مفهوم الإقلیات والجالیات الإسلامیة | ||
بدأت ظاهرة الأقلیات الإسلامیة فی العصر الحدیث، مع تصاعد الهجرة من البلدان الإسلامیة إلى مختلف أقطار الأرض، خلال العقد الأول من القرن العشرین فی مستواها الأول، وأما فی مستواها الثانی فبرزت هذه الظاهرة، مع نشوء الدول الحدیثة فی العدید من المناطق التی کانت تقع تحت حکم المسلمین، إلى أن أُعید رسم الخریطة الجغرافیة والسیاسیة لهذه المناطق، بحیث تضاءل نفوذ المسلمین وتقلص حضورهم، لیصبحوا أقلیة فی المجتمعات التی کانوا یحکمونها. ومع نمو حرکة الهجرة من العالم الإسلامی إلى شتى أقطار العالم، وخاصة إلى أوروبا والولایات المتحدة الأمریکیة، ثم إلى أمریکا الجنوبیة وکندا واسترالیا، نشأت ظاهرة الأقلیات الإسلامیة لأول مرة تقریباً فی تأریخ الإسلام، حیث وصل المسلمون إلى هذه الدول یحملون ثقافتهم وحضارتهم وعاداتهم وتقالیدهم، لیجدوا أنفسهم وسط مجتمعات لها أدیانها ولغاتها وثقافاتها، ولها أنماط العیش وأسالیب الحیاة الخاصة بها والتی تختلف عما ألفوه ونشأوا علیه وعاشوا فی کنفه فی بلدانهم الأصلیة. وبالاحتکام إلى المقتضیات القانونیة والدستوریة المتعارف علیها دولیاً، فإن الأقلیات الإسلامیة، هی إحدى الفئات الثلاث التالیة: أولاً: رعایا دولة غیراسلامیة، ینتسبون إلى هذه الدولة بالأصل والمواطنة، علیهم ما على مواطنی تلک الدولة من حقوق وواجبات. وتمثل هذه الفئة الکبیرة من الأقلیات الإسلامیة (مسلمی الهند، والصین، والفلیبین، وروسیا الاتحادیة) وینضم إلى هذه الفئة، مواطنو الدول غیرالإسلامیة الذین اعتنقوا الإسلام فی أوطانهم، فهم جزء لایتجزأ من شعوبهم. ثانیاً: رعایا دولة إسلامیة یقیمون فی دولة غیرإسلامیة ویخضعون لمقتضیات القانون الدولی ولأحکام القانون المحلی، وتأتی هذه الفئة فی الدرجة الثانیة من حیث التعداد. (مثال المسلمین من دول منظمة المؤتمر الإسلامی المقیمین فی شتى بلدان العالم). ثالثاً: رعایا دولة غیرإسلامیة یقیمون فی دولة أجنبیة غیرإسلامیة، وتمثل هذه الفئة نسبة کبیرة من الجماعات والأقلیات الإسلامیة المقیمة فی دول غربیة وشرقیة عدیدة. ومن الواضح أن هذه الفروق التی نشیر إلیها هنا، إنما تخضع لمفهوم القانون الدولی، ولکن حینما یتعلق الأمر بالمفهوم الإسلامی للقضیة بحد ذاتها، فإن هذه الفروق تتلاشى بصورة تلقائیة، عملاً بمبدأ الأخوّة الإسلامیة، طبقاً لقوله تعالى ((إنما المؤمنون إخوة)). حقوق وواجبات المسلمین فی الأقطار غیرالإسلامیة
