الدکتورة فاطمة ابراهیمی

علی اعتاب العام الایرانی الجدید وحلول عید النوروز، ینبغی انتهاز هذه الفرصة العظیمة للاستفادة من إمکانیات هذا المهرجان والاحتفال الوطنی لتعزیز التلاحم والاتحاد علی الصعیدین المحلی والعالمی والتعریف بالتراث والثقافة الثرة والغنیة المتمیزة للإیرانیین وهی ثقافة ملیئة بالحب والرحمة للجمیع، وثقافة تدعو للتضامن والتلاحم بین ابناء المعمورة. اما فی السنوات الأخیرة مع الأسف، تم بصورة عامة الأهتمام بموضوع النوروز والثقافات المتعلقة به بشکل رمزی وبشکل عروض مسرحیة، ولم یتم تطبیق السبل العملیة اللازمة لتنفیذ استراتیجیات استغلال هذه الثقافة الوطنیة الغنیة علی نطاق واسع.

طبعا إن مبادرة الأمم المتحدة بتعیین وتخصیص یوم باسم "یوم نوروز العالمی" ومبادرة جمهوریة إیران الإسلامیة بإقامة الاجتماع الأول لکبار المسؤولین فی البلدان الواقعة فی جغرافیة نوروز فی طهران هی خطوات قیمة وجید فی حد ذاتها، ولکن اقامة الاحتفالات الرمزیة فی دول الجوار، والإعلان عن الیوم العالمی لنوروز لایکفی لأستیعاب کل امکانیات وطاقات هذه المناسبة الکبیرة التی وهبها الله ایانا ؟

والان وبعد مرور حوالی ست سنوات على دخول مفردة ومصطلح دبلوماسیة النوروز فی الأدب السیاسی للعالم، یمکن أن تکون هذه الخطوة الیوم عاملاً مهمًا للتأثیرات الثقافیة والاجتماعیة فی العلاقات بین الدول، وخاصة الدول المجاورة، ولکن فی هذه المناسبة ینبغی ان ندرک بان الاحتفال بهذا الیوم لایستطیع لوحده ان یوفر فرص جدیدة لبلدنا ،وان یعزز مکانة إیران فی مجال الدبلوماسیة الثقافیة؟ وهل ان الجمهوریة إیران الإسلامیة تستطیع- من خلال الاستثمار والتخطیط بشکل مناسب لهذا الدبلوماسیة، أن تستخدمها کأحد المحاور الدبلوماسیة النشطة للبلد.

.طبعا فی الوقت نفسه، ینبغی الإنتباه إلى أنه عندما تم تسجیل هذا الاحتفال، کانت جمیع الدول المشارکة فی المنطقة شرکاء فی ذلک ولا ینبغی اعتبار هذا الإنجاز وسیلة لتحقیق أهداف احد بلدان المنطقة فقط. وذلک لأن هذا الاحتفال هو قبل کل شیء محاولة ایجابیة من قبل جمیع دول المنطقة لتعزیز التضامن والتلاحم بینها وحمایة قیمها وتقالیدها أمام الثقافات الأخرى. وایران بدورها، من أجل الاستفادة من دبلوماسیة النوروز فی المنطقة، ینبغی علیها الانتباه إلى هذه الحقیقة وهو أن التنفیذ الصحیح والأفضل لهذه الدبلوماسیة والاستفادة من فوائدها، یتطلب- مثل العدید من المشاریع الثقافیة الأخرى-، الاستثمار والاهتمام الجاد بالقضایا الاقتصادیة للمنطقة. وذلک لأن استغلال المشترکات الثقافیة والتخطیط الصحیح لها یمکن أن یکون مؤثرا فی تمهید الأرضیة اللازمة لتعاون سیاسی واقتصادی واسع النطاق بین البلدان الواقعة فی جغرافیة النوروز .

کما ان على إیران والدول الأخرى فی المنطقة بدلاً من ان یحاول کل منه على حدة لتوسیع نفوذهم الثقافی فی المنطقة وبین البلدان الأخرى فی منطقة "النوروز"، ان یعملوا معا ویستغلوا ثقافتهم، کعامل لمواجهة هیمنة الثقافتین الأمریکیة والأوروبیة. وکذلک لمواجهة الاعلام الذی یحاول تشویه صورة الثقافة الشرقیة والاسلامیة.

ان عید النوروز، هو فی الواقع احتفال بآیجاد وارساء الوحدة، وان مشارکة السلطات الرسمیة لمختلف البلدان فی الاحتفال بالطقوس التقلیدیة لبعضها البعض یمکن أن تکون بدایة للتضامن الکبیر بین شعوب المنطقة، من هنا فأن الاحتفال الکبیر بهذا العید الحضاری القدیم یعتبر صیانة لأحد الأعیاد الوطنیة والإسلامیةً.

وبما أن عید النوروز لیس عیدًا دینیًا، إلا أن الدین الاسلامی الحنیف یوافق علیه ویمجده، وذلک لأنه یتضمن الکثیر من رموز الأخلاق والتقالید الإسلامیة الحمیدة مثل الرحمة والرأفة والطهارة، وهذا العید یوفر فی الواقع فرصة ثمینة للغایة للسفراء الثقافیین لبلدنا للاستفادة من کل هذه المیزات الفریدة، لتوفیر الظروف لفرص مستقبلیة فی مختلف مجالات الدبلوماسیة الثقافیة لربطها بهذا الاحتفال الوطنی واستخدامها لتطویر القیم الوطنیة والإسلامیة.

إن مبادرة الأمم المتحدة بتعیین وتخصیص یوم باسم "یوم نوروز العالمی" ومبادرة جمهوریة إیران الإسلامیة بإقامة الاجتماع الأول لکبار المسؤولین فی البلدان الواقعة فی جغرافیة نوروز فی طهران هی خطوات قیمة وجید فی حد ذاتها، ولکن اقامة الاحتفالات الرمزیة فی دول الجوار، والإعلان عن الیوم العالمی لنوروز لایکفی لأستیعاب کل امکانیات وطاقات هذه المناسبة الکبیرة التی وهبها الله ایانا؟