الانتماء وأهمیته فی ترسیخ جذور الأسرة | ||
تتباین الصورة المؤلمة التی تطالعنا بها صفحات الحوادث فی الجرائد والمجلات لتعلن بأسى عن جرائم أسریة تنتهک فیها حقوق الأسرة، ویتخلى فیها أفرادها عن واجباتهم، وبالتالی تشوه أو تمتص معالم الانتماء، فیتحول أفرادها إلى ضحایا ومجرمین فی آن واحد. اساس الانتماء یؤدی الحب والمودة والشعور بالأمن دورا مهماً فی تکوین الشعور بالانتماء، والمناخ الأسری الملائم یغذی شعور الأبناء بالانتماء والأمن، ولابد أن یکون هذا المناخ قائماً على المودة والرحمة المتبادلة بین الأم والأب مما یکون له أکبر الأثر فی شعور الأبناء بالانتماء إلى الأسرة.وأن هناک بعض العوامل التی تسهم فی تکوین شعور الأبناء بالانتماء داخل الأسرة، منها: شعور الطفل براحته داخل الاسرة بوصفها تمثل بالنسبة إلیه الحضن الاجتماعی، فهذا الشعور یغرس فیه بدوره روح الانتماء التی تکون ثمارها تفاعل الطفل مع أسرته وإحساسه بالرضا، والشبع النفسی. وهذا الشبع النفسی نتیجة المعاملة السویة من الوالدین یغذی شعور الطفل بالانتماء، خاصة إذا قام الأب والأم بتشجیع الأولاد على أن یشترکوا فی حیاة الأسرة، وهذه المشارکة الأسریة ینبغی ألا تقتصر على مجرد الإسهام فی الحیاة الأسریة وأسالیب المعیشة، مثل: (غسل الصحون ـ تفریغ سلة المهملات ـ إعداد الفراش، وغیرذلک من الأعمال المنزلیة) فهذه الأعمال هامشیة بالنسبة إلى تعلیمهم کیف یسهمون فی الحیاة الأسریة؟ ولکی نوضح ضرورة هذا الإسهام ودرجة تأثیره فی الانتماء یقترح أن یشکل مجلس للأسرة یشترک فیه الآباء والأمهات وأبناؤهم، یضعون من خلاله سیاسة المنزل، ویقوم هذا المجلس بوضع الخطط، ویرتب الأعمال التی یجب أداؤها، ویناقش التنظیمات، ویوزع المهام والأدوار على أفراد الأسرة. وعلى الرغم من أن الأعضاء الصغار (الأطفال) فی الأسرة قد یشعرون أنه لن یکون لهم القول الفصل فی مشکلات کثیرة؛ لأن تحمل المسؤولیة والإسهام فی توظیف القرارات یکون فوق مستواهم، وهم یدرکون هذه الحقیقة، ولن نکون جادین إذا ترکنا من لم تصل سنهم إلى السادسة عشرة یحسمون تلک المشکلات التی تتصل بأمور الأسرة المالیة أو الصحیة، أو ما یتصل بأمنهم، ولکن ینبغی لهؤلاء ـ من خلال مجلس الأسرة ـ أن یتعلموا فن الإنصات والمعایشة لأوضاع الأسرة، والحرص على وجودهم وحضورهم فی هذا المجلس. تأصیل الانتماء الاستماع إلى الطفل والإصغاء إلیه باحترام، یغذی شعوره بالانتماء، فالطریقة التی یستمع بها الاب لأطفاله تقوی شعورهم بالانتماء، والحدیث على مائدة الأسرة یجب أن یتیح لکل فرد الفرصة لیتکلم عن کل ما مر به فی أثناء الیوم، کما ینبغی أن تتاح الفرصة لکل شخص حتى یستمع إلیه الآخرون، فهذا التفاعل المثمر والحوار الخصب یجعل کل فرد یشعر بقیمته، ویتعلم من خلاله أدب الحوار والمناقشة والشجاعة الأدبیة. المنزل والانتماء ان الطفل الذی یبلغ عمره ما بین السادسة والسادسة عشر یشعر عندما یدخل منزله مندفعاً بخبر، أن هذا المنزل هو المکان الذی ینتمی إلیه، ویحتاج إلى من یستمع إلیه وان لا نقلل من قیمة الخبر الذی یأتی به أولادنا أو نقاطعهم باستخفاف، أو نشعرهم أن الوقت غیرملائم للاستماع إلیه، فکل من یأتی من أولادنا یحتاج إلى من یسمعه، وکأن المنزل هو المسرح الخاص الذی یرید أن یجسّد على خشبته ما صادفه من أحداث ومواقف وأشخاص ـ أثناء الیوم ـ خارج نطاق الأسرة. احترام ذوات الأطفال ینمی عندهم شعورهم بالانتماء، فکل فرد داخل الأسرة یرید أن یکون مهمّا، وأن یکون له رأیه فی البیت، وأن تکون شخصیته غیر هامشیة، فلابد أن نعترف بأولادنا ونعطیهم الثقة بأنفسهم، وأن تکون لهم منزلة مرموقة، ویتجلى ذلک أیضاً من خلال إعطاء الأولاد الفرصة للإنجاز والابتکار، خاصة عندما ترید الأسرة تنفیذ مشروع معین، فنحاول أن نقدر أعمالهم، ونحترم مقترحاتهم. وهناک من الأسر من تحتفظ لأطفالها ببعض الأعمال الیدویة أو الأشغال الفنیة، والتی یمکن من خلالها أن تُظهر مهاراتهم، وتثبت فعالیتهم داخل الأسرة. ان المشارکة فی المناسبات، تغرس الانتماء فی نفوس الأبناء، فإن شعور الأبناء بالانتماء یزداد عندما یشترک هؤلاء الأبناء فی الأحداث، أو المناسبات السعیدة التی تحدث فی الأسرة، فعندما یساعدون الأب والأم أثناء وجود بعض الزائرین، أو فی الأعیاد فهذه الأمور، تقوی الشعور بالانتماء، وبأنهم جزء من وحدة الأسرة، إلى جانب تعویدهم على عملیة التخطیط للإجازات لکی یستفیدوا منها، وتقوی الرابطة بین کل أفراد الأسرة. ویؤکد أنه کلما أسهم الأبناء فی المناسبات السارة أو غیرالسارة (کالقراءة مثلاً)، وفق درجة نضجهم، التی تسمح بتلک المشارکة، کان ذلک دعما للمشارکة الوجدانیة وتعزیز لشعور الأبناء بالانتماء. بتول صادق | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,860 |
||