تأثیر الثورة الإسلامیة فی إیران على نساء المنطقة وتوعیتهن | ||||
PDF (177 K) | ||||
الكلمات الرئيسية | ||||
الإسلامیة - إیران- نساء | ||||
تأثیر الثورة الإسلامیة فی إیران على نساء المنطقة وتوعیتهن نجوى الدسوقی
کان للمرأة کلام فی کل العصور، سواء بالصمت أم بالتحرک. وفی العصور القدیمة لم تملک المرأة آلیة التحرّک والتغییر، ولم تنصفها بعض الحضارات أو الأدیان القدیمة، فعاشت مقهورة لا حول لها ولا قوة. وجاء الإسلام وأوقف أنفاس الزمن للحظات، وأعلن عن المرأة الإنسانة التی تستحق الحیاة کما یستحقها الرجل، وکانت السیدة خدیجة والسیدة فاطمة والسیدة زینب من أوائل النساء اللواتی قمن بادوار توعویة مصیریة کبیرة تهدف الی بناء المجتمع السلیم، وهناک الکثیر من الأحادیث النبویة عن السیدة خدیجة والسیدة فاطمة، وکذلک الأدوار التی قمن بها، مما أعطى صورة مختلفة عن التعاطی والتعامل مع المرأة فیما بعد کونها إمرأة متمکّنة منذ فجر الإسلام، وهناک الکثیر من الأمثلة عن نساء أخریات کان لهن دور فعّال فی بناء مجتمعاتهن، وکان لکل حقبة إسلامیة شأن خاص بالنسبة للمرأة، واختلف الفقهاء فی تفسیر مشارکة المرأة فی المجتمع، فکانت هناک بعض الأفکار والأیدیولوجیات التی حدّت من مشارکة المرأة، بینما أعطتها إیدیولوجیات وأفکار أخرى، مجالاّ واسعاً للمشارکة، ومن بینها کانت تجربة المرأة الإیرانیة، وتجربة المرأة اللبنانیة، وخاصة المرأة المشارکة فی المقاومة بعد ثورة الإمام الخمینی(رضوان الله علیه ) فی إیران، بتأثیرات الثورة الإسلامیة وفکر الإمام الخمینی. إلا إن هذه الصحوة بحاجة إلى إستراتیجیات للحفاظ علیها، ولإستمراریة المکتسبات، ونحن نرى أن المرأة التی نهضت بوضعها وطالبت بالوصول إلى حقوقها السیاسیة والاجتماعیة من أجل بناء مجتمع أفضل، علیها أن تعی الخطر الذی لا زال قائما ویهدّد صحوتها من خلال محاولة الغرب الآن، الالتفاف على صحوة الشعوب وعدم تحقیق الأهداف. ولقد أوصى السید القائد الإمام الخامنئی، شباب الصحوة الإسلامیة بالمحافظة على إنجازات الصحوة التی حققوها بقوله: الصحوة الإسلامیة تواجه تحدٍ وهو وضْع إستراتیجیات تربویة وإعلامیة لنهضة الأمّة الإسلامیة من أجل تحقیق عالمیة الإسلام، وتحقیق السیادة الفکریة للشعوب الإسلامیة من خلال الإجتماع على ثقافة إسلامیة تواجه النظام الثقافی الآحادی الجانب الذی فرضته العولمة، وهیمنت على خصوصیات ثقافات العالم الإسلامی من خلاله. وفی العصر الحدیث، مرّت المرأة المسلمة عبر تجارب عدیدة، فکان یُحظر على المرأة فی بعض الجماعات، أیّ نشاط خارج منزلها، وکانت تُمنع من حقها فی أبسط المسائل فی الحیاة، والظلم بحقها کان واضحاً مما شجّع الإعلام الغربی على تلقف هذه الصورة التطبیقیة وتعمیمها کنموذج یُستدل به على ظلم الإسلام للمرأة، وراحت منظّمات حقوق المرأة والحرکات (النسویة) ترفع من لهجة خطابها مُناشدة المدافعین عن الحریات بفکّ قیْد المرأة فی بلاد المسلمین، وکنّا نرى کیف کان الإعلام الغربی یرکّز على وضعیة المرأة. وصار الإنسان الغربی یعتقد بأن فلسفة وضع الحجاب على رأس المرأة هی لصمّ آذانها ومنْعها من التواصل مع العالم الخارجی. فی هذا کلّه کان هناک فرصة لتجربة أخرى بدأت تظهر للعالم کنموذج مختلف، وهی تجربة المرأة الإیرانیة فی الثورة الإسلامیة التی کانت