تشکّل الجالیات الإسلامیة المقیمة فی الأقطار غیرالإسلامیة، جزءاً لایتجزاً من العالم الإسلامی، باعتبار أن الأمة الإسلامیة جمعاء، إنما تمثل مجموع المسلمین فی أی مکان من العالم، وأن العالم الإسلامی بمفهومه العام، هو الإطار الشامل الجامع الذی تنتظم فیه الأمة الإسلامیة قاطبة. إن المسلم الذی یعیش فی البلدان غیرالإسلامیة یعیش فی مجتمع له قیمه وأسالیبه ووسائله فی العیش، وهنا فإن الحاجة ضروریة إلى إبراز حقائق الإسلام بالشکل الصحیح وبالأسلوب السلیم، إلى جانب وجوب دحض الأباطیل التی یروجها أعداء الإسلام، کما تتسع الحملات العدائیة الموجهة ضد الإسلام والمسلمین والتی یخرق القائمون بها أحکام القانون الدولی والحقوق الإنسانیة، کما یسعون لتأجیج نار الصراع بین الأدیان والصدام بین الحضارات والخصام بین الثقافات لاسیما ما یصرح به وعلى لسان قادة المجتمع الدولی من تسمیة لحروبها بین الحین والآخر بالحروب الصلیبیة ومن ثم یسمعون ذلک زلة لسان ولکنها فی الواقع تعبّر عن ما فی داخل عقولهم وقلوبهم. مما یشکّل تهدیداً لاستقرار المجتمعات، ویخلق حالات من القلق والاضطراب التی تشیع جواً من سوء الظن والشک وعدم الثقة بین المسلمین والسکان الأصلیین فی بعض هذه البلدان. ولذلک تعیش الجالیات الإسلامیة تجاه الأحداث حالة من الضیاع والانغلاق على الذات، وذلک یجعلها فی موقف المتروی والمنغلق عن التفاعل مع هذه المجتمعات، مما یشکل جواً من النفور والخوف والعداء غیرالمبرر بینها وبین هذه المجتمعات، وتجد الأقلیات الإسلامیة نفسها عاجزة عن التعبیر عن ذاتها ومکوناتها الثقافیة وقیمها الاجتماعیة، وخاصة القیم الإسلامیة الصحیحة والتی تحمل الشفاء لکثیر من الأمراض والآفات الاجتماعیة التی تعیشها تلک المجتمعات غیرالإسلامیة. وحتى لانکون مجحفین بحق بعض المجتمعات، فقد استطاع المسلمون أن یمارسوا دورهم الرسالی فی بعضها، لکننا لانزال بحاجة إلى جهود أکثر وفعالیة أفضل لإیصال صورة الإسلام الصحیح إلى هذه المجتمعات، ذلک أن الموقف الذی تتخذه بعض الدوائر فی الأقطار غیرالإسلامیة إزاء الإسلام دیناً وثقافةً وحضارةً، وتجاه المسلمین شعوباً ودولاً وحکومات، یبرز بصورة مطردة، لیس على العالم الإسلامی والجالیات المسلمة فحسب، وإنما على العالم کله، لأنه موقف سلبی، ومخالف لأبسط مبادئ وقواعد القانون الدولی، ومناهض لروح الحوار والتعایش بین الحضارات والثقافات والمؤمنین بالأدیان التوحیدیة السماویة جمیعاً، وهذا من شأنه أن یهدد الأمن والسلام الدولیین. ویزعزع استقرار المجتمع الدولی. فی وقت تمر فیه الإنسانیة بمرحلة حرجة وغیرمستقرة، تبحث فیها عن ملاذ أمین، وتتطلع إلى الخلاص من الهیمنة التی یفرضها النظام العالمی الاحادی الذی تقوده الولایات المتحدة بغیر سند من القانون الدولی. وفی وجه هذا التهدید للحضارة الإنسانیة فی الصمیم، یتحمل العالم الإسلامی والمسلمین مسؤولیة کبرى فی التصدی لهذه الحملات، وذلک بالعودة إلى روح الإسلام، وقیمه