طهران التی سحرتنی بشبابها واناقتها وتوثبها برغم الحصار.. | ||||
PDF (2458 K) | ||||
میخائیل عوض فی عصر یوم بارد ممل هاتفنی د. یحی غدار یستمزجنی زیارة لطهران بمناسبة احیاء سنویة فارس المقاومة - شهید القدس قاسم سلیمانی فالدعوة للمشارکة بالمناسبة ولعقد اجتماع للهیئة التنفیذیة للتجمع العالمی لدعم خیار المقاومة، هنأته على الفرصة المتاحة للتجمع، وللدور الکبیر الذی تراه فیه ایران ولتکریم التجمع وشخص امینه العام د غدار على ما بذله ونشاطه ومسیرته فی دعم المقاومة واشهار ثقافتها وقضیتها، واستأذنته بعض الوقت لأقرر المشارکة من عدمها، فالظروف قاسیة والاهتمامات کثیرة فی ظروفنا المأزومة الى حد فقدان ابسط حاجات الحیاة واولویاتها ثم حسمت فالفرصة متاحة للتعرف على ایران من قرب وبتماس مباشر بعد فرض العقوبات والحصار غیر المسبوق علیها وللتثبت مما یقال ویثار عن ازماتها الکارثیة وجوعها وافتقادها لأبسط الحاجات. المشارکین من لبنان او عبره عدد محدود برغم ان اعضاء الهیئة التنفیذیة للتجمع توافدوا الى طهران من ارکان الارض الاربعة ومن القارات السبع الا ان الحصار القاسی لإیران فرض السفر لوفدنا من لبنان على دفعتین وبخطوط طیران مختلفة مع فترات انتظار قاتلة لطولها وثقلها فی مطار دبی ومطار الدوحة. ومذ حسمت المشارکة بالوفد وذهنی منشغل بحجم ما سنلقاه من متاعب وفوضى وعدم انتظام للرحلة وجدول اعمالها وللمعاناة المتوقعة تحت ضغط الدعایة التی تستهدف ایران وانماط عیش شعبها . یستقبلک مطار طهران بخجل وشبه اعتذار فأنواره خافتة والکثیر من بواباته واقسامه مطفأة وعدد الطائرات والعاملین محدود بالمقارنة مع عجقة مطار دبی برغم الفارق الفلکی بین ایران ودبی، فتقع اولى المفاجأت بیسر وسهولة الاجراءات وابتسامات العاملین وحیویتهم وکم الترحیب بالزائرین وباللغة العربیة، وما ان اطلینا على الخارج حتى وجدنا فتیان باسمین یصافحوننا بحراره ویرحبون بنا ویجمعون الحقائب ویسوقنها الى الحافلة الحدیثة الطراز والمعدة بإتقان لنقلنا الى الفندق وهناک وحالما وصلنا دعانا المضیفون الانیقون والحیویون جدا الى تناول القهوة والشای والعصائر الطازجة والى طاولة الطعام مع عبارات الاعتذار والتبریر وطلب المعذرة عن معاناة السفر الاضطراریة بنتیجة الحصار الجائر. . المنطقی ان تزول الغمة وان تنسى معاناة الرحلة المرهقة ونبدأ برحلة اکتشاف ایران المولودة من رحم الحصار.وتتزاحم الاسئلة فی ذهنک والدهشة تجتاحک؛ فالفندق خمسة نجوم معززة، والحیاة العصریة واضحة وانتشار البیانو فی کل الردهات وحیث جلست فالأرائک مریحة تدلف الیک نادلة مبتسمه تلقی السلام وتسأل عن رغبتک من الطلبات واللافت حجم التنوع فی المشاریب الباردة والساخنة والحلویات بأصنافها الکثیرة وکذا تجد الکرم ووفرة وتنوع الوجبات فی بوفیه الترویقة والغداء والعشاء المزدحمة بعشرات الاصناف مما لذ وطاب، فتلتفت وتسأل صدیقک الذی کان فی باریس منذ ایام هل طهران هذه محاصرة وجائعة وینقصها الکثیر؟؟؟ یجیبک بحزم انها افضل من باریس واکثر شبعا واناقة والاهم انها مقتنعة بنفسها وتعرف طریقها وتصیغ مستقبلها على هواها وبما یناسبها، والمقارنة بباریس والعواصم الاوروبیة والعالمیة لم یکن حافزها الفندق والطعام والفرش والخدمة فحسب بل نظافة الشوارع وخدماتها والارصفة التی استدرجتنا یومیا لساعتین من المشی والتأمل بمعالم الابنیة وبحرکة الناس واناقتهم فالکل مبتسم ویلفتک هندسة واجهات المحلات والمعروض فیها من ثیاب واوانی ومفروشات واغذیة وادویة وخلافها وجلها من مارکات عالمیة او توازیها جودة وتصمیم بلمسة فارسیة رائعة فی التحف المطعمة بالفیروز والکهرمان ونوادر المعادن التی تزخر بها ایران وتجید صقلها وتصنیعها اید ماهرة وعقول مبدعة وصابرة بتقالید مکتسبة من مهنة صناعة السجاد الأیرانی، ویلفتک تنوع محال صناعة وبیع المأکولات الجاهزة ونظافتها واناقة معروضاتها فترى صورة بیروت والداوون تاون ایام عزها وجمهرة الفتیات والفتیان فی مقاهی الرصیف ویطول السهر حتى ساعات الفجر وانت تسترق السمع فستسمع اغانی وموسیقا بأصوات مطربین عرب وفرس وأوربیین وامریکان تختلط بقهقهات الشباب الذین یمارسون حیاتهم الطبیعیة وتشع من تصرفاتهم الفرحة والامل بالمستقبل والاطمئنان للغد، ولن یشغلک البحث کثیرا على حال المرأة فی ایران فستجدها شریکا محوریا فی الحیاة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة وقد اعطتها الثورة والدستور حقوقها ومکانتها وعززت من احترامها فهی شریک فی مؤسسة العائلة فالزواج لا یعقد الا بموافقتها وکذا الطلاق، وان قرر الزوج تعدد الزوجات فهذا مشروط بموافقتها امام القاضی وعلنا، ولها فی الارث وحقوقها محفوظة بما حصلت من جهدها وعملها ولا تتفاجأ ان صادفتها تقود سیارة الاجرة او معدة ثقیلة وحافلة، وجمالهن موصوف وتظهره الاناقة والاهتمام فحجم حضور المرأة فی الحیاة العامة وما لها من حقوق وحریات تجعلک تفترض ان المجتمع الایرانی مؤنث. نظافة طهران وهندستها المعماریة واناقة ابنیتها واتساع شوارعها والارصفة وتخدیمها المتقن بما فی ذلک الشوارع الخلفیة والحواری وتمازج اجیالها وهندستها توثق لک انها عریقة عتیقة مخدمة بإتقان وتزداد شبابا لتناطح السماء بحثا عن مکانتها تحت الشمس ولم یغریها او یقعدها عن تشیید الابنیة والحدائق العصریة انها تربعت فی التصنیفات العالمیة کأجمل وانظف رابع مدینة فی العالم یزینها برجها ومتحفها العسکری وشوامخ مجسمات صواریخها الحاملة للأقمارالصناعیة والدقیقة الاصابة للدفاع عن ایران وحلفائها، وتنتشر مشافیها کالجامعات وتصادفک اینما ذهبت لتذکرک بالفتوحات العلمیة والطبیة التی حققها علماء ایران وخبراءها وتفوقهم فی علوم الفیزیاء والکیمیاء والطب والهندسیات والابحاث والاکثر اهمیة ودلالة ان جل علمائها والنوویین منهم تحت سن السابعة والعشرین وتلک میزة ودلالة على ما ستکونه بعد سنوات . فان نظرت الى الوجوه تنتابک موجة امل وتجتاحک عاصفة الثقة فکلها تشی بالثقة والفرح وان تأملت قامات الشباب والشابات تجزم بانک امام شعب شبعان” لا یعانی من الجوع وفقدان الاساسیات” وله القدرة على اقتناء وارتداء احدث المودیلات وارقى انواع المصنوعات وفی الایدی هواتف من مارکات عالمیة وطرازات حدیثة کهواتف الای فون والای