تطور القطاع السیاحی فی إیران | ||||
PDF (1222 K) | ||||
مما لاشک فیه ان الثورة الاسلامیة فی ایران تمکنت رغم کل التحدیات التی واجهتها خلال اکثر من اربعة عقود(٤٣عاما ) من احداث الکثیر من التغییرات الجذریة وتحقیق انجازات باهرة على مختلف الاصعدة العلمیة والتقنیة والطییة والعسکریة والعلوم والصناعات الفضائیة وکذلک فی جمیع البنی التحتیة، ومنها القطاع السیاحی ،و رغم إن القطاع السیاحی حقق إنجازات کبیرة خلال العقود الماضیة ، لکن لازال هناک مجال واسع لتحقیق المزید من النجاح کی تتوصل ایران للمکانة التی تستحقها عالمیا، نظرا لطاقاتها السیاحیة الجمة، واتساع رقعتها الجغرافیة واحتوائها على اهم المواقع الاثریة فی العالم اضافة الى غناها بالاماکن الطبیعیة الساحرة. فالسیاحة الیوم تعد من الصناعات المدرة للأرباح وهی تشکل اهمیة کبیرة لدى المسؤولین وذوى الشأن فی البلاد، بحیث أنهم یسعون لإستبدالها بالصناعات النفطیة، إذ أنه فی الکثیر من الدول فی العالم یحتل القطاع السیاحی المرکز الاول من حیث العائدات والارباح الإقتصادیة. ورغم الطاقات الموجودة فی ایران جغرافیا وثقافیا وتاریخیا، لم تنل ایران مع الاسف ما تستحقه من مکانة سیاحیة فی العالم لعدة اسباب مثل العقوبات المفروضة والحرب الایرانیة ــ العراقیة ومحاولات الدول المناهضة لسیاسات ایران لتشویه سمعة ایران ونقل صورة سلبیة غیر حقیقیة عنها وعن الاوضاع فیها. طبعا بعد اشاعة ثقافة السفر وتوفیر البنى التحتیة التی تتیح للجمیع إمکانیة السفر بسهولة باتت الرحلات السیاحیة الداخلیة جزء لا یتجزأ من حیاة الاسرة الایرانیة.کما تم خلال السنوات التی تلت انتصار الثورة المصاقة على أکثر من ٦٠٠ قانون وقرار ومشروع وخطة عمل وما الى ذلک فی مجال السیاحة والسفر، وحسب ما أفصح به قسم شؤون الإستثمار فی منظمة السیاحة والتراث الثقافی أن قوانین ایران فی مجال الإستثمار الاجنبی تعد من الاکثر تطورا بالعالم، کما أضاف انه قبل الثورة الاسلامیة کانت فئة مجتمعیة خاصة تتمکن من القیام برحلات سیاحیة، لکن الیوم نرى أن جمیع الأسر تستطیع أن تسافر مرة واحدة فی السنة علی الاقل. وفی اشارة الى البنى التحتیة التی أعدت خلال الاعوام الماضیة من أجل تسهیل السیاحة والسفر، صرح قسم شؤون الإستثمار أنه یوجد اکثر من ٢٥٠ مجمعا خدمیا ورفاهیا تم انشائها فی الطرق الرابطة بین المدن والمحافظات، إضافة الى ٢٧٠ حدیقة ضخمة على مستوى البلاد والعدید من الحدائق داخل المدن الایرانیة. وهذا الامر ساهم بدوره فی تسهیل وزیادة نسبة الرحلات الداخلیة، حیث تشیر إحصائیات الاعوام الماضیة وخاصة قبل انتشار جائحة کورونا ، التی نشرتها منظمة السیاحة والتراث الثقافی، أن عدد زوار بعض المدن الایرانیة سنویا قد تزاید بشکل کبیر ، وعلی سبیل المثال نلاحظ ان عدد الایرانیین الذین قصدوا مدینة مشهد خلال عام واحد (عام ٢٠١٦ علی سبیل المثال) قد تجاوز التسعة ملایین ،اضافة الی أن أکثر من ملیون شخص من دول أخرى وسیما دول الجوار زاروا هذه المدینة فی نفس العام، وهذا بحد ذاته یعتبر رقما قیاسیا مقارنة بالکثیر من المدن السیاحیة المعروفة فی العالم.