نقد و دراسة معاهدة الغاء التمییز ضد المرأة (الاسرة نموذجا)القسم الاول | ||
المقدمة
لا یخفى ان احد الاسباب التی ادت الى ابرام المعاهدات و المواثیق وعقد المؤتمرات الدولیة هو الظلم وانعدام العدالة واهدار حقوق شریحة من المجتمع منذ عهد قدیم عبر التاریخ وحتى الان والذی یأخذ أحیانا صورا مقبولة فی الظاهر. ((لقد کان الجنس الى جانب عوامل اخرى یؤدی دائما الى ظهور صور مختلفة من الظلم ضد المرأة. وأصبحت بمرور الوقت أمرا ثابتا و جزءا من ثقافة المجتمع بسبب خصوصیات المرأة کقدرتها على الصبر والتحمل الفائق کعوامل داخلیة بالاضافة الى عدم وجود آلیات قانونیة لاحقاق الحق وتراکم أنواع الظلم المتنوعة...)) علاسوند / 2003م/ ص 13 إن بعض الظلم الذی تتعرض له المرأة وحقوقها وموقعها على المستویات الشخصیة والاسریة والاجتماعیة یعود الى الاسس النظریة الفکریة للمجتمعات و یعزو البعض الآخر ذلک الى القوانین الموضوعة فی تلک المجتمعات فیما یعود القسم الآخر الى أسلوب تعامل الافراد أوالحکام مع المرأة .وتعمل المجتمعات المختلفة والمؤتمرات الدولیة بشکل عام على تغییر القسمین الآخیرین مما یؤدی بطبیعة الحال الى ایجاد تغییرات فی الرؤیة و الفکر.....
معاهدة الغاء التمییز وتاریخها لقد تمت المصادقة على هذه المعاهدة التی تحظى بدعم کفاح المرأة الاوروبیة ضد التمییز فی الثامن عشر من کانون الاول عام 1979 فی الجمعیة العامة للامم المتحدة.وربما یمکن القول أن أول الاعتراضات فی هذا المجال تمثلت باعتراض المرأة الفرنسیة أوائل القرن التاسع عشر إحتجاجا على سیادة الرجل وهیمنته فی میثاق حقوق الانسان الفرنسیة حیث أدت هذه الحرکة إلى تشکیل مکتب أنصار المرأة الذی أکد على عدة نقاط هی: - تتمتع المرأة أمام الرجل و خاصة فی الحیاة الزوجیة بالاستقلال وحریة الاختیار والحقوق الانسانیة. - ألمرأة حرة ومستقلة من الناحیة الفکریة والانسانیة. - ینبغی أن تشارک المرأة فی القضایا السیاسیة وتتساوى مع الرجل فی الحقوق (هاجری/2003/ص 14) وعلى الرغم من وجود مثل هذه الحرکة فاننا نرى رؤى مستوحاة من النظرة الاحتقاریة الى المرأة حتى فی الاسس الفکریة للمثقفین الاوروبیین. حیث أن مفکرین مثل جان جاک روسو کانوا یعتقدون بان المرأة هی بطبیعتها کائن ضعیف ولا تعمل على نشر عقیدتها و رؤاها بشکل واسع (نقلا عن علاسوند/2003م/ص 13) لکن الحرکات المطالبة بالعدالة للمرأة أدت فی العاشر من کانون الاول عام 1948 الى المصادقة على المیثاق العالمی . ومنذ عام 1948 بدأت الجمعیة العامة العمل ضمن میثاقی "الحقوق السیاسیة والمدنیة" و " الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة" وبسبب عدم وجود الصراحة فی هذین المیثاقین قامت الحرکات و التیارات النسویة وبدعم من القوى الکبرى وضغط الامم المتحدة باعداد مسودة معاهدة القضایا النسویة فی نوفمبر عام 1967 حتى تم فی نهایة المطاف المصادقة علیه فی عام 1979. وتتضمن هذه المعاهدة مقدمة وستة اقسام و ثلاثین موضوعا خاصا بحقوق المرأة.
