کیف نواجه الغزو الثقافی؟ | ||
کیف نواجه الغزو الثقافی؟ الامام السید علی الخامنئی من أبرز التحدیات التی واجهت الثورة الاسلامیة فی ایران قضیة الغزو الثقافی الغربی لعقول الشعب الایرانی المسلم.فعلینا ان نتعاطى مع مسألة الغزو الثقافی بجد وبوصفها حقیقیة ملموسة. فالمعرکة الثقافیة ضد الفکر الإسلامی والجمهوریة الإسلامیة، هی مسألة تنطوی على فروع وشعب متعددة. وإذا شاء الإنسان أن یتوفر على احصائها و البحث فیها، فسیجد أنها مفتوحة على مجال واسع جدا. لو افترضنا على سبیل المثال، أن المفکر السیاسی الإسلامی أصبح عرضة للشکوک ولعلامات الاستفهام فی الصحف والدوریات، وفی الکتب المختلفة والمترجمة وحتى فی عملیة تدوین التاریخ، فستکون تبعات ذلک خطیرة حینئذ، لأن هذه الثورة رکیزتها الأولى اسس الفکر السیاسی الإسلامی، فإذا لم یکن الإسلام ینطوی على فکر سیاسی، لم یکن ثمة معنى لثورة تقوم على أساس الإسلام، ومن ثم لما انبثق نظام یقوم على أساس (أصول ومرتکزات) ذلک الفکر. وفی کل الأحوال، فقد تشکل هذا النظام وابتنی على أساس الفکر السیاسی الإسلامی، وهو یتحرک فی ضوئه. لذلک لا یمکن أن نتصوّر بأن یبقى هذا الفکر السیاسی من دون معارض، بل ثمّ إزاءه أفکار ومدارس ورؤى واتجاهات سیاسیة أخرى. أهم عناصر الغزو الثقافی واخطرها إننا نشهد الیوم الکثیر من البحوث والمقالات والکتب والتواریخ وحتى السیر الذاتیة وتراجم الشخصیات، وهی تنهض لمواجهة هذه الصیغة من الفکر السیاسی الذی یقوم علیه نظام الجمهوریة الإسلامیة. بدیهی أننا لانستغرب أن ینهض أحد المفکرین المعارضین للحکم الاسلامی ویقوم بکتابة مقال أو تألیف کتاب، فهذا السلوک متوقع، وینبغی علینا أن لا نضیق به، ولا نقع فی رد فعل شدید إزاء ذلک. بل یمکن أن یقوم أحدهم بوضع کتاب ضد التوحید نفسه، وهذا أمرّ طبیعی، بید أن المسألة تکتسب شکلا آخر حینما نضع الإعمال المتفرقة هذه إلى جوار بعضها البعض، إذ نکتشف بالتأمل أن هذه الممارسات لم تکن ولیدة صدفة محضة، بل هی بمجموعها تصدر عن خطة محسوبة، وأنّ ثمة إرادة تحرّک القضیة برمتها... وهی فی الواقع جزء من النشاط السیاسی لمواجهة الفکر السیاسی الإسلامی على صعید حرکة المطبوعات. ثمة أشکال أخرى لحرکة المواجهة هذه، تتمثل هذه المرّة بإثارة علامات الاستفهام حیال عقائد الإسلام الأساسیة، والرّد علیها بشکل یکشف عن ذکاء ومکر شدید،یحصل ذلک من خلال الکتب العامة، والکتب والملازم الدراسیة، ومن خلال صفوف الدرس نفسها.إلا أن الشکل الأساس والأهم الذی تتلوّن به حرکة المواجهة ضد الفکر السیاسی الإسلامی، والذی یعد من أهم عناصر الغزو الثقافی، یتمثل ببذل الجهود لجرّ جیل الشباب نحو مستنقع الفساد والابتذال. سبل مواجهة الغزو الثقافی ؟ والذی یبعث على الأسف، أننا حینما نتحدّث عن الغزو الثقافی وضرورة مواجهته،، فإن ذهنیة الناس تنصرف فی الغالب نحو امور صغیرة : بتأثیر السوابق الذهنیة أو أیة مؤثرات أخرى. وثمة نتیجتان سلبیتان تترتبان على هذا التفکیر،هما : الأولى : إن مجموعة من الناس السطحیین لا تلبث أن تحصر القضیة فی حدود هذه الامور الصغیرة، فیعبئوا جهودهم ویستهلکوها فی حدود هذه الأمثلة والوقائع الصغیرة العابرة، التی لا أهمیة لها. الثانیة : حین یرى مفکرو المجتمع وقواه الثقافیة الخلأقة، أن القضیة تقتصر على مثل هذه المسائل التی لا شأن ولا أهمیة لها ترى اهتمامهم یتضاءل ولا یعیرون أهمیة للقضیة الأساسیة المتمثلة بالغزو الثقافی. وهذا ما یبعث على القلق. على سبیل المثال یمکن أن تتجلى قضیة الغزو الثقافی فی سلوک بعض النساء (المتبرجات) من خلال طبیعة زینتهن ولباسهن وکیفیة حرکتهن فی الشارع، من دون أن یعیر أحد هذا المنکر الاهتمام الذی یستحقه، ولکن القضیة لاتقتصر على ذلک، بل تنطوی على أبعاد أعمق، إذ هی تکشف فی حقیقتها عن وجود جبهة واسعة من