رؤیة الإمام الراحل والقائد الخامنئی لدور المرأة فی المجتمع | ||||
PDF (1566 K) | ||||
رؤیة الامام الخمینی لقضیة المرأة لا تنفصل عن تصوّره العام للمجتمع الإسلامی عموماً، فثمّة حضور مباشر لها فی أعماله کافة، والمرأة مفردة من مفردات مشروعه الفکریّ والاجتهادی، تکررت فی إنتاجاته المختلفة، سواء قصد المرأة تحدیداً، أو استخدم أنموذجاً لضرب الأمثلة، أو للوعظ والتوجیه، حیث یؤکد على دور المرأة فی المجتمع: «یجب على المرأة أن تشارک إلى جانب الرجال فی النشاطات الاجتماعیة والسیاسیة»، فنظرة الإمام الراحل للمرأة کإنسانة ولیس کأنثى، ففی النظام الإسلامی تتمکن المرأة بوصفها إنسانة، من المشارکة الفاعلة فی بناء المجتمع الإسلامی جنباً إلى جنب الرجل... وفی مورد آخر رد الإمام الخمینی على سؤال وُجّه له مضمونه أن یدعو إلى عزل النساء عن الحیاة الاجتماعیة، فقال: «إن الإسلام النبوی الصحیح لا یطرد النساء من ساحة الحیاة الاجتماعیة، ولکنه یضعهن فی المجتمع فی مکانهنّ الإنسانیّ الرفیع، بحیث تکون المرأة شجاعة، ویجب أن تتدخل فی مقدّرات الدولة الأساسیة، المرأة صانعة البشر مربیة الإنسان ولا یمکن الاستغناء عنها فی الأمّة، ولو جرّدوا الأمم من النساء الشجاعات والمربیات للإنسان، فسوف تهزم هذه الأمم وتؤدی إلى الانحطاط»، لأنه کان یؤمن أن النضال السیاسی الإسلامی ناقص حتماً من دون مشارکة النساء ویجب أن تشارک النساء مع الرجال والعلماء جنباً إلى جنب فی جمیع المراحل، ولیس لأی أحد الحقُّ فی أن یدعو إلى إبعاد النساء عن التحرکات السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة. وکما یعتبر الإمام الخمینی أن الدور الأساسی للمرأة فی إصلاح المجتمع لأنها الشخص الوحید التی یمکنها القیام بذلک فیقول بکل حماس: یتسم دور النساء فی العالم بسمات خاصة، إن صلاح أی مجتمع أو فساده نابع من صلاح النساء وفسادهن فی ذلک المجتمع، فالمرأة هی الکائن الوحید الذی باستطاعته أن یرفد المجتمع من أحضانه أفراداً بفضل برکاتهم یتمکن المجتمع بل المجتمعات من السیر على طریق الاستقامة والقیم الإنسانیة السامیة ومن الممکن أن یحصل العکس. فالإمام لم یغفل المرأة فی أی خطاب عن أی حقل من حقول المجتمع، فهو یرکّز على أدوارها کلها فی الأسرة الصغیرة من تربیة الأولاد وتنشئتهم الصالحة، ودورها کأم وزوجة ودورها فی انتصار الثورة الإسلامیة، وفی الدفاع عن الإسلام سواء فی جبهة المجتمع أو بمواجهة جبهة الاستعمار، فدور المرأة بالنسبة للإمام الراحل دور مکمّل لدور الرجل وأساسی، ولا یمکن الاستغناء عنه فی أی مجال لما لها من تأثیر فی تطوّر المجتمعات الإسلامیة، والنهضة الاسلامیة إن قامت بما یطلبه الله منهن والتی لا یمکن أی فرد فی المجتمع القیام به سوى المرأة، لأنها صانعة البشر ومربیة الأجیال. إذ کان الإمام یشبّه نساء الثورة بالنساء فی صدر الإسلام من حیث مشارکتهن فی الجهاد ومساهمتهنّ فی تقریر مصیر أمتّهنّ وتقریر مصائرهنّ: «إن وجود نساء ناشطات ومجاهدات، دلیل على تحوّلٍ فی المجتمع شبیه بالتحوّل الذی حدث فی صدر الإسلام، أی فی الماضی، إنها عظمة هذه