الاطار العام للمعاهدة فی نظرة أولیة وعامة على بنود وفقرات هذه المعاهدة یلاحظ بأن المعاهدة تسعى الى إقرار المساواة بل التشابه بین المرأة و الرجل فی جمیع المجالات الفردیة والاجتماعیة. ویأتی هذا السعى فی إمتداد وجهة عمل المرأة وتحررها من إطار البیت ومن تربیة الاولاد وتدعو المعاهدة الى مساواة المرأة مع الرجل فی جمیع المجالات. وقد أعطت المعاهدة أهمیة قلیلة بالاختلافات الجسدیة والنفسیة بین هذین الجنسین. غیرأن الذین دونوا المعاهدة یعتقدون بأن هذه الاختلافات والفروق کانت مؤقتة. ومن أجل إستعادة المکانة الواقعیة للمرأة و الغاء کل أشکال التمییز ضدها جرت الاشارة فی المعاهدة الى أن هذه الاختلافات تکون عادة خلال فترة الحمل والرضاعة ما یعنی استحالة الغاء الاختلافات الجنسیة وما تقتضیه ذلک. لذلک أورد المحققون بعض الاشکالات على هیکلیة هذه المعاهدة منها: الف) عدم الاهتمام بالواقع إن الاعتراف باهمیة شیء أو عدم الاعتراف به من قبل الافراد لا یستطیع تغییر الحقائق العینیة. فالجنس أحد الفوارق والاختلافات البشریة سواء یتم الالتفات إلیه أم لا یتم. فجنس المرأة غیر جنس الرجل علما أن لحاظ الجنس أمر إعتباری یمکن إسقاطه لکن الاختلاف العینی بینهما لا یمکن غض النظر عنه. و لا ینبغی وضع القوانین الحقوقیة بدون أخذ هذه الحقائق العینیة بنظر الاعتبار. ب) الاهتمام بجانب واحد إن للانسان أبعاد مختلفة معنویة سیاسیة إجتماعیة اقتصادیة وأسریة وغیرها لکننا نرى أن المعاهدة تؤکد فقط على البعد الاقتصای للمرأة لاداء دورها فی النظام الاقتصادی العالمی الحدیث. والخطوة الاهم فی تحقیق هذا الهدف هی إلغاء الحقوق التقلیدیة للمرأة واحلال الحقوق الاقتصادیة الحدیثة محلها. ج) نفی تعدد الثقافات تعود مسألة توحید الثقافات الى أن المعاهدة تطلب من الدول الاعضاء فی الامم المتحدة الغاء القوانین المنافیة لمواد المعاهدة واحلال قوانین منسجمة محلها حیث ان مثل هذه الخطوة تعتبر الانسب لتحقیق أهداف الرأسمالیة. ذلک أن تعدد الثقافات یعتبر مانعا کبیرا أمام تنامی واتساع رقعة سلطة الرأسمالیة الجدیدة على الامم. د)تجاهل القوانین الخاصة بکل بلد. للقوانین التی تحکم دول کل منطقة هویة وطنیة خاصة. لذا فان المصادقة على مقررات فی أجواء غیر وطنیة یؤدی الى ضغوطات غیر قانونیة من قبل النظام الدولی والاهم هو أن أجواء المعاهدات الدولیة تابعة لهیکلیة نظام التسلط الدولی وهل إن هذا النظام عادل وسلمی وإنسانی ؟ (مهدوی زادگان و ../2004م/31-35 )
الاسرة و نتائج تطبیق المعاهدة فی المجتمعات الشرقیة لا یتم تعریف الاسرة فقط على أساس اتفاق مادی محض بعیدا عن العلاقات العاطفیة والنفسیة. لذلک فان هذه المجتمعات تتحمل أکبر الآثار السلبیة والنتائج المرة من تطبیق بنود المعاهدة لان المعنویات والمادیات إمتزجت مع بعضها فی المجتمعات الشرقیة بحیث أن الحسابات المادیة والاقتصادیة المحضة التی یعتمدها العالم الغربی ویجعلها أساس کل سعادة وشقاء، لیس لها مکانة مهمة فی المجتمعات الشرقیة, على الرغم من أن القیم الموجودة لدى الاسر الشرقیة تسیر نحو الافول و الانهیار نتیجة تأثیر التطور التکنولوجی والهجمة الغربیة الثقافیة وفرض المعاییر الغربیة من قبل الاوساط الدولیة والسلطات الاجنبیة. ومن بین هذه الامور یمکن الاشارة الى طرح المساواة بین الرجل و المرأة فی ظروف غیر متکافئة والنظر الرجولیة الى الزواج وفرض شروط الرجل على المرأة والنظر باحتقار الى احتیاجاتها کامرأة خاصة فی إطار الاسرة.
