المسیرة الملیونیة إلى کربلاء .. رمز للوحدة الإسلامیة المنتظرة | ||||
PDF (196 K) | ||||
الكلمات الرئيسية | ||||
محرم؛ صفر | ||||
المسیرة الملیونیة إلى کربلاء .. رمز للوحدة الإسلامیة المنتظرة یستقبل محبو الحسین وعشّاقه شهری محرم وصفر بمزید من الحزن والأسى لما جرى فی کربلاء من مذبحة مروّعة تخجل له الأنسانیة بحق حفید النبی الأمین (ص) من الشرک والضیاع والضلال، فکان أجر هذا النبی الأکرم هو قتل ابن بنته الحسین (علیه السلام) وسبی أهله وأصحابه وأخذهم مخفورین إلى مجلس یزید اللعین، وفی یوم الأربعین یتّجه المحبون والموالون نحو کربلاء مشیاً على الأقدام، کقلیل من الوفاء لهذا الأمام الهمام. . لقد واجهت هذه المسیرة المقدّسة عبر العصور لأقسى حملات التنکیل والتقتیل والخناق والتضییق حتى فُرضت جبایة باهظة على الزائرین لکل من أراد زیارة الحسین، ولکن الزوار الکرام لم یمنعهم ذلک الظلم والجور والتعسف والحیف الکبیر عن زیارة مولاهم وإمامهم العظیم. وها هی الملایین الیوم فی المسیرة الحسینیة الخالدة تتقاطر من کلّ جهة نحو حرم الحسین (ع) وتطلق شعارات الذی تهزّ الأرض تحت أقدام الظلَمة والفاسقین. ولقد دأب أعداء أهل البیت النبوی النیل من زوار الحسین وعشّاقه بشتى الأسالیب لیلتحقوا بقتلة الحسین (ع) وجلاوزته فی شتى العصور والأزمنة. فی عصرنا الحالی عصر الحریة والدیمقراطیة وإحترام الرأی الآخر، یحاول البعض ممن یفکرون باستمرار بحثاً عن ذریعة واهیة، التعرض لزائری الحسین والمتّجهین لمرقده مشیاً على الأقدام، بحججداحضة. والزاحفون نحو کربلاء المشرّفة هم أمّة عریضة ولیس طبقة أو فئة أو حزب أوعشیرة معینة، فیهم الطبیب والمهندس والمعلم والمحامی والأستاذ الجامعی والتلمیذ والجندی والشرطی والفلاح والعامل وطالب العلم والتاجر والخطیب والعالم من الرجال والنساء وکذلک الأطفال والکهول والشیوخ من العراقیین وغیر العراقیین ومن العرب والأوربیین والأجانب، سواء من المسلمین والمسیحیین والصابئة وغیرهم، بل یقصد کربلاء فی یوم الأربعین مَن یُعلِن إسلامهُ فی أرض القداسة والطهر . فالسائر فی طریق الله یأتی من تلقاء نفسه ولم یرغمه أحد على ذلک، إنه ینوی التقرب إلى الله بهذا المسیرالشاق، فیتحمل التعب والعناء ویواصل السیر لیل نهار. وفی الطریق إلى کربلاء، مجالس ومساجد یذکر فیها اسم الله کثیرا، والسائرون یقیمون الصلاة فی أوقاتها، ویستمعون إلى وعظ الخطباء والعلماء، حتى أن البعض یتعلم الصلاة فی سیره إلى کربلاء. وتنشأ بین السائرین إلى کربلاء، علاقات إیمانیة وأخویة وثیقة ویستمر التزوار والتواصل فیما بینهم بعد العودة من کربلاء لأن البیئة التی حصلت فیها هی بیئة نقیة صالحة. وفی کربلاء، تقام ندوات وتعقد مؤتمرات أخلاقیة وفکریة، ولیس هناک أعظم من المؤتمر الملیونی الحسینی العفوی الذی یقیمه زوار الحسین الذین أمّوا وجوهم نحو کربلاء من کلّ جهة وناحیة. والسیر إلى کربلاء فیه من الفوائد النفسیة والریاضیة ما یکون علاجاَ فاعلاً للکثیر من الأزمات والأمراض التی یسببها الخمول والکسل والکآبة والشعور بالوحدة. والبعض یعلن توبته فی الطریق إلى کربلاء، ویعاهد الله أن لا یرتکباً سوءاً ولا یقترف منکراً، وهو أفضل مکان مناسب لتذکیر النفس بیوم الحساب. والطریق إلى کربلاء یجمع المؤمنین، لأن الحسین للإنسانیة جمعاء، وهو الذی حارب الفساد والظلم وقدّم أهل بیته ضحایا فی سبیل إعلاء کلمة الحق