قبل العدو، یوظّف فیها الوسائل المؤثرة، الخطیرة والفاعلة، ویستفید من العلم والتقنیّة، فی مواجهة الجمهوریة الإسلامیة من خلال الغزو الثقافی. تحتاج هذه الحرکة إلى مواجهة جادّة، وإذا لم تواجه بحرکة مضادة، فهی ستنتصر بلا ریب. والذی نؤمن به، أننا إذا لم نتحرک بذکاء فی مواجهة موجات هذا الغزو، بحیث نوظف له الوسائل الصحیحة الناجحة، ونعتمد الحکمة والتدبیر، فإن آثاره ستکون خطیرة جدا ومدمّرة. علینا إذن أن نتعاطى مع هذه القضیة، وأن نتجنب إعمال الأذواق والأمزجة الخاصة. فإذا کان لمسؤول فی أحد مجالاتنا الثقافیة، ذوق خاص ومزاج خاص إزاء مسألة معینة، فلا ینبغی أن یتحوّل هذا الذوق أو المزاج إلى معیار خاص فی الموضوع وإنما ینبغی رؤیة الخطر بحجمه الحقیقی، وإدراک ما ینطوی علیه من أهمیة. خطورة الغزو الثقافی الغزو الثقافی الذی نؤکد علیه، هو تعبیر عن قضیة واقعیة واضحة، لایسعنا أن نقضی على وجودها عملیا بمجرد إنکارها. الغزو الثقافی هو واقع قائم وموجود، وإذا أنکرناه نکون مصداقا لکلام أمیرالمؤمنین علی (علیه السلام) حیث یقول : ((ومن نام لم ینم عنه)). فإذا غفلت أو أخذک النوم وأنت فی خندقک، فذلک لا یعنی أبدا أن عدوّک فی الخندق المقابل اعتراه النعاس وأخذه النوم أیضا. لذلک یجب أن نحرص على أن تستیقظ وتخرج من حال الغفلة. علینا أن ننتبه أنّ الثورة الثقافیة فی خطر. وأنّ أصل ثقافتنا الإسلامیة هی تحت طائلة تهدید الأعداء. لا یسعنا أن ننکر ما هو موجود واضح للعیان (یعنی به مظاهر الغزو الثقافی) فی الجامعة وخارج الجامعة، بل وحتى فی وسائلنا الإعلامیة وأجهزة الاتصال العامة التی تختص بنا. کما لایسعنا أن ننکر ما هو موجود فی ثنایا الکتب التی تؤلف، وتلک التی تترجم... وفی الشعر الذی ینظم ویلقى.. وفی البرامج الثقافیة العالمیة... التی تبدو فی الظاهر وکأنّها لا صلة لها بنا... مما یحیط بأخباره المثقفون الواعون، لکونهم من العناصر الثقافیة المطلعة. أجل، قبل مائة عام کان هناک غزو ثقافی ضد الإسلام، ولکن لیس على الشاکلة التی هو علیها الآن. والفارق بین الحالتین یمکن أن نوضحه بمثال، فعندما یواجه الإنسان عدوا کسولا لا همٌة له، سیکون على ضرب من الاستعداد العسکری یختلف تمام الاختلاف عن الاستعداد والتجهیز العسکری الذی یتحلى به الإنسان عند مواجهته لعدو یقظ منتبه. کان العالم الإسلامی یومذاک یغط فی سبات عمیق، ویعیش حالة خدر بل کان غائبا عن الوعی. لذلک کان العدو یکتفی آنذاک بضربات یوجهها إلى الجسم الإسلامی فی بعض الأحیان، أو أنه یبث(سمومه) فی دمائه وینتهی کلّ شیء. أمّا الیوم فإن الإسلام ـ وهو العدو الرئیس لدنیا الغرب ـ أضحى یقظا... الإسلام الیوم أمسى ذکره یترافق مع ذکر مواقف ممتدة لا تنتهی، کتلک التی تنطوی علیها شخصیة مثل شخصیة الإمام الخمینی (قدس سره الشریف)... وله الیوم کلّ هذه الذخائر الثوریة... والشباب الملتزم. هذه الحالة لاتسمح للآخر أن یتعاطى مع الإسلام الیوم بإهمال وعدم جدّیة. ثمّ الیوم هناک غزو ثقافی عظیم یمارس ضدّ الإسلام وفی مواجهته. وهذا الهجوم الواسع لا یقتصر على الثورة الإسلامیة ولایستهدفها لوحدها، بل هو یتعدّاها إلى الإسلام نفسه. - من أبرز التحدیات التی واجهت الثورة الاسلامیة فی ایران قضیة الغزو الثقافی الغربی لعقول الشعب الایرانی المسلم.فعلینا ان نتعاطى مع مسألة الغزو الثقافی بجد وبوصفها حقیقیة ملموسة. - أننا إذا لم نتحرک بذکاء فی مواجهة موجات هذا الغزو، بحیث نوظف له الوسائل الصحیحة الناجحة، ونعتمد الحکمة والتدبیر، فإن آثاره ستکون خطیرة جدا ومدمّرة. - الیوم هناک غزو ثقافی عظیم یمارس ضدّ الإسلام وفی مواجهته. وهذا الهجوم الواسع لا یقتصر على الثورة الإسلامیة ولایستهدفها لوحدها، بل یتعدّاها إلى الإسلام نفسه. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,221 |
||