لیس دفاعاً عن المرأة ولکن حرباً ضد التخلف | ||
لیس دفاعاً عن المرأة ولکن حرباً ضد التخلف
محمد علی عبد الجبار یشکٌل وضع المرأة فی المجتمع وطبیعة علاقتها بالرجل ودورها فی الحیاة الاجتماعیة احد المعاییر المهمة او العاملات الکاشفة عن حالة المجتمع من زاویة التخلف او التقدم. فالمجتمع الذی تعامل فیه المرأة باعتبارها انساناً کامل الأهلیة لأداء دورها فی الحیاة الاجتماعیة، لها حقوق یتعین على المجتمعه حفظها، ولها واجبات یتعین علیها القیام بها. مثل هذا المجتمع یمکن وصفه بأنه مجتمع متقدم. وعلى عکسه، ذاک المجتمع الذی تعتبر فیه المرأة مخلوقاً ناقصاً، لیس له حقوق، وله واجبات مفروضة یجب اداؤها بآلیة میکائیکیة...هذا المجتمع متخلف. ولیس من قصد هذه المقالة ان نضع تصوراً مفصلاً لوضع المرأة فی مجتمع متقدم، مقابل وضعها فی مجتمع متخلف، ولکن قصدنا الاشارة، بل والتأکید، على أن (وضع المرأة) مؤشر للتخلف او التقدم الاجتماعیین. وفی مجتمعاتنا الشرقیة، وریثة المجتمعات الاسلامیة السالفة، یکثر الرجال فی احادیثهم من الاستشهاد بقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء) فی معرض طرحهم للوضع القانونی للمرأة، بل وفی معرض دفاعهم المستمیت عن سلطتهم المطلقة باعتبارهم (رجالاً) على النساء، سواء کان المقصود بالنساء الزوجات، او الأخوات، او القریبات، وغیرهن. ویملل الرجال الى التسلط وتسخیر الثقافة الموروثة، لمصلحة سلطتهم امر مألوف فی المجتمعات المتخلفة. فالثقافة السلطویة تحولت، بفعل عوامل تاریخیة متعددة، الى اداة قمعیة بید من یملک السلطة، سواء فی ذلک السلطة السیاسیة ام الاقتصادیة ام العسکریة، وسواء فی ذلک رب الأسرة، ام رب العمل، ام قادة الأحزاب والمنظمات، ام الرؤساء والمدراء، فضلاً عن السلاطین والحکام. بل ان الحالات التی تحولت فیها الثقافة الى اداة بید المحرومین والمستضعفین والمسحوقین، من اجل التحرر والثورة، هذه الحالات نادرة الوقوع، الا فی لحظات الاشراق التاریخی، والتی تشهد انعطافات نوعیة فی مسیرة المجتمع، تغیر الموقف النفسی والفکری فیه. والرجال هم اصحاب السلطة فی مجتمعاتنا، وهم یفرضون او یحبون ان یفرضوا سلطانهم المطلق الذی لایرد على زوجاتهم، واخواتهم، وحتى امهاتهم، لا لشیء الا لأنهم رجال. ان القرآن ینص على ما یلی: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض،وبما انفقوا من اموالهم،فالصالحات قانتات حافظات للغیب، بما حفظ الله)) ـ النساء 34.
الواضح ان النص المتقدم، وهو جزء من آیة، یعالج اربع مسائل هی: شروط القیمومة، والقیمومة العامة، والقیمومة الخاصة، واستقلالیة المرأة. القیمومة المشروطة ان القرآن جعل (القیمومة) للرجال على النساء، بمعنى ان من واجب الرجال (القیام) بأمر النساء. هذا صحیح وهو معنى عام، یتحدد مدلوله ومصداقة بالتأمل فی الأسباب التی کانت وراء هذا الجعل. وهی أن المواصفات التی یمتلکها الرجل، بحسب الخلق والتکوین لابحسب المنزلة الاجتماعیة. وهی مواصفات یعتبرها القرآن الکریم (فضل الله). وهذا الفضل الألهی یکمن، کما یقول المفسرون، فی زیادة قوة التعقل، وشدة البأس، والقوة، والطاقة على الشدائد من الأعمال، ونحوها. وهذا (تفضیل) طبیعی وتکوینی، ولیس جعلیاً واعتباریا بمعنى ان الله خلق الرجل بهذه الهیئة، وخلق المرأة بهذه الهیئة، وخلق المرأة بهذه الهیئة، فنشأ الفرق (الطبیعی) بین الطرفین. وهذا الفرق لا یعطی حقوقا او سلطة اضافیة للرجل على المرأة، بقدر ما یکون قاعدة لتقسیم العمل، او الوظیفة الاجتماعیة، بین الرجل والمرأة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,016 |
||