الامام الراحل ومؤامرة إفراغ الاسلام المعاصر من محتواه السیاسی

یعرب الکل عن أمله بتحقّق ما کان یصبو إلیه لشعب الإیرانی العزیز نحو تحقیق طموحاته التی ضحى بالغالی والنفیس من أجل إیجاد مجتمع تسوده الحریة والعدل والمساواة، بدلاً من سیاسات النظام البائد المخلّة بالمقدسات والقیم السماویة الخالدة، متمنّیاً أن تسود الصداقة والمودة والسلام والاستقرار، کافة أفراد المجتمع الإیرانی المسلم فی العام المبارک القادم.

فالشعب الإیرانی بأجمعه یرنو الى احترام وتقدیر وتبجیل القیم التی ثار الشعب فی سبیل تحقیقها وتثبیتها فی الأمّة، آملین بأن یستمر ثبات الشعب الإیرانی المقاوم للإستکبار العالمی ولا یتزحزح عن مبادئه العظیمة ولا یتزحزح عنها بالمرّة، کونها مبادئ أساسیة مستمدّة من تعالیم الانبیاء والأئمة الأطهار، وأن یسعى بکل جهده لترسیخ وإقرار التفاهم بینه وبین الشعوب الإسلامیة المختلفة. وتعزیز التضامن والاستقرار والسلام مع الجمیع. ونعرب عن أملنا کذلک، لإقرار العدالة الاجتماعیة المرتکزة‌ على القیم الدینیة والمعنویة والمودة مع کافة شعوب العالم الحرة، وتحقیق الامنیات التأریخیة والذاتیة للانسان المسلم والتحرّرمن قبضة المستکبرین، لتحقیق الاخوّة والأمن والازدهار لکل أحرار العالم فی ظل الایمان بالله تعالى.

وتشهد إیران، قفزة کبیرة للشعب الغیور على دینه وثورته الراسخة، حیث نرى ان سجله حافل بالمعطیات الجلیلة، حیث المنجزات والمکتسبات الهائلة  التی حقّقها الشعب المؤمن بحاضره ومستقبله النیّر.

انها فرصة ثمینة وذهبیة لتنسیق المواقف وتوحید الرؤى لکل المسلمین بإتجاه التحرر من قبضة الانظمة العمیلة السائرة فی رکاب الاستکبار العالمی بزعامة أمریکا وأعوانها من طواغیت الغرب، ولیس هناک وقت أجدر من هذه الفرصة السانحة، حیث مساعی الاعداء لبثّ الخلافات ومواجهة موجة النهضة الاسلامیة، للتواصل مع مختلف أبناء الامّة الاسلامیة الواحدة للتقارب بین القلوب من أجل تعزیز الأواصر بین إیران والدول الاسلامیة، والاستفادة من تجارب ایران فی مقارعة الاستکبار والأنظمة العمیلة، ووضع التجربة الإیرانیة الثرّة تحت تصرف الشعوب الواعیة، لإیصال صدى مظلومیة المسلمین إلى کافة أنحاء العالم، وبثّ أفکار الشعب الإیرانی المتحرّر من ربقة الإستکبار الأمریکی فی سائر شعوب العالم من أجل إعلاء کلمة الوحدة بین المسلمین کافة.

وکان الامام الخمینی الراحل وخلیفته السید الخامنئی، یریان إنّ تغییب الأبعاد السیاسیة  والاجتماعیة الثوریة للاسلام، انما هو مؤامرة وقحة قادها الاستعمار  والحکام العملاء والعلماء المتخلّفون والمزیفون. ولا یکاد خطاب من خطابات الامام الراحل، دون أن  یسلّط الاضواء على هذه المؤامرة الکبرى التی نجحت الى حدّ  ما فی إفراغ الاسلام المعاصر من محتواه السیاسی ومضمونه الفکری والاجتماعی الثوری.

مصرّحاً بکل ثقة: ((لا توجد منفعة أعظم وأسمى من قطْع ید الاستکبار العالمی عن أمتنا الاسلامیة، بل عن المستضعفین جمیعاً، وأی منافع أعظم من قطع ید الجبابرة والمستکبرین والظلَمة من السیطرة على البلدان المستضعفة.

کما إن أحد أهم اهداف الجمهوریة الاسلامیة فی إیران، هو إیجاد التفاهم وترسیخ الأخوّة بین المسلمین والدعوة الى وحدة الکلمة بین المسلمین، وضرورة نبذ الفرقة والتمزّق الذی یسعى أعداء الإسلام إلى إبقائه والمحافظة علیه، ولذا فإن من واجبات الشعب المسلم وفی هذه الظروف الحساسة بالذات، الدعوة إلى توحید الصفوف، ونبذ الخلافات بین فئات المسلمین، وعلى علماء المسلمین، أن یهتموا بهذا الأمر الحیوی، وإیجاد جبهة متراصّة بغیة السعی لتحریر المستضعفین من أسر القوى الاجنبیة الطامعة، والارتفاع بمستوى طموح الشعوب الناهضة التی هبّت وإستجابت لنداء الدین والعقل والضمیر)).