احتقار دور الامومة والزوجیة تقول جماعة غیر حکومیة تدعى " جمعیة الامهات الامیریکات" فی رفضها هذه المعاهدة: ینبغی على الامیرکیین أن یعلموا بان الهجمة على الامومة والدین والسیادة الوطنیة اصبحت مرة اخرى على مقربة من حدودنا. و یعلم هؤلاء انه على الرغم من ان المیثاق العالمی لحقوق الانسان یدافع بوضوح عن کیان الاسرة و الامومة, فان معاهدة الغاء التمییز ضد المرأة تنقض فی الفقرة الرابعة عشر میثاق الامم المتحدة لحقوق الانسان: (المادة 5, الفقرة ب/ المادة 10, الفقرة ج) و تعتبر ادوار الامومة والزوجیة ادوارا تقلیدیة کما انها تعتبر کل استنتاج استنتاجا تقلیدیا مستنسخا تجاه دور المرأة والرجل صورة تقلیدیة ومخالفة للمساواة. ((مجموعة مقالات/2003م/131))
ویقول الکاتب الامیرکی " سونا شارون" فی مقال تحت عنوان "أخطاء الحرکات النسویة": تعتبر حریة المرأة بالنسبة لنا زیادة فی الایرادات والعائدات حیث جلبت لنا سجائر خاصة بالنساء وحق اختیار العیش المفرد وتأسیس الاسر ذات الفرد الواحد وایجاد مراکز ازمة الاعتداء والاعتبارات الفردیة و العشق الحر و ... لکن مقابل ذلک فانها نهبت شیئا آخر یتضمن سعادة الکثیر من النساء و هو وجود الاسرة ( السید صدیقی/ فصلیة کتاب النقد/العدد12/ص 69) (کتاب حقوق المرأة) و من هنا فان هذه المعاهدة تقضی على کثیر من رغبات المرأة الاسریة فیما تقوم توصیات الاوساط الدولیة على أساس أنها تعکس ذلک. إن توصیات لجنة الغاء التمییز الى الدول الاعضاء تشیر بشکل واضح الى أن نظرة المعاهدة الى دور المرأة کأم وکذلک الى دور ازواجهن الى انها توصیات تتضمن الاحتقار. إن اللجنة وجهت انتقادات الى روسیا البیضاء و الیابان بسبب ابقاء هاتین الدولتین على جائزة الام ویوم الام و عدم الغاء هاتین الجائزتین کذلک بسبب الابقاء على دورالامومة على شکلها التقلیدی. ولذلک طلبت من مسؤولی هاتین الدولتین الغاء کل برنامج یومی یشیر الى وجود اختلافات جنسیة بین الرجل والمرأة. ولا شک إن هذا النوع من التوصیات الصادرة من لجنة الغاء التمییز یکشف الاهداف الحقیقیة لها ویوضح کیف إن نظرة الحرکات والتیارات النسویة المهیمنة على المعاهدة تتناقض مع الدور التاریخی والاصیل للمرأة فی المحافظة والمراقبة وتعلیم وتربیة الاطفال ونقل القیم والثقافات من قبل المرأة الى الاجیال القادمة. علاقة الرجل بالمرأة فی الاسلام : علاقة إنسان بانسان العلامة الراحل محمد حسین فضل الله
فی الإسلام منهجٌ أخلاقیّ للسلوک الإنسانی یتصل بحمایة الإنسان الفرد من لحظات الضعف التی قد تنفتح من خلال الغریزة، أیّة غریزة کانت، لا نؤکد فقط على غریزة الجنس... وینفتح أیضاً على المجتمع فی حمایته من تنمیة نقاط الضعف فی البیئة التی یعیشُ فیها، وفی العناصر التی قد تدخل إحساسه وشعوره حیث تُحوله إلى ما یشبه الإنسان الذی یتحرک - لا إرادیاً- باعتبار العناصر المثیرة فی شخصیته. وفی ضوء هذا، فإن الحرکة العلمیة لدى الإنسان سواء أکانت حرکة علمیة تکنولوجیة أو على مستوى الثقافة فی الخطوط الإنسانیة ومنها