خفّاقة. توحید المحبین والعاشقین فی سبیل بناء مجتمع فاضل تؤکد الوقائع الملموسة أن للحسین (علیه السلام) ما یجعل أقلوب الناس تهوی إلیه، ویجتمع المؤمنون الواعون حوله، وأن لدى الحسین (ع) ما یشجّع الناس على الاقتراب من قیم الخیر والسلام والعدل، لیتعاونوا على البر والتقوى والصلاح من أجل خیر مجتمعاتهم والإنسانیة جمعاء. وامتداداً لنهضة الحسین، فإن زیارة الأربعین، دعوة متجددة للإصلاح والانتصار على النفس، فکانت –ولم تزل- مدرسة کبرى تخرِّج شهداءً وأحراراً، بحیث یتساءل الدواعش، فی وسائل إعلامهم الخبیثة: لا ندری لماذا نفقد توازننا عند مواجهة هؤلاء الذین یرفعون رایة (یا حسین)، فکأنهم لا یعرفون الخوف، فلمْ نهزمهم ولا بمعرکة واحدة؟ نحن فقط نفجّر شبابنا ونقتل الناس غیلة وغدراً؟". ولا شک أن الحب الجارف الذی یدفع الملایین لقطع مسافات طویلة مشیاً على الأقدام، فی الزیارة الأربعینیة، وهم یتحدّون المخاطر والمتاعب، یوحّد المحبین والعاشقین فی سبیل بناء دولة عادلة ومجتمع فاضل، ما یؤکّد ضرورة العمل الجاد لبلورة حبّ الحسین (علیه السلام) المتجذر فی قلوب الحشود الملیونیة إلى الاقتداء بنهجه (ع) فی شؤون الدین والدنیا. فی الزیارة الأربعینیة قبل الماضیة، سارت کاتبة ألمانیة من النجف الى کربلاء المقدسة مع الزوار، مشیاً على الأقدام، وقالت، إنه طریق مبهر وممتع وفرید، وأمران فی هذا الطریق لا تجدهما فی أی مکان آخر من هذا العالم، الأول، لا أحد یجوع، والثانی: لا تجد خصومة بین اثنین أبداً. لقد أعطت مدرسة الحسین السامیة کل هذه السجایا الحمیدة، وکل هذه الإنجازات الزاکیة، وکل هذه الانتصارات الساحقة، فکیف یکون الحال لو تمسّک أکثر بنهج سید الشهداء (ع)، لاسیما أننا نعیش أوضاعاً صعبة، ونخوض حرباً مصیریة. اکبر تجمع دینی واجتماعی ووحدوی عفوی فی العالم إن أتباع أهل البیت النبوی ومنذ عام 61 للهجرة وحتى یومنا هذا، یواظبون على الزیارة الأربعینیة، رغم مواجهتهم للطغاة والجبابرة المستبدین الذین کانوا یمنعونهم من الوصول الى کربلاء، ودفع الکثیر منهم حیاته ثمناً لزیارة الحسین (ع)، حتى منّ الله علیهم عام 2003 م بالحرّیة، ومنذ ذلک العام وحتى الیوم، تتضاعف أعداد زوار الأربعین، حتى یتعدّى ال 25 ملیون زائر من العراق ومن شتى أنحاء العالم. وفی السنوات الأخیرة حاول الاعلام الصهیونی والعربی المشبوه، لیس فقط تجاهل هذه المناسبة العظیمة، بل حاول التشویش علیها، الا أن استثنائیة هذه الزیارة المبارکة فی کل ناحیة من نواحیها، أثارت اهتمام الرأی العام العالمی، مما جعل الکثیر من وکالات الأنباء العالمیة والفضائیات، تبعث مراسلیها لتوثیق هذا الحدث المدوّی، والتحری عن عوامله وأسبابه. ومن الصعب على العالم أن یمرّ من أمام هذه الظاهرة الملیونیة دون أن یقف مدهوشاً أمامها، للأسباب التالیة: فهی اکبر تجمع دینی واجتماعی وسیاسی ووحدوی عفوی فی العالم، یحمل خطابات وشعارات بعیدة کل البعد عن الطائفیة والعنصریة، وتدعو للانتصار للمظلوم ومقارعة الظالم، وتدفع للسلام والمحبة، وتنادی بالثورة ضد التکبر والغرور والغطرسة. وهذه الممیزات والخصائص، جعلت المسیرة الاربعینیة تستقطب اهتمام الأجانب وغیر المسلمین أیضاً، فهذه المخرجة الأمیرکیة الشهیرة (کاثرین بیجلو)، وهی الحاصلة على جائزة الأوسکار، وفدت إلى العراق مع بدایة زیارة الاربعین الماضی لانتاج فیلمٍ عن هذه الزیارة تحت عنوان (الأربعین العظیمة).
