زوجات یعترفن: لم یعد ازواجنا یودّوننا | ||
زوجات یعترفن: لم یعد ازواجنا یودّوننا زینب الخالصی
للأسف .. حیاتها الزوجیة لم تمشِ کما کانت تتمنى، فقبل الزواج، وحتى أثناءالسنوات الأولى منه ، کانا یعیشان إلى درجة کبیرة فی سعادة ،لکن بعد أقل من ثلاث سنواتفقط، أصبحت حیاتهما روتینیة جداً، فقد ذابت وتلاشت کل الکلمات الجمیلة، وحلّتمکانها النقاشات الحادة، والخلافات المستمرة. لم یعد هناک ذلک المناخ العاطفی الذیکانا یعیشان فیه، ولا تدری السبب، وتتساءل کثیراً فی نفسها: هل هذا زوجها الذی عاشت معهأسعد أیام حیاتها ؟ لماذا اختفى الحب ؟ هل لم یعد یحبها کما کان فی السابق ؟ وهلالحب ینتهی بالتقادم مثل أی شیء آخر ؟ هل للحب فترة صلاحیة بعدها یکون قد فقد لکلمقومات البقاء؟ إنها أسئلة مؤلمة تطاردها لیلاً نهاراً، ولا تجد لها أی إجابةمقنعة . إن زوجها بالمناسبة لیس رجلاً سیئاً، ولیس فی أخلاقة مایجلعهاتندم علىسنوات عمرها معه،لکن هی بالفعل حائرة من الأحوال التی آلت إلیها حیاتهما الزوجیة، فقد أصبحت جامدة، ولا طعم لها، وربما لولا وجود أربعة أولاد بینهما لکانا انفصلامنذ أعوام . وامرأة أخرى، مشکلتها معقدة وغریبة، وبنفس درجة الدهشة من تغیر أحوال زوجها، فهی تشکوکثیراً وتقول انها ربما لوکانت تزوجت بطریقة تقلیدیة،وبدون أن تعرفزوجها أو یعرفها، کانت تقبّلت الأمر، وقالت إن هذا هو الطبیعی فی زواج غیر مدروس، لکن المشکلة أن زوجها یعرفها جیداً،فهو ابن عمها ومنذ طفولتهما والکل یعلم أنها لهوانه لها، وقد تزوجا عن حب وتفاهم، والتکافؤ الاجتماعی والتعلیمی بینهما موجود، لاتوجد بینهما أی مشکلة تجعل حیاتهما بهذا البرود، وهذه الرتابة، فبعد کل ذلک الحبالذی بنیا علیه حیاتهما الزوجیة، وصلا إلى طریق مسدود، فلم یعد یقبل منها کلاماً، ولا یطبق البقاء فی المنزل، الحوار بینهما تلاشى، والجلسات الجملیة وسط أولادهما ذهبت إلى غیر رجعة، والأسباب غیر معروفة، لقد بحثَت فی نفسها عن عیوب ولم تجد ، فقدجلسَت فی البیت بدون عمل لترضیه، عندما یأتی من عمله یجدها فی انتظاره، وفی أجملصورة ، یجدها مبتسمة، ضحوکة، ملبیة ومطیعة له فی کل شیء، لکن کل هذا لم ینفع،کأن جداراً أسمنتیاًأصبح یفصل بینهما، ولا تدری ماذا تفعل ؟! زوجها عصبیوانفعالیمن جانب آخر تروی احداهما قصتها بنبرة من الاسى والندم أیضاً، فهی قد خُدعت فی شخصیة زوجها، الذی تعترف بأنها کانت مخدوعة فیه،وتقول ان کل من کان یعرفه قبل زواجها منه،کان یشید به، ویتحدث عن أخلاقة، وذکائه،ونجاحه فی العمل بالتدریس الجامعی، فهو المتفوق الذی تتمناه أی فتاة، وهذا ماجعلهاتوافق علیه بدون تفکیر، فالکل کان یحسدها علیه، حتى زمیلاتها وصدیقاتها کُنّیحسدنها على أنه اختارهاهی بالتحدید، وقد کانت سعیدة بذلک، کانت تشعر بانها فازتبرجل کل الفتیات یحلمن بمثله زوجا لهن، لکن بعد شهور من قلیلة من الزواج، تبدد کلذلک، فزوجها الهادىء الوقور، انقلبت موازینه، وظهر على حقیقته، فهو عصبی لأقصىدرجة، وانفعالی بطریقة لا تطاق، وهکذا أصبح زواجهما کأنه تحصیل حاصل، کأنه دائرةمغلقة لا یمکن لأحدهما الخروج منها، مشاعرهما أصیبت بالجمود والبرود والکلام بینهمالیس له طعم، وحیاتهما کلها فقدت بریقها، منذ سنوات لم یقل لها جملةواحدة تذکّرهابأنه فی یوم من الأیام کان یحبها، وأنه فضلها على طابور طویل من بنات الحی الذیعاشا وتربیا فیه، تتساءل ـ أحیانا ـ لماذا تزوجها ؟ وهل هو ـ أیضاً ـ صدم فیشخصیتها ؟ وإذا کان الأمر کذلک، لماذا لم یفکر فی الزواج مرة أخرى، أولماذا لمیطلقها ؟ .. تعتقد أن الطلاق أفضل کثیراً من استمرارهما بهذا الشکل، لکن..أنهالایمکن أن تطلب منه ذلک، ولا یمکن أن تهدم بیتها،وتتسبب فی تعاسة أولادها بیدها،لذلک استسلمت للأمر الواقع .