الفن بکل أشکاله تخضع لهذا المنهج الأخلاقی... والمرأة کالرجل فی هذه المجال، لأن الأخلاق لیست ضریبة مفروضة على المرأة بل هی منهجٌ یحاول تأصیل إنسانیة الإنسان لینمی طاقاته فی غیر ضعف وبعیداً عن نقاط الضعف... ولذلک فإننا عندما نرید دراسة المرأة والفن فإن للقضیة بُعداً یتصل بأنه کیف یمکن المرأة أن تمارس الفن سواءً التمثیل أو المسرح أو غیر ذلک بما ینسجم مع هذا المنهج الأخلاقی، ولهذا فالفن الذی یحمل إیحاءات جنسیة أو إیحاءات العنف أو یسیء إلى المشاعر الإنسانیة، کالطفولة وغیرها فهذا الفن غیر مقبول إنسانیاً وإسلامیاً. المسألة هی أننا عندما نرید أن نکون واقعیین فإن قضیة الجمال هی من المسائل والقضایا التی تجتذب مشاعر الإنسان وتصوراته، وتفتح له الکثیر من الآفاق التی یمکن أن یشعر فیها بنوع من الإحساس بالطمأنینة والاستقرار والسعادة، ولکن هذه تشکّل العناصر الجمالیة التی تمثل إنسانیة الإنسان بحیث ینفتح الإنسان على الجمال من خلال عناصره الإنسانیة فی الشکل والکلمة والصوت... ولکن أن یتحوّل الجمال إلى حالة جنسیة تجتذب الحسّ وتبعد الإنسان عن العناصر الجمالیة فی الصورة لتشغله بالجوانب الغریزیة الجنسیة فهذا ما نتحدث عنه، ولعلّ أکثر الإحصائیات فی العالم المحافظ وغیر المحافظ تشیر إلى أن علاقة الرجل بالمرأة فی شکل عام خارج نطاق الضوابط الاجتماعیة الضاغطة والقانونیة تمثل علاقة ذکر بأنثى... وهذا ما نلاحظه حتى فی المجتمعات المتحررة _ إن صحّ التعبیر _ والتی یمثل الجنس فیها حاجةً طبیعیة لا یستنکرها المجتمع ومع ذلک نجد المشکلة الجنسیة تتحرّک فی الإدارات بین المدیر والسکرتیرة، بین الموظفین المختلطین فی أجناسهم حیث نجد حوادث الاغتصاب ترقى إلى درجةٍ لا تجدها فی مجتمعات أخرى... لقد ذکرتُ، إنّ هذا ینتج عن دراسة العلاقة بین الرجل والمرأة على أنها علاقة ذکر وأنثى، ولذلک فإن الإسلام یحاول فی تشریعاته سواءً فی الضوابط التی یضعها، أن یجعل العلاقة بین الرجل والمرأة فی الإطار العام علاقة بین إنسان وإنسان. حتى الجنس یدخل على القاعدة الإنسانیة. فالعلاقات الزوجیة تمثل میدان الجنس الحرّ بالنسبة إلى الرجل والمرأة ومع ذلک یعطیها الإسلام بُعداً إنسانیاً فنحن نقرأ فی الآیة الکریمة: {ومن آیاته أن خلق لکم من أنفسکم أزواجاً لتسکنوا إلیها وجعل بینکم مودةً ورحمة}. فلم یَعُد الجنس مجرد حالة غریزیة جامدة، یعیشها الإنسان فی شکل آلی کما یمارس طعامه وشرابه، إن علاقة الإنسان بالإنسان فی نطاق العلاقة الزوجیة علاقة سکینة روحیة ومودة إنسانیة یتوزعها ویتقاسمها الطرفان. وعلاقة رحمة وحنان... فهناک شیء إن سانی فی العلاقات ویعتبر الجنس حاجة طبیعیة من من جملة هذه العلاقات. هنا نقول: إنّ الفن الذی حاول إبراز مفاتن المرأة وهو ما نلاحظه فی اختیار المخرجین، والذین یمارسون الفن المسرحی والتلفزیونی والسینمائی. حتى على مستوى الفن الإعلانی الدعائی یرکزون جمیعاً على المرأة الجسد... لأن المشاهد سوف یندمج بالمشهد أو الصورة الإعلامیة من خلال الإیحاءات الجنسیة