وشرعت (بیجلو) بعملها فی البصرة، بالانطلاق مع الجموع السائرة فی بدایة شهر صفر فی کل عام، لتتمکّن من الوصول إلى کربلاء المقدسة، مشیاً على الأقدام، وقاطعة مسافة نحو 600 کیلومتر، حیث رصدت شرکة ((سونی بیکتشرز إنترتینمینت)) للإنتاج السینمائی العالمیة فی هولیود، میزانیة لإنتاج الفیلم تبلغ 200 ملیون دولار. بدأت تؤثر على الرؤى والقناعات والسلوک الفردی والاجتماعی، لدى المشارکین فیها، الامر الذی یؤهلها لتکون عاملاً هاماً فی التأثیر على تعدیل الفکرة العالمیة عن المسلمین. لزیارة الأربعین سحر إلهی خاص والحقیقة إن الزیارة الأربعینیة، ظاهرة فریدة من نوعها، لم یشهد التاریخ الانسانی لها مثیلا، لا لا فی الأمم الغابرة ولا فی الأدیان السابقة ولا حتى فی العصر الراهن، وقد حیّرت هذه الظاهرة، العلماء والحکام على مر الأزمنة، لأنها حدث فذّ لا نظیر له مطلقاً . وکان بالإمکان أن تتلاشى وتندثر، وتتحول الی مادة للدراسات التاریخیة شأنها شأن العدید من الظواهر الاجتماعیة والاحزاب والمذاهب الدینیة والسیاسیة، التی اضمحلت واندثرت على مر التاریخ، لو کانت هذه الظاهرة کالظواهر الأخرى، غیر أن من الصعب على الانسان تخیل أن یتوجه کل عام ملایین الناس من مختلف انحاء العالم الی مدینة کربلاء وهم یخاطرون بأرواحهم، تلبیة لنداء الحسین الخالد: هل من ناصر ینصرنی. تُرى من الذی یدفع هؤلاء الناس أن یترکوا بلدانهم ومدنهم وأعمالهم ومنازلهم وأسرهم، ویسیرون مئات الکیلومترات على الأقدام فی اللیل والنهار، لیلتقوا عند ضریح أبی الاحرار؟ ومن الذی یدفع الآلاف من الناس أن ینفقوا من مالهم الخاص، ویقدّموا الخدمات من وکل ما تحتاجه هذه الملایین من البشر الزاحفة نحو کربلاء؟ ومن الذی یدفع الآلاف من الناس، وهم من عوائل ثریة وحتى من أصحاب المناصب والاکادیمیین، أن یکونوا خدَمَة لهؤلاء الزوار، ویسهروا علی راحتهم، ویعتبرون ما یفعلونه فخراً ؟. ولا ریب إن هذه الظاهرة هی ظاهرة الهیة، أرید لها أن تستمر، وفی هذا السیاق ندرک کلمات بطلة کربلاء السیدة زینب الکبرى وهی تخاطب یزید فی بلاطه: فوالله لا تمحو ذکرنا، ولا تمیت وحینا، ولا تدرک أمدنا. وفی هذا النطاق، تقول الکاتبة الإنکلیزیة (فریا ستارک): أن الشیعة فی جمیع أنحاء العالم الإسلامی، یحیون ذکرى الحسین ومقتله ویعلنون الحداد علیه وما تزال تفصیلات تلک الوقائع واضحة جلیة فی أفکار الناس إلى یومنا هذا کما کانت قبل 1257 سنة، ولیس من الممکن لمن یزور هذه المدن المقدسة ان یستفید کثیراً من زیارته ما لم یقف على شیء من هذه القصة لأن مأساة الحسین تتغلغل فی کل شیء حتى تصل إلى الأسس، وهی من القصص القلیلة التی لا استطیع قراءتها قط من دون أن ینتابنی البکاء. ویقول المفکر والکاتب المسیحی المعروف (أنطون