خاصة فی ظل محاولت وسائل الاعلام المناهضة للثورة ولسیاسات الجمهوریة الاسلامیة التی کانت ولاتزال تنقل صورة سلبیة عن ایران وعن أوضاعها الأمنیة لتمنع السیاح من السفر الی ایران ، لکن رغم کل محاولات الاعلام التضلیلی نلاحظ إن الکثیر من السیاح الاجانب یتوافدون کل عام الى ایران، لمشاهدة آثارها التاریخیة وزیارة اماکنها المقدسة والاستمتاع بطبیعتها الخلابة المتنوعة.والشیء الذی یثیر الانتباه ویجدر ذکره هو أن معظم السیاح الذین زاروا ایران صرحوا علنا عند عودتهم الى بلدانهم بهذه الحقیقة وهو ان ما یحکى عنه فی وسائل الاعلام الغربیة عن ایران،هو مجرد أکاذیب وإفتراءات، کما أشادوا بالأمن السائد بالبلاد وبالتطور التی توصلت الیه ایران على مختلف الأصعدة، معترفین بأن ماشاهدوه ولمسوه عن قرب فی ایران یتناقض تماما مع الصورة التی رسمتها مسبقاً وسائل الاعلام فی عقولهم ومسامعهم. وجهات سیاحیة لم تکن تحظی بالإهتمام من قبل ومن اللافت ان أماکن مثل المبانی والدور التاریخیة، البقاع المتبرکة، مقابر الشخصیات الدینیة والعلماء والشهداء والشعراء وغیرهم من الشخصیات التاریخیة، دور العبادة ومعابد النار والکنائس، الأسواق العتیقة، القرى التاریخیة، التلال والقلعات والابراج والحمامات والمساجد والمدارس وغیرها من الصروح التاریخیة، الصحراء والموانیء والمغارات والبرک والمستنقعات وینابیع المیاه الساخنة والشلالات والودیان وغیرها من المعالم الطبیعیة، لم تکن فی السابق تعتبر من المقاصد السیاحیة فی البلاد التی یمکنها ان تسترعی انتباه الانسان ، لکن بعد الثورة الاسلامیة والإستثمارات التی وظفتها الحکومة فی ٤٠١ بقعة فی انحاء ایران، تحولت هذه الاماکن الى وجهات سیاحیة تستقطب السیاح من داخل وخارج البلاد. الى جانب الأماکن المذکورة تم الاستثمار لإنشاء أنواع اخرى من الوجهات السیاحیة الحدیثة مثل المنتجعات الدولیة للتزلج، مضامیر سباق السیارات، الطیران المظلی، حدیقة الدایناصورات، البحیرات والشلالات الاصطناعیة، الحدیقة الوطنیة للنباتات والطیور، والمتاحف وغیرها من المنتجعات السیاحیة. کما تم بعد الثورة الاسلامیة تأسیس منظمة السیاحیة والتراث الثقافی والصناعات الیدویة التی تمارس أنشطتها تحت اشراف رئیس الجمهوریة. وقد أصدرت هذه المؤسسة حتی الان رخصة عمل او ممارسة النشاط لما یقارب نحو ٤٨٠٠ مکتب للخدمات السیاحیة، کما ان الشؤون الخاصة بدخول وخروج المسافرین تقع على عاتق الجهات المتصلة بالمنظمة المذکورة. وفیما یتعلق بشؤون السیاحة فی ایران،ینبغی القول إن ایران تمتلک مناظر جمیلة تضم الغابات الکثیفة وسلاسل الجبال والانهار المتدفقة والصحاری الجمیلة فضلا عن الاثار التاریخیة والثقافیة والحضاریة والصناعات والحرف الیدویة والتی تعد جذابة لای سائح فی العالم. کما تمتلک ایران أکثر من ٧٠٠ متحف حکومی وغیر حکومی لانظیر لها على صعید الثراء الثقافی والحضاری والتاریخی کما انها تمتلک أکثر من ٣٥٠ نوعا من الحرف الیدویة. وفیما یتعلق بالکوادر التی تعمل فی القطاع السیاحی ،فقد بادرت ایران خلال السنوات الماضیة- ولأول مرة فی تاریخها-بأطلاق دورات تعلیمیة تخرج منها حتی الان ثلاثون الف مدیر فنی للمکاتب والمؤسسات الخاصة بالخدمات السیاحیة فی البلاد، وکل هؤلاء باتوا یمارسون مهنتهم بشکل حرفی لتقدیم أفضل مستوى من الخدمات الرفاهیة للسیاح. ومن التطورات التی شهدتها البنى التحتیة الخاصة بالقطاع السیاحی هو تزاید عدد الفنادق بنسبة ٤٠٠ فی المئة