المرأة فی الحضارة الغربیة | ||
المرأة فی الحضارة الغربیة
صدیقة الموسوی تطرح الحضارة الغربیة نفسها على أنها الحضارة الأکمل والنموذج الأوحد لذا تحتاج الى تسلیط الضوءعلى مکانة المرأة فیها من ثلاث محاور: أولا:رأی المفکرین الغربیین:وسوف نتناول رأی اثنین من أشهرممن تحدثوا عن المرأة؛وهما الکاتبة الفرنسیة الشهیرة سیمون دی بوفارالتی ذاع صیتها فی العالم کأول فیلسوفة وجودیة،وقائدة المرحلة الثانیة للحرکة النسویة،وبودلیر الشاعر الأیطالی الملقب بشاعر المرأة،وتطرح بوفار فی کتابها ((الجنس الثانی)) مسألة (أسطورة الأنثى الخالدة) حیث أن کلمة (رجل)- home مرادفة لکلمة إنسان مما جعل الرجال یعتادون النظر الى أنفسهم باعتبارهم مقیاسا لکل شیء، واما المرأة فقد ضلت فی نظرهم (الموجود الآخر)، وتمضی بوفار بالقول الى ان تصل الى نتیجة هی أن الرجال هم الذین نسبوا الى المرأة (الطبیعة النسویة)،وان الموجود البشری لایولد (ذکراً) أو (أنثى) بل یولد أولا ًوبالذات إنسانا، ًومعنى هذا ان مایحدد وجود المخلوق البشری لیس هو الذکورة والأنوثة ،بل هو مدى المسؤولیة التی التی سیشعربها نحو ذاتها ونحو الآخرین وأما ما أعتید علیه باسم (المرأة) فهو بنظر الکاتبة وهم لاحقیقة لها وهو على الأصح (مخلوق غریب) عمل على ایجاده المجتمع بما أعطاه للأنثى البشریة من تکوین خاص وتربیة معینة،ومواقف اجتماعیة محددة (اذن فالخصوصیة التی تقال انها لدى المرأة فی نظر بوفار مکتسبة من المحیط الخارجی ولیست من ذات الأنثى)، فهی إذن بنظرها غیر فطریة. وأما تقییمها للزواج فهی ترى انه یقضی على شخصیة المرأة،ویحیلها الى کائن منزلی عدیم القیمة وهی تعزو سبب بقاء مستوى المرأة منخفضاً من الناحیتین العقلیة والأجتماعیة هو حصر المجتمع لها فی أعمال ضیقة لاتکاد تعدو التدبیر المنزلی، والطهو والتطریز...والتعامل مع الأطفال! وترى بوفار أن هناک تعارضا ًبین رسالة المرأة باعتبارها إنسانا، وبین واجبها باعتبارها زوجة وأما ً،وترى ان الزواج یجعل من المرأة (موضوع) یستمد کل قیمته من حکم الرجل؛ثم تضیف وهی تستعرض أدوار المرأة الجدیدة فی مقابل وتسویة بین الأدوار المتبابینة والتی وضعتها بالرغم من ذلک فی صف واحد بالقول:ألسنا نرى الیوم بین النساء مفکرات،ومجاهدات وصحفیات وأدیبات...لامجرد زوجات وأمهات وعانسات وعاهرات؟! موقفها من الأمومة : مع ان سیمون بوفار تسلّم بأن اکتمال نمو المرأة جسمیا ً ونفسیا ً لایتحقق الا بالأمومة إلا أنها ترى ان مسؤولیة کل من الرجل والمرأة بالتساوی؛ متناسیة کما یقول الدکتور زکریا ابراهیم أن المرأة هی التی تحبل،وتلد وتضع وترضع وترعى طفلها.[1] المرأة فی نظر بودلیر (شاعر المرأة): یشدو بودلیر فی شعره بالمرأة،الا انه یلتمس فی شعره-وحسب رأی الدکتورة ماری فرنسیس أستاذة الأدب الفرنسی فی جامعة القاهرة- بجانب الوجهین (الحسی والروحانی) هناک وجه آخر للمراة وهو وجه کریه؛ فتراه تبدوالمرأة (حیوانا ًقاسیا ً)! وتارة أخرى (حیوانا ًدنیا ً)! أو مخلوقا ًسافلاً؛والمرأة- ومازلنا مع الدکتورة فرنسیس وسنضل معها حول تقییم بودلیر للمرأة- فی عالم بودلیر تجسید مؤذ لقوى الشر،فهو یتصورها (مصاصة دماء)!!