بارا): إن زیارة الأربعین یعجز الانسان عن وصفها، إن لهذه الزیارة سحر إلهی خاص، یعجز العقل عن استیعاب فکرة ملایین من الناس یترکون منازلهم ویقطعون آلاف الکیلومترات قاصدین زیارة الحسین علیه السلام والتبرّک بالشباک المقدس، والناس متحابین فیما بینهم لا ترى سوى الإحسان والخدمة الجمیلة التی تزداد سنة بعد أخرى. والواقع فقد شکّلت النهضة الحسینیة، مادة للبحث العلمی لدى الکثیر من والباحثین والدارسین منذ القدم، فقد وجدوا فیها مادة تستحق البحث والتنقیب، فانطلقوا من وصف المظاهر إلى التعمّق فی المعانی المتجلیة من هذه الشعائر المقدّسة، فتکلّموا بلسان من یفهم هذه القضیة ویعیش عمق معانیها. ولیس ذلک بالأمر العجیب، فالثورة الحسینیة، لیست حکراً على طائفة أو فئة، وإنما هی ثورة عالمیة، انطلقت من کربلاء وامتدت على طول الزمان والمکان، ولعبت دوراً مؤثراً وکبیراً فی العدید من منعطفات التاریخ. تظاهرة جماهیریة سلمیة لیس لها نظیر فی العالم أجمع کما أکدنا آنفاً، تُعدّ المسیرة الأربعینیة إحدى الممارسات الروحیة السامیة التی توحّد صفوف الناس وتؤلّف بین قلوبهم، ففی هذه المسیرة المشرِّفة یشارک الملایین فی تظاهرة جماهیریة سلمیة عظیمة لا تشبهها أیة تظاهرة ومسیرة فی العالم أجمع، تتحرّک فیها الجماهیر المتقاطرة من کل حدب وصوب، ومن مختلف أنحاء العراق والعالم العربی والإسلامی، بل ومن شتى الدول الأوروبیة وبقیة دول العالم. وفی هذه التظاهرة الفریدة، یشترک الجمیع فی الصلاة والدعاء من کل بقعة من بقاع الأرض، کما یشارک فی هذه التظاهرة نخبة من أهل الأدیان والعقائد، ومنهم المسیحیین، یتبادل فیها السائرون، الأحادیث الإنسانیة والروحیة المختلفة، ویتبادلون الثقافات والأفکار فیما بینهم، وبالتالی فالمسیرة هی بمثابة دعوة الى الله تعالى، وتعریفهم بتعالیم الإسلام الحقّة، وإلى محبة آل البیت النبوی، وهی أیضاً دعوة للتطهّر والتحرّر من آثام النفس وربقتها، والتطلع الى القیم الفاضلة التی یدعو إلیها الإسلام الخالد. ومن القواعد التربویة المهمة فی المفهوم الحسینی، قاعدة ( الایمان بالوعد الالهی)، فمن أراد النصر علیه ان یطلبه من مصدره الحقیقی، ومصدر النصر الله، ولا یمکن أن یأتی من المعدات المادیة والعسکریة، وهذا من أساسیات الثقافة القرآنیة الأصیلة، وقد اوضح القرآن ذلک فی العدید من آلایات القرآنیة، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ﴾، وإذا آمن الانسان بهذة الحقیقة الناصعة، لن یلجأ إلى غیر الله فی إبتغاء النصر، وقد وعد الله تعالى المؤمنین بالنصر فی تحرّکهم وقتالهم وأنه سوف ینصرهم: ﴿ وَکَانَ حَقًّا عَلَیْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِینَ﴾، وهذة الثقافة تبدو جلیّة فی کربلاء، فقد جاء