الأصیلة، الإسلام الذی یدعو إلى السلام والتعایش والإخاء الإنسانی وینبذ العنف والإکراه ویرفض الإرهاب بکل صوره وأشکاله، والذی یدینه الإسلام ویعدّه إفساداً فی الأرض وعدواناً على الإنسانیة والحضارة. إن على الأقلیات المسلمة فی الأقطار غیر الإسلامیة تقویة الذات والتعلم والدراسة والاستفادة من تجارب الأمم وخبرات الدول المتقدمة صناعیاً وعلمیاً، والمطلوب المشارکة بالحیاة العامة فی هذه الأقطار فی میادین التربیة والتعلیم والعلوم والثقافة والاتصال، وتعزیز التضامن والتکامل والتعاون بین بلدان إقامتهم وأوطانهم الأصلیة، لاکتساب القوة والمناعة والقدرة على الدفاع عن الوجود وحمایة المصالح والحفاظ على القیم والمقومات التی تشکّل الاساس المتین للأمة الإسلامیة. إن العلاقات الاجتماعیة التی یجب أن تقیمها الأقلیات الإسلامیة مع غیرالمسلمین یجب أن تنبع من خصوصیة الثقافة الإسلامیة التی تنفتح على الآخر، والتی تتمیز بالتسامح مع جمیع أهل الأدیان والعقائد والثقافات والحضارات، وتجنح نحو التعاون فی إطار الأخوة الإنسانیة التی تجمع بین البشر کافة، من دون التوقف عند الاختلاف فی المعتقد والمذهب أو العرق والجنس، وهذا ما تقتضیه ضرورات التعایش الذی أصبح سمة العالم الحدیث. کما تملیه متطلبات الحیاة فی المجتمعات المعاصرة وتفرضه المصلحة المؤکدة للمجتمعات الإسلامیة الناشئة فی البلدان غیرالإسلامیة لأن استمرار حیاة الجالیات الإسلامیة على هذا النحو یضمن لها الاستقرار ویکفل لها الجو الطبیعی السلیم للرقی والتقدم، وذلک یتطلب إقامة أوثق علاقات التعاون مع جمیع مکونات مجتمع الإقامة وعلى مختلف المستویات ویحقق لها الاندماج الفاعل والمؤثر فی المحیط الواسع، وبالقدر الذی یجعلها فریقاً مشارکاً فی الحیاة العامة. لکن یجب على المسلمین فی أماکن تجمعهم خارج العالم الإسلامی أن تتوفر فیهم شروط موضوعیة تتمثل فی الإیمان والوعی بالقیم الإسلامیة والتمثل بها والعمل بمقتضى التعالیم والأخلاق الإسلامیة، وعلیها حمایة هویتها الثقافیة والحضاریة، ذلک لأن تأثیر الجالیات المسلمة یتوقف على مدى سلامة کیانها الفکری والثقافی، وعلى مناعتها الأخلاقیة، کما یبرز هنا الدور الأساسی للمؤسسات الإسلامیة فی العمل ودعم ومساندة هذه الجالیات المسلمة أینما وجدت، من خلال المتابعة والتنسیق وإیجاد وسائل وآلیات للتفاعل والاتصال، لإیصال قضایا العالم الإسلامی من خلال هذه الجالیات إلى شعوب وحکام العالم غیرالإسلامی. ونشدد هنا على دور منظمة مؤتمر العالم الإسلامی التی یجب أن تبرز فاعلیتها لیس فقط فی تشدید اللحمة بین دولها والدفاع عن مصالحها بل على اعتبار الجالیات الإسلامیة جزءاً لایتجزأ من سیاساتها بحمایتها وحفظ حقوقها والدفاع عنها.
