نقد اتفاقیة محو اشکال التمییز ضد المرأة (سیداو) | ||
نقد اتفاقیة محو اشکال التمییز ضد المرأة (سیداو) صدیقة الموسوی
تعتبر هذه الإتفاقیة مکملة ومطورة لمعاهدة حقوق المرأة السیاسیة الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1952،بدأت المفوضیة فی إعداد هذه المعاهدة عام 1973وأکملت اعدادها فی 1979واعتمدتها الأمم المتحدة فی 18/12/1980 وسرى مفعولها فی 3/12/1981 بعد توقیع 50 دولة علیها. تتکون الأتفاقیة من 30 مادة موزعة على ستة أجزاء وتتناول مجمل القاضایا التی تخص المرأة؛ من الحقوق السیاسیة والإجتماعیة الى التعلیم والصحة، بما فیها الصحة الإنجابیة والجنسیة وقوانین الزواج والأسرة. طبقاً ً للبند الاول للمعاهدة یجب إزالة کل أشکال التمایزات والتفاوتات والإستثناءات فی القوانین، والتعلیم والتعلیم الإجتماعی التی تعتبر مصداقاً للتبعیض . کما صیغت مواد هذه الإتفاقیة صیاغة قانونیة ملزمة قانوناً للدول التی تصادق علیها، وأن تلغی هذه الدول القوانین والتشریعات التی تخالفها، وبموجب المادة17 فیها تشکلت لجنة مهمتها مراقبة الدول الموقعة. وقد انتقدت هذه الإتفاقیة الأمومة ووصفتها بأنها قوالب جامدة، وجائرة تعوزها الأصالة والشخصیة وکررت اللجنة الطلب من الدول باستمرار لإلغاء القوالب الجامدة، التی تصف النساء بانه أمهات شرف لهن فبمقتضى المادة 5 ب فان الأمومة وضیفة إجتماعیة مجردة من أساسها البیلوجی، ویمکن أن یقوم بها أی إنسان رجل کان أو إمرأة؛ وهذا یناقض البحوث التی أثبتت أن حنان الأم فطری ولا یمکن أن یصل الى حنان الإب وصبره.[1] ووهذا ما ذکرته الروایات فعن الإمام الباقر (علیه السلام): (إن الله تبارک وتعالى جعل للمرأة صبر عشرة رجال،فاذا حملت زادها قوة {صبر} عشر رجال)[2] ومع أن الإعلان العالمی لحقوق الإنسان 1948 یدافع بصراحة عن مؤسسة الأسرة والأمومة: المادة115 الا أن لجنة المعاهدة المذکورة قامت بتوبیخ وتأنیب الکثیر من الدول الأعضاء:- ــ خطاب الى بلاروسیا:(إن اللجنة تعرب عن قلقها من إستمرار الزواج المرتبط بالدور الجنسی فی شکل مؤسسات مثل عید الأم، وجائزة الأم التی تعتبر تشجیعاً على الأدوار التقلیدیة للمرأة من قبل الأمم المتحدة). ــخطاب الى تشیک: (إن اللجنة تنظر بعین القلق الى تزاید الإجرائات التی ترعى وتشجع الحمل والأمومة)![3] وفی عام 1996م بحث مجلس الشورى العالی للثقافة فی الجمهوریة الإسلامیة: (وربما کان سبب التأخیر بین صدور المعاهدة الى حین دراستها الإنشغال فی مواجهة الحملة الصدامیة التی شنت على الجمهوریة الإسلامیة وبناء البنى التحتیة فیما بعد الحرب) فلاحظوا وجود سبعین مورد تناقض بین المعاهدة وقوانین الداخلیة للجمهوریة الإسلامیة، واربعین مورد اختلاف بین المعاهدة الآنقة الذکر والأحکام الشرعیة ، إضافة الى إعلان سماحة ولی أمر المسلمین والمراجع العظام آرائهم، مما أدى الى إمتناع الجمهوریة الإسلامیة الإنضمام بالمعاهدة المذکورة. اللائحة التحضیریة للوثیقة کانت بعیدة عن الأخلاق والفطرة الإنسانیة،الى حد ابدى فیه الکثیر من المؤسسات الحکومیة وغیر الحکومیة لبعض الدول انتقادهم لها؛ ومن المنتقدین لهاالشیخ جاد الحق رئیس مرکزالتحقیقات الإسلامیة لجامعة الأزهر، فقدابدى انتقاده لها فی بیان