الانتقاد.. عقبة فی طریق الاستقرار الأسری | ||
الانتقاد.. عقبة فی طریق الاستقرار الأسری احمد علی
کم أدهشتنی وضایقنی الأرقام الرهیبة لمعدلات الطلاق، والتی لیست هی صفة نراها فی مجتمع معین فحسب، بل هی اصبحت سمة من سمات هذا العصر على ما یبدو.. والأدعى إلى إثارة مشاعر الدهشة هذه هو نسبة عدم الانسجام بین الأزواج على الرغم من تقبلهم للحیاة معاً.
الانتقاد کان یدور فی ذهنی مجموعة أسباب لذلک، ولکن إطلاقاً لم یدر فی خلدی ذلک السبب الذی قرأته فی احد مواقع الإنترنیت والتی أسمتها صاحبتها ((قصصنا)) وکل مافعلته صاحبة هذه الموقع أنها قامت بمراسلة مئة امرأة مطلقة، تطلب من کل واحدة منهن أن تکتب لها عن سبب طلاقها، وقد استجاب لندائها 92امرأة. فقامت صاحبة الموقع بإعادة صیاغة هذه القصص ونشرها فی الموقع الخاص بها على الأنترنیت، وهل تعلمون ماذا کان السبب فی 45 حالة من حالات الطلاق... لم یکن السبب أکثر من الانتقاد الدائم فی حیاة کل واحدة منهن، بل إنّ 15 امرأة منهن کن یملکن مقداراً کافیاً من الجرأة لیقلن إنهن کنّ الطرف المنتقد.
الانتقاد والتقدیر لو أنّ کل واحد منا حاول أن یتخیل أنّ کل شیء یفعله هو محل انتقاد وعدم تقدیر من الطرف الآخر، هذا الطعام مالح.. قماش ثوبک غیر جمیل.. قصّة شعرک لم تعجبنی.. رائحة عطرک... وهکذا کل شیء، وأی شیء یکون کافیاً لإثارة زوبعة من الانتقاد.. هل تعلمون ماذا ستکون الحالة النفسیة للطرف الآخر؟! إلیکم الإجابة: 1. ابتداءً سیولد هذا الانتقاد حالة من الإحباط والشعور بالکآبة. 2. ثم یتطور الأمر إلى عدم الرغبة فی إحداث أی تغییر فی المظهر العام أو الجو المحیط. 3. ثم یفقد کلام الطرف الآخر أی أهمیة. 4. ثم یفقد الطرف المنتقد اهمیتة عند الطرف المنقود. 5. وعندها نکون قد وصلنا إلى نهایة المطاف وأصبحت الحیاة معا مستحیلة. کیفیة التعامل وعند هذه النقطة نکون قد وصلنا إلى المرحلة التی نسأل فیها سؤالنا المعتاد وهو: ((کیف نتعامل مع الشخص کثیر الانتقاد؟!!)) لابد من الإشارة إلى أننا هنا لانتکلم عن حالة انتقادیة فردیة، کأن ینتقد الزوج أو الزوجة شیئاً معیناً.. فإن هذا الأمر بحد ذاته حالة صحیة، تجعلنا نستمع لرأی شخص محب فی مظهر معین أو تصرف معین، سیرانا الناس فیه، وبالتالی یکون هذا الانتقاد وسیلة لنصلح فیها من أنفسنا، فنحن إذن لانقصد هذا الانتقاد إطلاقاً، ولکننا نتکلم هنا عن الانتقاد المرضیّ، وهو ذلک الانتقاد الذی ینتقد کل شیء وأی شیء.
خطوات الحل أما خطوات الحل فهی تتلخص فیما یلی: 1. الصبر: وهذا عامل مهم وأعتقد أننی لم أعد بحاجة للتأکید على أن إصلاح أنماط الشخصیة لیس بالأمر الذی یحدث بین لیلة وضحاها، وإنما یحتاج إلى محاولة وإعادة محاولة وهذا التکرار لن یتأتی إلا مع الصبر. 2. لابد من إشراک الطرف الآخر فی الاختیار، حتى فی أمور شخصیة مثل اختیار الملبس، فالمشارکة فی الاختیار تؤدی إلى قبول الشیء، وهنا لابد من التحذیر من أمر مهم وهو ألا یتحول أمر المشارکة فی الاختیار إلى مشاجرة، وتتحول وسیلة الإصلاح إلى وسیلة لزیادة هوة الخلاف وعدم الانسجام. 3. نحاول أن نشجعه على التفکیر بأسلوب إیجابی، فمثلاً إذا کان الزوج هو الطرف المنتقد وأخذ فی انتقاد طعام أو وجبة قامت بإعدادها الزوجة، فعلیها أن تأخذ الأمور ببساطة، ثم تقول: هذه الأمور السلبیة فی هذه الطبخة، فماذا أعجبک من الطعام، أو تقول بغض النظر عن زیادة الملح أو قلته، هل أحسنت إعدادها فی جوانبها الأخرى، وهکذا سیحاول الطرف الآخر مضطراً إلى تحویل تفکیره إلى الجانب الإیجابی، ومع الوقت تصبح هذه عادة جدیدة فی حیاة هذا الشخص، والقائل بأن الإنسان بعد سن معینة یصبح غیر مهیأ للتغیر، هو ببساطة مخطئ. 4. ومن المهم أن نشعر الطرف الآخر بأن انتقاده محل تقدیر، ولکن نحن بحاجة أیضاً إلى أن نسمع المدیح، وإذا أراد منا أن نستمر فی احترام انتقاده فعلیه أن یبدی لنا احترامه لاختیارنا. وأخیراً لاأجد إلا أن أعید نقطتنا الأولى: علینا بالصبر... | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,710 |
||