المرأة مُکلّفة کالرجل فی حمایة مکاسب الثورة الإسلامیة | ||||
PDF (191 K) | ||||
الكلمات الرئيسية | ||||
الخمینی | ||||
المرأة فی فکر الإمام الراحل المرأة مُکلّفة کالرجل فی حمایة مکاسب الثورة الإسلامیة إلهام هاشم
قضیّة المرأة فی نظر الإمام الخمینیّ الراحل، لا تبتعد عن نظرته الکلّیة للمجتمع المسلم، فهی تحضر فی مسؤولیاته کافة، والمرأة جزء لا یتجزّأ من خطابه الفقهی والفکریّ، وتتواجد فی نتاجاته المتعدّدة، وقد شهد الحضور الدائم للمرأة فی فکر الإمام الخمینیّ، قفزات مُرکّزة بین حین. وقد تمیّز نهج الإمام الراحل عن التوجهات الإسلامیة الأخرى التی کانت تعتقد إنّ الإسلام بالرغم من أنه قد حرّر المرأة ومنحها حقوقها، لکنها لم تُفسّر کیف تنتقل هذه القناعات العامة الى ارض الواقع. وبالتالی فقد درس الإمام الخمینّی قضیّة المرأة دراسة وافیة، وکان حدیثه عن المرأة المسلمة بصورة عامة، محوراً دائماً فی رسائله وکتبه وخطبه المتعلقة بالأوضاع الاجتماعیّة والسیاسیّة. فالإمامٍ الراحل کان مقتنعاً بأنّ الدین الإسلامی منح النساء اهتماماً فائقاً یکاد یفوق اهتمامه بالرجال، حیث أکّد فی أکثر من حدیث تلفزیونی وإذاعی وصحافی جواباً على الأسئلة التی کانت تُوجّه إلیه، عمّا ستؤول إلیه أوضاع المرأة فی ظل الجمهوریة الاسلامیة، على حقوق المرأة إنطلاقاً من نظرة الإسلام إلیها وإحترامه الخاص لها. وما یجدر الإلتفات إلیه فی هذا المجال، هو الحضور الراسخ والفاعل للنساء فی ساحة الکفاح قبل إنتصار الثورة الإسلامیّة، وذلک فی مقاومتهن الصامدة لضغوط نظام الشاه وقمعه لعوائلهن، وتحملهنّ المشاکل والأخطار وتشجیع أبنائهن وأزواجهن وترغیبهم بالمقاومة، وتقدیم المساعدات لهم فی هذا الشأن، کل ذلک کان عاملاً مشجّعاً فی استمرار المسیرة نحو إنتصارالثورة فی نهایة المطاف. وفی الواقع لولا هذا الثبات والصمود، ولولا تشجیع النساء للمجاهدین، ودعمهن لهم، لما کانت هذه المقاومة قد کواصلت، ولما ترعرعت هذه الجذور التی صنعت الثورة. وإستمرّ هذا الوجود النسوی فی المجال السیاسیّ بعد انتصار الثورة المظفّرة، وکان توجّههنّ الیومیّ نحو مقرّ إقامة الإمام فی العاصمة طهران، وفی قم قمن وبکل حزم القائد الذی کان یعرف معانات وآلام شعبه، وکنّ ییکنن له الاحترام من أعماق وجودهن ویطعن أوامره بدقّة. ولقد سعت النساء جنباً إلى جنب الرجال فی إعادة إعمار البلاد، وأقدمت الجمعیات النسائیة وبالأخص (جمعیة نساء إیران) على حضّ النساء على الإنخراط فی منظمة (جهاد البناء)، حیث قدّر الإمام الخمینّی هذا الدور الذی تبوأته النساء وأکّد علیه فی خطبه وأحادیثه، وکذلک فَعَل رموز الثورة الآخرون، فما من بیان أو خطاب أُلقی أو کُتب فی إیران بمناسبة إنتصار الثورة، أو فی المناسبات الدینیة والسیاسیّة المتعدّدة إلا وذُکر فیه، دور المرأة فی إنجاح الثورة وبقائها. وکان الإمام یشبّه نساء الثورة – دائماً - بنساء الصدر الأول للإسلام من حیث مشارکتهنّ فی الجهاد، وأسهامهنّ فی تقریر مصیر وطنهنّ، وبعد عدّة أعوام من إنتصار الثورة، قارن الإمام بین ما کانت علیه أوضاع النساء قبل الثورة وما صرْن إلیه من عزّة وکرامة، إذ ثمنّ الإمام الخمینّی الراحل وقادة الثورة منذ البدایة، الدور الذی جسّدته المرأة الإیرانیة المجاهدة فی مرحلة النضال وبعد انتصار الثورة، وأدرکوا کثرة المشاکل التی کانت تعانی منها المرأة فی المجتمع، ورأى الامام أنّ أهم الخطوات التی من شأنها أن ترقى بمستوى النساء الإیرانیات وإستعداداتهن العدیدة فی المجتمع الإسلامی، من خلال طرح الأفکار الإسلامیّة الأصیلة لکی تستفید منه النساء أجمع، وإنشاء منظّمات نسائیة إسلامیة هادفة، لدراسة النواحی الحقوقیّة المختلفة، والمشاکل التی تعانی منها النساء. ففی العام 1986م، تمّ تأسیس (جمعیة النساء فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة).وکان من غایات وأهداف هذه الجمعیّة المهمّة، الإرتقاء بشخصیّة المرأة الثقافیّة والفکریّة والعلمیّة فی حدود الاهداف الإسلامیّة المقدّسة، والعمل لتحقیق مطالب وحقوق المرأة وتثبیت موقعها الأساسی فی العائلة والمجتمع، ورفع مستوى النساء فی الأنشطة الإجتماعیّة الهادفة السلیمة، ودعم الحرکات النسویّة الاصیلة والنزیهة فی شتى أنحاء العالم. وکانت النساء المسؤولات والمعنیات یقمن بزیارات – بین الآونة والأخرى - إلى مختلف البلدان للاطلاع على تجارب الشعوب فی المیادین والحقول الإجتماعیّة والتربویة، ولعرض تجارب المرأة الإیرانیّة ورؤى الحکومة الإسلامیّة الرشیدة. وفی أوائل العام 1991 تمّ تأسیس (مکتب شؤون المرأة)، کمرکز أوحد ترتبط به جمیع الجمعیات والمنظمات النسائیة، حیث قام هذا المکتب خلال السنوات الأخیرة بإعداد ونشر الأبحاث المختلفة حول: المرأة والصحة، أوضاع ربات البیُوت، الإستخدام والعمل، المساهمة السیاسیّة، الریاضة، وأُقیم مصرف معلومات ضخم ومکتبة کبیرة حول القضایا النسائیّة المُلحّة، کما أصدر مکتب شؤون المرأة أکثر من خمسین مطبوعة متنوعة تعالج مواضیع تخصّ المرأة والطفولة. ولم ینس الإمام الراحل التأکید على أنّه من الفروض على الجمیع، رجالاً ونساءً التدخّل فی القضایا السیاسیّة والقضایا الإجتماعیّة والنظر فیها، ومراقبة المجلس وأعمال الحکومة وإبداء وجهات نظرهم فیها ، وفی التحضیر لانتخابات المجلس التشریعیّ، وحثّ الإمام الراحل، النساء على أن یصبحن فاعلات فی العملیة الإنتخابیة کالرجل، لأنّ مستقبل إیران، مستقبل الجمیع رجالاً ونساءً، ولأنّ الإنتخابات هی التی تقرّر – بالفعل - طبیعة عمل مجلس الشورى؛ ولأنّ الانتخابات هی التی ینبغی لها أن تحدد سیاسة البلاد فی الداخل والخارج. کما ینبغی أن یکون للنساء دورٌ فاعلٌ فی تزکیة الأشخاص المؤهّلین والصالحین للدخول إلى المجلس. ولاریب إن مسؤولیّة المرأة فی مجلس الشورى مسؤولیّة نوعیة، فهی إضافة إلى دورها فی مناقشة القضایا القانونیّة والسیاسیّة وغیرها من القضایا المهمّة، علیها أن تطرح مشکلات المرأة ومعاناتها المتواصلة فی المجتمع، وأن تقترح مشاریع القوانین التی تساهم فی إزالتها بالمرّة. وبذلک کانت إلى جوار کلّ واحد من الوزراء، مستشارة خاصة فی وزارته للتعاطی فی شؤون المرأة، لأنّ إزالة التمییز الإجتماعیّ بحقّها أصعب کثیراً من محو التمییز القانونیّ . وقد تأسس(مکتب مشارکة المرأة)، ودوْره دراسة مستوى مشارکة النساء فی البلاد، کما یهدف إلى رفع مستوى المشارکة النسویة، وخاصة من النساء اللواتی یُسمح لهنّ مزاولة جمیع الحقول والمیادین وتعزیزها. وقد بلغ عدد اللواتی تولیّن منصب مدیر عام فی وزارات الحکومة، عدة آلاف من النساء من إجمالی عدد المدراء العامّین البالغ 50000مدیراً، أغلبهن فی رئاسة الجمهوریة ووزارة الصّحة والصّیدلة والإقتصاد. وراوحت أعمار المدیرات ما بین 30 و 48سنة، وبلغت نسبة الإیرانیات اللواتی تولّین منصب وزیر ونائبة وزیر 6% من إجمالی شاغلی هذه الوظیفة الحساسة فی الوقت نفسه. أمّا مستوى الأمّیة فی إیران فقد کان