الجنسان ومهمة إستخلاف الارض | ||
الجنسان ومهمة إستخلاف الارض
لیس هناک أکثر من الکتب والأبحاث التی توضح دور الإسلام الحقیقی فی هذا الصدد، فالأسلام أکّد فی أول آیة من سورة النساء على مساواة المرأة للرجل فی النشأة والخلق:(یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وجعل منها زوجها). والتعبیر بکلمة (زوج)، عنهما معاً یفید المساواة. فکل واحد منهما زوج للآخر ما یفید علاقة التکامل بینهما. کذلک جمع الله بین الجنسین فی مهمة استخلاف الله البشر على إدارة الأرض وإصلاحها وهو یقصد جنس البشر ذکراً کان أو أنثى (البقرة الآیة 30) وسوّى بین الذکر والأنثى فی حق التکریم والتفضیل الذی خص به الإنسان (سورة الإسرى الآیة 70) وسوّى بینهما فی الخلق من طین (سورة ص الآیة 26). ونفی الإسلام عن المرأة مسؤولیة الخطیئة الأصلیة. وقد رکَّز التشریع الإسلامی على هذه المساواة فی القرآن والأحادیث النبویة، فلا یذکر الذکر إلا مقترناً بالأنثى کقوله تعالى:(من عمل صالحاً من ذکر أو أنثى وهو مؤمن..) "النحل: 79". وتقدیم الذکر لا یفید الترتیب التفضیلی کما هو معلوم فی القواعد اللغویة والأحکام الشرعیة. وکان یمکن ان یشیر القرآن إلى النساء فی صیغة جمع المذکر الذی یفهم على أنه یعنی الإناث أیضاً، وهذا معروف فی لغة العرب بالتغلیب، ولکن القرآن فضّل الوضوح رفعاً لأی التباس وتأکیداً للمساواة. ویغفل دعاة المساواة أن الإسلام ساوى بین الذکر والأنثى فی حق التعلیم والعمل: (ومن یعمل من الصالحات من ذکر أو أنثى وهو مؤمن) وأنه سوّى کذلک بین الجنسین فی اکتساب أجر یقابل نوع العمل: (للرجال نصیب مما یکتسبوا وللنساء نصیب مما اکتسبن) "النساء: 32" وقد سوّى الإسلام بین الذکر والأنثى فی الولایة، فقال الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولیاء بعض) وفی تولی المسؤولیات، إذ زادت الآیة الکریمة تقول: (یأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر) وللأمر بالمعروف والنهی عن المنکر سلطة خاصة من أهم سلطات الدولة فی ادارة الأمن عهد الله بها إلى المؤمنین والمؤمنات على السواء وبصفة عامة فإن النساء لم یکنّ مغیبات عن المهام السامیة فی عهد الإسلام الاول. وقد أفردت کتب الحدیث نساء راویات ومفتیات. وفی ظل المساواة التی سنّها الله للذکر والأنثى لم یستبعد أن تکون لکل واحد منهما مؤهلات یتمیز بها عن الآخر. فکل من الذکر والأنثى متساویان فی المسؤولیة خلافاً للشرائع التی کانت ترى تحمیل المرأة جرائم الرجل.أو عدم أخذ القصاص ممن قتلها أو إحراقها مع زوجها.فقال الله تعالى: (کل نفس بما کسبت رهینة) "المدّثر:38"، (وکتبنا علیهم فیها أن النفس بالنفس) "المائدة: 45"، (ولا تقتلوا النفس التی حرَّم الله إلا بالحق) "الإسراء:33" وجاء فی القرآن: (وإذا الموؤودة سئلت بلأی ذنب قتلت) "التکویر: 18". کما أن الجنسین متساویان أمام الله وأمام أحکام الشرع (أو ما یعبرعنه بالمساواة أمام القانون). والقاعدة العامة فی هذا الباب هی التی نصّ علیها الحدیث الجامع المؤسس لمبدأ المساواة القائل: "النساء شقائق الرجال" فیما یتعلّق بالأحکام. حصیلة المساواة المزعومة..