باد ولاب توبات الماک ومشتقاتها.. بیسر وسهولة وبسرعات تنساب الانترنت وتشع الانوار التی تضیء لیالی طهران والشوارع والحواری فتخالها تعرض علیک باقات من النور والانترنت لتأخذها معک الى بیروت ودمشق لتبدید العتمة وانقطاعات الشبکات والکهرباء. (فطهران تقوم على مساحة تزید عن ال١١ الف کیلومتر مربع ای بمساحة لبنان، وعدد روادها نهارا یزید عن ٢٠ ملیون وسکانها الدائمون یربو عن العشرة ملابین ای ما یقارب ضعفی عدد سکان لبنان) وبعد ایام من الزیارة تحفزک الافکار والتساؤلات المزدحمة لتسأل اخرین، ماذا یلفتک بهذه الزیارة فتجمع الاجابات انها طهران متألقة وشابة ومطمئنه لیومها وغدها لا ینقصها شیء لتتربع على عرش العواصم جمالا واناقة ونظافة وهمة وتوقد.. وان تحمل السؤال الى مضیفیک والمسؤولین بمراتبهم المختلفة عن سر تألق وشباب طهران وما الجدید الذی غیر فیها ویقدمها على هذا النحو العصری والشبابی یبتسم ویلتفت یمینا ویسارا فلا یعرف السر لأنه یعیشها یومیا ولم یلحظ ما لاحظته انت الزائر بعد سنوات انقطاع ویعدک بان یدقق ویبحث. وتفیض الاسئلة عندما تغادر طهران الى کرمان الموصوفة بعاصمة المقاومة الاسلامیة لعدد شهدائها ولدورها فی الثورة والحرس والحروب ومحافظة کرمان بمساحة ١٨١ الف کیلو متر مربع ... تخیل؛ تساوی مساحة سوریة و١٨ مرة مساحة لبنان ومصنفة على لائحة التراث العالمی وبرغم ان جبالها الشاهقة جرداء وجغرافیتها ومناخها صحراوی تفتقر الى الغطاء النباتی الا انها تتربع على عرش تاریخ ایران وفارسیتها والمحافظة الاکثر ثراء وانتاجا للمعادن الثمینة والفیروز والرخام والحدید وما ان تهبط فی مطارها الذی یبعد عن طهران ٨٠٠ کیلو متر حتى تتلمس طیب الحیاة والحیویة والنشاط العارم لأهلها وعندما تجوب شوارعها العریضة وارصفتها وتنظر الى هندستها وابنیتها فستراها توأم طهران وکل ما اجتمع وتحقق للعاصمة یتوفر فی المدن والحواضر الایرانیة، ثم تسوقک الرحلة الى مقبرة شهداء کرمان المتسعة والمحتضنة من شواهق جبالها فتجد نفسک فی غابة من الاشجار کواحة فی وسط الصحراء بشوارع متسقة وساحات واسعة مخدمة ومصانة فقد قررت الثورة وقیادتها تکریم الشهداء وتخدیم قبورهم کما لو کانوا احیاء بل اکثر وفی عرفها هذا اقل الوفاء، وفی الطریق المزدحم بالناس الى قبر فارس المقاومة وشهید القدس سلیمانی یستقبلک قادة الحرس والجیش مصفوفین على الجانبین بابتسامة وترحیب وافتخار بالشهداء وتکریم فائض لضیوفهم وتعزف فرقة الشرف نشیدها والقبضات على الصدور وبین الاضرحة تمر فی ساحة الاحتفال فتجد ضریح سلیمانی محشورا بینهم وشواهد قبورهم متساویة تماما یمیز قبر سلیمانی غلاف زجاجی لیضیء عبارة؛ الجندی فی جیش الولایة استشهد بتاریخ.. فقد اوصى بإلحاح ان یدفن بجوار الشهداء وان ینعى بصفته جندیا لا جنرالا فکل شهید یرتقی الى رتبة قائد باستشهاده بحسب عرفه ونهجه. وبعد ان تلقی التحیة وتقرأ الفاتحة لروحه ولرفاقه یصحبک المرافقون المهذبون الى المنصة وساحة الاحتفال وقد خصص لکل ضیف کرسی تربع بین قبور الشهداء ولإتمام الاحتفال یعتلی المنبر قارئ یتلو آیات قرأنیة بصوت رائع وبأداء