القواعد الصحیة من منظور اسلامی | ||
القواعد الصحیة من منظور اسلامی
أ . البغدادی تهتم الدوائر والمؤسسات الصحیة العالمیة بصحة الانسان وعافیته، وتقیم من اجل ذلک الدراسات والمؤتمرات والبحوث من اجل الوصول بالانسان الى صحة افضل وحیاة أسعد. ورغم النجاح الذی احرزته فی بعض اهتماماتها الا انها لازالت قاصرة فی تحقیق مرادها وعاجزة عن تحقیق المستوى الصحی المناسب لکرامة الانسان. غیر ان إهتمام الاسلام بصحة الانسان یفوق تلک المؤسسات، ویتمیز عن بقیة المناهج والدوائر المهتمة بالرعایة الصحیة، ذلک لان صحة الابدان ووقایتها من الآفات والامراض، جزء من رسالة الاسلام وأمر دعت الیه الشریعة الاسلامیة. وجعل الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" العافیة والصحة مطلباً شرعیاً یحرص علیه المسلم فی دعائه: ((اللهم انی اسألک العفو والعافیة الدائمة فی الدنیا والآخرة)). ودعا المسلم للوصول الى درجة المؤمن القوی الصحیح قوله: ((المؤمن القوی خیر من المؤمن الضعیف)). ووجه الاسلام المسلم الى ان یرعى حق بدنه بالطعام الحلال وبالنظافة الشاملة وبالتداوی فی حال المرض لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": ان لبدنک علیک حقاً. وللحث على التداوی ومشاورة الاطباء المتخصصین الحاذقین، نصح الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" احد اصحاب حین أُصیب بمرض القلب ان یأتی طبیب العرب الحارث بن کلدة فقد جاء فی الحدیث: ((انک رجل مفؤود إئت الحارث بن کلدة اخا ثقیف فانه رجل یتطبب))، وهناک قواعد صحیة تنبثق من منظور الاسلام ومفاهیمه نحو الصحة العامة للانسان من ذلک. 1) الترکیز على الجانب الوقائی فی الصحة واعتباره الاهم فی سلامة الانسان، کتجنب الاسراف فی الاکل والشرب، وتجنب الامراض المعدیة وعدم إدخال الطعام على الطعام. 2) الاهتمام بعلاج امراض القلوب ومداواتها کالهمّ والحزن والغضب وذلک لعلاقتها الکبیرة بامراض الابدان وهو ما یُسمى الیوم بالصحة النفسیة. 3) الاهتمام بنظافة الفم والاسنان والحث على استعمال السواک. 4) الاهتمام بنظافة البیئة وحمایتها من الامراض لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": (نظفوا افنیتکم ولاتشبّهوا بالیهود.) 5) الاهتمام بالصحة الشخصیة لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": (ان لبدنک علیک حقا.) 6) الاهتمام بالحجر الصحی والابتعاد عن العدوى لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": ((وفروا من المجذوم فرارکم من الاسد)) وقد سبق الاسلام غیره فی ذلک. 7) الامر بالتداوی والحث علیه لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": ((تداووا فان الله لم ینزل داء الا انزل له دواء عَلِمه من عَلِمه وجَهله من جَهله)). 8) الاهتمام بالریاضة والحرکة اللازمة للجسم والتی هی سبب من اسباب صحة الابدان ویتحقق جزء کبیر من هذه الفائدة من خلال اداء الشعائر التعبدیة کالصلاة والصیام والحج. الصحة الوقائیة یقوم الجانب الصحی فی الاسلام فی غالبه على مبدأ ((الصحة الوقائیة)) ولکنه مع هذا لایغفل عن المطلب العلاجی للمریض، فقد حث الاسلام على التداوی وعلى تعاطی الدواء وجعل الأخذ به أخذا بسنة الله فی الکون لقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": ((ان الله لم ینزل داء الا انزل به شفاء فتداووا)) وفی الروایة أخرى: ((ما انزل الله داء الا انزل به شفاء علمه من علمه وجهله من جهله)). ومن إهتمام الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" بالطب والعلاج رعایته الطبیة فدعا بعض الاطباء لمعالجة