المرأة المقاومة ورهان الإمام الخامنئی علیها فی التحول الحضاری القادم | ||||
PDF (1662 K) | ||||
یعتقد الامام الخامنئی أن للمرأة دور حقیقی فی ترسیخ المنهج الإسلامی فی قلوب الجیال ولا بدیل لدورها، فی إحداث تحوّل حضاری فی المجتمع الإسلامی. وقد سلطت الکاتبة الدکتورة أمیمة علّیق الضوء على رؤیة الامام الخامنئی لدور المرأة فی حضورها الاجتماعی والحرکات التغییریة السیاسیة واکدت أن هذه الرؤیة هی استمرار رؤیة الامام الراحل الخمینی وکتبت:"أقول لکم، إذا لم تحضر المرأة فی الحرکة الاجتماعیة لشعب ما فإن هذه الحرکة لن تصل الى أی مکان، لن تنجح". معادلة واضحة حسمها الامام الخامنئی فی لقائه مع النساء المجاهدات من الدول الإسلامیة مشیراً الى دور المرأة فی التحرکات السیاسیة التغییریة فی المجتمعات، وأکمل مشجعاً: "حین تحضر المرأة بشکل واع وجدی ویکون حضورها مرتکزاً على البصیرة فإن هذه الحرکة ستتقدم بشکل مضاعف. إن دور المرأة هو دور لا بدیل له ویجب أن یستمر دوماً.". کلامه هو استمراریة لکلام استاذه وامامه الامام الخمینی الذی صرّح بوضوح وهو فی باریس أن مشارکة النساء فی المظاهرات والتجمعات حتى مع رفض الآباء والأزواج لهذا الأمر هو واجب على النساء ولا یحق للرجال منعهن من هذه المشارکة الفعالة والمؤثرة. ویؤسس لمجتمع إسلامی من خلال قوله أن المرأة لیست على هامش المجتمع بل هی محور ومرکز المجتمع. وبعد انتصار الثورة ظهر امتنانه للمرأة فی قوله إن منشأ التحولات فی الثورة الإسلامیة یعود بالدرجة الأولى الى النساء. بالطبع لا یخفى على أحد أنه یوجه کلامه للنساء المقاومات المجاهدات...هذا الکلام الذی یعتبر حجة علینا نحن النساء، خاصة وأننا نعیش فی مجتمعات أکثر ما تحتاجه هو التحول والتغییر، فیطرح السؤال الأساسی نفسه کیف یمکن للمرأة أن تقاوم لتنجز هذا التحول الاجتماعی وکیف؟ لنتفق فی البدایة أن المقاومة هی فعل فی مواجهة شیء ما. فهناک مقاومة الظلم ومقاومة الفساد ومقاومة الاحتلال ومقاومة التمییز العنصری و.... وهذا الفعل لا ینحصر فی المقاومة المسلحة. بل ینطلق الى أطر أوسع وأرحب.... من هنا یمکن أن تتنظّم المقاومة التی تقوم بها المرأة فی المجتمع ضمن أطر متعددة وواسعة لکننا سنورد هنا ثلاثة منها تشمل العدید من الأبعاد: ١- مقاومة الاستکبار والاحتلال عملیا: وهذا الأمر میسّر یمکن أن نلمس آثاره مباشرة فی المجتمعات. فقد تمت رؤیة آثاره خلال الثورة الإسلامیة فی إیران من خلال المشارکة الفعالة فی المظاهرات وتوزیع المناشیر والمعاناة فی السجون والتعذیب وکذلک من خلال تشجیع أفراد العائلة کافة للمشارکة فی الثورة. کسرت المرأة القیود ونزلت الى الساحة وکانت الساعد القوی للثورة. لدرجة قال الامام الخمینی:" دور المرأة فی الثورة هو دور مضاعف عن دور الرجال". وظهر خلال الدفاع المقدس فی حمل السلاح والجهاد الطبی التمریضی فی الصفوف الأمامیة للجبهة. وها هو یظهر خلال معرکة الدفاع عن المقدسات فی سوریا والعراق. فقال الامام الخامنئی ممتنّا: "زوجات المجاهدین والقادة وامهاتهم هنّ آیات من الصبر والمقاومة. لقد تحملن المصاعب. أرسلن ابناءهن إلى الجبهات. استشهد الکثیر منهم، جرح البعض الآخر. وبقیت أمهاتهن وزوجاتهن الصابرات والمقاومات کالجبال الراسخة والشامخة. کما تقدمن أیضا فی المجال السیاسی والمجال العلمی للبلاد." ولا یخفى هذا الأمر أیضا فی لبنان وفی فلسطین وفی الیمن و...