مذهل ثم فرقة الفتیان متدرجة الاعمار تنشد بأبداع وبأصوات رائعة الاداء والنغم فیتلوا امین عام التجمع العالمی لدعم خیار المقاومة کلمته التی شدت انتباه الجمیع بعباراتها المسبوکة ولغتها المحکمة ومضمونها العلمی والمنهجی فقد اعدت المنصة والاحتفال خصیصا للتجمع العالمی ووفده ولکلمة امینه العام. ویصحبک المرافقون الى جامعة (ازادی) للمشارکة بمؤتمر علمی عن مدرسة القائد سلیمانی وفی الساحة وصولا الى القاعة الفسیحة والمجهزة بأحدث التجهیزات تستعرض نتاجات طلاب الجامعة وابدعاتهم وفتوحاتهم العلمیة والصناعیة والزراعیة والانشائیة وکما فی منصة الاحتفال وفی المقبرة کذلک فی قاعة المؤتمر الاتقان والتنظیم والاستثمار بالوقت یلفتک ویحاکی الاجابة على اسئلتک. من المؤتمر الى الغداء المتنوع الاصناف والوجبات والحلوى والمشاریب وبعدها تقودک القافلة الى منزل الشهید سلیمانی الذی حوله فی حیاته وبإرادته ورغبته وبإشرافه الشخصی حیث توفر له الوقت الى مسجد وحسینیة لأحیاء المناسبات الدینیة وقد اعتاد استقبال الناس فی الصالة وهو واقف لساعات وقد احتل تمثال له ذات المکان بابتسامته الواثقة والحکیمة، وتسیر بک القافلة مرة ثانیة الى مقبرة الشهداء وقد اسدل اللیل ستائره وعندما نصل تفاجئنا حشود بعشرات الالف تتقاطر من عدة شوارع الى المقبرة لإقامة مراسم العزاء الحسینی وعلى جانبی الطریق منصات ضیافة للشای والقهوة والمشاریب والأطعمة فللشهید القائد سلیمانی مکانة وقیمة سامیة، ومراسم المسیرات الحسینیة فی کرمان تدوم لخمسة عشر یوما ما ینبئک بان المقبرة ستکون یوما مرقدا تأمه الملایین لتحی المناسبة ولتعظیم الشهداء والقادة. یوم کرمان غنیا وثریا بحصاده وتعطر برفقة اعزاء تقدمتهم السیدة الانیقة الاکادیمیة والشابة الأستاذة مروة عثمان بهیبتها ومحیاها وتوثبها وحضورها الذهنی المتقد. ویسوقک التفکیر الى المزید من الاسئلة وللمزید من التثبت من حقیقة ان ایران تحت الحصار اکثر اکتفاء واعرض ابتسامة واعمق تصمیما على التمایز والبناء، وکشأن طهران کرمان والمدن والحواضر الایرانیة..... فی رحاب مصلى طهران حیث امتدت المساحات المبنیة والقبب المزرکشة والساحات الواسعة وتتسع حدود المصلى لبیروت الاداریة وربما ضعفها یلفتک حشد المعدات الثقیلة والرافعات لإتمام الاقسام التی مازالت قید الانشاء والاکساء وتجیبک الذاکرة على سؤالک بالقول: ان بلدا محاصرا وجائعا لا یشید الابنیة وینفق علیها ملایین الدولارات ففخامة الابنیة بما فیها السکنیة والخاصة دلالة على الثروة وتوفر الاموال وتعاظم الاشغال، وبینما بدا الرئیس رئیسی کلمته فی الاحتفال التأبینی لسلیمانی یجلس بجانبک فی الصفوف الخلفیة لمنصة الضیوف رجل معتدل القامة متسق الجسد یرافقه حارسان لیستمع بإصغاء ودون ان یلفت النظر، فیقترب رفیقی فی السفر د حسن جونی ویسر بأذنی ان الجالس قربک هو وزیر خارجیة ایران الذی یشغل العالم بحنکته وادارته للتفاوض النووی فلا تستغرب هذه الالفة والتواضع عند المسؤولین وانت استعرضت قبل دقائق قادة الجیش والحرس الثوری الکبار مصطفین کالجنود والکشافة یرحبون بالضیوف ویرافقونهم الى