الیوم العالمی للمرأة؛ سحر الکلمات وسراب تکریم مکانة المرأة | ||||
PDF (775 K) | ||||
ان اختیار یوم ٨ مارس کیوم عالمی للمرأة یعود إلى نضال العاملات فی مصنع نسیج القطن فی عام ١٨٥٧ فی مدینة نیویورک الأمیرکیة. فظروف العمل القاسیة واللاإنسانیة وذات الأجور المنخفضة للعاملات اللائی دخلن سوق العمل مع الرجال فی البلدان الصناعیة فی أوائل القرن العشرین، أجبرتهن على مواجهة ومحاربة هذا الظلم بطریقة منظمة ومنهجیة. فی هذا الیوم، قامت عاملات النسیج فی مصنع کبیر للملابس بالإضراب احتجاجًا على ظروف عملهن القاسیة ووضعهن الاقتصادی. وقد بقی هذا الإضراب ذکری فی افکار عاملات النسیج. وفی السنوات التالیة، استمر نضال النساء فی العدید من البلدان الأوروبیة والأمریکیة، علی شکل مظاهرات وإضرابات عمالیة ضد الاضطهاد والتمییز والاستغلال العملی للعاملات، وکذلک من أجل احقاق المساواة فی الحقوق فی المجتمع. وفی وقت لاحق من عام ١٩٧٧، دعت الجمعیة العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمیة للأمم المتحدة من اجل الدفاع عن حقوق المرأة والسلام العالمی. فی هذا المقطع من التاریخ المتعلق بشریحة النساء فی جمیع أنحاء العالم، هناک قضیتان یمکن تحلیلهما وإلقاء نظرة فاحصة إلیها. الأولی، بعد أی أحداث وتطورات اجتماعیة تم إنشاء مقولة تسمى بالیوم العالمی للمرأة وإلاهتمام بها فی المؤسسات القانونیة والإنسانیة الدولیة، ثانیًا، هل حقا انه یتم رعایة موضوع احترام المرأة وإعطاء القیمة لها فی المجتمعات التی تعتبر نفسها من دعاة حقوق الإنسان والمساواة بین الجنسین، وتطرح شعارات رنانة مثل الیوم العالمی للمرأة وتتظاهر بأنها تدافع عن المرأة وحقوقها؟! ان الحق فی الحیاة یعتبر من أهم حقوق الإنسان المعترف بها فی الدیانات السماویة والوثائق الدولیة المعاصرة. وفی الأدیان السماویة، وخاصة الدین الإسلامی، یُعتبر الحق فی الحیاة هدیة من الله لجمیع البشر، رجالًا ونساءً، والی جانب ادانة موضوع وأد الاناث ،یعتبر بان الرجل والمرأة من نفس واحدة، ویبین ویؤکد بان قتل الناس ظلماً جریمة بحق جمیع البشریة (ومن قتل نفسا بغیرحق کأنما قتل الناس جمیعا). فی العصر الراهن، نلاحظ ان بعض النظم القانونیة فی العالم، بما فی ذلک منظمة حقوق الإنسان العالمیة، تحمل نظرة غربیة ازاء الانسان وتنظر الی -کرامة الإنسان-، التی هی أحد مظاهر الحق فی الحیاة، من البعد المادی ولا تتطرق ولاتتحدث عن الکرامة المعنویة القیمة للانسان. ؛ فهم ینظرون إلى الحیاة البشریة من بعدها المادی ویتجاهلون الحیاة الروحیة وابعادها المعنویة. طبعا لا أحد ینکر هذه الحقیقة بأن الله هو مالک الحیاة والموت، ولیس للإنسان ای قدرة فی السیطرة على الحیاة أو فقدها. وعندما یتناول القرآن الکریم موضوع الرجل والمرأة، فإنه ینص على عدم النظر الیهما ومعرفتهما کذکر او أنثی، بل ینبغی النظر الیهما من جانب إنسانیتهما، فالروح هی التی تشکل حقیقة الإنسان ولیس جسده، وان إنسانیة الإنسان هی روحه ولیست جسده ولا حتى مجموع جسده وروحه. على الرغم من أن الاعتراف بمبدئیة الکرامة الإنسانیة یحظی بخلفیة تاریخیة مدیدة وان الأدیان قد تطرقت وتحدثت عنها، نلاحظ إن تاریخ الإنسانیة یروی لنا حالات