکل شیء وآتی لأعیش معک. فردّت علیّ والدتی بالقول: أعرف بأنک تقولین هذا الکلام لأنک متضایقة وغیرمرتاحة وأعرف بأنک لاتطیقین فراق أطفالک وزوجک والبعد عنهم وأعرف کم أنت تحبینهم، أعرف أنک إنسانة مسامحة تصفحین عمّن یسیء إلیک ولا تنزعجین من الحیاة ومن أطفالک. فلاتکتئبی یا ابنتی وکونی ضحوکة تحدثی وامزحی واضحکی لیزول عنک الحزن والغمّ. فأطفالک سیکبرون غداً وعندها سوف تنسین تعبک وتشعرین بالارتیاح... إذن إذهبی حالاً إلى زوجک وتصالحی معه وأنا سوف آتی غداً إلى بیتک، وأنت لاتأتی الآن إلینا... وکلّما کنت أشعر بالملل والسأم بسبب الانتقادات غیرالمبررة التی کان زوجی یوجهها لی وکلما کنت أشعر بالتعب من هذا الوضع، کانت والدتی تنصحنی وتهدئ من روعی وتسلّی خاطری وتحول دون حصول خلاف وشجار مع زوجی. فکانت تأتی إلیّ بنفسها وتنصحنی وترشدنی وتقول لی بأن زوجک محقّ عندما ینزعج لدى رؤیته وضع البیت بهذا الشکل. وبالتالی فهی کانت تقنعنی بکلامها وتمنعنی من القیام بأیة خطوة اعتباطیة وغیرمدروسة یمکن أن تسیء إلى حیاتی الزوجیة وتهدد مستقبلی ومستقبل أطفالی وتجعلهم یواجهون التشردّ والضیاع. فکانت والدتی تقول لی، یا ابنتی أنا أیضاً فی بدایة زواجی واجهت بعض المشاکل مع والدک فلو أنی ترکت البیت فی ذلک الوقت لکنتم واجهتم الضیاع والتشرد ولما کنتم قد وصلتم إلى ما وصلتم إلیه. لقد صبرت یا ابنتی وتحمّلت والآن کما تشاهدین تحسنت الأمور وأصبحت حیاتنا حلوة حیث إنی أشعر الآن بالسعادة والفخر والاعتزاز بوجودکم... أیتها الأخت الکریمة: إن إصلاح ذات البیت ولا سیّما الإصلاح بین الزوج والزوجة هو بمثابة صدقة یحبها الله ویثیب علیها أعظم الثواب. وإنها حقاً أم عاقلة وذکیة تلک التی تقول لابنتها: ((أنا آتی إلى بیتک ولکنک الآن لاتأتی إلینا)). ولیت جمیع الأمهات (ولاسیما أمّهات الزوجات الشابات) کنّ مثل هذه الأم، یفکرن بمصلحة بناتهن ومستقبلهن ـ بعیداً عن عاطفة الأمومة ـ وبالتالی یعملن على تقویة أواصر المحبّة والتفاهم بین الزوجة وزوجها. ولکن البعض من الأمهات بدل أن یحثثن ویشجعن بناتهن على الصبر والتمسک ببیت الزوجیة والتفاهم مع أزواجهن ویطفئن نار الخلافات والمشاکل بالموعظة الحسنة والنصیحة فإنهن على العکس من ذلک یؤججن نار الخلافات والمشاحنات بین الزوجین ویقمن بصب الزیت على النار من خلال تدخلهن بین الزوج وزوجته بصورة لامبرر لها واتخاذهن مواقف مستعجلة وغیرمدروسة. فنجد فی بعض الحالات أن الأم بدل أن تنصح ابنتها وتقول لها: کونی متسامحة وعلّمی زوجک أصول الحیاة الزوجیة واجعلیه یحسّن سلوکه وأخلاقه وتصرفاته من خلال تسامحک وتضحیاتک، فهی تقول لابنتها: اترکی هذا الرجل السخیف، إنه حیوان، لقد دمّر حیاتک ومستقبلک. مثل هذه الأم تحاول أن تعرب عن تعاطفها مع ابنتها فتقول: مسکینة ابنتی لقد تورطت مع رجل لئیم ظالم! ماذا أفعل؟! أنت المسؤولة یا ابنتی لما حصل لک، فقد جاء لخطبتک الکثیرون من خیرة الشباب! ولکنک رفضتهم جمیعاً ورضیت فی النهایة بهذا الوحش عدیم الثقافة والتربیة. فهذه الأم بدل أن تنصح ابنتها وتشجعها على العیش مع زوجها والاتفاق والتفاهم معه تحثها على تدمیر حیاتها وترک بیتها وأطفالها وهی لا تعلم بأنها بعملها هذا إنما ترتکب ذنباً عظیماً وتدمّر حیاتها وحیاة ابنتها وتلقی بنفسها وبأبنتها فی نار جهنم. فعن جعفر بن محمد عن آبائه "علیهم السلام" فی حدیث المناهی قال: (نهى رسول الله "صلوات الله علیه" أن تخرج المرأة من بیتها بغیر إذن زوجها فإن خرجت لعنها کلُّ ملَکٍ فی السماء وکل شیء تمرّ علیه من الجن والإنس حتى ترجع إلى بیتها). ((وسائل الشیعة، ج14، ص115،). وعن أبی عبدالله الصادق "علیه السلام" قال: ( إیّما امرأة قالت لزوجها: ما رأیت قط من وجهک خیراً فقد حبط عملها) ((وسائل الشیعة، ج14، ص115، باب 80، ح8)). أسأله تعالى أن یرفق علمنا ومعرفتنا بالصبر والتسامح ویجعل من لساننا وقلبنا وسیلتین لحل مشاکل الآخرین وتقدیم المحبة والعطف لهم. وأنت أیضاً أیتها الأخت الفاضلة وفقک الله لحل مشاکل الآخرین وتقدیم المحبة لهم. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,154 |
||