ابی بن کعب. فقطع منه عرقا ثم کواه علیه. بل ورد عن مباشرة الرسول للمعالجة. فعن ابن عباس ان رسول الله "صلى الله علیه وآله وسلم" احتجم وهو محرم فی رأسه من شقیقة کانت به. وکان الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" یجمع احیانا بین العلاج الطبی والعلاج الربانی بالآیات والرقی وهذه میزة یتمیز بها العلاج والطب فی الاسلام حیث یجمع بین العلاج المادی والعلاج الروحی وفق اسس صحیحة. وقد اجمع العلماء على جواز التداوی من شتى الامراض. ولحرص الاسلام على الاتجاه الصحیح والعلاج، ابطل الاسلام الفکرة القائلة بان المرض ناتج عن الشیاطین والنجوم والارواح الشریرة، ومنع کل الممارسات المبنیة على الاعتقادات الخاطئة، مثل الطیرة والتمائم التی تُعلّق لعلاج المرضى والذهاب الى الکهان والمشعوذین والعرافین لدفع الضرر وجلب النفع، وجعل کل ذلک من عمل الشیطان المنافی للایمان. نعمة الصحة تُعد الصحة فی الاسلام من النعم الکبرى التی انعم الله بها على الانسان وهی تقع على رأس النعم الدنیویة وتلی نعمة الایمان لان الصحیح فی جسمه وعقله، یستطیع ان یتعلم ویعمل ویکد ویکدح ویجاهد من اجل دینه ویدافع من اجل عرضه وماله ووطنه و ویستطیع ان یؤدی واجباته الدینیة والدنیویة على اتم وجه. اما المریض فانه عاجز عن اداء واجباته الدینیة والدنیویة.. ومن اجل ذلک جمع الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" بین نعمتی الایمان والعافیة فی حدیث واحد فقال: ((ان الناس لم یعطوا فی الدنیا خیراً من الیقین والمعافاة فسلوهما الله عزوجل)). والمسلم الذی تلزمه واجبات کثیرة فی لیله ونهاره کالعبادات والفروض واداء مهام الدعوة والجهاد، فانه لایمکن ان یفی بانجاز هذه التکالیف الا بالجسم السلیم الصحیح فهو اذا یتقرب الى الله تعالى من خلال الوسائل التی تعینه على تلک الطاعات من عافیة وصحة لیؤدی واجبه على اکمل وجه. والاسلام قد حذر من الغفلة عن اغتنام الصحة وترک الاستفادة منها اذ یقول الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم": ((نعمتان مغبون فیهما کثیر من الناس الصحة والفراغ)). ودعا الاسلام الى اغتنام وجود الصحة قبل فوات الاوان وقبل هجوم المرض. فقال رسول الله "صلى الله علیه وآله وسلم": ((اغتنم خمسا قبل خمس، شبابک قبل هرمک وصحتک قبل سقمک وغناک قبل فقرک وفراغک قبل شغلک وحیاتک قبل موتک)). ویتمیز الوعی الصحی فی الاسلام بالشمول والعموم، فمن السهولة ان یدرکه جمیع المسلمین الکبیر والصغیر والذکر والانثى والعالم وغیره لانه مرتبط بفروض الاسلام وآدابه وسننه وتوجیهاته. ومن اجل ذلک قامت الشریعة الاسلامیة على اصل کبیر وهو رفع الحرج عن الناس وحملهم على الیسر وما یوافق الطبیعة البشریة. قال الله تعالى: (لایکلف الله نفسا الا وسعها) فالصلاة وما یرافقها من طهارة الانسان والمکان والملابس تتضمن معنى الصحة وفی حالة الحرج فی الانسان رخص الاسلام للمسلم ان یؤدی الصلاة وهو جالس او حتى مستلق. والصیام وهو عبادة لله یبتغی به المسلم مرضاة الله یتضمن معنى الصحة ویُباح للمسافر الافطار دفعا للمشقة. وهکذا بقیة الفروض والواجبات تتضمن فی ادائها ونتائجها، سلامة الانسان الصحیة والنفسیة وسعادته الدنیویة والاخرویة. ومن مطالب المسلم الدائمة سؤال الله العافیة، للادعیة الصحیحة الواردة عن رسول الله "صلى الله علیه وآله وسلم": ((اللهم عافنی فی بدنی، اللهم عافنی فی سمعی، اللهم عافنی فی بصری))، ((اللهم انی اسألک العفو والعافیة))، ((اللهم عافنی فیمن عافیت)).
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,541 |
||