مقاعدهم بکل تواضع وخشوع، وفی تصرفاتهم بعض سر طهران وشبابها الدائم لا تشیخ. فی المجمع الذی استضاف اجتماع الهیئة التنفیذیة للتجمع لیوم کامل بعض سر التناسق والجدیة والحرص على تکریم الشهداء فقد اختیر ذات المبنى الذی فجر بقادة حزب الجمهوریة بعد انتصار الثورة الاسلامیة واودى بحیاة العشرات من قادة وکوادر الثورة وقد تم ترمیمه کقلعة ومزار وجامعة ومسجد وفی وسطه قبة لمقبرة جماعیة للشهداء القادة ویبدو انها لیست مصادفة ان تاریخ استشهادهم على بعد ثلاثة ایام من تاریخ استشهاد سلیمانی ورفاقه فقد اختار المضیفون المکان والزمان لجلسات الهیئة التنفیذیة بفطنه وذکاء. وفی الیوم السابع للزیارة حیث کان الوعد بان یکون یوم الراحة والتسوق والتعرف عن قرب على الایرانیین المواطنین العادین فی الاسواق یفاجئک المنظمون على طاولة الافطار بان تجهزوا سریعا فلدینا موعد مع مستشار القائد وزیر الخارجیة الاسبق ولایتی صاحب الشهرة والذهن المتقد وتقودک القافلة الى شارع فلسطین حیث مجمع ابنیة وسکن القائد ومکاتبه المحروسة جیدا والنظیفة کثیرا والاشجار باسقة تضلل الأمکنة، وفی حضرة المستشار تجری الحوارات المفتوحة بلا ضوابط لأربع ساعات متصلة، تنهل من خبرته ومعارفه وعلومه لتکتشف انه طبیب ومبدع ومدیر اهم المشافی الجامعیة وقد اعد وناقش اطروحات لتلامیذه على قدم کبیر من العلمیة والاهمیة فی مختلف الامراض، اشارة دالة على ما بلغته ایران فی مجالات الطب وصناعة الادویة والعلاجات الحدیثة وعلوم النانو وزرع الاعضاء ومعالجة الامراض المستعصیة واستخدام النووی فی المجالات الطبیة والسلمیة ومن مکتب ولایتی رحلة قصیرة الى مکتب امین فرع ایران للتجمع العالمی لدعم خیار المقاومة ونائب الامین العام الدکتور الشیخ باراتی للاطلاع على المکتب والتعرف الى فریق العمل الذی نظم وقاد الاحتفالات فی الذکرى الثانیة لاستشهاد سلیمانی ولن تستغرب ان الشباب والرجال المنظمون والمرافقون هم من قادة ایران ویحتلون مواقع حساسة وهامة وقد تطوعوا لخدمة الضیوف وتنظیم زیاراتهم والاهتمام بشؤونهم التفصیلیة وتلبیة حاجاتهم وطلباتهم، وقبل ان تکتمل الضیافات الکریمة من کل الاصناف والاهم الحلویات التقلیدیة الایرانیة یطلب منک الدکتور باراتی بتهذیب ان تخلع ساعتک وتفرغ جیوبک من ای معدن وتسلم هاتفک للمرافقین فنحن على موعد للقاء شخصیة هامة والاجراءات الامنیة مشددة. تمخر الحافلات شوارع وحارات وازقة طهران وبعد حین تتسلق الجبل الشاهق لتعبر اول حاجز امنی هو الوحید الذی صادفنا فی ایامنا السبعة فی ایران، یسألنی رفیقی فی الرحلة د حسن جونی من تحسب سنلتقی قلت الارجح انا ذاهبون الى احدى مدن الصواریخ فی باطن الجبل ولحظة وصولنا وحیث انتصبت قامة شاهقة امام المبنى فی استقبالنا نظرت الى حسن وقلت له ها نحن اما جبل الجبال الحاضنات لمدن الصواریخ یستقبلنا على مدخل المبنى بلطف وحمیمیة وابتسامة اسرة برغم ان العالم سیهتز ان اهتزت اصبعه او تلفظت شفتیه ببضع کلمات، وبقینا فی حضرته ساعات طویلة یستمع الى مداخلاتنا ویجیب على الاسئلة ویزید بطلب الضیافة بکرم حاتمی واکثر وفی الوداع یقف لیتصور