الثورة التی غیّرت المرأة الإیرانیة على هذا النحو». وقد مثّل هذه الأقوال الإمام فی خطبه، ومن بعده فی خطب السید الخامنئی فی المناسبات المختلفة، کما ظهر فی الصحف والمجلات فی المرحلة التی أعقبت الثورة، عن دور النساء فی الصحوة الاسلامیة. وبعد عدّة سنوات من قیام الثورة، قارن الإمام بین ما کانت علیه أوضاع النساء وما صرن إلیه: «الحمد الله أنّ الشبهات المتعلقة بعقائدنا قد حُلتّ وأزیلت، فجمیع طبقات المجتمع الیوم رجالاً ونساءً مشغولون بالتربیة والتعلیم، والسیّدات مشغولاتٌ أیضاً، وهنّ الیوم جزءٌ من طلبة العلوم الدینیة، وفی أماکن أخرى،...وهذا أمرٌ تحقّق بفضل هذه الثورة، لقد کنّ من قبل کالسجینات، ولم یکنّ یسمح لهنّ أن یدخلن فی مجتمع من عشرة أشخاص، وأن یطرحن قضیة علمیة أو قضیة عقائدیة، الیوم یمکنهن، مع المحافظة على جمیع مظاهر الإسلام، أن یقمن بالدعوة والتبلیغ فی جمیع أنحاء البلاد وحتى خارج الوطن أیضاً». هذه آثار النهضة الإسلامیة فی إیران التی أثّرت على النساء الإیرانیات وعلى کل النساء المسلمات فی العالم، لم یعد یقتصر دورها على البقاء فی المنزل بل انطلقت الى الحیاة العامة ومشارکة الآخرین فی مصیر البلاد وتطویر المجتمع فی کافة المیادین. کما أن الإمام الخامنئی لا یختلف عن سلفه بقضایا المرأة، فقد أولاها کل الاهتمام وفی خطاب موجّه للنساء، یقول: «إنّ یوم المرأة، یعنی النظرة الصحیحة، والقائمة على المنطق، للنساء اللاتی یشکّلن نصف المجتمع الإنسانی، ولو أردنا بنظرة فاحصة مقارنة دور المرأة بدور غیرها، لوجدنا أنّ دور هذا النّصف یمثّل الدّور الأکثر خطورة ودقّة وخلوداً وتأثیراً فی حرکة التاریخ الإنسانی ومسیرته الإنسانیّة نحو الکمال، فقد خلق الله المرأة على هذه الشّاکلة. وقد رکّز الإمام القائد فی هذا الخطاب على دور النصف المهم من المجتمع فی النهضة الاسلامیة، ألا وهو المرأة وخطورة دورها فی التأریخ والمسیرة الإنسانیة لعمری أنها مسؤولیة جمّة على المرأة تحمّلها والعمل على القیام بدورها. کما یؤمن السید الخامنئی بأن النساء فی کل مجتمع بشری سالم، قادرات وعلیهن أن یجدن الفرصة لبذل الجهد والتسابق فی مجال التقدم العلمی والاجتماعی والبناء والإدارة فی هذا العالم فی حدود قدراتهن، وفی هذا المجال لیس أی فرق بین المرأة والرجل. فکلاهما - حسب رأی السید الخامنئی– یستطیع أن یخدم المجتمع ضمن الحدود والقدرات التی أولاه الله تعالى إیاها، لذلک لیس هناک أی تفاوت بینهما فی مجالات الإعداد والاقتصاد والتخطیط والتفکیر ووضع الدراسات لشؤون البلد والمدینة والقریة والجماعة والشؤون الشخصیة للأسرة، فالکل مسؤول وعلى الکل أن یؤدی المسؤولیة. وعند السید الخامنئی لا توجد ساحة معینة لرجل وآخر لنساء یمکنها العمل فی المجال السیاسی، کما العمل الإداری والاجتماعی والبناء: «إذا کانت المرأة تمتلک طاقات علمیة مثلاً أو قدرة على الاختراعات والاکتشافات وکانت مؤهلة لأداء نشاط سیاسی أو عمل اجتماعی، ولم یُسمح لها أن تستغل طاقتها تلک، وأن تنمّی قدراتها تلک، فذلک ظلم، الیوم إذا لم تمارس المرأة المسلمة حضورها فی