مرتفعاً ارتفاعاً مشهودا على الرغم من مزاعم النظام البائد وکلامه على العصرنة والتحدیث وغیرذلک، وطموحه لجعل إیران دولة تقف فی مستوى الدول الکبرى. والمعروف أن الدستور الإیرانی أکّد على دور الحکومة فی توفیرالفرص التی تتیح للمرأة التعلّم وتطویر نفسها وإعمال فکرها الوقّاد. وفی الوقت نفسه شدّد قادة الثورة جمیعاً دون إستثناء على أهمیة وظیفة المرأة فی الأسرة وفی المجتمع کونها مربیة الأجیال. وکان الإمام الخمینّی قد إرتأى منذ البدایة بوجوب ملاحظة بعض الخصائص والعمل بها، مثل الإرتقاء بمستوى ثقافة المرأة وتعلیمها، لأنّ النساء کنّ أدنى من الرجال ثقافة على الدوام، ومحرومات من الثقافة الإسلامیة الحقیقیة، والعودة إلى الذات، أی أن تبرأ المرأة من الاعتقاد الخاطئ عن نفسها والذی حمّلتنا إیاه الثقافة الغربیة المنحلة. وکان الإمام الراحل یرى دائماً إنّ المرأة فی جمیع مراحل حیاتها، ینبغی أن تعیش کإنسان کامل، وبإمکانها أن تصبح کالرجل، عالمة وفیلسوفة ومخترعة وعنصراً نافعاً فی الحقول الإداریّة والسیاسیّة والحکومیّة، حیث واصل قادة إیران التأکید بصورة مستمرة على ضرورة التعلیم وأهمیته ، لأنّ مشکلة الأمیة لم یکن حلّها یتم فی عقد أو عقدین من الزمان. ولقد تبیّن منذ الأیام الأولى للإنتصار المبارک إن عدد الطبیبات ضئیلٌ جدًا، ومنحصرٌ فی المدن الکبرى من البلاد، لذلک حثّ الإمام النساء فی وقتها على الإنخراط فی جمیع المیادین التخصّصیة وبالذات العلمیّة والصحّیة. کما طالبت لجنة التعلیم العالی فی المجلس الثقافی ـ الإجتماعیّ للنساء، برفع الإجحاف الموجود بحق النساء لمتابعة التحصیل فی أکثر الأقسام الجامعیة وتربیة عناصر ملتزمة للدخول إلى الجامعة أیضاً. وارتفعت کمیة الکتب التی تصدر سنویاً عن دور النشر العامة والخاصة فی إیران المتعلّقة بالنساء، والتی تعالج مواضیع عامة بالأنسان ومواضیع خاصة بالأسرة والمرأة والطفل والصحة النفسیة والجسدیة، وموقع النساء فی الحروب، والنساء المکافحات فی التأریخ، فضلاً عن الکتب المترجمة فی الأدب والسیاسة والاقتصاد والفنّ. أما بالنسبة إلى المجلات والصحف، فقد أعلنت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامیّ عن صدور 100ترخیصاً لنشر مجلات وصحف بإدارات نسویة فی السنوات العشرة الأخیرة، کما أصدرت الوزارة 60 ترخیصاً لنشر کتب المثقّفات الإیرانیات، وقد صنّفت أکثر من ألف امرأة آثاراً بأشکال مختلفة شقّت طریقها إلى دور النشر. وفی الحقل الأدبیّ أصدرت النساء الإیرانیّات 410 کتابا تضمنت 310 أعمال أدبیّة رائعة وإبداعیّة. ومما یلفت للإنتباه إن الدستور الإیرانیّ یکفل التساوی أمام القانون وعلى حدّ سواء، إذ یتمتع الرجال والنساء بحقوق متساویة فی العمل والتعلیم المجانی وتقدیمات الضمان الاجتماعیّ. وکان الإمام یطلب من نساء إیران کافة وبخاصة اللواتی یتولَّین مسؤولیات ثقافیّة وعلمیّة أن یتحرّکن فی ظل القیم الإسلامیة الحقّة وأن یرعین الحجاب التام فی کافة نشاطاتهن الثقافیة و الاجتماعیة والسیاسیة. ومهما یکن من شیء، فقد أعطى الإمام الخمینی، المرأة دفعة، عندما قال فیها مدحاً لم یقله أحد فی أیّة إمرأة من قبل، فهی عنده : (نصف المجتمع، وتشارک الرجل فی نصفه الثانی) وکذلک (المرأة کالقرآن، کلاهما أُوکل إلیه مهمّة صنْع الرجال)، ویحیل لها الفضل الکبیر فی الإنتصاربقوله: (إن إنتصار الثورة کان هدیة النساء لنا قبل أن یکون حصیلة جهاد الرجال). فالثورة الإسلامیة الإیرانیة