نوروز أو النیروز المهرجان الوطنی والتاریخی للایرانیین مع اطلالة الربیع | ||||
PDF (989 K) | ||||
راضیة مهرابی [ نو] بالفارسیة تعنی الجدید. و[ روز ] بمعنى الیوم. فتأتی مجتمعة بمعنى الیوم الجدید ( نو روز ). واشتهرت هذه المناسبة باسماء عدیدة منها: (عید نوروز)، احتفالات فروردین، واعیاد الربیع . والعید یوم اعتاد الناس الرجوع الیه او الاجتماع فیه. ونتیجة لتحول السنة والانتقال الى سنة جدیدة، وبدء یوم جدید، یعتبر عید نوروز أقدم واکبر الاعیاد القومیة والوطنیة بالنسبة للایرانیین . ویشهد الاحتفال بالسنة الجدیدة العدید من العادات والتقالید والآداب الخاصة نظیر: ایقاد النار، الاحتفاء بالاربعاء الاخیرة من السنة، زراعة براعم القمح، تنظیف المنازل، تحضیر مائدة السینات السبع، استذکار الموتى وزیارة المقابر. اضافة الى ألعاب واستعراضات یتصدرها المهرج ، وهو عبارة عن اشخاص یتنکرون فی ملابسهم واشکالهم وینزلون الى الشوارع و یقومون بحرکات تضفی اجواء من البهجة والفرح لاسعاد الناس. تستمر أیام النوروز حتى الثالث عشر من فروردین ـ الشهر الاول من السنة الایرانیة ـ وتقضى بالتزاور بین الاهل والاقارب والمعارف والاصدقاء ، و ما یعرف بزیارات العید وتقدیم الهدایا، وفی مشاهدة العروض الکومیدیة وممارسة الألعاب المسلیة. وکان الایرانیون القدماء یسمون الایام الخمسة الاولى من العید بنوروز الصغیر او نوروز العامة. ومع بدایة الیوم السادس یقام احتفال نوروز الکبیر او الخاص . الخلفیة التاریخیة من غیر الواضح على وجه الدقة بدایات ظهور طقوس نوروز. بید أن البعض اعتبر ظهورها فی الفترة التی سبقت قدوم الآریین الى بلاد فارس . وتنسب العدید من الاساطیر القومیة الایرانیة ظهور النوروز الى عصر تتویج الملک البیشدادی جمشید. وهناک مَنْ یرى أن هذه الطقوس تعود فی بدایاتها الى الدیانة الزرادشتیة. علماً ان اسم النوروز لیس لم یرد فی کتاب (الافستا) ـ المتوافر بین ایدینا ـ فحسب ، بل ان تقالید وآداب النوروز کانت موجودة فی فترات سبقت ظهور دین زرادشت، وکانت متداولة فی اوساط الایرانیین الذین یقطنون المناطق الغربیة ، وبین الایلامیین الذین یستوطنون منطقة شوش. غیر أن ذلک لاینفی تأثرها بمبادئ وقیم الدیانة الزرادشتیة. على سبیل المثال، ان ما یوضع فی مائدة السینات السبع على صلة وثیقة بالتقالید الدینیة للزرادشتیین. هذا فضلاً عن أنها تحظى فی الوقت الحاضر بأهمیة دینیة بالغة بالنسبة للزرادشتیین ، نظراً لإقترانها بولادة زرادشت التی تصادف فی السادس من فروردین . ومما یذکر أن آداب وتقالید النوروز شهدت تغییراً وتنوعاً على مرّ التاریخ. مثلاً طقوس الاربعاء الاخیرة من السنة، التی هی استمرار لاحتفالات الایرانیین بهذه المناسبة قبل دخول الاسلام، اقترنت بتغییرات فی العهد الاسلامی واخذت تعرف بلیلة الاربعاء السوری. ولأن الزرادشتیون کانوا یقدسون النار، لذا لم یکن الایرانیون یقفزون على النار مطلقاً قبل الاسلام اثناء احتفائهم بلیلة الاربعاء سوری . ونظراً لأن أیام الاسبوع لم یکن لدیها اسم خاص بها فی اوساط الایرانیین قبل الاسلام، لذا کانت هذه الطقوس تقام فی الایام الخمسة الاخیرة المتبقیة من السنة. غیر أن اداء هذه الطقوس انتقل بعد دخول الاسلام الى الاربعاء الاخیرة من السنة، بسبب تأثرهم بما کان یعتقد به العرب آنذاک بأن یوم الاربعاء یوم نحس وشؤم، وبالتالی اتخذت هذه الطقوس لها اسم احتفال الاربعاء سوری . بعد دخول الاسلام ایران، باتت الاعیاد الدینیة والمذهبیة الهامة ، نظیر عید الغدیر وعید الاضحى، موضع اهتمام الناس جنباً الى جنب مع الاعیاد الوطنیة والتاریخیة. کما أضحى الاحتفال بالنوروز متداولاً فی بغداد بسبب حضور ونفوذ الوزراء الایرانیین اثناء حکم الخلفاء العباسیین. وخلال القرون من الثانی الى