التی تُمثلها فی هذا المجال. نحن لا نعتبر أن الإنسان الذی قد یبتعد فی أعماله عن الخطوط الدینیة من حیث ارتکابه المحرمات أن ینفصل عن الله مئة فی المئة. فهناک من یعیش مع الله فی انفتاح روحی ولکنه یخلو من الترکیز على الممارسة فی طاعة الله، ولهذا لا نطرده نفسیاً أو دینیاً من ساحة الله ولکن نقول له: إن الارتباط بالله یفرض علیک أن تعیش کل حیاتک لله ومع الله. دائرة المجتمعات المختلطة ترتبط بالخط الذی ذکرناه، وهو أن المرأة لا بد أن تخرج للمجتمع کإنسانة لا کأنثى، لأن المجتمع لیس مکان عرض الأنوثة باعتبار أن الأنوثة حتى فی جوانبها الجمالیة الفنیة فی الجسد - إذا صح التعبیر- تنفتح على الجنس والإسلام لا یرید للمجتمع أن یعیش حالة طوارئ جنسیة... المرأة عندما تخرج کإنسانة من دون مساحیق أو أسالیب الإغراء فإنها لا توحی إلا بالاحترام والتقدیر، وفی بعض الآیات القرآنیة نقرأ حتى الصوت الذی یشکل عورة فی الإسلام، وأنّ على المرأة أن تتحدث فی المجتمع بشکل طبیعی وفی قوله تعالى: ((ولا تخضعن بالقول فیطمع الذی فی قلبه مرض )). فالمرأة کالرجل حین ترید الکلام مع الآخر علیها أن تتکلم بشکل طبیعی لا تکلف فیه، لأن الکلام هو عبارة عن الرسالة التی یحملها إنسان إلى الإنسان الآخر فی سبیل التفاهم... ففی الدائرة الاجتماعیة المختلطة لا بد للمرأة من التقید بالحجاب المعتدل القائم على ستر الجسد وغیره. أما فی دائرة المجتمعات النسائیة فلیست هناک مشکلة فی أی زیٍّ ینطلق مع الموضة، کذلک تستطیع المرأة أن تلبسه أمام زوجها وفی بیتها، مع أولادها ومحارمها مما یجعلها تمارس الإحساس الأنوثی الجمالی طبیعیاً. الاحاسیس الجنسیة تخلق الإثارة فی المجتمع، مثلاً عندما نتحدث فی المناخ السیاسی عن الخیانة وأنها ممنوعة ومحرمة، فإذا أردنا منع الخیانة فعلینا أن نمنع کل المناخ الذی یهیىء للخیانة عندما نرید منع الظاهرة المرادة، کما أنه علینا أن نمنع جذورها ومعطیاتها وما ینتجها، ولهذا لعلّ مشکلة الکثیرین عندنا أنهم ألفوا هذا النوع من الفن الذی أصبحت حتى الإثارة فیه أمراً طبیعیاً... نحنُ نلاحظ فی بعض المجتمعات المتحررة أن مسألة الحریة الجنسیة مسألة طبیعیة، وأنها تتعلق بالحریة الفردیة للإنسان، وهکذا فی حریة تعاطی المخدرات وحریة الشذوذ الجنسی وغیر ذلک... لقد أصبحت الفلسفة التی تنظر إلى الحریة الفردیة لا تجعل هناک أیة ضوابط لحرکة هذه الحریة بینما یتحرک الإسلام فی تشریعه لیحمی الإنسان من نفسه ویحمی الآخرین من الفرد، بینما فی فلسفة الحریة الفردیة المطلقة فلا مشکلة فی أن یقتل الإنسان نفسه، ولا مشکلة فی أن یرتکب الإنسان ما یضر جسده وعقله لأنه یتحمل مسؤولیة نفسه بینما یمنعک الإسلام من إضرار عقلک وجسدک - کما یمنعک من ضرر الآخرین- فلا فرق بین أن تظلم نفسک أو تظلم الآخرین... المشکلة أن الألفة قد تصنع لدى الإنسان مزاجاً یخیّل إلیه أنه یمثل خطاً فکریاً وإن مشکلتنا أن الآخرین یصنعون لنا الظاهرة والخط نألفه، فإذا ألفناه أصبح طبیعة ثانیة عندنا. حتى قناعاتنا، وحتى أن