مع کل فرد منا ویقبله ویشد على یده ویسلمه هدیة قیمة جدا من صناعات الفیروز والنحاس الایرانی ویصحبنا الى المدخل للوداع ویتسمر لمصافحتنا فردا فردا حتى غادرت الحافلة ولیل طهران ساعتها مثلج وتکتسی ثوبها الابیض کعروس تحتفل بذکرى شهدائها القادة، فنهرع الى الفندق لتناول الطعام والى الغرف لإعداد الحقائب فموعد الطائرة اقترب وللوصل الى المطار نحتاج لساعة ونیف وبسرعة ١٢٠کلمتر وما فوق حالما تسمح عجقة شوارع طهران المکتظة بالسیارات والحافلات الخاصة وکلها مودیلات حدیثة وانیقة لا تنقصها الصیانة کالطرقات الطویلة والفسیحة والجسور المعلقة والمتعددة المسارات. وبینما کنا نمضی ساعتین لیلا فی شوارع طهران مشیا على الاقدام تریضا وتمتعا بمناخ طهران ولسعة بردها الناعمة کان رفیقی د حسن جونیة الخبیر والاستاذ فی القانون الدولی وصاحب المکانة والباع الطویلة فی اختصاصه الثائر والمناضل الاممی خریج وشبه مواطن باریسی ویعرف بدقة تفاصیل وتواریخ العواصم العالمیة والاوروبیة التی زارها واقام بها لأشغاله والمؤتمرات العالمیة التضامنیة وبروحه المرحة وذاکرته الفطنة وفوضاه وحشریته وفضوله الطافح کان یشغلنی بالتوقف امام المبانی المشیدة وقید الانشاء على الطرازات الاوروبیة وبهندسة فارسیة ویقارنها بأبنیة العواصم الاوروبیة ویمیل لمنح طهران الشهادة بما فی ذلک تنظیم شوارعها وحدائقها وصفوف الاشجار الباسقة على جانبی الاسترادات والطرقات ترویها الاقنیة المفتوحة التی تتدفق فیها میاه الثلج الدارجة من شمال طهران وجبالها المعتمرة قبعتها البیضاء، وقد اکثر الکلام عن طهران وعمرانها وهندستها والابتسامة المرسومة على وجوه اهلها وعابری طرقاتها. ومن النوادر الدالة التی زادت بمعرفتنا بطهران وسرها العجیب طرح السؤال على المارة حیث استفردنا بأحد: کم سعر الدولار الیوم بالمقارنة مع الریال والتومان لتجتمع الاجابة وتکشف عن حقیقة لم نکن تنبهنا لها فکل واحد منهم یقلب شفته ویصفن لثوان ویرد مبتسما ومستغربا سؤالنا لا اعرف وما حاجتی لأتابع سعر الدولار الذی لا احتاجه ولا احترمه ولا یعنینی فانا اقبض بالتومان واشتری حاجاتی به وادفع فواتیری واسعار الخدمات والسلع وامورنا مؤمنه ولا نحتاج لاقتناء الدولار والعملات الاجنبیة فمن احتاجها لسبب یذهب الى الدولة والمصرف المرکزی فیحصل علیها بسعر مدعوم وعلیه استدرجتنا الذاکرة الى لبنان ووجود ١٢ سعر للدولار ولبنان یفاخر بقطاعه المصرفی ونموذجه للاقتصاد الحر واللیبرالی والبلاد تفتقد الکهرباء والماء والشبکات وتیار المولدات یسعر بالدولار.. ونسال انفسنا هل اذهلتنا طهران لأنها مذهلة وتبطن اسرارها ام لأننا جئتنا من لبنان وقد نهب وافقر وجرى تعتیمه وتأزیم الحیاة فیه ونفاذ واستحالة تامین ابسط الحاجات... ومما یلفتک کثیرا ان نسبة المدخنین لا تجاوز ال١٠٪ برغم ان ایران تنتج اجود انواع التبغ ولا تحرم التدخین او تحرض ضده، والاهم والاعمق دلالة ان نسبة الالتزام بإجراءات الکورونا ١٠٠٪ فلن تصادف احدا لا یضع الکمامة فقد اصبت انا المدخن بانتکاسة فقد حملت کروزین من الدخان ولم انفق منها سوى علبة او علبتین خلال سبعة