فی زیارة الاربعین: ( وأشهد أن الله منجز ما وعدک)، وبالفعل تحقّق هذا الوعد وانتصر الحسین على الطاغیة یزید . ولیس معیار الهزیمة والنصر، هو حرق البیوت والقتل وسلب الأموال وسبی النساء والأطفال، وإنما المعیار دیمومة الدین وسلامته واستمرار النهج القویم وتحقیق الهدف السامی، وهذا ما حقّقته الثورة الحسینیة الرائدة، عبْر الدفاع عن المبادئ الاسلامیة التی من أجلها استشهد الحسین (ع) فی الکرامة والعدل والحرّیة وتطبیق الشرع الاسلامی السمح، والتمسّک بأوامرها ونواهیها فی هذه الحیاة . عموماً، تحظى الزیارة الأربعینیة التی یشارک فیها ملایین الناس من أتباع مختلف المذاهب الإسلامیة وغیر الإسلامیة من شتّى أنحاء العالم فی کل عام، بأهمیة خاصة لما تتضمّنه من أبعادٍ دینیة واجتماعیة وثقافیة وروحیة، فضلاً عن الأبعاد السیاسیة التی تلقی بظلالها الإیجابیة على عموم شعوب المنطقة والعالم. دورة تدریبیة لکل الحضور لتربیة أنفسهم على أرقى المستویات وأخیراً لابد من التأکید أن الزیارة الاربعینیة والسیر فی طریق کربلاء، تتضمن الکثیر من دروس التربیة والتعلیم ولا نستطیع توضیحها بعمق، لأنه لا یفهمها الا من حضر شخصیاً تلک الزیارة، وشاهد الاخلاق الفاضلة، وأسمى أنواع التواضع، وأفضل صور السخاء والمواساة والعطاء، واکبر نماذج التضحیة والفداء، فالانسان هناک فی هذا الطریق، یقدّم أغلى ما یملک، لیحصل على کل شیء عالی المستوى، ولذا یمکن تسمیة طریق الحسین (ع) بأنه طریق الجنة، وهو ارقى مستوى یمکن ان تصل الیه البشریة. فالمسیرة الاربعینیة، هی دورة تدریبیة لکل الحضور لتربیة أنفسهم على أرقى المستویات، وهذه هی المیزان الحقیقی والدرجة المطلوبة من الأخلاق التی ینبغی أن یتربّى علیها المجتمع الذی سیکون مؤهلاً لاستقبال الإمام المهدی. وذلک لأنّ الإمام المهدی المنتظر سیظهر فی مجتمع ذی خصال وسمات تختلف عن باقی الأمم والشعوب، وهی الأمور التی تؤهّله لاستیعاب وفهم وتطبیق الاحکام التی سیأتی بها الإمام الحُجّة، فنحن بحاجة إلى تقدیم النموذج الأسمى من جمیع الجهات الانسانیة والثقافیة والحضاریة والاجتماعیة . فالامام الحسین الشهید یقود هذا التجمّع الملیونی نحو هدف واضح المعالم، وغایة مرسومة بالغیب، ربما قد لا یدرک الأفراد الموجودون فی هذه المسیرة، أنهم یتعرّضون للتمحیص والاختبار، وأن الإمام الحسین یشحذ هممهم من أجل الاستعداد لتقدیم العطاء الاکبر فی حرکة الامام المهدی. فی المجتمع المهدوی اللأمّة بحاجة إلى أشخاص متطوّعین لعمل الخیر، بل أن یکون لدیهم الاستعداد الکامل دون أن یطلب منهم أحد فعْل ذلک، وهذه میزة أساسیة فی المجتمع الذی سیقیم أسسه الامام المهدی. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 2,081 تنزیل PDF: 618 |
||||