تهدم وتغنی وتمثل له صورة حیة للشیطان: ((یلازمنی الشیطان دوما ًمستثیرا ً... ولأنه یعرف حبی الکبیر للفن یتخذ شکل امرأة فاتنة مغریة وبشتى الطرق والمحاولات یلصق شفتی باقداح محرمة وبهذا یبعدنی عن أعین الله متعبا ًجاهدا لاهثا ً)) وتضهر فی اشعار بودلیری (سادیة) تتغذى من القسوة المفرطة نحو المرأة التی تبدو فریسة حب بودلیر:((سألتف حولک کالثعبان...سأحکمک وأملکک...بقوة الخوف وحده. وفی قصیدة اخرة یصفها متلذذا بـ(نمرة مروضة) أو (عبدة مزهوة بانتصار مولاها علیها). وفی هذا العالم البودلیری تکون المرأة شهیة اذا اقترنت بالشقاء وامتزجت بالحزن حتى تحقق الأثارة الجنسیة ((سأضربک بلا غضب وبلا کره کالقصاب وسأستدر من جفنیک الدموع لأروی صحرائی بماء العذاب وستسبح رغبتی المملوءةاملا على دموعک المالحة کسفینة فی عرض البحر)) ومن جهة اخرى نلاحظ احتقاره للنساء فهو یصف المرأة (بئر لایفنى من الغباء) ویقول: ((ان البلاهة هی زینة الجمال فی أکثر الأحیان)) وأخیرا یجب ان لانندهش اذا رأینا بودلیر یتحدث عن المرأة باحتقارساحق وبشراسة اذ یقول:((المرأة سطحیة...غبیة صغیرة...على الإنسان أن یضرب التی یحبها))!!وأخیرا فی قصیدته الخریف تسأله الحبیبة:ماهی قیمتی بالنسبةلک أیها الحبیب العجیب؟)) فیجیب:(کونی فاتنة واصمتی)![2] ثانیا ً:الإعلام:لانحتاج فی البدء الى مقدمة حول الإعلام وماله من أثرفی سلوک الأفراد وقناعاتهم فهو مما لایختلف علیه اثنان؛ونحن هنا نطرح عدة أمثلة للصورة للمرأةالتی یرید الإعلام الغربی تثبیتها عن المرأة. أ.الإعلانات:(الجنس والمدینة)[3] هوأول مجموعة افلام اعلاناتیة قصیرةلـ(أج بی او) تضهر امرأة باسم (کری) ولکری علاقة بعدة رجال، وقد نالت من الشهرة والنجاح الى الحد الذی طبعت صورتها على غلاف مجلة التایم؛ مع عبارة(من هی التی بحاجة الى زوج)؟! وتردد اسمها فی البیوت ،وکانت "کری" فی هذا الإعلان تتجول فی المدینة وهی تحمل أکیاس المشتریات، ولم تنس أن تضع حبوب منع الحمل فی حقیبتها وحول عنقها قلادة بعلامة أرنب رمزالـ play boy ویرکزهذا البرنامج اهتمامه على النساء اللواتی یحصلن على الأکثر والأفضل من الناحیة الجنسیة والمادیة، وهو من توصیات دولة بوش بعد الحادی عشر من سبتمبر:أفضل عمل تقومون به للناس ولبلدکم هو أن تشتروا حتى تتعبوا . ولایصل الامر الى هذا الحد بل تصل الإعلانات الى حد التحقیر الواضح للمرأة ففی لوحة إعلانات لشرکة ایطالیة للأحذیة تضهر إمراة عاریة وهی تقوم بلحس حذاء قد ارتداها رجل! وفی لوحة لشرکة للألبسة تضهر إمرأة عاریة على أربعة قوائم جنب الخراف! وقد أبدى (نیکول بری) وزیر الدولة فی حقوق المرأة فی تقریر له بهذا الصدد رغبة فی وضع حد قانونی جدی لتضییق الخناق على على الطرق الإفراطیة فی الأعلانات[4]. ب.