إنتصرت، وأفکار الإمام الراحل أثبتت أن تعالیم الدین بمقدورها أن تبعث الحرکة والنشاط فی الأمّة وتقودها نحو الإصلاح السیاسی والثقافی والإقتصادی والاجتماعی. وفی هذا السیاق، انبرت المرأة المسلمة للإنخراط فی شتى الحقول الاجتماعیة، من خلال التأسی بقدوة صالحة، وهی سیدة نساء العالمین فاطمة الزهراء (علیها السلام)، والاستفادة من الدعم المتواصل الذی کان یقدّمه الامام القائد، وإشادته بمکانة ومقام المرأة النابع من تعالیم القرآن الأصیلة، فحقّقت المرأة الإیرانیة بذلک، نجاحات تلو النجاحات فی المجالات التعلیمیة والإجتماعیة والصناعیة والبحثیة. وکان لها الکم الهائل من الإبتکارات والإبداعات والإختراعات، ویظهر ذلک بوضوح، من خلال تزاید معدل نجاح المرأة فی المسابقات العلمیة والجامعات وحضورها المُلفت فی تأسیس وإدارة المؤسسات الإقتصادیة والتعلیمیة ، فنسبة النساء الخریجات فی قسم من الإختصاصات تتجاوز ال70% بحسب الإحصاءات المتوفّرة. وعقیدة الإمام الخمینی ونظریته فی التکلیف تدل علی ان المسلمین مکلّفین – رجالاً ونساءً - بالمشارکة عکس العملیة الرائجة فی الحضارة الغربیة المعاصرة التی تعتبر المشارکة، حق شعبی بینما یعتبر المشارکة الشعبیة فی الساحة ترتبط بالحکومة المسؤولة، وهی واجب شرعی لا یمکن التغاضی عنه، وإن عزوف الرجال عن المشارکة فی المواقع الهامّة للمسؤولیات الحسّاسة التی ینبغی علیهم المشارکة فیها، یعدّ من الذنوب التی لا تغتفر، حیث إن الإمام فی وصیّته، أکد علی المساهمة فی الأمور الاجتماعیة والسیاسیة وهی ضرورة مُلحّة لکل شرائح المجتمع، وحثّ دوماً علی مشارکة المرأة والشباب وبقیة شرائح المجتمع ، مثلما یؤکد الیوم سماحة القائد السید علی الخامنئی علی أهمّیة مشارکة المرأة وبإستمرار فی الساحة، وحضور المرأة المثقفة الواعیة فی النهضة الاسلامیة، ویعتبر عدم المشارکة الشعبیة فی الشوون الحکومیة والسیاسیة، وانطواء الشعب وبعده عن الحکومة، یفتح الأبواب بوجه القوی الاستعماریة الغربیة للتدخل فی شؤون البلاد، والهیمنة علی مقدرات البلاد وثرواتها. وبتعبیر آخر، یعتقد الإمام الراحل إن الاستقلال الاقتصادی و السیاسی للبلاد، مرتبط بمشارکة الشعب الواسعة فی النشاط الحکومی والسیاسی للبلاد، من منطلق حدیث النبی (ص): کلکم راع وکلکم مسؤول عن رعیته. هذه المشارکة التی لا تقتصر علی عنصر وجنس معین . والمشارکة السیاسیة حق متوفّر لجمیع فئات الشعب، رجالا ونساء، ویستطیع الکل، الاستفادة من هذا الحق، ولا یحق لأی کان سلبهم ایاه . ومن الحقوق الأخری التی یوفّرها الدین الإسلامی للانسان، هی حق تقریر المصیر الذی هو حق وهبه الله عزّ وجلّ للإنسان المسلم، وإن إحدی أهم موارد الاستفادة من هذا الحق، مشارکة الأفراد فی ادارة أمور المجتمع، ویحقّ للنساء ذلک بکل تأکید. ومن هنا فالمشارکة فی القضایا السیاسیة مثل الانتخابات، التی یعتمد علیها استقلال النظام وقوة الشعب وعظمته، هو حقّ مکفول للأمّة الاسلامیة ومن ثمّ التکلیف، أی إن تنفیذه واجب على الجمیع، لذلک نلاحظ إن القرآن الکریم، یُخاطب الرجل المرأة معاً، ویحمّلهما المسؤولیة أمام المجتمع معاً، ویدعوهما إلی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، والمشارکة فی الأمور الاجتماعیة والسیاسیة، وعدم ترک الساحة الاجتماعیة والسیاسیة، من اجل الوصول إلی السعادة والکمال فی المجتمع الاسلامی.
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 2,438 تنزیل PDF: 681 |
||||