عندما شارکت النساء وتشارک فی الجهاد من خلال الصمود والحفاظ على الخطوط الخلفیة للجبهة فی الاسرة من جهة وتشجیع الأبناء والأزواج على الجهاد من جهة أخرى خلال فترة الاحتلال أو خلال عدوان تموز. حیث لا یقل دور المرأة عن المجاهدین فی الساحات إذ یقول القائد الخامنئی أن الرایة التی یحملها المجاهد یمکن أن تسقط نهائیاً حین یستشهد إذا لم تحملها عائلته وزوجته وأبناؤه. وأکد أن دورهم یساوی بأهمیته دور الشهید.. وفی هذا الإطار نلمس بوضوح ثقة المرأة فی إیران أو فی لبنان وفی الدول الأخرى بنفسها وبقدراتها على النجاح والتألق. هذا النجاح الذی ظهر فی قول الامام الخامنئی:" المرأة المجاهدة فی إیران هی المعلم الثانی لنساء العالم بعد نساء صدر الإسلام.". ٢ـ مقاومة الأطر التقلیدیة الرجعیة: وهذا الأمر یصعب أحیاناً لسببین. السبب الأول تجذر بعض الأفکار الرجعیة المتخفیة تحت مظلة الدین. وقد حاربها العلماء المتنورون کالإمام الخمینی والامام الخامنئی بقوة. حیث یقول الامام الخمینی إن المرأة لیست على هامش المجتمع بل هی محور ومرکز المجتمع. ویکمل الامام الخامنئی: کیف یمکن لامرأة على هامش المجتمع أن تقوم بتحولات داخل المجتمع. بالطبع لا نحصر هنا التأثیر بالخروج من البیت والعمل خارجاً فقط... هذه فکرة خاطئة. بل على العکس یمکن أن تختار المرأة أن تجاهد بتنمیتها لقدراتها وتربیتها لأبنائها وإدارتها لأسرتها وتقدیمها أسرة وأبناء نافعین للمجتمع وأن تقاوم وتجاهد فی المجتمع وهی داخل الأسرة...ومن جهة أخرى على کل امرأة ولائیة اختارت العمل خارجاً أن تعتبر أن واجبها الشرعی هو التوفیق بین العمل خارج البیت والاهتمام بالأسرة، فالوضع لا یحتمل الاخلال بأی منهما. الأسرة أساس والتأثیر فی المجتمع أساس آخر یجب ألا تضعف المرأة فی أی منهما. السبب الثانی فی صعوبة نجاح هذا النوع من المقاومة: قلة ثقة المرأة بنفسها وبقدرتها على القیام بهذه التغییرات الأساسیة فی المجتمع، فنجد النساء یشکین دائماً من أن هناک من یمنعهن من القیام بالکثیر من الإنجازات ویشکین من الظلم اللاحق بهنّ على مستوى الأسرة والمجتمع متناسین أن کل تغییر أساسی یحتاج الى مقاومة مدروسة وبصیرة وإسلامیة أصیلة ولا یخفى عنا أن کل مقاومة قد تحتاج الى شهداء وتضحیات. فلم یذکر التاریخ یوماً ثورة أو تحرکاً أو مقاومة سعت للتغییر ووصلت الى أهدافها دون تضحیات. إن الاقتناع بأن التغییر المجتمعی الذی یجب أن تشارک فی قیادته المرأة لا یحتاج الى تضحیات یرجع الى أفکار غیر منطقیة اقتنعت بها المرأة واعتبرت أنها أضعف من أن تقوم بأی تغییر من جهة وبأن التسهیلات ستعطى لها فقط لأنها امرأة. حین تتخطى المرأة هذه الأفکار تکون قد خطت أولى خطواتها على طریق التغییر الواقعی فی المجتمعات. ٣ـ مقاومة الثقافة ونمط العیش الغربی وهذا ما یطلق علیه إمامنا الخامنئی اسم الجهاد الکبیر.وهذا الأمر یحتاج الى "استنفار" حضاری أعمق و أخطر من المواجهة العسکریة والسیاسیةة وحتى من مقاومة الحرب الناعمة والغزو الثقافی، ویتمثل هذا القیام العام بکشف اسلوب العیش الإسلامی "نمط الحیاة الطیبة " ما یسمیه الإمام الخامنئی "جوهر الحضارة " وهو القسم الذی لم نتطور فیه کما یجب ، طارحاً العدید من الأسئلة المفتاحیة حول سلوکنا الاجتماعی وآفات نمط حیاتنا الحالیة ، کضعف العمل الجمعی و نمط الاستهلاک الرائج و ظاهرة الطلاق و ضعف صلة الرحم و عدم الإتقان فی الصناعة والإنتاج و طریقة اللباس والطعام و العمارة و الترفیه والتسلیة و.....