الساحة، فستبقى ساحة البناء ناقصة وستتعطل مسیرة البناء. وبذلک یؤکّد القائد الخامنئی على دور النساء فی تطور المجتمعات والنهضة الاسلامیة، فیقول: «إن دور النساء فی الثورة کان دوراً أساسیاً وخلال الحرب کان دورهن مصیریاً، وسیکون دورهن فی المستقبل أیضاً مصیریاً إن شاء الله، فإنّ دور النساء لا بدیل له، لذا فإنّ هذا الدور ضروری لأنّ له مستقبلاً، لقد مضى على عمر الثورة ٤١ عاماً، وهو عمر شباب حتى عند الإنسان فما بالک بهکذا مدّة فی التأریخ، ینبغی أن یُعمّر هذا النظام الإلهی لمئات السنین، نحن لا نزال فی ریعان الشباب، المستقبل محتاج لهذا الحضور النسائی فی حشود الحضور الوطنی. فدور المرأة عند القائد یبدأ أولاً بتأدیة دورها کأم فی تربیة الأبناء رسالیة فی رکب المجاهدین والشهداء، وتأثیرها کزوجة بتشجعه إلى متابعة الجهاد، أی دعمها روحیاً لیتمکنوا من اقتحام الساحات الکبرى، وهو من أهم أعمال المرأة لأنها قادرة على قلب الموازین لو أرادت وقامت بالشکل الصحیح، وهذا یعطیها دوراً أکبر من دور الرجل: «إن قیمة المرأة هی أن تجعل جو الحیاة جنّة ومدرسة وجواً آمنا للعروج نحو المعارف المعنویة والمنازل المعنویة لها ولزوجها ولأبنائها، وعندما یستدعی الواجب یمکنها أن تؤثر فی مصیر البلاد، وتلعب دوراً فی تحدید مصیر المجتمع. .. وعلیه فإن دور المرأة مضاعف». ثم یتابع السید الخامنئی بأن دورها فی العمل السیاسی ضروری وذلک بردّه على التساؤل عن جدوى انتخاب نوّاب نساء فی المجلس، وما هی فلسفة هذا الأمر؟: «إن واجبهن هو سدّ الثغرات الموجودة بتأثیر التقالید المنحرفة السائدة فی المجتمع والمتعلقة بالمرأة، ولأنهن أدرى بهذه المشاکل من الرجل، مهما کان الرجال متفهمین لمعاناة النساء ومؤیدین لمطالبهن، فهم لا یستطیعون إدراک المسائل بعمق، وتالیاً وضع القوانین المناسبة لها.... فی اعتقادی إن هذه هی رسالة النساء فی مجلس الشورى الإسلامی، إضافة إلى مسؤولیاتهن بالنسبة إلى القضایا السیاسیة والاقتصادیة وغیرها». وبذلک یوضح السید الخامنئی الدور المهم للمرأة فی النهضة الاسلامیة على کافة المستویات، انطلاقاً من البیت إلى المجتمع فی کافة المیادین التربویة والاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والقضائیة.... ویوجه کلامه إلى کل من لا یرید من المرأة من المشارکة الاجتماعیة، یقول سماحته: «علیهم أن یتعرفوا على الإسلام الحقیقی، لأن من واجب المرأة الشرعی أن تتدخل فی أمور الدولة وأن تدافع عنها، وأن محافظتها على حرمتها ووقارها، وتمسّکها بأصالتها الشخصیة لا یتعارض مع مشارکتها فی أهم مراکز القرار ووضع القوانین، کما کان للنساء مشارکة أساسیة فی ولادة النظام الإسلامی وفی المحافظة علیه». والیوم علینا أن نعرف أن العدو استطاع أن یکتشف هذه المیزة المهمة للرسالیین، فالاستعمار یستخدم وبصورة مجزّأة قوة الجماهیر ومن مختلف القطاعات فی سبیل دعم قوّته الشیطانیة، ومن ضمن هذه القطاعات القطاع النسوی. وهذا ما أطلق علیه سماحة القائد الخامنئی بالحرب الناعمة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 260 تنزیل PDF: 109 |
||||