المجلات:تحفل المجلات بطرق مختصة بالبنات اللواتی لم یصلن الى مرحلة البلوغ الجنسی تعلمهن کیف یمکن بانقاص 10 بوند من أوزانهن وتصفیف شعورهن أن یضهرن بمضهر جنسی ویفزن بصدیق! وقد توصل کارینزو ومساعدیه فی عام 1998م الى نتائج التوصیات الموجودة فی المجلات والتی تخص الفتیات والنساء؛حیث أکدوا بان محتوى مقالات هذه المجلات هو ترغیب الفتیات نحو الشعور بأنهن کائنات جنسیة،وأن حیاتهن لاتکتمل الا بارتباطهن برجل من لحاظ جنسی،وماهی الخصوصیات التی یستطعن بها جذب الرجال الناجحین،وهن بذلک محتاجات الى الموضة الحدیثة ولوازم التجمیل للوصول الى الجذابیة المطلوبة. ج.التلفزیون:فی تحلیل لمونتموروفی عام 2003وبعد التحقیق حول 56حلقة من خمس برامج مختلفة،وجد أنه یوجد فی کل حلقة 3مورد للتحرش الجنسی. والجدید بالذکر وحسب دراسة لکلی وسمیث هو عدم حضور شخصیات نسویة فی الأفلام الأکثر مبیعا ً،وأفلام الـ grated (الأقلام المناسبة لکل لجمیع الفئات العمریة)،وقد وجدوا انخفاضا ً فی ضهور بنات أو نساء وهن یمثلن أدوار ایجابیة أو عائلیة،فمن مجموع4000 شخصیة وجدوا أن75%من الرجال،و83% من خصیات المجتمع، و72%ممن تحدثوا فی الفیلم من الرجال. ثالثا ً:الواقع العملی:أ- الإقتصاد والعمل: فی الآونة الأخیرة دعت المفوضیة الأوربیة الى تقلیص الهوة الموجودة بین رواتب النساء والرجال، والتی تبلغ15%بالرغم من دخول المرأة الى ساحة العمل بشهادة أکادیمیة أقوى من الرجل[5]؛صحیح أن بعض المهن أصبحت حکرا ًعلى النساء فی الغرب کالبیع فی المتاجر وخدمات غرف الفنادق؛ الا ان فی مهن الطب مثلا ًتصل نسبة النساء أقل من10%وفی الجراحة 2%وهذا الموضوع تکبر أهمیته بالنسبة للعوائل التی تعیلها النساء والتی تشکل90%من العوائل الغربیة ،وطبقا ً لإحصائیات وزارة العمل الأمریکیة عام1991فان متوسط دخل النساء 552/2فی حالة أن متوسط دخل الرجال421/29 هذا التفاوت الملحوظ موجود على الرغم من تساوی معدل تحصیل النساء بتحصیل الرجال،کما أن فرقا ً بین معدل دخل النساء البیض حیث بلغ کما ذکرنا 552/ 2فیما بلغ معدل دخل النساء السود720 /18.على سبیل المثال یستلم موضوفو محال بیع الکحول الذین یکون اغلبهم من الرجال والذین یحملون شهادة الإعدادیة رواتب أعلى من وضیفة أمانة المکتبات والتی تعد بعهدة النساء والتی یشترط أن یکون العامل بها من حملة الشهادة الجامعیة. وبینما نجد الدارسات فی معاهد الصحافة والإعلام یمثلن النصف فانه- وبرغم بربارا ولترز وهیدا هوبرا – فان أغلب الصحفیات الأمریکیات یشتغلن فی المجلات الأسبوعیة والجرائد غیر الواسعة الإنتشار، وأجورهن منخفضة نسبیا ًبرغم رقابة التنظیم القومی للنساء، والذی یضم الألوف من النساء المتنمّرات،ولاتزید نسبة النساء فی الصحافة والإعلام متوسط لایتجاوز 15%وفی