الرابع الهجری، انتقل الاحتفال بالنیروز الى المراکز الاسلامیة الکبرى الأخرى مثل مصر . وفی الوقت الحاضر تقام احتفالات النیروز ـ اضافة الى ایران – فی العدید من البلدان مثل افغانستان وطاجکستان وشمال العراق وأذربایجان . النیروز فی الروایات تعاطت الروایات مع النوروز، التی عبّرت عنه باسم (النیروز)، بطریقتین. ذلک أن معظم الروایات المتوافرة امتدحث النیروز وأثنت علیه واعتبرته یوم عهد العباد مع الله، وهو الیوم الذی رست فیه سفینة نوح على جبل الجودی، و یوم هبوط جبرئیل على نبی الاسلام (ص) . ووفقاً لهذه الروایات، اقترن النوروز بواقعة غدیرخم واختیار الامام علی (ع) لخلافة رسول الله (ص) . کما أن ظهور إمام العصر (عج) وتغلبه على الدجال یکون فی النوروز . کذلک فی ضوء العدید من الروایات، بما فی ذلک الروایة التی تنسب الى الامام الصادق (ع) والتی یوصی فیها ، الإتیان باعمال مستحبة مثل الغسل والصیام وإقامة الصلاة ودعاء خاص فی هذا الیوم، وارتداء ملابس نظیفة ومعطّرة . وفی مقابل ذلک، واستناداً الى روایة عن الامام الکاظم (ع)، عید النیروز تقلید فارسی ألغاه الاسلام وینبغی الکفّ عن احیائه. غیر أن فقهاء کبار امثال صاحب الجواهر والشیخ الانصاری، رجحوا الروایات الاولى وحملوا هذه الروایة على التقیة، أو استهدافها أیاماً غیر معروفة لا تمت الى النیروز بصلة . وعلى الرغم من أن معظم الفقهاء لم یظهروا فی مؤلفاتهم الفقهیة وسیرتهم العملیة اهتماماً بعید النیروز، إلاّ أن ثمة إشارة فی هذه المؤلفات الى الآداب والتقالید المتبعة فی هذا الیوم . ومما یذکر ان عدید من علماء الشیعة ومنهم سید محمد تقی الخونساری، أضفى صبغة دینیة على عید النیروز، حتى أن البعض مثل محمد حسین کاشف الغطاء، رأى استحباب الاحتفاء بالعید فی نوروز . ویتفق معظم الفقهاء خاصة المعاصرین، أنه على الرغم من أن النیروز لیس مناسبة اسلامیة کأعیاد الغدیر والاضحى، إلا أنه عید وطنی وتاریخی، و أن الاسلام لم یعارضه شریطة الامتناع عن ارتکاب المعاصی ، او توفر الارضیة لارتکابها اثناء الاحتفاء به . الامام الخمینی و النیروز یؤمن الامام الخمینی بأن النیروز لیس عیداً اسلامیاً،و لکنه عید وطنی وتاریخی لا یعارضه الاسلام، بل الاسلام یوصی بالإتیان بآداب واعمال مستحبة فی هذا الیوم . ویرى سماحته أن بوسع النیروز أن یشکل منطلقاً لانجاز تحولین أساسیین: الاول تحول فی روحیة الافراد. والثانی تحول فی المجتمع. وبنظرة عرفانیة الى الدعاء الذی یقرأ لحظة تحول السنة، کان سماحته متفائلاً بتغییر احوال الامة واوضاع المجتمع بما یرضی الله تعالى، وذلک من خلال تحول اخلاق وافعال وروحیة الافراد والانقطاع عن الشهوات ، والکف عن التطلعات الدنیویة والابتلاءات النفسیة . رؤیة سماحة القائد الى النیروز و فی الختام نحاول التعرف الى رؤیة سماحة القائد الامام الخامنئی ، للمهرجان الوطنی والتاریخی للایرانیین مع اطلالة الربیع .. باختصار تتلخص نظرة سماحة القائد الى عید النوروز بالآتی : ــ عید النوروز السعید ، بدایة ربیع الطبیعة و ربیع جسم الانسان و روحه . ــ النوروز مجرد وسیلة و ذریعة للتواصل الروحی بین الانسان و مبدأ العزة والعظمة ، ای الذات المقدسة للباری تعالى . ــ عید النوروز عید شرقی یحمل مبادىء و قیم ملفتة و سامیة . ــ عید النوروز، بدایة التنامی والتجدید . فکما ان النمو والتجدد أمر محسوس فی الطبیعة ، کذلک بوسعنا تجسید ذلک فی نفوسنا و قلوبنا و ارواحنا ، والمضی قدماً لتحقیق المزید من التطور والتقدم . ــ الاسلام أخذ عید النوروز واضفى علیه مضموناً انسانیا ًواسلامیاً و معنویاً واعاده الى الناس . ــ ثمة روایات متعددة امتدحت النوروز و اثنت علیه، وبذلک اضحى عید نوروز موضع احترام و تقدیر . ــ نوروز الیوم لیس نوروز الذی کان فی القدم ، نوروز