فقدان المبدأ الحواریمن خلال هذه الاعترافات المؤلمة، یعکس لنا أنهذه الزیجات قامت على نوع من التفاهم، لکن الذی جرى أن الحیاة المشترکةتحولت تحولا واضحاً إلى جهة النقیض، وبالتأکید ان لهذا التبدل عوامله وأسبابه المنطقیة، یُحتمل ان تکون أسئلة الزوجات التی طرحت عبر هذه الاعترافاتصعبة الإجابة ، لأنهن لا یجدن لهاأجوبة منطقیة لدیهن ،غیر اننا إذا نظرنا إلى الأمر من الناحیة العلمیة ، سنجد أسباباًأدت بالحیاة الزوجیة إلى هذا المنعطف العاطفی الخطیر. وهنا یؤکد الخبراء فی علم الاجتماع أن سبب هذه الخلافات، هو انقطاع التواصل بین الأزواج،وهذا یعود لاختلاف أسالیبهم، ومدى استیعاب احادیث بعضهما البعض، ویمکن تلخیص الفوارق الأساسیة فی أنماط تبادل الاحادیث بین الأزواج فی، الامورالتالیة : - فی الکلام المتبادل بین الزوجین،تطرح المرأة معظم الأسئلة، وتجدفی الأسئلة طریقاً لتواصل حدیث ما، بینما یعدّ الزوج، الأسئلة الحاحاً فی تقصی المعلومات،اما هو فلا یطرح أسئلة شخصیة تعتبرها المرأة نوعا من الاهتماموالألفة والتحبب . - فی اغلب الاحیان تستخدم النساء بعض الإیماءات والاشارات لحث الأزواج على الکلام،وقد یعتبرالزوج ذلک دلیلا على کلامه ، ولکنه یشعر بعد قلیل من الاسترسال أنه خدع ،حیث یکتشف أنها کانت ببساطة تساعده على متابعة حدیثه ففط، وفی المقابل تشعر الزوجةأنها مهملة لأن زوجها یقلل من استعمال هذه الإیماءات لکی تتکلم هی، ویصغی هو إلیها، الأمر الذی یزید إحساسها بتجاهله لها ولوجودها . - یستخدم الازواج ـ عادة ـتعلیقات ثانویة أکثر من الزوجات، إلا أن هذه التعلیقات الهامشیة تزعج النساء وتتسبب فی اغضابهن،حیث أنهنیعتبرنها استخفافاً بهن، فیکون رد فعلهن بهیئة احتجاج صامت یبدو على ملامحالوجه، بینما یعتبر الرجال هذه التعلیقات الجانبیة أسلوباً دارجاً لیس إلا،والواقعالذی لابد منهإن إدراک الفوارق الأساسیة فی عملیة الاتصال الحورای، بین کلزوجین ، یعلمهما حسن التفاهم وتجنب الخلافات، حیث إن قدرة الشخص على المحادثة بلغة خاصةذات مدلول غامض، وتلمیح مبطن، ونظر مدرک، تمثل تقارباًخاصاً فیعلاقة التحدث بین الزوجین .وهنا یستعرض لنا علم العلاقات الاجتماعیة خمسةنقاط أساسیة تساعد الأزواج على معرفة اسس التقارب والتفاهم والحوار بینهما: - یجب ان یکونوا حساسین تجاه مشاعرشرکاء حیاتهم ، خصوصا مشاعرهم العاطفیة . - ینبغی ان یدعوا شریک الحیاة لیشعر بأنهمیصغون إلیهباهتمام. - لا یقاطعون حدیث بعضهم البعض، لأن ذلک یُشعر الطرف الآخر بأن کلامه یجب أنیتوقف. - علیهم ان یطرحوا أسئلتهم بینهم بذکاء . - تعمّد الدبلوماسیة حتى لا یشعر أحدهمبالملل من الطرف الأخر.
الحب فی الحیاة الزوجیة أما اصحاب التخصص النفسی، فیؤکدون إن الحیاة الزوجیة تقوم على معنى أشملمن الحب، إنه الود والشفقة والرحمة، ولذلک فإن هذه العلاقة تختلف فی مضامینها وفی اشکال التواصل بین الزوجین عن علاقة الصداقة المحضة. وتکمن أکثر المشاکل الزوجیة فی عدم تحدیدطبیعة وحقیقة المشکلة والاتجاه المناسب لعلاجها قبل تحدید الأسباب والعوامل، ولذا ینبغی علىالزوجین أن یکونا على وعی ودرایة بفن التعامل مع المشاکل، وذلک لأنه لا توجد علاقات فی حیاةالإنسان تعترضها المنعطفات کما یحدث فی العلاقات الزوجیة . ولقد تفشت فی العدیدمن الناس، مفاهیم مغلوطة عن هذه العلاقات، کما أن بعضهم ینطلق فی نظرته لها مننظرات الآخرین وتجاربهم الشخصیة، دون أن یعیش ویتأمل حقیقةواقعه وطبیعة شریکه فی الحیاة الزوجیة. فهذه العلاقاتتهدف إلى تحقیق الغایة من الحیاة الزوجیة وهو السکن والطمأنینة لدى الفرد فی هذه الحیاة، ولذا ینبغی أن یسعى کل طرفللتسامح مع الطرف الآخر فی افکارة ومشاعره ، حتى یُحقق له الراحة والطمأنینة دون أن یضاقهویزعجه، بل یدع له مساحة نفسیة معینة تشعره بالخصوصیة فی إطار شعوره العام باهمیة الطرفالآخر . إن الحب لا یولد وینمو فجأة بل تتمرعایته وتوجیهه بشکل دائم، کما أنه لا ینمو بالعواطف فقط، بل بشعور الثقة والأمان الذییحدث أساساً من خلال اهتمام کل طرف برعایة احتیاجات الطرف الآخروتفهم مشاعره. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,443 |
||