ایام فعدوا طهران تصیبک ومخالفتها تحرجک ... وفی کل الاحوال فتراجع المدخنین والالتزام الصارم بالإجراءات تدلل على حجم الثقة بالدولة ونفوذها واحترامها وبدرجة الوعی والانتظام المجتمعی وهذه ایضا واقعات ترد على حملات التضلیل والافتراء التی تستهدف ایران. فطهران المحاصرة تشع شبابا وتثق بنفسها وتؤمن بشعبها وتتوفر فی محلاتها والسوبر مارکت والصیدلیات والاسواق کل الحاجات ومولاتها الصغیر منها بحجم نصف بیروت الاداریة تزدحم فیها المواد والسلع من کل الانواع والاصناف والمارکات کما شوارعها تعج بالسیارات والحافلات الخاصة ومخازنها مملؤة بالوقود .... عدنا الى بیروت وظلمتها وخراب عمرانها وشوارعها وارصفتها وفقدان ابسط الحاجات وکبر السؤال فی اذهاننا ما سر طهران تزداد شبابا وعمرانا وتألقا وهی محاصرة بینما تفتقر بیروت لأبسط حاجات الحیاة لابتلائها بمنظومة فاسدة مافیاویة لصوصیة سرقت ماضیها وحاضرها ونهبت مستقبل ابنائها... ویحدثک البعض ویرهبک من ان تتحول بیروت الى شبیه طهران...!! فتقول فی قرارة نفسک ( اللی بیعرف بیعرف واللی ما بیعرف بقول کف عدس.).. فکفوا عن الکذب والترهیب والتهویل بالتضلیل لیت بیروت تصیر حارة فی طهران العازمة على صناعة مستقبلها والاقلیم على قیم الشهداء وتضحیاتهم وبتهذیب وبساطة وکرم شعبها وقادتها الاجلاء.. وان صارت من حواری طهران فستنعم بکهرباء ٢٤/٢٤ وبإنترنت عریض وسریع وبتنظیم هندسی ومدنی متقن للسیر وبالأرصفة والشوارع والحدائق الغناء والحافلات والنقل السریع وتمتلئ المحلات والمخازن والمولات بما لذ وطاب وبأسعار یستطیعها اللبنانی الذی افقر ونهبت امواله ومدخراته.. .. ویصیر لکل طالب مقعد دراسی ولکل مریض سریر ولکل محتاج دواء رخیص واستشفاء مجانی.... حدثنا مضیفینا ومن التقیناهم من قادة فی السیاسة والعسکر والاستراتیجیات وفی الملف النووی والمفاوضات والحوارات الجاریة مع السعودیة والامارات والثأر لسلیمانی وموعد تحریر القدس والصلاة خلف قادة المحور فی کنیسة المهد والاقصى، وکانوا مقتنعین الى ابعد الحدود واستعرضوا الواقعات والاحداث المعاشة والدالة على ان زمن امریکا وإسرائیل وحلفهم اصبح فی حالة الغروب المتسارع وان ایران جادة فی العمل مع دول وامم الاقلیم لإنتاج اقلیمیة حضاریة عصریة تدار فیها العلاقات على المنافع والمشترکات والقیم الجامعة بعیدا عن إملاءات امریکا والناتو وابتلاءات الاستعمار والتقسیمات والحروب والفوضى. فسر شباب وتالق طهران وثقتها بنفسها واعتدادها بماضیها وحاضرها وسعیها الى المستقبل مشتق من فکر ووعی وحکمة وتصمیم قادتها الاحیاء ومن مدرسة قادتها الشهداء واثقة من نفسها وقدراتها ساعیة الى امتلاک مستقبلها بلا تردد او هوادة. بالحق اشهد ان اهم دوافعی لزیارة طهران کانت رغبتی الجامحة بالتعرف على حال ایران تحت الحصار وما خلصت الیه من تحلیل ونتائج وبناء على الواقعات المعاشة والملموسة فایران التی استثمرت بالحصار وعززت الاقتصاد المقاوم والاعتماد على الذات وتامین حاجاتها وقد حسمت اشرعتها شرقا وتعاقدت مع اوراسیا واصبحت کامل العضویة فی منظمة شنغهای وتوحدت دولتها وکتلتها