غیرها العدید من الآفات والظواهر التی ینبغی العمل على تحدید أسبابها و کیفیة رسوخها فی مجتمعاتنا، ومن ثم الإیمان بقدرتنا على التغییر والتحول إلى حیاة طیبة أصیلة ومعاصرة مستمدة من کنوز الفکر والعلوم والقیم الإسلامیة سواء بشکل مباشر أو بإعادة إنتاج اجتهادی وإبداع أنماط وسلوکیات اجتماعیة لا تقلّد الحضارة الغربیة – الأمریکیة المعادیة للإنسانیة والمبیدة للثقافات الأخرى بالقوة الصلبة حینا والقوة الناعمة أحیاناً ، مستفیدة من ضعف الثقة بالنفس عند بعض صنّاع الثقافة فی المجتمعات الإسلامیة. وهذا الأمر مسؤولیة الجمیع، الجمیع أی النساء والرجال. لکن یبقى الحِمل الأکبر على النساء لأنهن المحرکات الناعمات المؤثرات فی العائلة والمجتمع... فی هذه الأطر الثلاث على المرأة أن تعرف مسبقاً أن التضحیات کبیرة لکن علیها ألا تنسى ـ وهذا الأمر من السنن الإلهیة ـ أنها حین تقدم تضحیات فی المجتمع فی سبیل تغییره باتجاه القیم الإسلامیة الأصیلة فإن المجتمع سیرد لها الجمیل من خلال إعطائها شخصیة وهویة ورؤیة سیاسیة وثقافیة. وأجمل اعتراف بالجمیل هو ما قاله الامام الخامنئی عن المرأة المجاهدة: "إن المرأة المجاهدة هی خالقة للتاریخ" ویکمل واصفاً المرأة فی إیران ـ مع التأکید أن القائد حین یمدح المرأة فی ایران بصفات محددة فهو یمدح أی امرأة فی العالم تمتلک هذه الصفات من جهة ویصبح علینا واجباً نحن النساء أن نسعى لتحصیل هذه المیزات والصفات التی یمدحها قائدنا إن لم تکن فینا من جهة أخرى ـ فیقول: "المرأة لم تقف متفرجة بل نزلت إلى المیدان وصارت من بناة إیران الجدیدة. لقد قدمت النساء تعریفاً جدیداً للمرأة فی الشرق والغرب. لقد فتحن الباب أمام نساء العالم وأثبتن أنه یمکن أن تکن متراس الاسرة من جهة وبناة خنادق أخرى والقیام بفتوحات جدیدة من جهة أخرى. النساء اللواتی تمثلن أعلى درجة فی اللطف والرحمة فتحن المیادین بشجاعة وإخلاص وتضحیة. وقد ظهرت النساء فی الثورة الإسلامیة وعلمن العالم کیفیة الحضور فی ساحات التسامی وتهذیب النفس وفی الوقت نفسه حافظن على العائلة المتوازنة وفی ساحة الولایة الاجتماعیة والجهاد والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والجهاد الاجتماعی وهذا الأمر سیؤثر على النساء فی کل العالم وسیغیر مصیر ومکانة النساء فی العالم." کلام عظیم مؤثر ومحرک قوی لکل امرأة خاصة أننا نعیش فی مجتمعات بحاجة الى تحول کبیر، تحول رائدته المرأة المقاومة بنجاح على کل الجبهات. فلنسع عملیا الى تأسیس هیئات مفکرة على مستوى العالم الإسلامی تضع الخطط وتوضح للنساء جمیعا ماذا یجب أن تعمل. تشکیل لجان تؤسس نظریا وتؤسس عملیاً من خلال تحویل خطابات القائد الى خطط عملیة بحیث تستطیع کل امرأة وفتاة وطالبة وباحثة وأم أن تعرف دورها وتکلیفها بسهولة. عدم الاکتفاء بالمناسبات للکلام عن هذه القضایا بل التحاور دائما للوصول الى إطار تشریعی، قانونی، أخلاقی یدعم مقاومة المرأة ویرد لها الجمیل الذی قدمته للمجتمع. لن یکون الأمر صعب إذا ما وثقنا بالقدرات التی أعطانا إیاها الإسلام ووثقنا بقائدنا الذی لا ینفک ینفخ فینا قوة وروح معنویة عالیة لم تتلقاها المرأة منذ قرون وقرون. المصدر: مهر للأنباء
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 927 تنزیل PDF: 178 |
||||