بحیث وصل عدد الفنادق من ٢٩١ فندقا فی عام ١٩٧٨ الى اکثر من ١٢٠٠ فندق فی الوقت الحالی طبعا هذا ماعدا دور الضیافة والمراکز السکنیة الخاصة بالسیاح التی یصل عددها الی رقم کبیر ایضا.. قبل الثورة لم یکن فی ایران سوی معهد دراسی واحد للسیاحة وکان یدرس فیه موضوعی السیاحة فی ایران وإدارة الفنادق ، لکن بعد التحول الکبیر الذی تلى الثورة فی هذا المجال، تم تأسیس أکثر من ١٠٠ مجموعة دراسیة وعلمیة فی مختلف الجامعات، وهذا الامر ساهم بلاشک فی ازدهار هذه الصناعة وارتقاء مستواها الکمی والکیفی. کما تم بعد الثورة تزاید اهتمام الجامعات الایرانیة ومراکز التعلیم العالی بتربیة واعداد الکوادر المهنیة فی هذا المجال، بحیث یوجد الیوم أکثر من٣٠٠ عضو ضمن هیئة التدریس ومئات المدرسین الذین تم تدریبهم لتعلیم وتدریس فرع السیاحة، وهذا الجحم من الکوادر یوفر فرصة الدراسة لـ٢٠ الف طالب فی هذا المجال سنویا ، الى جانب توفیر فرص عمل بمجال السیاحة لأکثر من ١٠٠ الف شخص فی الوکالات والجامعات وما الى ذلک. یذکر انه قبل الثورة الاسلامیة کان یوجد ٤٠ دلیلا سیاحیا فی البلاد، بینما حالیا یوجد اکثر من ٧ الاف شخص لدیه تصریح لمزاولة مهنة الارشاد السیاحی فی البلاد، وذلک بفضل تواجد المراکز التعلیمیة التی ساهمت فی اعداد ٥ الاف و٣٠٠ شخصا لإدارة الفنادق. وقد بلغت ایران فی الواقع درجة من التطور فی مجال السیاحة بحیث تم تعیینها ولأول مرة فی منصب نیابة رئاسة الجمعیة العامة لمنظمة السیاحة العالمیة فی عام ٢٠١٣، کما اصبحت عضوة فی اللجنة التنفیذیة ولجنة تقییم الاعضاء المنتسبین لهذه المنظمة منذ عام ٢٠١٤ حتى الان . السیاحة العلاجیة بأیران قبل الثورة الاسلامیة کان یوجد الکثیر من الاطباء الاجانب لاسیما من الهند والفلیبین یمارسون مهنتهم فی ایران، لکن الیوم باتت ایران من البلدان المتفوقة فی مجال الطب، حیث ان الکثیر من أتباع البلدان الاخری، ولاسیما سکان دول المنطقة یتوجهون إلى ایران، لتلقی العلاج وإجراء العملیات الجراحیة الضروریة أو التجمیلیة، حیث إستقبلت ایران فی الفترة الاخیرة أکثر من ٢٠٠ الف سائح قاصدا ایران طلبا للعلاج. ومن ضمن مؤشرات تقدم ایران فی مجال السیاحة فی العقود الاربعة الماضیة هو أن مدینة تبریز شمالی غربی ایران أختیرت کعاصمة السیاحة فی العالم الاسلامی لعام ٢٠١٨، کما أن مدینة همدان الواقعة فی شمال غربی ایران هی الاخرى تم أختیارها العاصمة السیاحیة فی آسیا فی عام ٢٠١٨، وقدمت مدینة مشهد المقدسة الواقعة فی شرق ایران بعنوان العاصمة الثقافیة للعالم الاسلامی فی عام ٢٠١٧، کما أن مدینة اصفهان تم اختیارها العاصمة الثقافیة للعالم الاسلامی عام ٢٠٠٦ایضا. ان ما أشرنا الیه فی هذا المقال هو جزء بسیط من حجم التقدم الذی حققته ایران بعد الثورة الاسلامیة فی مجال السیاحة ، إذ لایسعنا فی هذا المقال ذکر الکثیر من المشاریع والمکاسب والأنجازات التی تم تحقیقها فی هذا المجال وخاصة علی صعید الجهود التی بذلتها الجهات المعنیة لمکافحة ظاهرة التخویف من ایران، وتقدیم صورة حقیقیة وواقعیة عن ایران، التی تتمتع بدرجة عالیة من الامن والسلامة والاستقرار والامکانیات الهائلة التی قلما نجدها فی مکان او بلد آخر. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 414 تنزیل PDF: 160 |
||||