ویستطرد قائلاً: ((کما إننا عندما نرید أن ندرس حرکات الصحوة الاسلامیة، فإن النساء یشکّلن بشکل عام نصف الأعضاء المتواجدین فیها،  وهذه حقیقة معترف بها وهی أن النساء لهن دور فعّال وواسع جداً على مختلف الأصعدة،  ولا یمکن تجاهل دور نصف المجتمع الفعال فی النشاطات والمنظمات والحرکات الثوریة أیضاً)).

ومن جهة أخرى فإن النساء یشکّلن قسماً رئیسیاً ومهماً فی أی حرکة اسلامیة، والنساء یعیْن التحدیات التی تواجهها هذه الحرکات، وبإمکانهن عن طریق إیجاد الوعی فی هذا المجال، والتصدّی لهذه التحدیات، وبما أن النساء یدرکن جیداً مسؤولیاتهن العائلیة والاجتماعیة، فإنهن یستطعن التصدی لهذه التحدیات جیداً.

ولاشک توجد هناک عوامل متعددة تؤثر على مشارکة النساء فی حرکات النهضة الاسلامیة من خلال تعزیز المؤتمرات والندوات العلمیة والثقافیة بل وحتى الاجتماعیة والتربویة،  تستطیع السیدات المسلمات رفع کثیر من الاتهامات المفتعلة والزائفة على أیدی وسائل الإعلام الغربیة المغرضة، ومن خلال ذلک یمکن منح الحوافز والمعنویات للنساء اللواتی یدخلن المجالات الاجتماعیة والعالمیة شیئاً فشیئاً.

 وأخیراً، وعلى حدّ قول قائد الثورة، فإن النماذج الأساسیة للمرأة المسلمة اللاتی یبذلن  الجهود المتواصلة للاستفادة من کفاءاتهن المتنوعة فی الارتقاء بمستواهن على ضوء البنى التحتیة المحلیة والوطنیة السائدة فی البلدان الإسلامیة المختلفة، خاصة وإن الاتصالات والعلاقات الإلکترونیة الیوم تعرّض النساء والرجال إلى مخاطر الانحراف ، لکنها من جهة ثانیة من شأنها تعزیز دور النساء فی النهضة  الإسلامیة إذا استخدمنها بطریقة واعیة متّزنة. وإذا لم نستطع نحن استخدام هذه الآلیة العصریة لصالح النهضة الإسلامیة، فسوف یستفید منها الأعداء ضد صحوة المرأة ونهوضها الفاعل، وهنا ومن هذا المنطلق، الواجب الشرعی یقتضی أن تصبح النساء المسلمات بإمکانهن مزاولة المزید من النشاطات لتحقیق المصالح المادیة والمعنویة الجمّة الناجمة عن التطور العلمی المتسارع مع التزامهن بحجاب إسلامی یصونهن من السقوط فی مزالق ومهاوی الانحراف والأذى.

ولا بأس من التأکید على إن المشارکة الفاعلة  والمؤثرة للمسلمات الواعیات فی التطورات المسماة بالصحوة الإسلامیة ومقارعة الاستکبار الخارجی،  والاستبداد الداخلی للقوى المنحرفة ذات التفکیر السطحی  المخالف للتعالیم والمفاهیم والقیم الإلهیة الإسلامیة، أدت إلى اعادة صقل الهویة الممیزة للمرأة المسلمة، حیث إن الإسلام  وکتابه السماوی ( القرآن الکریم) عزیا سلامة الإنسان إلى  الاحترام والکرامة والحریة وحق الاختیار المناسب  وتحدید المستقبل والمصیر بفعل ظلم الأنظمة الاستبدادیة الشدید، والذی لا یمکن تخیّله فی الأعوام الأخیرة ضد المرأة المسلمة، إذ إنها حُرمت کثیراُ من حقوقها الإلهیة والإنسانیة،  وأُلبست هویة مزورة وکاذبة من المفاهیم الغربیة الوضیعة التی لها مروّجون کثیرون حتى فی الغرب.

من هنا، ینبغی على  المسلمات الاهتمام أکثر بتربیة الجیل الشاب الواعی، لکی یصبحن العنصر الاساسی فی إنجاح هذه العملیة التربویة الهادفة، من خلال الاعتماد على أسس المفاهیم  والقیم الإسلامیة الثوریة، لیستعدن هویتهن الأصیلة التی فقدنها بسبب محاولات الغرب الغاشمة... والذی یسرّنا ویبعث الإعجاب فینا إن هذه الهویة تنمو وتتسع وتزدهر یوماً بعد آخر، وتکون دلیلاً قویاً لجمیع نساء العالم لحثّ الخطى نحو التحرر من قیود الاستکبار العالمی والصهیونیة الغادرة .