المقاومة جعلت تحصینات الکیان على حدود القطاع جداراً من ورق | ||||
PDF (4873 K) | ||||
لم تکن وسائل التواصل الاجتماعی وثورة الاتصالات والهواتف الذکیة فی حرب تشرین عام 1973 موجودة فی ذلک الوقت لتکشف کل مظاهر هزیمة جیش الاحتلال وکیانه حین عمل على إخفائها عن المستوطنین وعن الذین فتحوا علیه جبهات القتال من الجولان ومن قناة السویس، ومع ذکرى الأیام الأولى لتلک الحرب بعد خمسین عاماً على مرورها، کان الإسرائیلیون فی الخامس والسادس من هذا الشهر الجاری تشرین الأول، یتحدثون علناً عن الثمن الباهظ الذی دفعوه من قواتهم على جبهتی الجولان وجبهة سیناء بعد المفاجأة التی صعقتهم بحرب على جبهتین من الشمال ومن الجنوب، وفی هذه الأوقات فی السابع من تشرین الأول الجاری، لم تتمکن إسرائیل من إخفاء أو حجب مظاهر الهزیمة التی بدأت فصولها تتوالى نتیجة الهجوم المفاجئ الذی شنته المقاومة الفلسطینیة وما کشفه من مظاهر الهزیمة التی یراها أفراد الجیش والمستوطنون بوجود الاتصالات الذکیة ووسائلها المتوافرة، فما أتاحه هذا العامل شکل رافعة معنویة قتالیة للمقاومة وما تحققه بإرادتها القتالیة الهجومیة من جهة، وفرض انهیاراً فی معنویة وإرادة جیش العدو والمستوطنین المسلحین من الجهة الأخرى حین شاهدوا الفدائیین الفلسطینیین فی عقر مستوطناتهم بعد أن فجروا مواقع جیش الاحتلال على حدود قطاع غزة وشقوا طریقهم القتالی وهم ینقلون ما یحدث بهواتفهم الذکیة للعالم کله، بینما کان المستوطنون ینقلون بأنفسهم خوفهم وذعرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعی طلبا للحمایة التی فقدوها بعد مقتل جنودهم. یبدو أن المفاجأة المذهلة للهجوم الشامل المتزامن على جیش الاحتلال من قطاع غزة من البر والبحر والمظلات الجویة ونتائجه على الأرض، أطارت صواب القیادة العسکریة للجیش الإسرائیلی وفرضت علیها بسبب المظاهر العلنیة المکشوفة للخسائر البشریة الإسرائیلیة الاعتراف بمعظم نتائجها، لأن المستوطنین کانوا یرونها بوصول رجال المقاومة إلى عدد من مستوطناتهم، ولذلک کانت أرقام الخسائر البشریة یجری الاعتراف بها بالتدریج ولیس دفعة واحدة فمن 300 من القتلى إلى 350 إلى 500 إلى ٧٠٠ لتتحدث التوقعات الإسرائیلیة أن یصل العدد إلى ألف قتیل والجرحى 2300 بینهم ٣٦٥ فی حالة حرجة جداً، وذلک بعد أقل من ٤٨ ساعة من الهجوم المباغت وبقی العدد باعترافهم قابلاً للازدیاد بسبب عجزهم عن السیطرة على الوضع. أمام هذا الواقع فإن ناحوم بارنیع الذی یعد من الضباط الإسرائیلیین الذین شارکوا بثلاث حروب منذ عام 1967 وحرب تشرین عام 1973 حتى حرب لبنان الأولى عام 1982 وتحول إلى صحفی شهیر فی صحیفة «یدیعوت أحرونوت»، کتب فی الثامن من تشرین الأول الجاری تحلیلاً تحت عنوان: «أربعة مظاهر للتقصیر فی السابع من تشرین الأول 2023»، یعترف فیه بأن «إسرائیل تلقت أربع ضربات مذلة، الأولى هی فشل المخابرات والثانیة هی إخفاقها فی المواجهة والثالثة هی سهولة عودة المهاجمین ومعهم الأسرى إلى غزة والرابعة هی الرد المتباطئ الذی لجأ إلیه الجیش (الإسرائیلی)». ویضیف بارنیع: «لقد کلفت التحصینات ضد القطاع ثلاثة ملیارات شاقل (ملیار دولار تقریباً) وشملت بناء أصعب العوائق من فوق الأرض وتحت الأرض ونشر أجهزة استشعار عن بعد وکامیرات تصویر سریة وفی یوم السبت 7 تشرین الأول الجاری انهار خط الدفاع وتحول إلى جدار من ورق». ودعا بارنیع القیادات العسکریة إلى عدم الانشغال بتبادل الاتهام حول المقصرین وتحدیدهم والترکیز على وضع حل «لأخطر مواجهة تشهدها إسرائیل فی تاریخها». ویتبین من تحلیل بارنیع وآخرین من المحللین العسکریین أن النقص الحاد فی القوة البشریة للجیش (الإسرائیلی) شکلت أحد عوامل التقصیر فی حمایة الجدار المحصن بین قطاع غزة وبقیة الأراضی الفلسطینیة المحتلة عام 1948 لأن عدد الجنود الذین یعززون عمل الأجهزة الحساسة لمراقبة أی اختراق لهذا الجدار کان قلیلاً، ویبدو أن هناک من کان «نائماً فی أثناء الحراسة» ویعترف أن المستوطنین تلقوا ضربة مباشرة بعد انهیار الجدار، انتشرت آثارها فی صفوف ملیون من الذین یقیمون فی مستوطنات قریبة من قطاع غزة حین شاهدوا من نوافذ وحداتهم السکنیة الاستیطانیة جثث الجنود الإسرائیلیین على الطرقات وعملیات نقل الأسرى منهم ومعهم عدد من المستوطنین إلى قطاع غزة. ویرى بارنیع أن حکومة إسرائیل تواجه معضلة الآن لأن تدمیر کل قطاع غزة بالقصف الجوی لن ینهی الوضع الراهن الإسرائیلی وسیعرض القصف الجوی الأسرى الإسرائیلیین للموت لأن الفلسطینیین سیضعونهم على أسطحة المبانی علناً وستجبر المنظمات الفلسطینیة إسرائیل على إجراء عملیة تبادل مذلة. ویبدو من المؤکد أن الکیان تکبد هزیمة کبیرة على المدیین القریب والبعید ما زالت مستمرة بآثارها ومضاعفاتها التی ستلاحق بمفاعلیها جیش الاحتلال والمستوطنین سنوات کثیرة، وتثبت لهم أن الانتصار على شعب هو صاحب الأرض التاریخی، ومعه محور المقاومة وأمة عربیة وإسلامیة لن تهزمه أی قوة إسرائیلیة أو أمیرکیة وأنه ستتحقق أهدافه فی التحریر والعودة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 220 تنزیل PDF: 88 |
||||