انتهاک حقوق السکان الاصلیین فی کندا (نظرة خاصة للنساء و الأسر) | ||||
PDF (1214 K) | ||||
تحاول کندا الاضطلاع بدور المتصدی للترویج لحقوق الانسان والدفاع عن حقوق المرأة فی المحافل الدولیة، مستغلة الاجواء العالمیة. بید ان السؤال الذی یطرح هنا، هو هل ان سلوک وتصرفات هذه الدولة فیما یتعلق بمراعاة حقوق المرأة یتطابق مع المواثیق الدولیة الخاصة بحقوق الانسان؟ هل مناصرة کندا لحقوق الانسان وحمایة حقوق المرأة، سیاسة مبدئیة، أم أنها مجرد واجهة بغطاء انسانی، تتطلع الى تحقیق دوافع سیاسیة؟ ربما یستحوذ اهتمام کندا بسن قوانین وتنفیذ سیاسات تدعو الى احترام القیم و المبادىء الانسانیة على اعجاب البعض، غیر ان التأمل بعمق فی حقیقة ما یجری یدل على ان الامر یتعدى الجانب الثقافی. ذلک ان التاریخ الحضاری بالنسبة الى کندا، یرتبط ارتباطاً وثیقاً بالاستیلاء على اراضی السکان المحلیین ومصادرة حقوقهم. إذ ان السکان الاصلیین، و رغم واجهة حقوق الانسان التی یروج لها فی کندا، عاشوا ظلماً قاسیاً طوال سنوات متمادیة. ذلک ان سکان کندا الاصلیین، الذین یمثلون الورثة الحقیقیین للاراضی الکندیة المترامیة الاطراف، لا یتمتعون حتى بالحد الادنى من حقوقهم الاساسیة، ولهذا یواجهون تحدیات متعددة أملاً فی الحیاة الحرة الکریمة. و فی هذا الصدد اعتبر مراقب حقوق الانسان ـ فی تقریر صدر عام ٢٠٢٢ ـ ان احد ابرز انتهاکات حقوق الانسان فی کندا یتجلى فی التفرقة العنصریة، و محاول استغلال السکان المحلیین على نطاق واسع. کذلک حذرت منظمة العفو الدولیة فی العام نفسه، استناداً الى تقریر رابطة النساء الکندیات المحلیات، حذرت من مخاطر اختفاء و قتل النساء و الفتیات من السکان الاصلیین. ومن الواضح ان العنف المستخدم ضد النساء و الفتیات من السکان الاصلیین فی کندا، یشکل نموذجاً بارزاً على انتهاک حقوق الاسر المحلیة الکندیة. حیث تواجه هذه الأسر مستویات مرتفعة من العنف و التصرفات غیر المناسبة نتیجة الانشطة الحکومیة و الفعالیات المتأصلة فی الایدیولوجیات الاستعماریة. و وفقاً لأحد التحقیقات الوطنیة، ان ١٢٠٠ أمراة محلیة قتلت، أو فقدت، فی کندا منذ عام ١٩٨٠ و حتى یومنا هذا. علماً ان بعض الناشطین یرى ان تعداد الضحایا یتجاوز ذلک. و استناداً لما افاده احصاء عام ٢٠٢١ ، ان الفارق بین قتل النساء المحلیات مقارنة بالنساء غیر المحلیات، فارق ملفت و مثیر للاهتمام.(لاحظ الرسم البیانی). کما ان سن قوانین للتمییز بین السکان المحلیین، تنعکس على حیاة الأسرة وحقوق النساء المحلیات ایضاً. و فی هذا الصدد طالبت لجنة مکافحة التمییز العنصری و التفرقة ضد النساء التابعة للامم المتحدة، طالبت الحکومة الکندیة بالغاء القانون الذی یرسخ التفرقة و یستهدف السکان المحلیین، و یترک تأثیره على الاجیال القادمة من النساء للسکان الاصلیین .