المرأة الایرانیة: نشاط و فعالیة لا تعرف الملل | ||
بمناسبة ذکری تأسیس الجمهوریة الاسلامیة فی ایران المرأة الایرانیة: نشاط و فعالیة لا تعرف الملل منی کمال
قضیّة المرأة عند الإمام الخمینیّ الراحل، لا تنفصل عن نظرته العامة للمجتمع الإسلامیّ، فثمّة حضورٌ لها فی مسؤولیاته کافة، والمرأة مفردة من مفردات خطابه الفکریّ والفقهی، تتمحور فی إنتاجاته المختلفة، وقد شهد الوجود المرکّز للمرأة فی خطاب الإمام الخمینیّ، قفزات نوعیة من آونة إلى أخرى. وقد تباین نهج الإمام الخمینّی عن الإتجاهات الإسلامیة الاخرى التی کانت تؤکد إنّ الإسلام حرّر المرأة وأعطاها حقوقها، دون أن تفسّر کیف تُنزل هذه المقولات العامة الى ارض الواقع. وبالتالی فقد شخّص الإمام الخمینّی قضیّة المرأة تشخیصاً عمیقا، ولهذا کان حدیثه عن المرأة محوراً ثابتاً فی کتبه ورسائله وخطبه المتعلقة بالأوضاع السیاسیّة والاجتماعیّة. فالإمام الخمینّی کان مقتنعاً بأنّ الإسلام منح المرأة اهتماماً کبیراً یکاد یفوق اهتمامه بالرجل، حیث رکّز فی أکثر من حدیث إذاعی وتلفزیونی وصحافی رداً على الأسئلة التی کانت تُوجّه إلیه، عمّا ستؤول إلیه أوضاع المرأة فی الحکومة الإسلامیة، على حقوق المرأة انطلاقاً من نظرة الإسلام إلیها وإحترامه الخاص لها. وما تجدر ملاحظته فی هذا المجال، هو الحضور الفاعل والراسخ للنساء فی ساحة الجهاد قبل إنتصار الثورة الإسلامیّة، وذلک فی مقاومتهن الصابرة لضغوط نظام الشاه وإیذائه لعوائلهن، وتحملهنّ المخاطر والمشاکل وتشجیع أزواجهن وأبنائهن وترغیبهم بالمقاومة، وتقدیم المساعدة لهم فی هذا المجال، کل ذلک کان عاملاً مؤثرًا فی استمرار المسیرة نحو تکامل الثورة وإنتصارها فی نهایة المطاف. فی الواقع لولا هذا الثبات الراسخ، ولولا تأیید النساء للمجاهدین، ودعمهن لهم، لما کانت هذه المقاومة قد إستمرت، ولما نمت هذه الجذور التی صنعت الثورة. وإستمرّ هذا الحضور النسوی فی الحقل السیاسیّ بعد انتصار الثورة، وکان إندفاعهنّ الیومیّ نحو مقرّ إقامة الإمام فی طهران، وفی قم بیعةً محکمةً من النساء المؤمنات للقائد الذی کان یعرف آلام شعبه ومعاناته، وکنّ یحببنه من أعماق وجودهن ویُطعن أوامره. ولقد ساهمت النساء جنباً إلى جنب الرجال فی إعادة إعمار البلاد، وعملت الجمعیات النسائیة وبخاصة (جمعیة نساء إیران) على حثّ النساء على الإنخراط فی منظمات (جهاد البناء)، حیث ثمّن الإمام الخمینّی هذا الدور الذی تبوأته النساء ورکّز علیه فی أحادیثه وخطبه، وکذلک فَعَل قادة الثورة الآخرون، فما من خطاب أو بیان أُلقی أو کُتب فی إیران بمناسبة نجاح الثورة، أو فی المناسبات السیاسیّة والدینیة المتعدّدة إلا وذُکر فیه،دور المرأة فی إنجاح الثورة ودیمومتها. وکان الإمام الراحل یشبّه نساء الثورة – دوماً - بالنساء فی صدر الإسلام من حیث مشارکتهنّ فی الجهاد، ومساهمتهنّ فی تقریر مصیر أمّتهنّ، وبعد عدّة سنوات من قیام الثورة، قارن الإمام بین ما کانت علیه أوضاع النساء من قبل وما صرن إلیه من عزّة وکرامة، إذ ثمنّ الإمام الخمینّی وقادة الثورة الآخرون منذ البدایة الدور الذی جسّدته المرأة الإیرانیة فی مرحلة الجهاد