وقفة مع معاناة الاسیرات الفلسطینیات فی السجون الاسرائیلیة

الهام هاشم

معاناة الفلسطینیات الاسیرات فی السجون الصهیونیة متعددة، ولیست محدودة بوسائل التعذیب الجسدی بل تتخطاها إلى وسائل التعذیب النفسی والاجتماعی والمعیشی ، فإدارة السجون الاسرائیلیة لا تتهاون فی ممارسة أقسى وسائل القمع والتعذیب الجسدی والنفسی ضد الأسیرات، وفی ظل اوضاع نفسیة ومعیشیة وصحیة، یقبعن هؤلاء بعزیمة قویة وارادة لا تتزعزع ولا یزّها السجان، بالرغم من قساوة ممارساته ووحشیته.
نتناول هنا، الأوضاع المعیشیة والصحیة التی تعانی منها الأسیرات والممارسات الاستفزازیة والاجراءات التعسفیة التی تنفذها إدارة السجون والمعتقلات بحقهنّ، ونتطرق کذلک إلى معاناة النساء الأسیرات اللواتی تتحرق قلوبهنَّ لاحتضان أبنائهنّ من دون موانع أو شبابیک، والأسیرات اللاتی یحلمن بالمستقبل المشرق فی اکمال مراحل حیاتهنّ بعد انتهاء فترة الأسر.
ان شکل المعاناة التی تواجه الأسیرة الفلسطینیة فی معتقلات اسرائیل، تکمن فی: عدم مراعاة القوات الصهیونیة لخصوصیة المرأة الجسدیة والنفسیة، فهی  تمارس أسالیب التعذیب الوضیعة، والتی لا تختلف أبداً عن وسائل التعذیب التی یتخذها ضد الأسرى من الرجال.
فإدارة سجون الاحتلال الصهیونی لا تمیز فی التعذیب بین الاسیرات والاسرى، فالکل  یخضع للاجراءات بدون ای تفریق.
ونذکر فی هذا المقام بعض المضایقات التی تتعرض لها الفتیات فی السجون الاسرائیلیة،  فعلاوة على التعذیب النفسی، هناک التعذیب الجسدی، وکذلک منع الزیارات أو الحرمان من رسائل ذوی القربى التی هی السبیل الوحید للتواصل بین الاسیرات الممنوعات من زیارة أُسرهن وارحامهن، سواء فی قطاع غزة أو الضفة الغربیة.
وتسعى القوات الصهیونیة أن لمنع تواصل الأسیرات مع العالم الخارجی، بدءاً بمنع الزیارات بحجة الضرورات الأمنیة، ولا تنتهی عند العزل الانفرادی داخل المعتقل، فلا ترى الأسیرة إلا ظلمات السجن وقمع السجان فقط. فأکثر ما یؤذی الأسیرات فی السجون والمعتقلات، سیاسة مسؤولی السجون فی قطع علاقاتهن الاجتماعیة وتواصلهن مع الآخرین، حتى الأسیرات اللواتی یجاورنهنّ فی أقسام السجن الاخرى.
أن إدارة السجون الاسرائیلیة تسمح بالزیارة فی أفضل الأحوال، مرة کل ستة أشهر، وغالباً ما یمنعون من الزیارة بالمرّة، وحتى الرسائل فهی غالباً ما تصلهنَّ مرة کل اربعة اشهر، وأحیاناً لا تصل مطلقاً، فی ظل العزل الکامل عن العالم الخارجی بما یزید من الضغط النفسی على صدورالأسیرات اللاتی ینتظرن سماع خبرٍ عن ذویهن بفارغ الصبر، خاصة الأمهات السجیانت والأسیرات .

