الالتزام بالعفة یجعل الحیاة الزوجیة مستقرة | |||
من أجل المحافظة على أمن وسلامة کیان الأسرة وتأمین سعادتها واستقرارها وتعزیز أرکانها، هناک واجبات ومسؤولیات تقع على عاتق کل من الزوج والزوجة: فیجب على الزوجة أن لاتتبرج أمام غیرالمحارم من الرجال وأن تلتزم بالرصانة والعفة ولاتبدی زینتها وجمال جسمها ومفاتنها أمام سائر الرجال ولاتتبختر أمامهم لتثیر غرائزهم الجنسیة وإذا التزمت بهذه الأمور فإنها تکون وفیة لزوجها وتثبت بذلک حبها وإخلاصها له، والزوج أیضاً یجب أن یکون وفیاً ومخلصاً لزوجته ویمتنع عن النظر إلى غیرالمحارم من النساء ویغض بصره عنهنّ. وإذا ما وقع بصره على امرأة أجنبیة بصورة لا إرادیة وعن غیر قصد فیجب علیه أن یغض بصره عنها فوراً. لأن مواصلة النظر إلى المرأة الأجنبیة یثیر نار الشهوة ویؤدی بالتالی إلى الإنحراف کما قال الإمام الصادق علیه السلام: (النظرة بعد النظرة تزرع فی القلب الشهوة وکفى بها لصاحبها فتنة) لأن العین لاتشبع من النظر إلى جمال المرأة وهی ترغب بکل ما تراه من وجوه جمیلة وتکون نتیجة ذلک الخروج عن طریق العفة والوفاء والأمانة والوقوع فی شرک الرذیلة والخیانة الزوجیة حیث إن النظر الحرام إلى المرأة الأجنبیة هو سهم مسموم من سهام الشیطان، یعکّر صفو الحیاة العائلیة ویهدد سلامتها ویقوّض أرکانها ویهدم جدران الأمن والسلامة والسعادة التی تحیط بالبیت، مما یجعل الحیاة العائلیة والزوجیة عرضة للإنحرافات والمشاکل والخیانة وعدم الوفاء. فالرجل الذی یرمی بنظراته إلى هذه المرأة الأجنبیة أو تلک لا یعود ینظر إلى جمال زوجته وبیته وأولاده ولاتعود زوجته تعنی فی نظره شیئاً ومهما تزینت ولبست أجمل الملابس وأفخرها فإن ذلک کله لایعود یعنی شیئاً فی نظر زوجها المتهتک الذی یسعى وراء شهواته وملذاته، والإمام الصادق علیه السلام یقول: النظرة سهم من سهام إبلیس مسموم . والآن لنقرأ مشکلة إحدى الأخوات الفاضلات: یعلم زوجی کم أنا ضحّیت وقترت على نفسی واقتصدت فی نفقات البیت حتى وصل إلى ما وصل إلیه الآن، عشنا معاً مدة خمسة عشر عاماً حیاة سعیدة جداً وأنجبت له طفلین. کنا نحب بعضنا بعضاً إلى أقصى الحدود... ولکنه أکتسب عادة سیئة فی الآونة الأخیرة فهو ینتقدنی على ما أرتدیه من ملابس ویقول: زوجة فلان أجمل منک وأکثر روعة من حیث الملابس التی ترتدیها. إنه یرمق النساء الأخریات بنظرات مریبة ویتحدث أمامی دائماً عن هندامهن وجمالهن... وعندما نذهب لزیارة الأقارب والأصدقاء فإنه ینهمک فی النظر إلى النساء الأخریات والمزاح والضحک معهن وملاطفتهن ولایهتم بی أبداً... عندها تستعر النار فی قلبی وأنفجر بالبکاء... لقد نفد صبری ولم أعد أحتمل، أرید أن أأخذ أطفالی وأفرّ إلى الصحاری والجبل... أرجوکم قدموا النصح والتوجیه لی ولزوجی. قولوا له لماذا یقوم بمثل هذه التصرفات، لماذا یحرق قلبی؟ لماذا یدمّر حیاتنا الزوجیة السعیدة التی کنا نعیشها من قبل؟ لماذا تخلى عن وفائه وإخلاصه لی؟... إذن لکی لاتنهار الحیاة الزوجیة ولایحترق قلب رفیقة العمر ولاتجرح مشاعرها وأحاسیسها یجب على الرجل أن یغض بصره عن غیرالمحارم من النساء. کما یجب على الزوجة (المرأة) التی تعتبر مسؤولیة الأمومة شرفاً کبیراً لها ومن أغلى القیم التی یمکن أن تحظى بها وترى أن سلامة أسرتها مستمدة من سلامة الأسر الأخرى، أن لاتختلط أکثر من اللازم ولاتتمازح وتضحک مع غیرالمحارم من الرجال ولاتتبرج ولاتبدی أمامهم زینتها ومعالم جمال جسمها. (إن القرآن الکریم وأحادیث الرسول صلوات الله علیه والأئمة الأطهار علیهم أفضل الصلاة والسلام تدعو کلها إلى ذلک وتطلب من المرأة أن تلتزم بالحجاب وتمتنع عن مخالطة الرجال غیرالمحارم ولاتتبرج ولاتبدی زینتها ومعالم جمالها إلاّ لزوجها والهدف من ذلک کله الحفاظ على کیان الأسرة والحیلولة دون تفککها وانهیارها والذی یعنی فی الحقیقة انهیار المجتمع الذی یستند وجوده وکیانه على وجود وکیان الأسرة فکلما کانت الأسر سلیمة متماسکة کلّما کان المجتمع قویاً وسلیماً ومتماسکاً وإن ما نشهده الیوم من تفکک فی المجتمعات الغریبة والمجتمعات غیرالإسلامیة هو نتیجة لتفکک الأسر وانهیار القیم الخلقیة فیها وهذا کله نتیجة تمادی النساء فی تلک المجتمعات فی مخالطة الرجال والتبرج دون حدود ونتیجة ما یسمّى بثقافة العری السائدة فیها ونتیجة لذلک کله باتت المجتمعات الغربیة تواجه أزمات خطیرة تنعکس آثارها على کل فرد من أفرادها وبات الغرب الیوم مهدداً بالانهیار اجتماعیاً وخلقیاً). إذن على المرأة أن تتحجّب وتمتنع عن التبرج حتى أمام أقاربها من الرجال عندما یأتون إلى منزلها. إذ کثیراً ما تصدر عن الأقارب من الرجال تصرفات مشینة وهفوات، حیث لا تنتبه المرأة إلى النظرات المشبوهة والنوایا السیئة لهؤلاء الرجال ولا تدرک مغزاها، بسبب طهارة قلبها وصفاء مشاعرها وأحاسیسها. فزوج العمّة وزوج الخالة وابن العمّة وابن العم وابن الخالة وابن الخال وشقیق الزوج وزوج الأخت وزوج أخت الزوج و... هؤلاء کلهم لیسوا محارم بالنسبة للمرأة ویجب علیها أن تتحجّب ولاتتبرج أمامهم وتلتزم بما یفرضه علیها الشرع الإسلامی وهی ترتکب ذنباً إذا لم تلتزم بهذه الأمور التی ذکرناها وکثیراً ما تؤذی المرأة زوجها وتجعله یسخط علیها بسبب تصرفاتها هذه. کما أن عدم التزام المرأة بالحجاب الإسلامی وظهورها متبرجة أمام الرجال یهدم الحیاة الزوجیة ویؤثر سلبیاً على الصفاء والمحبة والتفاهم الموجود بین الزوجین.