بعضنا یحاول تأویل الخطوط الإسلامیة لمصلحة ما تعارف علیه الإنسان أو الناس. عندما ندرس عقد الزواج وهو الذی یحکم الزوجین معاً، فإننا نجد أن الحق الوحید الذی یملکه الرجل على المرأة هو حق الجنس من خلال التزامها بذلک... کما أنها تملک الحق نفسه فی العلاقة الجنسیة. ونحن بما أصدرناه من فتوى نرى أنه من الواجب على الرجل أن یستجیب لحاجة المرأة بالجنس فی کل وقت عندما تکون حاجتها لذلک. کما أنّ علیها نفس الحق والواجب بالنسبة إلیه بمقتضى التزامهما العقدی ولیس شیئاً یفرضه الرجل على المرأة أو تفرضه المرأة على الرجل، ولهذا فإننا نواجه الدعوات التی تعتبر أن للمرأة الحق فی الامتناع عن الجنس دون عذر شرعی، على قاعدة أن هذا یمثل اغتصاباً أو اضطهاداً، فهذا أمر لیس قانونیاً ولیس إنسانیاً، لأن الإنسان عندما یعطی التزاماً فمن الطبیعی أن یفی بالتزامه وإلاّ کان حراً ألاّ یلتزم بها. إن القضیة هی کأیِّ تعاقد بین طرفین فی أیّ جانب. سواء الجنسی أو العملی یفرض على الملتزمین بالعقد الالتزام به... والإسلام لا یرى وبحسب الاجتهادات، وما نجتهد به، لا یجد أن المرأة مسؤولة عن أیّ شیء فی البیت، وحتى أننا نرى أن ما یفتی به الفقهاء من عدم جواز خروج المرأة من بیتها (بیت زوجها) إلا بإذنه، أن هذا مربوط بحق الجنس لحاجته إلیها وأما فی غیر هذه الحالة فلها أن تخرج. أما فی الإطار الآخر، فإننا نقول أن المرأة حُرّة فی جسدها من حیث الإنجاب. فللرجل الحق علیها أن تنجب له ولداً أو ولدین، ولکن لو أراد أکثر من ذلک فلها استعمال وسائل منع الحمل فلا تنجب حتى لو أراد الإنجاب، لأنها حرة فی جسدها من هذه الناحیة. إلا إذا التزمت معه فی العقد أن یکون له الحق فی ذلک. أما فی الإطار العام، وبعیداً عن التقالید فإن المنهج الأخلاقی الذی یحکم المرأة هو الأساس، وکل عمل لا یبتعد عن المنهج الأخلاقی فی الإسلام هو جائز للرجل والمرأة معاً، وأما کل عمل یبتعد عن المنهج الأخلاقی فی الإسلام فهو حرام على الرجل والمرأة معاً، لأننا قلنا إنّ الأخلاق لیست ضریبة على المرأة دون الرجل، وهذا ما نلاحظه فی المجتمعات الإسلامیة. . ولعلّ إیران هی النموذج فی ذلک، حیث تصل المرأة لمراکز مرموقة فهی أصبحت مستشارة لرئیس الجمهوریة، وتعمل فی کلّ الدوائر فی الإعلام والصحافة والمجلس النیابی مما یدل حتى على مستوى التطبیق فی المجتمعات التی تعتبر محافظة جداً، حیث تأخذ المرأة الکثیر من الحریة سواء فی الأعمال الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة والتربویة والثقافیة. ففی کتابة القصة والشعر لا مشکلة فی ذلک من ناحیة أخلاقیة، إذا لم تصل الکتابة الفنیة إلى حدّ الفحش وهو أمرٌ یشترک فیه الرجل والمرأة، أما مسألة الأحاسیس الشعوریة والعاطفیة فللمرأة أن تکتب ما تشاء، وللرجل أن یکتب ما یشاء فی الحدود التی تبتعد عن إفساد المجتمع فی شکل عام. وبالنسبة إلى نشر الکتاب لا بد من ملاحظة تأثیره على المراهقین الرجل والمرأة معاً. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,154 |
||