الأقطار المسلمة وأقلیاتها فی العالم
إن الأقلیات المسلمة فی الاقطار غیرالمسلمة لاتبدو بحالة تجعلها کالبنیان المرصوص کما هو الحال بین المنظمات الصهیونیة فی جمیع أرجاء العالم المتکافلة والمتضامنة والمتلاحمة إلى حدّ التفانی وکلها تعود إلى أحضان المنظمة الصهیونیة الأم وتعمل بوصایاها، وبحیث باتت تشکل عاملاً مهماً فی رسم السیاسة العامة للدول التی یقیمون فیها وإدارة الدول بالشکل الذی یضمن لها السیطرة والعداء للعالم الإسلامی والسعی لإخضاعه ونهب ثرواته. والمؤلم أیضاً هو أن الأقطار الإسلامیة التی تنبثق عنها تلک الأقلیات فی العالم لاتولی أقلیاتها ما ینبغی من الرعایة والاهتمام اللذین یحسسانها ویذکیان فیها الحنین إلى الوطن الأم والشعور بالقیام بواجب الابن نحو أمه من تکریم واعتبار وتأدیة مایستلزم، ومایجدر ذکره: ان الأقلیات المسلمة فی الأقطار غیرالمسلمة کأمریکا وبریطانیا وفرنسا (وهی دول علمانیة)، والأقلیات فی جمیع الدول الأوروبیة والأسیویة غیرالمسلمة وأفریقیا، تستطیع إذا ما تنادت وتلاقت بمندوبین عن کل منها أن توثر فی السیاسات الخارجیة لدول الموطن الثانی وتصنع التأریخ الجدید المؤصل بأخلاق الإسلام وثقافته فی مفاهیمه للإنسان والحیاة والکون والحریة المستنیرة بمبدأ التوحید. الأقلیات المسلمة وإمکانیات دعمها لقضایا العالم الإسلامی ولکن السؤال الذی یطرح نفسه: هل تستطیع هذه الأقلیات المسلمة فی الأقطار غیر الإسلامیة أن تلعب دوراً فی دعم قضایا العالم الإسلامی فی مثل هکذا أوضاع؟ الدور الذی یمکن أن تلعبه فی دعم قضایا العالم الإسلامی السیاسیة والعلمیة والاجتماعیة والاقتصادیة والفکریة محدود بعض الشیء ومحکوم بالآنیة التی قد تکون عابرة وغیرمجدیة حسب الطموح والأمل المنشود. یقول أحد الدراسین والناشطین إسلامیاً، د.مراد هوفمان: ((إن الفرصة متاحة أمام الإسلام الیوم لیصبح الدیانة الأولى للقرن الجدید فی العالم کله.. بوضع الأساس القوی لعمل تعاونی مخلص بین علماء الإسلام مهمته إحداث تغیرات رئیسیة فی المواقف والمداخل تبنى على أساس عقدیة.. تزیل الصدأ الذی علاه من خارجه وبذلک یستعید مکانته الأولى فی العالم کله)). أما فی الحال التی هی علیه لن یکون دور تلک الأقلیات مرکزیاً وأساسیاً ولا مؤثراً فی دعم قضایا العالم الإسلامی کما هو المطلوب والمرتجى. وحتى تتمکن تلک الأقلیات فی العالم أن تلعب دوراً مهماً ومرکزیاً فی قضایا العالم الإسلامی علیها أن تعی أن وجودها فی أماکن تواجدها لم یعد دخیلاً ولا طارئاً وإنما أصبح جزءاً أصیلاً من کینونة المجتمع التی هی فیه وتتکیف مع مجتمعها الجدید وتساهم فی بنائه وتتفاعل وتتلاقى مع أبنائه وتضخ من قیمها الإسلامیة فی عقده وتنفث فی أوصاله ریح أخلاقها: صدقاً وعدلاً وتسامحاً واستقامة لتکون له القدوة وتحرره من محدودیة البعد الواحد: بعد یجسد التفانی فی المادیة وعبادة الذات. فالحیاة لیست محض ملهاة أو لذة مادیة صرفة وحسب وإنما هی شعور نبیل بوجوب الاندفاع فی سبیل تحقیق الذات الإنسانیة الجماعیة والاجتماعیة