(٥) علماً ان التمییز ازاء حقوق حمل المرأة المحلیة، یشکل معضلة شاملة تعانی منها الاسر المحلیة فی مختلف انحاء کندا. فمن ناحیة ان الاسر المحلیة لا تتمتع بحقوق متساوی ازاء تأمین حقوق الحمل. ومن ناحیة ثانیة ان النساء و الفتیات المحلیات معرضات الى العقم الاجباری. و لعل احد ابرز الانتهاکات التی طالت الاسر المحلیة، و التی باتت سیاسة دائمة للحکومة الکندیة، تلک التی تمثلت فی الفصل الاجباری للاطفال عن أسرهم. و طبقاً لما تفیده الشواهد و المستندات، ان الحقبة الممتدة ما بین عام ١٨٨٣ الى عام ١٩٩٦، شهدت فصل حوالی ١٥٠ ألف طفل محلی عن أسرهم بالاسالیب القسریة. وکانوا عرضة للتحرش الجنسی والایذاء الجسدی فی المدارس الداخلیة. وان اکثر من ثلاثة آلاف و ٢٠٠ طفل من هؤلاء الاطفال قتلوا فی النهایة بسبب التحرش والایذاء. ولعل الکشف المستمر للمقابر الجماعیة التی تضم بقایا اجساد ٢١٥ طفلاً محلیاً فی (ساسکاجوان)، لیس سوى نموذج صارخ عن انتهاک حقوق السکان المحلیین، وارتکاب جریمة التطهیر العرقی الذی یمارس ضد السکان الاصلیین. ولابد من التذکیر هنا، انه وعلى الرغم من ان السکان المحلیین یتمتعون ـ قانونیاً ـ فی اطار الوثائق الدولیة لحقوق الانسان، بکافة الحقوق والحریات اسوة بغیرهم من بنی الانسان. وان هناک وثیقتان ضمن میثاق الامم المتحدة تتحدث عن حقوق السکان المحلیین. وان المادة ٢٥ من الاتفاقیة رقم ١٦٩ لمنظمة العمل الدولیة، تناولت بشکل محدد دعم وحمایة حقوق السکان المحلیین. رغم کل ذلک، وعلى الرغم من الحکومة الکندیة وافقت على معظم هذه المواثیق والاتفاقیات، وتحاول على الدوام التظاهر باحترامها و الالتزام بها، و تصویر نفسها بأنها البانی و المروج لحقوق الانسان فی العالم، إلا انها لا تألو جهداً فی التلکؤ بعدم تنفیذ تعهداتها الدولیة بالنسبة لحقوق السکان الاصلیین خاصة النساء و الاطفال. وفی ضوء کل ذلک، فان هذا البلد یفتقد المشروعیة لإتهام الدول الأخرى بانتهاک حقوق النساء وتجاهل حقوقهن والمساس بحریتهن. على سبیل المثال، أنه وإثر احداث الشغب التی شهدتها ایران مؤخراً، ان وزیرة الخارجیة الکندیة السیدة ملانی جولی، صرحت بالقول: اننا مطالبون بالتعریف بصوت النساء فی ایران بقوة. ولکن ربما ینبغی للمسؤولین الکندیین، وقبل زعمهم الدفاع عن حقوق المرأة فی ایران، ان یجیبوا عن سؤال: کیف تنظر الآلاف من نساء کندا الاصلیین الى موضوع حقوق الانسان؟ ومن الواضح ان العنف المستخدم ضد النساء والفتیات من السکان الاصلیین فی کندا، یشکل نموذجاً بارزاً على انتهاک حقوق الاسر المحلیة الکندیة. حیث تواجه هذه الأسر مستویات مرتفعة من العنف والتصرفات غیر المناسبة نتیجة الانشطة الحکومیة والفعالیات المتأصلة فی الایدیولوجیات الاستعماریة.
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 204 تنزیل PDF: 104 |
||||