أول بوادر، ظهور الصحوات فی المنطقة، کما وساهمت الدولة بعد انتصار الثورة الإسلامیة فی تعزیز دور المرأة وإبرازه کنموذج مقابل النموذج الذی یُظهره الغرب، إلا أن هناک تجربة أخرى مهمة لم تأخذ حقّها بعد بالإعلان عنها کنموذج، وهی تجربة المرأة اللبنانیة وخاصة المرأة المقاومة، تجربة المرأة المتعدّدة المهام والتی تماهت مع الثورة الإسلامیة فی إیران، فی تنمیة المجتمع وکان لها دور فعّال فی بناء مجتمع المقاومة الذی یمکن إعتباره صحوة إسلامیة إجتماعیة داخل مجتمع متنوّع ویمیل إلى التغریب أکثر من الأسلمة، کوْن لبنان بلد منفتح على أوروبا والغرب، فأثبتت المرأة المقاومة فی لبنان أنها کانت فعلا مثالاً لقول الإمام الخمینی (قدس): المرأة کالقرآن کلاهما أُوکل إلیه مهمّة صنع الرجال. ولا یمکن لنا أن نتکلم عن الصحوة دون ذکر ما قامت وتقوم به الآن المرأة بمشارکتها إلى جانب الرجل فی الصحوة الإسلامیة التی یشهدها العالم العربی، وخاصة المرأة فی البحرین التی تعانی الإعتقال والتعذیب فی السجون فی سبیل تحقیق الکرامة والعزة لأمّتها، وکذلک المرأة فی فلسطین المحتلة التی تعانی من جبروت الصهاینة فی السجون، وتُعانی هی وعائلتها من القتل والتهجیر بعد تدمیر البیوت، خاصة فی القدس التی یحاول الصهاینة تهویدها بالکامل من خلال طرد المقدسیین، إلا أنّ المرأة الفلسطینیة تقف فی وجه المحتل وتناضل إلى جانب الرجل من أجل الدفاع عن حقها وحق عائلتها، إضافة إلى دفاعها عن المقدسات. صحوة المرأة فی جنوب لبنان یرى بعض المثقفین بأن لدى المرأة اللبنانیة وعیاً وثقافة تختلف عن المرأة فی سائر دول المنطقة بسبب التعدّد الطائفی الموجود فی المجتمع اللبنانی فینعکس تعدداً ثقافیاً ممیزاً. ولقد خاضت المرأة الجنوبیة مع الرجل، معرکة البقاء من ناحیة الوجود والثبات فی الأرض بحکم الجغرافیة ووجود فلسطین على الحدود مع لبنان، وکانت أرض واحدة لم یفصل بینها حدود، حتى جاء الإحتلال الصهیونی ،وکان إتفاق سایکس- بیکو الذی قسّم الترِکة العثمانیة، فکان لبنان من حصّة فرنسا، وفلسطین من حصّة بریطانیا، وفیما بعد سلّمت بریطانیا فلسطین للیهود لیبنوا دولتهم ذات العنوان الیهودی المحض، ولیطردوا سکانها الأصلیین کما فعل الأوروبیون المهاجرون إلى أمیرکا الشمالیة حیث قتلوا وأبادوا حضارة السکان الأصلیین بکاملها وبنوا دولتهم. تأثر الجنوب اللبنانی باحتلال فلسطین، بحکم الجغرافیا والعلاقات التی کانت المتنفس لکلا الجانبین من الناحیة الإقتصادیة. ولم تتوقف إسرائیل عند احتلال أرض فلسطین فقط، بل تابعت محاولاتها لإحتلالات أخرى لدول مجاورة لفلسطین ومنها لبنان، ناهیک عن الإعتداءات التی کانت شبه یومیة على القرى والبلدات الجنوبیة، والتی کان یسقط بنتیجتها الکثیر من الضحایا. کل ذلک والدولة اللبنانیة عاجزة عن حمایة المواطنین من الاعتداءات بسبب عجزها العسکری من جهة، وعدم وجود رغبة بتغییر هذا العجز من جهة ثانیة، فکان لا بد من حراک ذاتی یقوم به أهل المنطقة الجنوبیة حفاظاً على بقائهم إستناداً إلى سُنّة الحیاة والرغبة فی البقاء، وأیضاً نتیجة للتربیة الحسینیة التی تربّوا علیها برفض الظلم والوقوف فی وجه الطاغوت، وهذه من مفارقات وجود الأکثریة من سکان الجنوب اللبنانی على الحدود من فلسطین المحتلة ممن یحملون الإیدیولجیة الحسینیة. فکانت من