نوروز والوحدة الوطنیة | ||||
PDF (528 K) | ||||
تعتبر الأعیاد والاحتفالات الوطنیة من رموز التضامن الوطنی. فمن خلال المشارکة فی الاحتفال بعید نوروز ، یُظهر شعب إیران ، بناءً على العادات القدیمة ، تعاطفهم وتأملهم وتضامنهم بطریقة رمزیة ، وبهذه الطریقة ، یجددون على الأقل مرة واحدة فی السنة ، عهدهم مع أسلافهم وأقاربهم السابقین وتراثهم الماضی وکل المواطنین فی بلدهم ،ویهبون حیاة جدیدة للحفاظ على تراثهم. ولاشک ان مستقبل الثقافة والحضارة الإیرانیة أیضًا یعتمد على تقویة أو إضعاف عناصرها الثقافیة فی منطقتها الجغرافیة. وطبعا ان استمرار قبول الثقافة الإیرانیة سوف لن یکتب لها النجاح المستمر فی الحدود الداخلیة وفی مجالات الثقافة خارج إیران الا إذا احترمنا عملیا عوامل تضامننا الثقافی والحضاری الإیرانی وقمنا بتنظیم علاقاتنا الداخلیة وبالتالی الخارجیة على أساس ذلک. ان الثقافة الإیرانیة ، بحکم سلسلة العلاقات والصلات التی تربطها ، وفی مقدمتها الروابط الدینیة والطقوس الوطنیة ، تخلق شعوراً بالانتماء الثقافی المشترک بین کافة المکونات الثقافیة والقومیة فی إیران. وهذه الثقافة الوطنیة، أی نوروز، تطفو وتتدفق باستمرار فی جمیع الثقافات الموجودة فی البلد وتوفر دائما وابدا اسس تعزیز الاواصر والتضامن بین کافة المکونات الثقافیة والقومیة المتنوعة فی إیران . من المهام الرئیسیة الأخرى للمراسم والطقوس التقلیدیة ، وعلى رأسها النوروز، هو خلق الانسجام والتضامن على مختلف المستویات والأصعدة من الأسرة والقریة والحی والمدینة والبلد إلى المناطق الجغرافیة الواقعة خارجها. إن التقالید الأیجابیة مثل تبادل الزیارات فی أیام عید نوروز تعزز موضوع صلة الرحم بین ابناء المجتمع بصورة عامة وبین الأقارب بصورة خاصة. حیث تجعلهم یطلعون على أوضاع بعضهم البعض وان یبادرون بمساعدة بعضهم البعض فی حالة وجود مشکلة، خاصة فی أیام الشدة ، وهذه من الامور التی یؤکد علیها الدین الإسلام ویوصی بالالتزام والقیام بها. من هنا فأن الالتزام بهذه المبادئ یمکنه أن یلعب دورًا مهمًا فی تعزیز التضامن والوحدة بین ابناء المجتمع. ان جمیع مکونات وطقوس عید نوروز تدعو بطبیعتها الى تعزیز التضامن والمحبة بین أبناء البشریة. حیث نرى ان المعتقدات والسلوکیات الشعائریة فی تقالید نوروز الشائعة التی یتم ممارستها فی مختلف ارجاء البلدان والأراضی الشاسعة التی تشکل المنطقة الجغرافیة لنوروز ملیئة بالعناصر السامیة التی تدعو الى نشر وتعزیز المحبة والوئام والسلم، ونوروز بمجمله هو الرایة الشامخة للوحدة والتضامن الذی ترفرف فی بدایة کل سنة وفی کل ربیع على قمة التآلف والعلاقات التاریخیة العریقة لأهالی هذا البلد العریق. وبما ان نوروز بطبیعة الانسانیة الشاملة یدعو الى الوحدة والتضامن فی جمیع أنحاء العالم ولاسیما ایران، فهو لا یختص بأی مجموعة عرقیة أو دینیة أو طائفیة. من هنا یعتبر عید نوروز من أهم اسس وقواعد الوحدة والتضامن الثقافی فی جمیع انحاء الاراضی الإیرانیة المترامیة الأطراف . والحقیقة ان نوروز هو انموذج من مساعی الإیرانیین من أجل تحقیق التعایش السلمی بین المجتمعات البشریة. حیث نلاحظ ان جمیع الناس یشارکون بفرح وبشکل جماعی فی مراسیمه ، لهذا لا نجد أی مکان لمفهوم “الأقلیة” فی ثقافة نوروز. فنوروز اذن هو أحد أرکان الهویة الإیرانیة ویجب البحث عن رمز دوامها فی آدابها وطقوسها الانسانیة القیمة والسامیة التی تزیل الهموم من القلوب وتخلق الدفء والوئام بین الناس وتضفی المتعة على زیاراتهم المتبادلة ، وتعزز الاواصر التی تربطهم والعهود التی بینهم وتجلب السعادة لهم .فنـوروز اذن هو صوت الفرح ومزیل الحزن. من هنا نلاحظ أن الإیرانیون کانوا منذ القدم یعیرون اهمیة کبیرة للسعادة والفرح ویجعلون من کل حدث عاملاً لإضفاء المرح على الحیاة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 424 تنزیل PDF: 168 |
||||