أوائل السبعینیات حصلت أول إمرأة على جائزة بولیترز،وانضمت أول إمراة الى نادی الصحافة القومی. أما فی القضاء، فخریجات القانون فنسبتهن فی أمریکا5% والقاضیات لایزدن على ذلک،وقد عینت (ساندرا دای أو کونر) لأول مرة فی منصب قاضیة فی المحکمة العلیا، وکذلک وجدت أول إمرأة فی حکومة کلینتون کأول وزیرللعدل وهی (جانیت رینو). ب-تقییم نتاج المرأة العلمی: دلت التحقیقات على أن عمل المرأة لایؤخذ بعین الإعتبار حتى لو کان بمستوى عمل الرجل،قام بهذه التحقیقات "کلد برکفی" عام 1968 وکررها "فیترسون" ومعاونیه،ففی تقییم لبحوث لطلبة وطالبات أُّعطیت المراتب الأول الى للرجال حتى لو کانت بنفس مستوى بحوث النساء،وأن بحوث الرجال تستقبل بتثمین وتقدیر أکبر والمثیر للإنتباه أن من قیم هذه المقالات یعتقد أن عمل المرأة أقل قیمة کن من النساء ![6] فی فرنسا بلغ عدد الفتیات اللواتی تعرضن للإعتداء الجنسی من قبل آبائهن32% وفی أمریکا بلغ عدد الفارین الى ملیون مراهق ثلثیه من البنات،ویعود سبب فرارهن العنف الجنسی فی المحیط العائلی،وفی مقالة لها بعنوان (کل مکان غیر آمن) کتبت بربارا روبرت:(طبقا ً لإحصائیات المتخصصین فی علم الإجتماعفان المتجاوزین من8ملیون من زوج متجاوز یعتدی على زوجته بالضرب بصورة بشعة؛وقد اعترف28 % منهم بان الضرب لزوجاتهم اصبح من الأمور المتکررة،ویعتقد المحققون فی المجال الإجتماعی أن الرقم الحقیقی للأزواج الذین یضربون ویشتمون زوجاتهم یقاربالـ50%من الازواج).وتنقل النیورک تایمز أن (خروج المرأة والفتاة من البیت بعد الساعة الثامنة100%مقرون بالمخاطرة)! وفی تعلیق له على مشهد تلفزیونی بدأ بالمزاح بین زمیلی عمل،وانتهى الى التحرش الجنسی،یقول أحد المتفرجین:اذا رفضت المرأة مثل هذه الأمور فسوف تصبح غیر مرغوبة! وفی کل عام تلد350 الف مراهقة امریکیة من فئة عمر15-19 أولاد غیر شرعیین والعدد فی تزاید. وحسب تقریر لتلفزیون آلمانیا یتعرض 3000طفل وطفلة للتجاوزمن قبل الأب أو أحد الأقرباء. وفی آلمانیا أیضا ً تتعرض 72% من النساء العاملات للتحرش الجنسی. وفی بلجیکا عقد مؤتمر البغایا الثانی لمدة ثلاثة أیام وشارکت فی المؤتمر المذکور150بغیة إضافة الى عدد من تجار البغاء وطالب اعضاء المؤتمربقانونیة هذه الظاهرة القذرة. وفی تقریر للأمم المتحدة حول تجارة الرقیق الأبیض فی أوربا الغربیة جاء فیه: ان معظم المهرّبین من النساء والأطفال وانهم یشکلون سلعة وصفهم التقریر بالرائجة.
[1] د زکریا ابراهیم ،المراه فی نظر سیمون دی بوفار، مجلة العربی العدد 173نیسان1973. [2] د ماری فرنسیس، بودلیر شاعر المراة العدد251ص 110-112.
[3] Sex and the city. [4] میر احمد رضا حاجتی ،عصرإمام خمینی. [5] شبکة ملف الطاهرة (سلام الله علیها) الالکترونی. [6] جانت شیلی هاید ،روان شناسی زن ،ترجمة دکتور أکرم خمسة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,409 |
||