أهم المفاعیل التربویة لثورة الإِمام الخمینی فی لبنان، حیث التقف التوّاقون إلى مسار إسلامی صحیح، وإلى نموذج جدید یعید الأمّة إلى عزّها وإلى ما کانت علیه فی بدایات الدعوة المحمدیة، وبدأ عاشقو الرسول ورسالته فی رحلة جدیدة فیها الکثیر من الأمل بتحقیق العدل الإلهی، وبایعوا الإمام الخمینی وآزروه فی ثورته، من خلال المواقف التی هی فی عصْرنا الحدیث، لها ثقل لا یقل عن المؤازة من خلال حملة عسکریة، کما کان الحال فی العصور السابقة، وبالرغم من أن الإسلام لا یحدّه حدود دولة، ولکن التقسیم العالمی لحدود الدول، جعل الناس مُرغمة على استخدام مصطلحات هذا التقسیم، وأن ینتمی کل إنسان إلى مکان جغرافی محدد، فکان هناک الإیرانی والأفغانی واللبنانی والعراقی والسوری والفلسطینی إلخ .. من التسمیات. وتأثیر الثورة الإسلامیة التربوی طال معظم هذه الدول بما فیها لبنان، ولبنان کان أکثرها تأثرا بسبب طبیعته المنفتحة على الخارج نظرأ لوجود ثمانیة عشر طائفة، وکل طائفة لها امتداداتها السیاسیة والإقتصادیة والدینیة وبالتالی التربویة. وبما أن لبنان فیه نسبة کبیرة من الشیعة، کان التأثّر واضحاً بالنسبة لثورة الإمام الخمینی، وخاصة وأن السید موسى الصدر کان قد أسس قبل الثورة الإیرانیة لمجتمع شیعی، وهیّأ له سُبل التحرک بعد أن کان هذا المجتمع یعیش فی حالة اضطهاد على مدى قرون. وبدأت المفاعیل التربویة تظهر من خلال تحرکات شعبیة، کانت المرأة نواته، وخاصة فی أیام عاشوراء حیث تکون المشاعر قویة فی اتجاه الوقوف ضد الظلم والظالم، کما فعل الإمام الحسین(ع). ثم بعد ذلک، بدأ التأثیر یظهر من خلال المؤسسات التعلیمیة والحوزویة والدروس التثقیفیة فی المناطق والأحیاء، وکانت الناس عطشى لتعلّم أمور دینها مما ساعد على نمو سریع على صعید الوعی الدینی والإجتماعی، ناهیک عن وجود الحوزة العلمیة فی مدینة قم المقدسة فی إیران التی احتلت مرتبة مهمة فی تخریج العلماء بعد أن وضع صدام حسین فی العراق، الضغوطات على الحوزة العلمیة التأریخیة فی النجف الأشرف فی العراق. وبطبیعة الحال، فإن التطور التربوی الدینی الذی شهده لبنان وخاصة الشیعة کان له إنعکاساته على المجتمع ککل. والمرأة اللبنانیة الشیعیة التی تربّت على ثورة الإمام الحسین لم تجد صعوبة فی المماثلة بالتأثر بثورة الإمام الخمینی، فقامت بدورها بتربیة أطفالها على ما تربت هی علیه. التجربة الخاصة للمرأة فی المقاومة اعتمدت المقاومة منذ تأسیسها على مشارکة المرأة فی مجالات عدیدة وشجّعتها على متابعة التحصیل العلمی الذی هو أساس التنمیة الإجتماعیة، فکانت جنباً إلى جنب مع الرجل، لا بل سبقت الرجل فی میدان العمل الإجتماعی بالإضافة إلى مشارکته فی میادین أخرى، ووصلت إلى أعلى مستوات التعلیم ورفدت المجتمع بطبیبات ومحامیات وأستاذات جامعیات وباحثات وإعلامیات، وکانت خیر مثال لقول الإمام الخمینی(قدس): المرأة نصف المجتمع وتشارک الرجل فی النصف الآخر. وبفضل المستوى العلمی والثقافی الذی وصلت إلیه المرأة أصبح المجتمع مکتفیا ذاتیا بعد أن کان معتمدا على الآخرین من الطوائف الأخرى التی کانت تملک الإمکانیات والدعم الدولی منذ تأسیس لبنان عام 1920، وکان المسلمون الشیعة من أکثر الطوائف حرماناً.
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 2,656 تنزیل PDF: 740 |
||||