أثر التسامح فی تطهیر النفس الانسانیة | ||
أثر التسامح فی تطهیر النفس الانسانیة زینب الخالصی
کثیرة هی الفضائل التی أجمع الناس علیها منذ بدء الانسانیة على سطح هذا الکوکب وعبر تطوّر حضاراتهم وحتى یومنا هذا. ولعل التسامح هو إحدى هذه الفضائل والتی لایختلف اثنان من البشر على انها فضیلة وقیمة اخلاقیة، فلماذا نرى الحقد یملأ القلوب ونرى العداء المستفحل بین الانسان واخیه الانسان یصل الى اعلى الدرجات حتى ان وحشیة الانسان فی حروبه وفی قتله لأخیه الانسان، والتفنن فی اسالیب التعذیب والتدمیر والحقد، قد بلغت حداً فاق کل تصور، وغدت کلمة وحشیة کلمة متواضعة لاتفی ابداً بإعطاه التصور الحقیقی والواقعی لمدى حقد الانسان وشره وایذائه، لأن الوحوش لاتبطش ببعضها هذا البطش الشمولی والمبرمج، بل إنها تتصارع لبرهة من الوقت ولسبب معین ثم لاتلبث ان تنفض ویذهب کل فی طریقه. ولم یقدّم لنا السلوک الحیوانی اثباتاَ على وجود الحقد عند الحیوانات، وان وجد فإنه بلاشک أقل کثیراً منه عند الانسان، فما اظلمنا للوحوش والحیوانات عندما نصف هجمیتنا بالوحشیة، والوحشیة بلاشک ارقى کثیراً من سلوکنا البشری الحاقد.
التسامح فی الاسلام ما انفک الاسلام یدعو الى التسامح ونبذ الضغینة والکراهیة، بل ان العدید من اسماء الله وصفاته هی مسمیات وصفات للتسامح، ومنها. الرحمن، الرحیم، الغفور، الودود، السلام. وهنالک العدید من الایات والأحادیث النبویة التی تتحدث عن التسامح، اقتطفت منها هذه الآیات للتأمل فیما تحمل معانیها من سمو وعظمة وشفافیة: ((ویدرءون بالحسنة السیئة أولئک لهم عقبى الدار)) (الرعد: 22) : ((ولاتستوی الحسنة ولا السیئة، ادفع بالتی هی أحسن فإذا الذی بینک وبینه عداوة کأنه ولی حمیم)) (فصلّت: 34)
التسامح، قیمة اخلاقیة عند کل الأدیان دعت کافة الادیان الى التسامح واعتبرته قیمة اخلاقیة فضلى، بل أن النبی عیسى "علیه السلام" سُمی رسول المحبة والسلام لکثرة ما دعا الى التسامح والمحبة، ودعونا نستعرض بعضاً من اقواله: ((من لطمک على خدک الأیمن فحول له الآخر أیضاً)). ((ومن أراد أن یخاصمک ویأخذ ثوبک فاترک له الرداء أیضاً)). أما بالنسبة للأدب العربی فقد أغنى الفکر الکثیر من الاقوال التی تمجد التسامح وتبرزه کقیمة اخلاقیة سامیة. ولنتأمل هذه الأبیات للشاعر أبوالفتح البستی: احسن الى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الانسان إحسانُ اخااتی القارئات والقرّاء الکرام بعد أن أدرکتوا أن التسامح قیمة انسانیة وإنکم مهما حاربتم الشر بالشر فإنکم لن تنجحوا فی استئصاله، ولن یحقق فی نفسکم الا المزید من العداوة عند خصمکم، هذه العداوة التی ستظل تتصاعد بینکم، ولن ینهیها الا الموت یختطف احدکم، فلماذا لایکون لکم فی رسول الله أسوة حسنة، ولماذا لاتقابلون الحقد والبغض بالمحبة والتسامح، إنکم لن تخسروا من ذلک شیئاً، فلماذا لاتجربون الیوم وقبل الغد أن تبادروا بالاتصال بمن بینکم وبینه بغضاء، بادئون بالتسامح ومظهرون نحوه المحبة والود، فإن قابلکم بالتسامح أصبح الذی بینکم وبینه عداوة کأنه ولی حمیم، أما أقصى درجات الفشل الذی قد یتحقق من محاولتکم هذه، فهو بقاء الحال على ما هو علیه، وآنذاک فإنکم لن تخسروا شیئاً من محاولتکم هذه، بل ستکتبون الشعور برضى النفس وراحة الضمیر، بینما ستحل لعنة الحقد على خصمکم وتبقى نیرانها تأکل قلبه. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,687 |
||