مفصل جاء فیه:(إن منظموهذه المعاهدة یسعون الى تضعیف بناء العائلة، والى ایجاد الشک والتردید فی مسألة کون العائلة هی الخلیة الأولى للمجتمع، ویسعون الى ترویج العلاقات الجنسیة الخارجة عن إطارالعلاقة الزوجیة، بل ویعتقدون بشرعیة العلاقات المثلیة بین الرجال والنساء، ویشجعون الوالدین على غض الطرف عن العلاقات الجنسیة بین الأطفال، ویعملون على اظهار الدین بانه سبب للتعصب)[4]. جمعیة الاطباء المسلمین أعلنت عن رأیها بالقول: کل من لا یظهر حقائق هذه المعاهدة، ولا ینبّه العالم الإسلامی باخطارها هو شیطان. الفاتیکان أیضاً وجه هو الآخرانتقاداته الشدیدة الموجّه للإتحاد الأوربی، ووصفهم بالأقلیة التی تقوم بتحمیل وجهة نظرها لمؤتمر بکین، کما اعلن المتحدث عن الفاتیکان بأن: أوربا بصدد تغییر وجه نظر الدین بالنسبة لدورالأمومة وتقلل من حقوق ومسؤولیة الوالدین تجاه ابنائهم. السیدة (شارون هایز) عضوة البرلمان الکندی ورئیسة الهیأة الکندیة،صرحت عند خروجها من جلسة المؤتمربالقول: (المساواة فی نظر مؤتمر بکین لن یقدم المساواة للنساء، فی بلدی وعندما تدعى مجموعة للعمل یجب أن یکون50% منها من الرجال والـ50% الأخرى من النساء ،أما وللأسف فأن النساء یعین بنسبة أکبرمن 50% والرجال یبقون بلاعمل، وإذاعملت فی البیت وخارجه، ویبقى زوجی عاطلاً عن العمل فهذه لیست مساواة؛ ان وفی أول رحلة الى بلدی ساعود وسأسعى الى حفظ التفاوتات الموجودة بین الرجل والمرأة، لأنها موجودة منذ بدء الخلیقة، وهذه التفاوتات هی التی تحفظنا.[5] نقد النسویة الغربیة: ربما تکون الحرکات النسویة مختلفة على اختلاف اعتقادات أصحابها فهناک النسویة اللیبرالیة، والمارکسیة، والرادیکالیة والسوسیالیة والحدیثة، ولکن أصحاب هذه الحرکة على اختلاف مذاهبهم متفقون على نقاط بردها نردهم جمیعاً ؛ فهم یشترکون فی الإعتقاد بـ أولاً : أن المرأة وبسبب أنوثتها تعرضت للدونیة والتحقیر، ولم تؤخذ حاجاتها بنظرالإعتبار. ثانیاً: حیث أنه یجب أن تزال هذه الدونیة، یجب إصلاح النظام الإقتصادی والإجتماعی والسیاسی ویعتقد الکثیر کما أصحاب هذه النظریة أن لشکل العائلة الحالی والعمل البیتی دورأساسی فی هذا التحقیر ویجب أن یتغیرا جذریاً . أما هدفهم فیتلخص إیجاد مجتمع یکون فیه التشابه والتساوی فی الحقوق بدلاً من التفاوت على أساس الجنس حتى یتحقق هدف(التساوی فی التمتع برفاه المادة)؛ کما إنهم ینتقدون من جهة أخرى السلطة الذکوریة فی البعد الإجتماعی، والسلطة الأبویة فی البعد الاسری، والعائلة التی تکون بمدیریة وعهدة الرجل. ونحن فی مقام الرد نقول: 1.إن فی المساواة التی یطالب بها أصحاب هذه النظریة غضّ للطرف عن التفاوتات الطبیعیة بین الرجل والمرأة، وهذه المساواة توجه ضربة قاصمة الى المجتمع عامة والى المراة بصورة خاصة، وهم ینکرون الإختلافات الفیسلوجیة الموجودة بین المرأة والرجل، ویرون أن مسالة الإختلافات الروحیة والذهنیة ما هی إلا حصیلة للأنظمة الإجتماعیة والثقافیة، أما نحن فنعتقد أن التفاوتات سبب لتکامل الأسرة المجتمع وبطلان أمثال هذه الآراء غیر خافٍ على علماء النفس؛ یقول الدکتور عبد الرحمن العیسوی استاذ علم النفس بکلیة الآداب: (إقرار وجود فروق طبیعیة بی الرجال والنساء لیس عیباً ولا قدحاً فی