المشرقة والسبیل فی إعلاء شأن الإنسانیة جمعاء بالعدل والحب والإنصاف والسلام الذی یسعد الإنسانیة ویرضی خالق الإنسانیة ومدبر الأکوان وبارئها جمیعاً الله عزّوجل، انطلاقاً من القول أنا حرّ فإذن أنا موجود وأنا أبدع فإذن أنا موجود وأنا أبدع فإذن أنا موجود وأنا أقوم بما یلی الواجب من إسعاد الآخرین دون النظر إلى لونهم أو فکرهم أو عقائدهم فإذن أنا موجود وأنا أعمل بالحق وأرسی دعائمه ودعائم العدل والتسامح والسلام فإذن أنا موجود. هذه تربیة الإسلام تقى وعدالة وتسامح ومحبة واندماج لخیر الإنسانیة وإعلاء کلمة الحق وإخلاص للبشریة بشتى بنیویاتها وألوانها هذا کله یشکّل أمانة فی عنق الإنسان المسلم الذی یقیم شعائر إسلامه بحق وإیمان وتقوى الله أینما وجد. واجبات الدول الإسلامیة تجاه أقلیاتها فی الخارج إننا نرى ومن منطلق الحفاظ على الإسلام ورعایة أبنائها المنتشرین فی مختلف أقطار العالم أنه من واجب الدول الإسلامیة التزام ما یلی: أولاً: العمل بجدیة على تشکیل ((المجلس الاغترابی الإسلامی فی العالم)) تشارک فیه جالیات جمیع الدول الإسلامیة وتقوم باختیار عضو مندوب عنها ویکون مرکز هذا المجلس فی دولة یتفق علیها، ویقترح المجلس الحلول الناجعة لما تعانیه وسبل تعزیز تواجدها وتحدید الآلیات للتنفیذ من قبل الدول وتکون توصیاته لما فیه خیر الاقلیات المسلمة فی العالم. ثانیاً: تسعى الدول الإسلامیة لدى المجتمع الدولی بأن یتم الاعتراف به رسمیاً کممثل ومسؤول عن جمیع الأقلیات الإسلامیة فی العالم وإبلاغ الدول التی استقبلت الأقلیات وضمتهم إلى مجتمعاتها الاعتراف بشرعیته والتعاون معه بجدیة فی کل ما یتعلق بشؤونهم وشجونهم. ثالثاً: یعمل المجلس على إحصاء الأقلیات إحصاءً دقیقاً ودراسة أوضاعهم وأماکن تواجدهم وتحدید حاجاتهم وکل ما یتعلق بتواجدهم فی بلاد الاغتراب وما یعترضهم من مشاکل واقتراح الحلول وکیفیة الاستفادة من خبراتهم وتکون من مهام المجلس الاغترابی الإسلامی فی العالم القیام بالمهام التالیة: 1. تحسین أوضاع الأقلیات ورفع مستواهم ومعنویاتهم الثقافیة والدینیة والعلمیة والاقتصادیة. 2. العمل على فتح المدارس التی تکفل تعلیم أبناء الجالیات الإسلامیة أحکام الدین الإسلامی الحنیف والسیرة النبویة الشریفة وحفظ القرآن الکریم واللغة العربیة فی مواطن تواجدهم مع التشدید على ممارسة الشعائر الدینیة وإحیاء المناسبات الإسلامیة وتلقینهم أخلاق إسلامهم وقیمه وتربیتهم على المفاهیم الأساسیة کالإیمان والتقوى والعدل علاوة على ما یتلقونه من علوم عصریة وبهذا یؤثرون فی المجتمع الجدید وقد یکونون أسوة له فی الممارسة والسلوک ویتعاون المجلس فی ذلک مع الجمعیات والمنظمات الإسلامیة فی دول الاغتراب. 3. یساهم المجلس فی دعوة الأقلیات لعقد مؤتمرات دوریة وتوصیتهم بأن لاینعزلوا عن المجتمع الذی یعیشون فیه بل یندمجوا به انطلاقاً من محافظتهم والتزامهم بالقوانین الوضعیة لهذه الدول والعمل على تطویر وطنهم الثانی کما سائر أفراد المجتمع ویکون التواصل طبیعیاً مع مجتمعاتهم الثانیة على المستوى الاجتماعی وکافة المستویات الأخرى مع الاحتفاظ والمحافظة على الهویة الإسلامیة بکل تفاصیلها وقد کان للجالیات فی بعض الدول أثر مهم فی دخول المعترکات الاجتماعیة والسیاسیة وتبوء المراکز المهمة. 