الحاکمة وحسمت الصراعات الداخلیة بانتخاب رئیسی رئیسا لها فعزمت على انتزاع دورها ومکانتها واکملت عدتها للمواجهة وللحروب ان فرضت علیها تجدد شبابها وتتوحد ارادتها لتعزیز خیاراتها وصناعة نموذجها ومستقبلها على قیمها وخیارتها هی لتتمکن وتسود وربما یکون هذا بعض جواب على سؤالی الابتدائی عن سر طهران وسبب تألقها وتجدید شبابها. و ما لمسته وشاهدته، وما خرجت به من انطباعات اکدت لی ان ایران وثورتها الاسلامیة والتزاماتها مختلفة جوهریا عن نماذج الاسلام السیاسی التی عاصرت تجربتها، ولیست محکومة بنفس الیات الافول والانهیار التی تعانیها حرکة الاخوان المسلمین والوهابیة والسلفیة والاسلام السنی المسلح وتضرب اخر دولها “ترکیا” الازمة الانهیاریة وتعصف بها. فتحیة حب واحترام لطهران ولایران وکل الشکر لمن دعانا واهتم ونظم واجاد التکریم والاحتضان. وقد توفرت لی فرصة اعتلاء منبر جامعة ازاد فی المؤتمر العلمی لمدرسة نموذج ونهج قاسم سلیمانی وقلت العبارة التالیة: لروح الشهید القائد الجهادی والاممی قاسم سلیمانی... روحک نجمة الصبح .... دمک درب النجوم والثریا ... تنیر طریقنا للقدس قبلة جهادک ومبتغى تضحیات امتنا.. وعدنا ... وعهدنا ... ان نقرا الفاتحة لروحک ولرفاقک فی کنیسة المهد حیث ولد السید المسیح وقدسنا یا فارس المقاومة وشهید القدس عاصمة ابدیة لفلسطین الحرة السیدة المطهرة من رجس الصهاینة وربهم الشیطان الاکبر امریکا. فاستشهادک بشارة النصر الاتی... على نهجک .... سیبقى شعارنا الى الأمام ..سننتصر..
وبعد ایام من الزیارة تحفزک الافکار والتساؤلات المزدحمة لتسأل اخرین، ماذا یلفتک بهذه الزیارة فتجمع الاجابات انها طهران متألقة وشابة ومطمئنه لیومها وغدها لا ینقصها شیء لتتربع على عرش العواصم جمالا واناقة ونظافة وهمة وتوقد..
عدنا الى بیروت وظلمتها وخراب عمرانها وشوارعها وارصفتها وفقدان ابسط الحاجات وکبر السؤال فی اذهاننا ما سر طهران تزداد شبابا وعمرانا وتألقا وهی محاصرة بینما تفتقر بیروت لأبسط حاجات الحیاة لابتلائها بمنظومة فاسدة مافیاویة لصوصیة سرقت ماضیها وحاضرها ونهبت مستقبل ابنائها...
فان نظرت الى الوجوه تنتابک موجة امل وتجتاحک عاصفة الثقة فکلها تشی بالثقة والفرح وان تأملت قامات الشباب والشابات تجزم بانک امام شعب شبعان” لا یعانی من الجوع وفقدان الاساسیات” وله القدرة على اقتناء وارتداء احدث المودیلات وارقى انواع المصنوعات وفی الایدی هواتف من مارکات عالمیة وطرازات حدیثة کهواتف الای فون والای باد ولاب توبات الماک ومشتقاتها..
فسر شباب وتالق طهران وثقتها بنفسها واعتدادها بماضیها وحاضرها وسعیها الى المستقبل مشتق من فکر ووعی وحکمة وتصمیم قادتها الاحیاء ومن مدرسة قادتها الشهداء واثقة من نفسها وقدراتها ساعیة الى امتلاک مستقبلها بلا تردد او هوادة.
فکفوا عن الکذب والترهیب والتهویل بالتضلیل لیت بیروت تصیر حارة فی طهران العازمة على صناعة مستقبلها والاقلیم على قیم الشهداء وتضحیاتهم وبتهذیب وبساطة وکرم شعبها وقادتها الاجلاء.. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 424 تنزیل PDF: 165 |
||||