الغرسة الأولى فی بستان السعادة | ||
الغرسة الأولى فی بستان السعادة حسین قازان السعادة العائلیة بستان جمیل جداً فیما لو اعتنینا به منذ البدایة وحتى النهایة، فیما لو غرسنا فیه النبتة الصالحة فقط، ولم ندخل إلیه أیّ بذور فاسدة. والغرستان الأساسیتان فی بستان الأسرة الأم والأب، فهما اللذان ینبتان البراعم الصغیرة، ویغذیانها من أخلاقهما فتکون الثمار صورة عنهما. الحیاة الزوجیة إما أن تکون مفعمة بأجواء الحب والعطف والحنان، فتسیطر السعادة على أجواء الأسرة، أو تکون ملیئة بالصعاب والمشاکل والهموم، فتفقد الحنان و الحب فتجعلها فارغة جافّة. فلایمکن أن ینمو ویوصل بصاحبه إلى المطلوب إلا إذا کان الحبیبان متکافئین. والکفاءة بالدرجة الأولى فی العقیدة والإیمان، فالمؤمن کفوء المؤمنة، والمؤمنة دون سواها کفوء المؤمن ((المؤمنون بعضهم أکفاء بعض)). ولذلک نجد أن الشریکین الصالحین یعمقان الحب والتضحیة فی مسیرتهما الطویلة بل یزداد، أما غیرالصالحین فعادة ما نجده یتعثر و لایستمر بینهما وإن استمرّ فلاینمو ولایقوى لیوصلهما إلى المطلوب. فالأبوین إذا لم یکونا صالحین فإنهما یحرفان أولادهما عن جادة الفطرة الإلهیة، والطریق القویم للوصول إلى الباری عزوجل، وإلى ذلک أشار رسول الله صلوات الله علیه بقوله: ((ما من مولود إلا ویولد على الفطرة فأبواه یهودانه أو ینصرانه أو یمجّسانه)). وهکذا فلو أردنا دوام الحب والسعادة فی الأسرة، وتمنینا أولاداً صالحین یترعرعون فیها، فعلینا الاهتمام بالخطوة الأولى فی طریق الزواج وهی اختیار الشریک الصالح والمناسب. وقد أوصانا بهذا أهل البیت علیهم السلام کما جاء على لسان الإمام الصادق "علیه السلام": ((إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد.. ولیس للمرأة خطر لا لصالحتهن ولطالحتهن، فأما صالحتهن فلیس خطرها الذهب والفضة، هی خیر من الذهب والفضّة، وأما طالحتهن فلیس خطرها التراب والتراب خیر منها)) شبّه إمامنا الصادق "علیه السلام" فی هذا الحدیث المبارک المرأة بالقلادة وهی ما یتزیّن به الإنسان. فالمرأة زینة الرجل وبها یتزیّن، وإذا أراد ذلک فعلیه اختیار أبهى وأفضل وأجمل زینة وهی المرأة الصالحة. المرأة لاثمن لها کما قال إمامنا "علیه السلام"، أما الصالحة منها فهی خیر من الذهب والفضة، وأما السیئة فالتراب خیر منها. والزوجة الصالحة من سعادة الرجل کما جاء فی الحدیث: ((من سعادة المرء الزوجة الصالحة)). وفی حدیث آخر یبیّن قیمة الزوجة الصالحة عند المؤمن وماتمثّل له من خیر یقول: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزوجل خیراً له من زوجة صالحة)). وینبغی أن لانغفل عن حریة اختیار الفتاة للشاب الذی تریده وتهواه وقد أعطاهم الإسلام ذلک ولاینبغی أن تُجبر على الزواج ممّن لاترضاه. فکما أن للرجل الحریة فی اختیار زوجته کذلک فللمرأة الحق فی البحث عن الحامی والحارس لها، موضع أسرارها وآلامها ومن ثم والد أولادها.. فالمرأة تسلّم زمام حیاتها إلى زوجها ولذلک أوصى أهل البیت "علیهم السلام" بالحذر والدقّة فی تزویج الفتاة فقد جاء فی الحدیث الشریف: ((إنما النکاح رق، فإذا نکح أحدهم ولیدة فقد رقّها، فلینظر أحدکم لمن یرقّ کریمته (ابنته))). الزوج الصالح لایمکن ان یظلم زوجته مهما حصل لأنه یحب الله ویطیعه ویخشاه،وهو یرفض الظلم والعدوان وینکره. إن أحبّ زوجته یحسن إلیها وإن لم یحبها یحافظ علیها، ولذلک نجد مولانا الحسن المجتبى "علیه السلام" قال لرجل أتاه یستشیره فی تزویج ابنته: ((زوّجها من رجل تقی فإنه إن أحبّها أکرمها، وإن أبغضها لم یظلمها)) من هنا لابد من البحث وتحرّی الدقة فی اختیار الشریک الصالح والمناسب والذی یعد النبتة والغرسة الأولى، فإن کانت صالحة نما بستان العائلة وازدهر، وإن کانت فاسدة لم یثمر البستان نباتاً طیبا. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,472 |
||