انسانیة الانسان لیست ذکرا ولا انثى | ||
انسانیة الانسان لیست ذکرا ولا انثى
آیة الله عبد الله جوادی الآملی
بسم الله الرحمن الرحیم ((اللهُ یَعْلَمُ ما تَحْمِلُ کُلُّ أُنْثى وَما تَغِیضُ الأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَکُلُّ شَیْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ))(الآیة:8). بدأت الآیة بذکر أن ((الله یعلم)) و ذلک فی موضوع مسألة توحید الربوبیة؛ لأن التدبیر والتربیة غیرممکنین بدون علم.وان الله سبحانه یذکٌر الناس بان علمه یحیط بکل شیء و أن النظام ملازم لکل شیء حتى یصل إلى مسألة الربوبیة؛ لذلک قال : ((اللهُ یَعْلَمُ ما تَحْمِلُ کُلُّ أُنْثى وَما تَغِیضُ الأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَکُلُّ شَیْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ)) . لا شک إنّ ما تحمل کل أنثى ،تصدق على الانسان وعلى الحیوان و إیضاً على النباتات. والنباتات منها ماهو ذکر و منها ما هو أنثى والانثى منهما تحمل ،اذ ان الله أیضاً بذلک عالم؛ وإن ما یجری على ما فی کل أنثى من حمل هو تحت رعایة الله وعلمه.. کما ان القرآن الکریم ینسب إلى الله أصل خلق ما فی الأرحام ،وأیضاً العلم بما فی الأرحام وتصویر ما فی الأرحام .وینسب إلیه أیضاً ما فیها من ذکر أو أنثى وعلى هذا ما استقرّ فی الأرحام بجمیع أحواله تحت علم الحق تعالى؛ لأن کل ما فی الأرحام وجوده مرهون بهبة إلهیة؛ قال تعالى: (یهب لمن یشاء إناثاً ویهب لمن یشاء الذکور)، (أویزوجهم ذکرانا وإناثاً ویجعل من یشاء عقیماً إنه علیم قدیر)، جاء ذلک بعد قوله تعالى: (لله ملک السموات والأرض یخلق ما یشاء). ولمصلحة یعلمها الله یهب بعضهم بنات وبعضهم یهبه بنین؛ ولمٌا کان الذکور فی العادة عند الناس أولى من الأناث جاءت کلمة ((الذکور)) معرّفة بالألف واللام وکلمة ((إناثاً)) نکرة؛ بینما فی الإسلام لیس هناک فرق بین الذکور والإناث لذلک کان الأئمة المعصومون (علیهم السلام) وخاصة الإمام زین العابدین علی بن الحسین (علیه السلام) لا یسألون حینما یرزقون بمولود أهو ذکر أو أنثى؟ لأن ذلک لیس من اختیار الأب و لا الأم، ولا حسنة ولا سیئة مربوطتان بعلم انسان؛ ان ما سیکون مجهولٌ. سعادة الانسان ومنزلته وعلاقتهما بالذکورة والأنوثة لیست السعادة مرتبطة بالأنوثة أو بالذکورة بل السعادة مرتبطة بإنسانیة الإنسان وإنسانیة الإنسان لیست إمرأة ولا رجلاً؛ إنها مرتبطة بروح الأدمی ذکراً کانت ام أنثى. وعلى هذا یکون الجزاء غیر مؤثر فیه ذکورة العامل أو أنوثته؛ قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذکر أو أنثى وهو مؤمن فلنحیینّه حیاة طیبة ولنجزینّهم أجرهم بأحسن ما کانوا یعملون). ولا یعنی ذلک أن الرجل والمرأة متساویان وإنما یعنی أنه لیس هناک قیمة للذکورة والأنوثة؛ لأن حقیقة السعادة هی بروح الإنسان وروح الإنسان لیست أنثى ولا ذکراً؛ ولذلک لیس هناک مکانة دینیة فیها شرط الذکورة أوالأنوثة حتى تکون مانعة من الوصول إلیها ،ولیس کون الانسان اوأنثى مانعاً من الرقی الى ذلک المقام السامی. أما فی الأمور الإداریة فقد قسّمت الأعمال حیث قالوا: على الرجل العمل الفلانی وعلى المرأة العمل الفلانی؛ لکن فی نطاق الإیمان ودرجات الولایة، فلیس هناک درجة من درجات الإیمان مشروطة بالذکورة أو ممنوعة بسبب الأنوثة. أما الأمور الاداریة وتقسیم الأعمال فبعض الأعمال مشروطة بالذکورة وبعضها ممنوعة بسبب الأنوثة. هناک فی الإسلام أعمال لایمکن للرجل أن یقوم بها وأعمال لایمکن للمرأة أن تقوم بها، ولکن فی مجال الإیمان، فی مستوى الکمال وتحقیق السعادة ،لیس هناک ما یشترط به الذکورة أو أن تکون الأنوثة حائلاً دون ذلک؛ وعلى هذا للذکورة دور فی الأمور الاداریة التی هی لیست معیاراًً للسعادة والتی لها أی دور فی درجات الایمان وتکامل النفس. الانسان والعلم ما فی الارحام والقسم الثالث من الناس یهبهم الله البنین اوالبنات: (أو یزوجهم ذکرانا واناثاً) . والقسم الرابع: لایعطیه الله أیّ ولد سواء ذکراً أم أنثى (ویجعل من یشاء عقیماً). کیف؟ إنه علیم قدیر؛ إنه یعلم ماذا یعطی ویستطیع ، إنه هو العالم بالمصالح لاغیره، وأیضاً إنه قادر أن یحقق هذه المصالح التی فی علمه. لما کان إیجاد الأولاد فی الأرحام بهبة إلهیة ،فانه یعلم ماذا یهب: (یعلم ما تحمل کل أنثى) لأنه هو نفسه أعطاه ولایمکن لله سبحانه أن یهب ولا یعلم. إنه هو الواهب فهو عالم. جاء فی سورة أخرى قوله: (إن الله عنده علم الساعة وینزل الغیث ویعلم ما فی الأرحام). فی الوقت الحاضر لم یستطع العلماء أن یعرفوا بشکل جازم ما فی الأرحام ذکراً أو أنثى إنما هو تخمین وحدس وعلى فرض أنهم سیتوصلون إلى ذلک فهو من تعلیم الله: (الرحمن، علّم القرآن).(الذی علٌم بالقلم، علٌم الإنسان مالم یعلم). إننا کنا لانعلم : (والله أخرجکم من بطون أمهاتکم لاتعلمون شیئاً وجعل لکم السمع والأبصار والأفئدة لعلکم تشکرون). ولیس علمنا أن الکل أعظم من الجزء هو علم مستقل فینا بل هو هبة الهبة. تصویر ما فی الأرحام قال تعالى: (هو الذی یصوٌرکم فی الأرحام کیف یشاء لا إله إلا هو العزیز الحکیم) الله یصور الأجنة فی الأرحام ،یجعلهم ذکوراً وإناثاً حساناً أو قبیحین، ناقصی الخلقه أو تامِّی الخلقة وغیرذلک. لقد حذَّرَنا أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) بقوله: (اعلموا عباد الله، أن جوارحکم جنوده) لیس الأمر أنکم طلقاء، إن أیدیکم وأرجلکم جنود الحق تعالى. إذا أردت شیئاً فبواسطة جوارحک تفعله، فلسنا قائمین بالإستقلال مقابل الله تعالى. وأضاف أمیرالمؤمنین (علیه السلام): (وخلواتکم عیونه) وحیثما تختلوا بأنفسکم فلا تحسبوا أنکم وحدکم، فخلوتکم مکشوفة للذات الإلهیة، فلیست لکم خلوة. إذا أراد الله، فی أی وقت، أن یأخذ انساناً فبجوارحه یأخذه. وعلى هذا فثبوت الصورة المصورة تکون على أنها من جنود الله ولیست مقابل الله: (هو الذی یصورکم فی الأرحام کیف یشاء لا إله إلا هو العزیز الحکیم). کل شیء فی نظام إن الله یعلم (ما تغیض الأرحام) من الدماء المختلفة فی مدة الحمل. غاض أی غار وغیض الماء صیِّر غائراً.والله یعلم أیضاً (ماتزداد) أی الأرحام من دماء وما شابه فی حالة الولادة أو فی وقت الحمل أحیاناً. کیف؟ لأنه (وکل شیء عنده بمقدار). کل شیء عندالله منظم تنظیماً هندسیاً وبمقیاس هندسی. الکون منظم مثل الحلقات ودرجات الأعداد، لیس نظاماً صناعیاً کنظام أجزاء جهاز الرادیو أو السیارة، ولا نظاماً اعتباریاً کنظام أفراد صلاة الجماعة بل هو نظام طبیعی کنظام أجزاء الشجرة. إن کل ما فی الکون فی نظام طبیعی خاص له مقدار، له هندسة، الله خلق الکون بهندسة، بمقدار. ولما کان (وکل شیء عنده بمقدار) فهو على ذلک (یعلم ما تحمل کل أنثى) وأیضاً یعلم (وما تغیض الأرحام) و أیضاً یعلم (وما تزداد) الأرحام (وکل شیء عنده بمقدار) یمکن أن یکون سنداً ودلیلاً لهذه الإدعاءات الثلاثة. ویؤید ذلک ما جاء فی سورة الحجر وفی سورة أخرى: (وإن من شیء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم). یعنی لیس هناک فی عالم الإمکان أی شیء إلَّا عندنا خزائنه. یعنی لکل شیء خزائن لا لکل شیء خزینة واحدة. فصار معلوماً أن لکل شیء خزائن غیبیة، بعض درجات الغیب یطلع الله علیه ولیّا من أولیاءه. (وإن من شیء إلا عندنا خزائنه) یعنی لکل شیء مخازن وغیوب (وما ننزله إلا بقدر معلوم) نحن لا ننزل من مخزن الغیب هذا إلاَ على هندسة ومقدار وحساب وقال تعالى أیضاً: (إنَّا کل شیء خلقناه بقدر). القدر یعنی الحدَّ والمقدار. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,009 |
||