ولا یخفى معاناة الاسیرة مع التعذیب واستخدام  القمع والتنکیل خلال  التفتیش العاری على أیدی المجندات الصهیونیات المحترفات فی أی وقت ودون رعایة لخصوصیة الفتیات فی الأسر، حیث یمر بعض الجنود أثناء التفتیش العاری، أو یداهمونهن أثناء النوم وهن بغیر حجاب؛ ما یدفع بالأسیرات الفلسطینیات لان یتحملنَّ أجواء الحر الشدید فیلبسن الحجاب فی زنازینهنّ الضیقة تحسباً لممارسات الجنود المشینة، والتی تُعدّ لوناً من ألوان المعاناة للأسیرات والسجینات، فضلاً عن معاناة الأوضاع الصحیة والمعیشیة داخل السجون والمعتَقلات، والتی لا ترتفع للحیاة الإنسانیة وتتعارض مع  سائر الشرائع والقوانین الدولیة.
ونؤکد أیضاً أن الأوضاع المعیشیة للنساء الاسیرات فی سجون العدو مأساویة للغایة وغیر انسانیة، فالاطعمة  المقدَّمة لهنَّ ملیئة بالحشرات! والغرف التی یعشْن فیها کالقبور المظلمة تحت الأرض حیث لا تصلها الشمس بتاتاً، ورائحة الرطوبة والتعفن فیها کریهة جداً؛ مما یشیع أمراضاً مزمنة لدى الأسیرات.
 ولاننسى تعشّش الحشرات المؤذیة والجرذان الناشرة للامراض فی الزنازین، خاصة فی اوقات اللیل مما یؤدی الى إثارة الفزع والرعب فی قلوب الأسیرات ویشیع بینهنَّ الأمراض المختلفة والمستعصیة.
أما الرعایة الصحیة للفلسطینیات الأسیرات فانها معدومة ولا تعطی إدارة السجون ادویة للأسیرات إلا المسکّنات لشتى الحالات المرضیة،  وهذا یؤدى إلى تفاقم المشاکل الصحیة لدى الأسیرات خلال نقلهنّ إلى المستشفى أو العیادة الملحقة  بادارة السجون وهن موثقات بالسلاسل فی أیدیهنّ وأرجلهنَّ فتستفحل المعاناة الجسدیة إلى حد القهر والالم النفسی الذی یبقى أثره فی نفوس الأسیرات حتى بعد تحررهن من الاعتقال.
والکثیر من الأسیرات یفضّلن البقاء وتحمّل المآسی الصحیة داخل الزنزانات على الخروج بتلک الطریقة المهینة، مما یؤدی الى تأصیل المرض وتغلغله فی الجسم، وهذا یدل على إن وتیرة الاجراءات التعسفیة تزداد من عام إلى عام، حتى باتت أقسى حالاتها فی الاعوام الأخیرة، حیث إن إدارة السجون الاسرائیلیة تفرض عقوبات صارمة على الأسیرات، کمنعهن من اللقاءات، وحرمانهن من الالتقاء بأزواجهنّ أو أطفالهن او أقاربهنّ.  وأنها بذلک تدفع إلى مضاعفة مأساتهن بآلام نفسیة حادة .

ان أکثر ما یؤلم الفلسطینیات الأسیرات فی الأسرالصهیونی: اعتداءات السجینات الإسرائیلیات المُدانات بامور جنائیة، فهی ممارسات أشد واقوى على نفوسهنَّ، بالإضافة إلى مجموعة من وسائل القمع والتعذیب والتنکیل اللاتی یتساوین فیها مع الأسرى الذکور، فلا خصوصیة للنساء الأسیرات فی هذا المجال، فهن یعانین من العنیف والتنکیل والضرب والعزل الانفرادی أیضاً.
وعموماً فإن إدارة السجون الاسرائیلیة لا تراعی خصوصیة النساء الفلسطینیات الأسیرات، سواء من الناحیة النفسیة او الطبیة، او من حیث اللباس والزی، کما تعرضن لأسالیب استفزازیة وضیعة، وطرق التفتیش العاری لدى خروجها للقاء المحامی.

هذا ناهیکم عن أن إدارة السجون الاسرائیلیة تعمد إلى زج الأسیرات الساقطات داخل الأقسام النسائیة، ولا ترد اعتداءاتهن على الأسیرات الفلسطینیات، سواء کانت اعتداءات لفظیة بالفاظ نابیة، أو اعتداءات بالضرب والقمع فی الساحات الملاصقة، کما تعمد إدارة السجون والمعتقلات، بتشدید وثاق الأسیرات بنفس السلاسل التی تستعملها مع الأسیرات الاسرائیلیات الجنائیات، مما یؤدی الى نقل الأمراض الجلدیة للأسیرات الفلسطینییات.