مشکلة أخرى یطرحها احد الاخوة: تزوجت منها قبل حوالی ثمانی سنوات ولی منها ولدان أحدهما فی الخامسة والآخر فی الثالثة من العمر. زوجتی امرأة طیبة وربّة بیت بارعة وإنی آخذ الدروس والعبر من أخلاقها وتضحیاتها وإخلاصها. ولکن الشیء الذی یؤلمنی ویعذبنی هو أنها لاتلتزم بالحجاب کما یجب ولا سیما فی البیت. فعندما یأتی إلینا ضیوف تکتفی بارتداء ملابس غیرمحتشمة وهی لاتغطی شعر رأسها بشکل کامل أمام الرجال الآخرین. وعندما أطلب أن تتحجب بشکل کامل تقول: المهم أن یکون القلب نظیفاً. أما الأمور الأخرى فلیست مهمة ولیست ذنباً. أرجو منکم أن تقدموا النصائح الإرشادات والتوجیهات لزوجتی والنساء الأخریات من أمثالها. لعلها تسمع کلامهم وتفهم حقیقة ما یقوله الشرع الإسلامی وتقرر الالتزام بالقوانین والمبادئ الشرعیة، إنی أحبها کثیراً وأرید أن أعیش معها حیاة سعیدة وهانئة.
ملاحظة مهمة: هناک نقطة مهمة جداً یجب أن یأخذها جمیع الرجال بعین الاعتبار وهی: صحیح أن الغیرة والحرص على الشرف والکرامة هی من الصفات الحسنة والمحببة وأن کل رجل یجب أن یکون غیوراً بکل معنى الکلمة حفاظاً على عفة زوجته وشرف وکرامة بیته وأسرته، ولکن الغیرة إذا تجاوزت حدودها تصبح أمراً قبیحاً وضاراً. وأساساً فإن القاعدة العامة فی هذا المجال هی التی وردت فی القرآن الکریم حیث یقول: ((یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ وَرسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ)) . أی لاتطلبوا من عباد الله أموراً لم یطلبها منهم الله ورسوله. ویقول الإمام جعفر الصادق علیه السلام: (انما یأمر بالمعروف وینهى عن المنکر من کانت فیه ثلاث خصال: عالم بما یأمر، عالم بما ینهى، رفیق بما یأمر، رفیق بما ینهى) . لأن استخدام الشدة والعنف فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر یجعل الآخرین الذین نرید أن ننصحهم ونرشدهم إلى الطریق الصحیح ینفرون ویتذمرون منّا. لنقرأ الرسالة التالیة: تزوجت من فتاة غیر واعیة وغیر ملتزمة بالحجاب وعندما تزوجنا اشترطت علیها إرتداء الحجاب الشرعی، فوافقت على ذلک کما تعهدت بغض بصرها عن غیرالمحارم من الرجال وعدم مخالطتهم، کما اشترطت علیها شروطاً أخرى وافقت علیها جمیعاً وتعهدت بأن تکون مخلصة ووفیة لی. ... أما أنا فکنت أؤکد علیها کثیراً بخصوص الحجاب وکنت أنبهها بإستمرار إلى هذا الموضوع والالتزام به. کنت ألحٍّ وأصرّ علیها کثیراً. صار عندی نوع من الوسواس، إذ کنت أقول لها دائماً، لماذا نظرت إلى الرجل الفلانی؟... لماذا إزارک بهذا الشکل؟ لماذا ربطتک هکذا؟ لماذا ولماذا؟... والآن وبعد أن تخلّت زوجتی عن الحجاب الذی کنت أریده ولم تعد تقبل العیش معی، أدرکت بأنی کنت متشدداً جداً فی هذا الأمر، وأنی کنت أطلب منها أکثر بکثیر مما یطلبه الإسلام منها... على أیة حال فقد أصبح لدیها نوعم من التذمر والتنفّر تجاهی وهی الآن ترید الطلاق وتقول، بأنها لا تستطیع الاستمرار فی هذه الحیاة الملیئة بالمعاناة والعذاب... وحبذا لو ضغطت أیها الأخ الکریم على نفسک وتجنبت التعسّف والشدّة، بدل اتخاذک هذا الموقف المتصلّب تجاه زوجتک. لأن الإمام الصادق علیه السلام یقول: (ما من مظلمة أشد من مظلمة لایجد صاحبها علیها عوناً إلا الله عزوجل) علی اکبر الحسینی | |||
الإحصائيات مشاهدة: 2,918 |
|||