الیوم هو نوروز ایرانی ، نوروز أمّة مسلمة . ــ الایرانی المسلم الحاذق ، حاول تغییر نوروز القدیم بما ینسجم مع عقیدته وبما یلبی طموحه . حافظ على شکل نوروز واطاره ، و غیّر مضمونه و بدل محتواه . ــ حقیقة النوروز فی ایران ، حقیقة شعبیة جماهیریة . الناس فی نوروز یتعاملون فیما بینهم بمودة و اخلاص، یهنىء بعضهم البعض و یقدمون الهدایا . ــ فی ایام نوروز و بدایة السنة الجدیدة ، ان اکثر الاماکن ازدحاماً و أکثر المراکز حضوراً فی بلادنا المترامیة الاطراف ، هی مراقد ائمة أهل البیت ( علیهم السلام ) والعتبات المقدسة. ــ الحقیقة هی ان ابناء شعبنا العزیز و على مدى سنوات متمادیة ، خاصة فی فترات الحکم الاسلامی ، استفادوا من عید نوروز لترسیخ المعنویات ، و إثراء المعرفة ، و التقرب الى الله سبحانه . ــ عید النوروز من الاعیاد المبارکة بالنسبة لنا نحن الایرانیین . ــ اننا و طوال السنوات التی اعقبت انتصار الثورة وحتى یومنا هذا ، ننظر الى عید النوروز باعتباره عیداً وطنیاً مبارکاً مفعماً بالبهجة و السرور. ــ عید النوروز وسیلة لتعزیز مشاعر التضامن بین الشعوب . و نأمل فی ان یزداد هذا التضامن رسوخاً بین الشعوب الشقیقة والجارة و المؤمنة أکثر فأکثر . ــ ینبغی أن لا یتصور احد ان عید النوروز شیء سیء من وجهة نظر الاسلام . و ان من لدیه مثل هذا تصور فهو مخطىء حقاً . ــ النوروز، هوالیوم الذی تجعلونه یوماً جدیداً بعملکم ، و بما یشهد من احداث . ــ بدایة السنة الهجریة الشمسیة الجدیدة ، فرصة لانطلاق حیاة و نهج و خُلق فردی و اجتماعی جدید لکل فرد من أفراد الامة الایرانیة . ــ النوروز بالنسبة لأمتنا الیوم ،عبارة عن : أولاً ـ توجه الشعب الى الله. فما ان تبدأ السنة الجدیدة حتى یتوجه الناس بالدعاء “ یا محوّل الحول و الاحوال “، وذلک أمر هام و قیّم . و ثانیاً ـ النوروز إنما هو ذریعة للتواصل والتزاور، وانهاء الزعل والضغینة ، و تعزیز المحبة والمودة تجاه الآخرین . ــ اذا ما رغبتم بأن تجعلوا الیوم الاول من السنة الجدیدة یوماً جدیداً و “ نو روز “ بالنسبة لکم ، فان شرط ذلک ان تقدموا على عمل وعلى حرکة تتسم بنقلة نوعیة . فاذا ما تغیّر حالکم ، واذا ما استطعتم ان تجعلوا من جوهرکم الانسانی اکثر اشراقناً ، فان ذلک یعتبر حقاً “ نو روز “ بالنسبة لکم . ــ لقد اعتاد الانسان على ارتکاب بعض المعاصی . اعتاد ان یقلل من شأن بعض المعاصی و الذنوب، وعدم التحفظ من الاقدام علیها . وفی السنة الجدیدة ان احد الاعمال التی ینبغی الالتفات الیها هو ذلک ، بأن ینظر الانسان الى امکانیة الحد من المعاصی و الذنوب . یعتبر عید نوروز أقدم واکبر الاعیاد القومیة والوطنیة بالنسبة للایرانیین . ویشهد الاحتفال بالسنة الجدیدة العدید من العادات والتقالید والآداب الخاصة نظیر: ایقاد النار، الاحتفاء بالاربعاء الاخیرة من السنة، زراعة براعم القمح، تنظیف المنازل، تحضیر مائدة السینات السبع، استذکار الموتى وزیارة المقابر. اضافة الى ألعاب واستعراضات من غیر الواضح على وجه الدقة بدایات ظهور طقوس نوروز. بید أن البعض اعتبر ظهورها فی الفترة التی سبقت قدوم الآریین الى بلاد فارس . وتنسب العدید من الاساطیر القومیة الایرانیة ظهور النوروز الى عصر تتویج الملک البیشدادی جمشید. وهناک مَنْ یرى أن هذه الطقوس تعود فی بدایاتها الى الدیانة الزرادشتیة. النوروز بالنسبة لأمتنا الیوم ،عبارة عن : أولاً ـ توجه الشعب الى الله. فما ان تبدأ السنة الجدیدة حتى یتوجه الناس بالدعاء “ یا محوّل الحول و الاحوال “، وذلک أمر هام و قیّم . و ثانیاً ـ النوروز إنما هو ذریعة للتواصل والتزاور، وانهاء الزعل والضغینة ، و تعزیز المحبة والمودة تجاه الآخرین . | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 630 تنزیل PDF: 164 |
||||