مُفجعة من عجائب الزمن أن المطالبات بالمساواة على الطریقة الغربیة تقلّصت مطالبهن إلى تقلید الرجال فی الملبس والعادات والمزاحمة فی العمل، وإهمال أسرهن وعائلاتهنّ وفی الوقت الذی بدأ فیه الغربیون یدرکون هذه الحقائق ویحذرون من مضارها لا تزال الداعیات للمساواة من العربیات سادرات فی دعوتهن. فقد کشفت نتائج بحث أجراه المجلس القومی لأبحاث المرأة فی الولایات المتحدة الأمریکیة - على سبیل المثال – أن الفتاة الأمریکیة قد استطاعت تقلیص الفجوة بینها وبین الفتى إلى حد کبیر فیما یتعلَّق بدراسة العلوم والریاضیات، ولکنها تغلَّبت على الفتى فی معدَّلات التدخین والاکتئاب والمخدرات والکحولیات. وارتفعت معدلات الفتیات المدخنات قبل سن 13 سنة من 13 بالمئة عام إلى 1991 إلى 21 بالمئة عام 1999، وکذلک ارتفعت معدلات استخدام الماریجوانا - أحد أنواع المخدرات - من 5 بالمئة إلى 17 بالمئة. وفی هذا الصدد تشیر الاستطلاعات فی دول المتقدمة والنامیة على السواء إلى أن حوالی 77 بالمئة من النساء یفضِّلن البقاء فی المنزل وعدم العمل إذا ما توفرت لهن الإمکانیات المادیة، بسبب الضغوط الشدیدة التی تتعرض لها المرأة فی عملها ومنزلها، ویزید من هذه الرغبة شعور الکثیرات أن أرباب العمل الرجال یبخسوهن حقوقهن فی الترقی أو الاعتراف بما أنجزنه. بعبارة أخرى بدأت النساء یدرکن حقیقة التکالیف الاجتماعیة الباهظة لعملهن خارج منازلهن، ومزاحمة الرجل فی العمل فی ظل ارتفاع معدلات البطالة مما قد یؤدی لنتائج السلبیة. وأصبح هناک إدراک أکبر لحقیقة دور کل طرف فی المجتمع کما خلقه الله ووهب له من قدرات جسمانیة وعقلیة بما یترتب علیه من اختلاف الادوار بین الرجل والمرأة، ولکن البعض عندنا لایزال یتخذ من نساء الغرب مرشدات اجتماعیات ومثلاً، ولاینظر فی تأریخه لیتخذ منه له ومثلاً وقدوة. طبیعة الجنس والتکوین العضوی: الذین یصرون على مساواة المرأة بالرجل یقولون: إن الفروق بینهما إنما هی نتیجة البیئة المحیطة بهما والعادات التی نشآ وسطها والتربیة التی تلقیاها فی الصغر ونرى علیهم:الدراسة والبحث والعلوم جمیعها وغیر ذلک، بینما ثبت أن الفروق عضویة موروثة ولیست مکتسبة ومن ثم فإن محاولة المساواة بینهما محاولة فاشلة لأنها مناقضة لطبیعة کل منهما. ولقد قام فریق من الباحثین بتشکیل معسکر ضم عدداً من الأطفال من الجنسین أشرف على تربیتهم مربّون یتبدلون کل فترة زمنیة معینة وقد حذفت کلمة رجل وامرأة فی المعسکر وتم تجنب کل إشارة أو عمل أو سلوک فیه تفریق بین الجنسین من الأطفال الذین ترعرعوا أحراراً من کل قید أو صفة یطلقها علیهم المجتمع حتى إنهم ترکوهم یمارسون جمیع الأعمال دون الأخذ بنوع العمل إذا کان یخص الرجل أم المرأة.. وحین کبر سکان المعسکر وخرجوا یمارسون الحیاة العامة آثرت المرأة القیام بدور الأم وربّة البیت، وآثر الرجل التکفّل بتأمین دخل الأسرة المادی ومارس الحیاة بشکل عادی جداً دون تأثیر محسوس لذلک المعسکر وما بُذل فیه من جهود لمحو الفروق بین الرجل والمرأة. وثبت بذلک أن نمط الحیاة التی یختارها کل من الجنسین لنفسه تخضع لتحکم طبیعة الجنس وتکوینه العضوی. العاطفة الجیاشة والحس المرهف: لقد ثبت عملیاً أن المرأة أقدر من الرجل - بما لا یقاس- على الصمود فی وجه الأمراض، والمؤکد علمیاً أنها متوفقة تفوقاً عضویاً واضحاً