وبعد انتصار الثورة، وأدرکوا عمق المشاکل التی کانت تعانی منها المرأة فی المجتمع الإیرانی، ورأى الامام أنّ أهم الخطوات التی من شأنها أن ترقى بمستوى النساء وإستعداداتهن فی المجتمع الإسلامی، من خلال طرح الفکر الإسلامیّ الأصیل لکی تستفید منه النساء بصورة طبیعیة، وإنشاء تنظیمات نسائیة إسلامیة، لدراسة الجوانب الحقوقیّة المتنوعة والمعضلات التی تعانی منها النساء. ففی العام 1986م، تأسست (جمعیة النساء فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة)، وکان من أهداف هذه الجمعیّة، الإرتقاء بشخصیّة المرأة الفکریّة والثقافیّة والعلمیّة فی إطار الاهداف الإسلامیّة النبیلة، والسّعی لإحقاق حقوق المرأة وتثبیت موقعها فی العائلة والمجتمع، والعمل على رفع مستوى النساء فی النشاطات الإجتماعیّة السلیمة الهادفة، ودعم الحرکات النسویّة الاصیلة فی أنحاء العالم والدفاع عنها. وکانت النساء المعنیات یقمن بزیارات إلى مختلف البلدان للاطلاع على تجارب شعوبها فی المیادین الإجتماعیّة، ولعرض وجهات نظر المرأة الإیرانیّة وطروحات الحکومة الإسلامیّة. وفی العام 1991 تمّ تشکیل (مکتب شؤون المرأة)، کمرکز ثقل ترتبط به جمیع المنظمات والجمعیات النسائیة، حیث قام مکتب شؤون المرأة خلال السنوات الأخیرة بإعداد الأبحاث حول: المرأة والصحة، الإستخدام والعمل، الریاضة، المساهمة السیاسیّة، أوضاع ربات البیُوت وأُقیم بنک معلومات ضخم ومکتبة حول القضایا النسائیّة، کما أصدر مکتب شؤون المرأة أکثر من أربعین مطبوعة مختلفة تعالج موضوعات تخصّ المرأة. ولم ینس الإمام التأکید على أنّ على الجمیع رجالاً ونساءً أن یتدخّلوا فی القضایا الإجتماعیّة والقضایا السیاسیّة وأن ینظروا فیها، وأن یراقبوا المجلس وأن یراقبوا أعمال الحکومة وأن یبدوا وجهات نظرهم، وفی التحضیر لإنتخابات المجلس التشریعیّ فی دورتیه الأولى والثانیة، حضّ الامام الراحل النساء على أن یکنّ فاعلات فی الإنتخابات کالرجل، لأنّ مستقبل إیران هو مستقبل الجمیع رجالاً ونساءً، ولأنّ الإنتخابات هی التی تقرّر طبیعة مجلس الشورى؛ ولأنّ الإنتخابات هی التی ینبغی لها أن تحدّد سیاسة البلاد فی الداخل وفی الخارج. کما یجب أن یکون للنساء دورٌ فاعلٌ فی دخول الأشخاص المؤهّلین والصالحین إلى المجلس. ولاشک ان مسؤولیّة المرأة فی المجلس النیابیّ مسؤولیّة مرکّبة، فهی إضافة إلى دورها فی مناقشة القضایا السیاسیّة والقانونیّة وغیرها من القضایا، علیها أن تطرح مشاکل المرأة ومعاناتها فی المجتمع، وأن تقترح مشاریع القوانین التی تساهم فی إزالتها. وعلیه کانت إلى جانب کلّ واحد من الوزراء، مستشارة خاصة فی وزارته للإهتمام بشؤون المرأة، لأنّ إزالة التمییز الإجتماعیّ ضدّها أصعب بکثیر من إزالة التمییز القانونیّ. وقد أنشئ (مکتب مشارکة المرأة)، ومهمّته دراسة مستوى مشارکة النساء فی البلاد، کما یهدف إلى رفع کفّة مشارکة السیدات، اللواتی یُسمح لهنّ الدخول فی جمیع المیادین وتعزیزها. وقد بلغ عدد اللواتی تولیّن منصب مدیر عام فی وزارات الحکومة مطلع العام 2002م 1168 إمرأة من إجمالی عدد المدراء العامّین البالغ 39716 مدیراً، أغلبهن فی رئاسة