4. یعمل المجلس على المحافظة على قنوات الاتصال الدائم والتبادل بین الاقلیات وبین أقطارها والتفاعل الاقتصادی والاجتماعی والسیاسی. 5. یعمل المجلس على إذابة جمیع المذاهب والمشارب والألوان وتوحیدها فی وحدة متراصة نابذة لکل أسباب التفرق والتمذهب والسیر صفاً واحداً فی قناة واحدة هی قناة مبدأ التوحید الإسلامی الذی أتى به القرآن (لا إله الله محمد رسول الله). 6. یشجع المجلس بأن یکون لکل أقلیة إعلام مرئی ومسموع ومکتوب باللغات الثلات: العربیة والإنکلیزیة والفرنسیة ولغة الدولة التی یقیمون فیها للتصدی للإعلام المعادی من جهة والتعریف بالإسلام من جهة ثانیة وأن یکون للأقلیة فی کل قطر من العالم مساحة فی صحیفة أو مجلة مشهورة یرد فیها على شبهات الکتابات المعادیة للإسلام ونشر شروحات دقیقة عن الإسلام ومعتقداته بلغة سهلة ومفهومة وذلک لتلافی حصول الإساءة کما حصل من قبل إحدى الصحف الدنمارکیة وأصابت الرسول الأعظم محمد "صلوات الله علیه ووآله وسلم" وتبعتها فی ذلک بعض الدول الأوروبیة وشکّل ذلک اعتداءً صارخاً على الدین الإسلامی وإهانة ما یقارب الملیار ونصف الملیار من المسلمین فی العالم وخرق لمیثاق الأمم المتحدة. بعد هذه التوصیات التی ارتأیناها وهی قابلة للمناقشة، یمکننا أن نقول بأن الأقلیات سیصبحون: خط الدفاع الأول عن العالم الإسلامی والرصید المذخور فی لحظات المواقف السیاسیة المصیریة والاجتماعیة والاقتصادیة. وستصبح بذلک کل أقلیة نافذة لوطنها الأم وستصبح مجتمعاتها صورة مشرقة للإسلام الحقیقی ووجهه الساطع والناصع لکل من یتأسى بالحق والخیر والجمال الروحی والأخلاقی والمرأة التی تعکس وجه السماء، وجه الرحمة والعفو والتقوى وترى فیها السماء بعض نبلها وسموها وأنوارها کون الإنسان مادةً وروحاً وأهل السماء أرواحاً أو أنواراً محضة. فحینما تأتلف الأقلیات وتذوب الألوان وتتلاشى الفوارق فیما بینها کل واحد فیها یصبح ظهیراً للآخر فی تلاحم اجتماعی متفان مصیری وتتلاحم جمعیاً مع أهل الدیانات الأخرى لاتشذ فی حقیقة أمرها عن لحمة الحق لأن مصدر جمیع الدیانات السماویة هو الله تبارک وتعالى. بعد ذلک فإن هذه الأقلیات لن تتوانى ولن تألو جهداً فی نجدة العالم الإسلامی بعامة وأوطانها بخاصة حال التعرض لخطر داهم والوقوف ضد الدولة المعتدیة والقیام بالاحتجاج الصارخ والتظاهر المنظم والاعتصامات استنکارا لما یجری على أوطانهم. نسأل الله العلی القدیر أن یجعلنا وإیاکم من العاملین لما فیه خیر أمتنا الإسلامیة وخیر شعوبنا فی جمیع أصقاع الأرض مواطنین ومغتربین، مجددین الدعوة إلى المزید من الوحدة والتلاحم لمواجهة الخطر الحقیقی للهجمة على الإسلام ورسوله الأکرم "صلوات الله علیه وآله وسلم".
عبد الامیر قبلان | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,061 |
||