شاذة کثیرة من انتهاک کرامة الإنسان، مثل ارتکاب المجازر والدمار والحرب والاستغلال والعبودیة والقسوة والاغتصاب. وعلی هذا الصعید تم دائمًا سحق وانتهاک کرامة الإنسان. وحسب مانقلته الروایات التاریخیة والوثائق والکتابات القدیمة التی خلفتها الأجیال السابقة والأسلاف لنا نلاحظ ان فی معظم المجتمعات القدیمة، کانت المرأة محرومة من العدید من الحقوق المادیة والروحیة، ومنها: الحق فی التجارة، وممارسة المهن، والملکیة، واختیار الزوج، وغیرها من الحقوق. وتأسیسا علی ذلک، أکد بعض علماء الغرب المعاصرین بأن أکبر تهدید یواجه المجتمع والثقافة الغربیة الحدیثة هو تجاهل موضوع حق الحیاة. فتجاهل شخصیة وکرامة المرأة، واستخدامها کدمیة واستغلالها من الناحیة الجنسیة، الذی کان واضحًا وجلیًا منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدایة القرن العشرین، دفعت الحکومات من خلال العدید من الوثائق الدولیة التی وقعتها هذه البلدان، ان تواجه هذه القضیة وتجد حلولا منطقیة لهذه المأساة التی کانت تهدد حقا المجتمع البشری. فالمرأة الغربیة الذی قضت سنوات مدیدة فی النفق المظلم والرهیب لأفکار القرون الوسطى. نراها الیوم حیث تم إزالة هذا الظل، اصبحت اسیرة لما یسمی بالحداثة و استسلمت ارادیا ومن غیر وعی للأسر، ومن تداعیات هذا الاسر هو الإجهاض والانتحار والقتل وما إلى ذلک. ویبدو أن الإمبریالیة الغربیة، من خلال تجاهل هذا الحق الإلهی، تسعی لتحققق المزید من المنافع والمصالح المادیة، وان إساءة معاملة المرأة واستغلالها، واطلاق شعار الدفاع عن حقوق الإنسان، تستهف فی الأساس تدمیر هذا الحق ونری الیوم تداعیاته فی معظم الدول الغربیة. و بعبارة أخرى، عندما یتم توجیه الحیاة الدنیویة نحو العبثیة ویتم تجاهل الاخلاق المعنویة والأسس الروحیة للحیاة، فإن النتیجة ستکون بلا شک رهیبة وسیتم تمزیق وتدمیر الهویة الأصلیة للبشریة وابادتها. القضیة الأخرى هی أنه على الرغم من أن الاحتفال بیوم المرأة فی عام ٢٠١١ لم یکن یحظی بأهمیة خاصة بالنسبة للغرب، الا انه تم اقامة احتفالات فی أکثر من ١٠٠ دولة فی ٨ مارس ٢٠١١ بمناسبة الذکرى المئویة للیوم العالمی للمرأة. وفی الولایات المتحدة، أعلن الرئیس السابق باراک أوباما بأن مارس ٢٠١١ هو "شهر تاریخ المرأة" وطلب من الأمریکیین الاحتفال بیوم المرأة من خلال التفکیروالتأمل فی "الإنجازات الخارقة للمرأة فی تشکیل تاریخ هذا البلد.. کما أطلقت هیلاری کلینتون، وزیرة الخارجیة السابقة لهذا البلد، عشیة الیوم العالمی للمرأة". مبادرة تستهدف حسب تعبیرها (تعزیز قدرات النساء والفتیات من خلال التبادلات الدولیة).،فی النظرة الأولى، یمکن أن تبدو هذه العناوین وهذه المبادرات -التی طرحها وقام بها اناس مثل أوباما وکلینتون- جمیلة وملفتة للنظر، لکن عندما نلقی نظرة عابرة علی خلفیة وسیرة هاتین الشخصیتین نلاحظ انهما من اکبر المجرمین وانهما من الذین قاموا بتأسیس اکبر الجماعات إجرامًا فی العالم، وهی جماعة داعش الإرهابیة. ناهیک عن حجم الجرائم الهائلة التی تم ارتکابها فی مختلف ارجاء العالم بأمر وقرارمنهما. رئیس التحریر | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 223 تنزیل PDF: 110 |
||||