حقهما فالفرق مسألة سویة وطبیعیة وصحیحة بل إن اختفاء الفروق هو الوضع الشاذ. ذلک أن لکل جنس دوره ورسالته فی الحیاة وفی المحافظة على الجنس البشری؛ بل إن هذه الفروق قد تؤکد امتیازاً لصاحبها وتفرداً وتمیزاً فهناک سمات کلما زادت کلما زانت صاحبها). تقول إحدى عاملات فی شرکة جنرال موتور:(إن إحدى النساء أصیبت بنزف داخلی من جراء حمل بعض الأثقال ، إننا نرید العودة الى الوضع السابق، نرغب أن یعاملنا الرجال على أننا نساء أعمال أما بالنسبة لأنصار تحرر المرأة فهذا الموضوع سهل جداً ، اذ یجلسون فی غرفة فخمة لیقولوا:(یجب أن تتساوى النساء بالرجال) ذلک أنهم لم یعرفوا العمل فی المعمل...إننی لا ارید هذه المساواة إذ إننی لا أستطیع أن أعمل أعمال الرجال، إن الرجال أقوى منا أجساماً ، واذا کان المطلوب أن ننافسهم فی العمل والإنتاج ویقاس عملنا بأعمالهم فاننی من جانبی أفضّل الإعتزال. إن الممیزات التی خسرتها عاملات ولایة أوهایو أکثر بکثیر من التی کسبتها عن طریق قانون العمال لقد خسرنا شخصیتنا النسائیة، إننی لا أفهم ماذا استفدنا منذ الوقت الذی صرنا فیه أحرارا ولحد الآن).[6]. وفی الغرب الذی یطبل للمساواة شاهدت له ابتکارا فی مجلة وهو عبارة عن نصف دمیة على شکل رجل فی حقیبة یهب للمرأة بمجرد ضغطها على زر خاص وهی تقود سیارتها فی وقت متأخر من اللیل لکی تثبت لهم أنها لیست لقمة سائغة! أما الإیدلوجیة الإسلامیة فهی على العکس تماماً من الفمینیسم ، فلوکان التساوی رفض التقسیم على اساس الإستعدادت فانه سیعود بالضرر على الجنسین، وتقسیم الأدواربمعنى توزیع المسؤلیة اضافة الى إعتبار دور الزوجة والام فی المکانة الاهم فلا یشک کل مطلع على شیء من الرصید الروائی فی أن الزوجة والام تمثل الرکن الرئیسی فی الأسرة وبنائها أن لم یکن الرکن الاهم فی هذا البناء[7]. ونحن اذ نؤمن بالتقسیم لا یعنی أننا نلغی أهمیة تأثیر المرأة على الساحة الإجتماعیة وخروجها الیها مع حفظ أمنها فیه وحفظ الضوابط التی تحفظ الإختلاط الضروری، کما إن تطور المجتمع والتعقیدات التی یشهدها هذا العصر یفرض على المرأة أن تقوم بدور ویجب على النساء أن یتصدین لهذا الفراغ[8]. 2.یرى أصحاب هذه النظریة أن بعض صفات المراة أفضل وانها اقرب للطبیعة وان الصفات الرجولیة خربت الطبیعة (وقد راجت هذه النظریة فی الحرب العالمیة الثانیة وما رافقها من ویلات) والبحث فی الجواب عن هذا الرأی سوف نتطرق له فی المستقبل...
[1] م،ن ص 259. [2] الخصال للشیخ الصدوق ص439 [3] طوبى کرمانی،بحث موارد تعارض روح ومضمون المعاهدات الدولیة مع القیم الوطنیة والثقافیة للمجتمعات المختلفة، المؤتمر الدولی الدولی الاول لحقوق المرأة ومسؤلیاتها فی النظام الاسلامی،المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب-طهران.
المؤتمر الدولی الدولی الاول لحقوق المرأة ومسؤلیاتها فی النظام الاسلامی،المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب-طهران. م ،س ص100،99 ،101،102. [5] م،ن ص101،102 [6] نظام حقوق المرأة فی الإسلام ،الشهید مرتضى مطهری ص19. [7] من اقوال السید محمد باقر الحکیم. [8] من اقوال السید محمد باقر الحکیم قدس سره. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,086 |
||