الحج المبارک..فرصة عظیمة لتحقیق آمال المسلمین | ||
الحج المبارک..فرصة عظیمة لتحقیق آمال المسلمین إنصبت جهود الاستعمار على إفراغ الاسلام من محتواه وإبعاده عن الحیاة، وتحویل الأحکام الاسلامیة إلى طقوس لا ترتبط بالمسائل الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة للمسلمین. وإنطلاقا من هذه الفکرة نرى الأصوات المغرضة ترتفع لإبعاد الحج عن المسائل الحیاتیة للمسلمین، ولتحویله إلى طقوس خالیة من القسم لاشأن لها بکل آمال المسلمین وآلامهم. ومن هنا ندرک أهمیة نداءات الإمام الخمینی الراحل بشأن القضاء على هذه المؤامرة، وبشأن المحافظة على الجانب الحیاتی لهذه العبادة، وبشأن تحمیل الحجاج مسؤولیة الإهتمام بکل مایعانیه المسلمون، بل بکل ما یعانیه المستضعفون فی العالم من ظلم وجور. لقد وضع الاسلام حوافز ودوافع روحیة تجعل الذهاب إلى الحج من أغلى أمانی الحیاة وتحمل المرء تلقائیاً إلى حضور الجماعة والجمعة والعید بکل سرور وبهجة. فما علینا إلا أن نعتبر هذه الاجتماعات فرصاً ذهبیة لخدمة المبدأ والعقیدة، لنبیّن فیها العقائد والأحکام والنظام الاسلامی على رؤوس الأشهاد فی أکبر عدد من الناس. علینا أن نستثمر موسم الحج ونجنی منه أطیب الثمار فی الدعوة إلى الوحدة، والدعوة إلى تحکیم الاسلام فی الارض. علینا أن نبحث مشاکلنا ونستمد حلولها من الاسلام. والمساواة تتجلى بأسمى صورها فی الحج، الفرض الثالث من فروض الاسلام، فعلى عرفات حیث یقف الناس موقفاً واحداً لا تفاضل بینهم فی مصالح الدنیا الزائلة، بل التفاضل والفوز والفلاح بالتقى فحسب، یقول الحق تبارک وتعالى مؤکدا هذا المنهج السامی فی الإسلام: {یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیر} الحجرات.. ویقول تعالى : {إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَیَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِی جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاکِفُ فِیهِ وَالْبَادِ وَمَن یُرِدْ فِیهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِیمٍ }الحج25 فکما صرح القرآن الکریم والسنة الشریفة، فإن الحج إلى جانب کونه عبادة وتقرباً إلى الله سبحانه، فإن فیه منافع اجتماعیة، وفوائد ثقافیة واقتصادیة وسیاسیة، وتربویة، تساهم فی بناء المجتمع الإسلامی، وتزید من وعیه وتوجیهه، وتساهم فی حل مشاکله، وتنشیط مسیرته. ففی هذا الموسم یشهد المسلمون أروع مظاهر المساواة والتواضع، والأخوة الإنسانیة حیث تُلغى الفوارق والملابس، وتُخلع المناصب والالقاب والحسب والنسب، والظهور باللباس العبادی الموحّد (لباس الإحرام)، وهنا یحسّ الجمیع بوحدة النوع الإنسانی وبالأخوة والمساواة. بالإضافة إلى ذلک فإننا نستشعر فی الحج، وحدة الأرض والبشر، ولاشک إن الحج کونه تجمع بشری کبیر یجتمع فیه الملایین من المسلمین من مختلف البلدان العربیة والاجنبیة فهو یُنتج حرکة بشریة هائلة، یتبعها تحرک اقتصادی ومالی ضخم، بمعنى انه عن طریق النقل والاستهلاک وکذلک حمل البضائع وتبادل النقود، بالاضافة الى شراء الأضاحی ومستلزمات الحج والإقامة والسفر ینتفع العدید من المسلمین من کل هذا ویشهد المجتمع حرکة اقتصادیة ومالیة نشطة. فالحج اجتماع فرید لا مثیل له یلتقى المسلمون خلاله لاداء فریضة الحج فی افضل البقاع وأقدسها على صعید واحد فی اکبر تجمع اسلامى. فالحج شعیرة عظیمة مبنیة على أسس إسلامیة فیه تقوى روابط المسلمین الذین وفدوا من مشارق الارض ومغاربها، یستفید بعضهم من بعض وتتقوى فیه روح الألفة والتعاون لیکونوا کالجسد الواحد والبنیان المرصوص فتتوحد الکلمة قال تعالى {لیشهدوا منافع کثیرة} فیجتمع المسلمون على توحید الکلمة ونبذ الفرقة والاختلاف فدیننا دین وحدة، قال تعالى: {ان امتکم امة واحدة وانا ربکم فاعبدون} سورة الأنبیاء. ففی الحج تتساوى الناس فلا فرق بین جنس وجنس او لون ولون، لباسهم واحد وشعارهم واحد (لبیک اللهم لبیک لبیک لا شریک لک لبیک ان الحمد والنعمة لک والملک لا شریک لک )، وفی هذا المکان المقدس لایصح أن یرفع شعار اخر وفی هذا الموسم العظیم، لا یرفع غیر نداء واحد وهو نداء التلبیة، کمان إن حرکة الحجیج واحدة فتراهم یتحرکون من مشعر الى مشعر ومن مکان إلى مکان فى وقت واحد تغشاهم السکینة والأطمئنان فى الحج تتجلى کل معانى الوحدة فاللباس والشعار والتحرک والشعائر کلها واحدة. وهذا دلیل قاطع على حرص الدین الإسلامى الحنیف على الوحدة القائمة على التوحید، ولهذا فأنا انصح المسلمین ان یخرجوا من مدرسة الحج بإستیعاب درسی الوحدة والمساواة والالتزام بهما بعد عودتهم إلى بلادهم انطلاقاً من قول الحق عز وجل {انما المؤمنون اخوة}، وقوله {واعتصموا بحبل الله جمیعاً ولا تفرقوا}. الحج یعطینا نحن المسلمین، فرصة لا تعوض لنتذوق طعم المساواة والتعرف والتعاون والمساعدة فی سبیل الله على قضاء حاجاتنا، ففی هذه الشعیرة الطیبة تُطهر النفس من الحقد والکراهیة، ویعتاد الفرد على الإخلاص فی العمل، حیث یضحّی بماله واهله وبلده فی سبیل مرضاة الله عز وجل. کما یعطینا الحج فرصة العمر وهی مشاهدتنا تلک البلاد الطاهرة المقدسة التی کانت وما زالت نواة للدعوة الإسلامیة، حیث برز منها أعظم خلق الله، یکفی أنک تنظر إلى بیت الله، فمعظم الناس عند رؤیة بیت الله الحرام تنسى ما کان بها من مرض، فالحج شفاء لکل مرض . وبالطبع تتجلى فی الحج المساواه بکل معانیها، فالکل مکشوف الرأس، وسترتهم إزاء ورداء فلا فرق بین عبد وسید، ولا غنی وفقیر. الکل خاضع لله جل جلاله، خاشع فی مرضاته. الطاهرة | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,305 |
||