الجمهوریة ووزارة الصّحة والصیدلة والإقتصاد. وراوحت أعمار المدیرات ما بین 35 و 44سنة، وبلغت نسبة الإیرانیات اللواتی تولّین منصب وزیر ونائبة وزیر 4،9% من إجمالی شاغلی هذه الوظیفة فی الوقت نفسه. کان مستوى الأمّیة فی إیران مرتفعاً ارتفاعاً ملحوظاً على الرغم من إدعاءات النظام السابق وکلامه على التحدیث والعصرنة وغیرذلک، وطموحه لجعل إیران دولة تقف فی مصافّ الدول العظمى. والحقیقة أن الدستور رکّز على الحکومة توفیرالفرص التی تتیح للمرأة أن تتعلّم وأن تطوّر نفسها وتُعمل فکرها النیر. وفی نفس الوقت رکّز قادة الثورة جمیعهم دون إستثناء على أهمیة وظیفة المرأة فی العائلة وفی المجتمع کونها مربیة الأمة. وکان الإمام الخمینّی قد رأى منذ البدایة أنّ من الواجب ملاحظة بعض الخصوصیات والعمل بها، مثل رفع مستوى ثقافة المرأة ومستوى تعلیمها، لأنّ النساء کنّ أدنى من الرجال ثقافة، محرومات من ثقافة الإسلام الحقیقیة، والعودة إلى الذات، أی أن تتخلَّ المرأة عن الاعتقاد الخاطئ عن نفسها والذی حمّلتنا إیاه ثقافة الغرب المنحلة. وکان الإمام یرکّز دائماً على أنّ المرأة فی جمیع مراحل حیاتها، یجب أن تعیش کإنسان، ویمکنها أن تصبح کالرجل عالمة ومخترعة وفیلسوفة وعنصراً فاعلاً فی المیادین السیاسیّة والإداریّة والحکومیّة، حیث تابع قادة إیران التأکید بصورة دائمة على أهمیة التعلیم، لأنّ مشکلة الأمیة ما کان یمکن أن تحلّ فی عقد أو عقدین من الزمان. ولقد تبّین منذ الأیام الأولى لإنتصار الثورة أن عدد الطبیبات ضئیلٌ جدًا، ومحصورٌ فی المدن الکبرى؛ لذلک حثّ الإمام الخمینّی النساء على الإنخراط فی جمیع المیادین العلمیّة وبخاصة الطبیة. کما أقدمت لجنة التعلیم العالی فی المجلس الثقافی ـ الإجتماعیّ للنساء، بالمطالبة برفع الإجحاف بحق النساء لمتابعة الدراسة فی أکثر الفروع الجامعیة وتربیة قوى ملتزمة للدخول إلى الجامعة أیضاً. وإزدادت الکتب التی تصدر سنویاً عن دور النشر الخاصة والعامة فی إیران الخاصة بالنساء أو الموجّهة إلیهن أیضاً، والتی تعالج مواضیع عامة ومواضیع خاصة بالمرأة والطفل والأسرة والصحة الجسدیة والصحة النفسیة، وأثر النساء فی الحروب، والنساء البطلات فی التأریخ، إضافة إلى الکتب المترجمة فی السیاسة والإقتصاد والأدب والفنّ. أما بالنسبة إلى الصحف، فقد أعلنت وزارة الإرشاد الإسلامیّ عن صدور 90ترخیصاً لنشر صحف ومجلات بإدارات نسویة فی السنوات الأخیرة، کما أصدرت الوزارة 53 ترخیصاً لنشر کتب النساء الإیرانیات، وقد ألّفت ألف امرأة آثاراً بأشکال مختلفة أخذت طریقها إلى دور النشر. وفی الحقل الأدبیّ أصدرت النساء الإیرانیّات 310 آثار منها 210 أعمال أدبیّة إبداعیّة. ومما یلفت ان الدستور الإیرانیّ یکفل التساوی أمام القانون، إذ یتمتع الرجال والنساء بحقوق متساویة فی العمل و فی الضمان الاجتماعیّ والتعلیم المجانی. وأخیراً طلب الإمام من نساء إیران وبخاصة اللواتی یتولَّین مسؤولیات علمیّة وثقافیّة أن یتحرکن فی إطار القیم الإسلامیة وأن یراعین الحجاب فی سائر نشاطاتهن الاجتماعیة والثقافیة والسیاسیة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,437 |
||