على الرجل وهذا التفوق یسمیه العلماء "الانتقاء الطبیعی".. أی أن الله سبحانه وتعالى کما زوّد الرجل بقوة فی عضلاته فإنه زوّد المرأة بجهاز خلقی یضمن لها الصمود أمام الإرهاق المفرط والمقاومة الأمراض... ویُفسر ذلک بأن الخالق - جل شأنه – قد میز الأنثى بهذه القدرة لأنه تعالى أسند إلیها مهمات عضویة مرهقة، لم یسند مثلها إلى الذکر مثل الحمل والولادة وما یسبق ذلک وما یلیه من متاعب کالوحم والنفاس.. ناهیک عن التغیرات العضویة والهرمونیة.. ویقول البروفسور الألمانی المعروف فی جامعة برلین روىولف باوماشن: إن المرأة قادرة على تحمل الإرهاق والصدمات النفسیة اکثر من الرجل.. وأضاف استناداً على نتائج سلسلة من التجارب الطبیة والعلمیة، أن جسم المرأة یتفاعل بسرعة عنیفة وسریعة مع حالات الإرهاق النفسی ویفرز کمیات کبیرة من هرمونات الإرهاق کمادة الأدرینالین والنورادرینالین واسیدات دهنیة متحرکة إلا أن هذه الهرمونات تتقلص بسرعة کبیرة لدى المرأة بعد الإرهاق أو الانفعال النفسی. واستخلص البروفسور من هذه التجارب أن المرأة تنفعل بصورة أسرع من الرجل إلا أنها تهدأ بالسرعة نفسها وخلافاً لذلک فإن جسم الرجل یفرز هذه الهرمونات الناتجة عن الإرهاق بشکل بطیء مما یجعلها تستقر لفترة أطول فی الدورة الدمویة.. فالإرهاق مفعوله أکثر على الرجال مقارنة بالنساء.. فلماذا خلق الله سبحانه المرأة اقدر من الرجل على تحمل الإرهاق والصدمات النفسیة؛ لأن الله سبحانه خلق المرأة لمهام اخرى والمهام التی خلق الله – تعالى – المرأة لها تتطلب منها هذه القدرة الاکبر على تحمل الإرهاق والصدمات النفسیة. کما زوّد الله عز وجل المرأة بعاطفة جیاشة وحس مرهف ورقة فی المشاعر، فالتعامل مع الطفل والصبر على عنایته ورعایته ویتطلب مثل هذه القدرة وهذه الصفات المتوفرة لدی المرأة أکثر من الرجل. وکلنا یعرف قصة تلک المرأة التی أقنعت زوجها بأن مکانه البیت وأنها رب الأسرة التی ینبغی أن تعمل خارج البیت وکان أن بکت طفلتها وهی فی العمل فضاق ابوها بها ذرعاً ورفضت أن تتناول زجاجة الحلیب وفشلت محاولاته معها فما کان منه إلا أن دق رأسها فی الطاولة وعندما أهاجه بکاؤها ألقى بها فی الأرض بکل قوة فماتت الطفلة.. وذهب الزوج إلى السجن.. الاختلافات السلوکیة: یوماً بعد یوم تتوالى الابحاث العلمیة التی تؤکد الاختلافات السلوکیة والقدرات بین جنسی الأطفال، فبالإضافة إلى الاختلافات العضویة الواضحة، فقد تبیّن أن البنات یُولدن بدهون اکثر وأنهن یسبقن الذکور فی الحصیلة اللغویة. یستطیع الطفل بعد العام الأول من عمره تمییز جنس الأطفال - ذکر او أنثى – بغض النظر عما یرتدونه، کما تتمیز لعب کل جنس عن آخر فی هذه السن. وعندما یصل الطفل إلى سن الروضة یصبح لدیه فکرة واضحة عن الفارق بین ((البنت)) و ((الولد)) بل ویتصرف کل جنس منهم بطریقة مختلفة عن الآخر. تقول الدکتورة میریام ستوبارد الاستشاریة النفسیة: تفرض الضغوط الاجتماعیة على الأطفال منذ ولادتهم اتباع الأنموذج الخاص بکل جنس، وتحدد الأسرة ممیزات شخصیة کل من الذکور والإناث، وتأتی المدرسة ودور الحضانة بمن فیها من مدرسین وأصدقاء لصیاغة هویة کل من الجنسین أیضاً. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,658 |
||