دور المرأة الاجتماعی عند الامام الراحل | ||
دور المرأة الاجتماعی عند الامام الراحل حوراء جعفری هناک بون شاسع بین الافکار التی قدمتها المذاهب الوضعیة المعاصرة، وبین افکار الامام الخمینی الراحل، فیما یخص الدور الاجتماعی للمرأة، لابد لنا من عقد مقارنة بین الرؤیتین، ومعرفة التعالیم القیمة للامام فی مجال دور المرأة الاجتماعی، وایجاد نهضة إجتماعیة واعیة فی الاوساط النسائیة بشکل عام. ان دور المرأة الاجتماعی، وحسبما نستشفه من الافکار والمدارس الفکریة العالمیة، یعنی مدى مساهمتها فی الحقل الاقتصادی، فمجرد عمل المرأة یعتبر دلیلاً على مدى اسهامها الاجتماعی، ومن هنا وبغض النظر عن نوع العمل الذی تمارسه المرأة والمستوى الدراسی، قلما تعتبر النسبة المئویة لعمل المرأة، مؤشراً لمشارکتها الاجتماعیة، ومن خلال عمل المرأة یعتقد البعض ان المرأة قد حققت دورها الاجتماعی وان النساء فی مختلف بقاع العالم، یتمتعن بحقوق جیدة وان ظروفهن حسنة، ویمکن ملاحظة هذه الرؤیة القاصرة عبر مراجعة الاحصائیات الرسمیة التی تنشرها المنظمات العالمیة. أما الفکرة الاخرى التی تروج بین نساء العالم الغربی والتی تسللت فی العقود الاخیرة ومع الاسف، الى بلداننا الاسلامیة، هی ان مکانة المرأة لن تتحقق الا بلجوء النساء الى التحلل الخلقی والابتذال الذی یعتبر احد المؤشرات المهمة على تطور المرأة وتحدید موقعها الاجتماعی. ومثل هذه القضایا یتم دراستها دائماً على الصعید الثقافی، ویستند علیها للتدلیل على مدى التزام البلدان بحقوق الانسان ورعایتها لحریة المرأة فی انتخاب الملابس واسلوب العیش. اما دور المرأة وفقاً لافکار الامام الخمینی رحمة الله علیه فهی تعکس المفاهیم الاسلامیة ذاتها. واذا ألقینا نظرة شاملة على افکار الامام الراحل فی هذ الخصوص یتضح ان سماحته قد اعطى دور المرأة الاجتماعی، معناه الواسع، الى درجة یعتبر المرأة، صاحبة مسؤولیة کبرى، ویدعوها للتعاطی فی القضایا السیاسیة لبلدها، ولذا فان المساهمة الاجتماعیة للمرأة فی رأی سماحته، تحمل مفهوم اداء الواجب والشعور بالمسؤولیة ازاء مصیر الامة والمجتمع، ومثل هذا الشعور، ینبغی ان یکون مصحوباً بالوعی والعلم والمعرفة والقدرة، کما ان هذه المساهمة تتطلب بطبیعتها، المثابرة والجد فی تحصیل العلوم والمعارف المختلفة. یقول الامام الخمینی عند ذکره لمکانة المرأة فی نظام الخلقة: ((من احضان المرأة ینطلق الرجل لبلوغ مرحلة الکمال))، وهذه العبارة تعنی ان السعادة والکمال الاجتماعی، رهین بمکانة المرأة وانسانیتها، وانه لایمکن الوصول الى التنمیة الحقیقیة فی المجتمع دون الاخذ بنظر الاعتبار، تأثیر المرأة ودورها فی صقل شخصیة الرجال، وهذا یعنی ان المرأة مبدأ البناء الاجتماعی واساس نموه وتربیته، کما ان المحبة والرأفة التی تتمتع بها، تعزّز الاواصر المعنویة فی محیط الاسرة والمجتمع على حد سواء. وفی الجو الأسری ایضاً، نلاحظ ان حجر الاساس فی اقرار صلة الرحم وبناء کیان المحبة هی المرأة، وذلک لانها ترسّخ صلة الرحم بالرجل الاجنبی من خلال الزواج، کما انها من خلال الانجاب، تعزّز صلة الرحم بین الأسر المختلفة وذلک عن طریق التصاهر وبث اواصر الشفقة بین الجمیع. ومما یجدر الاشارة الیه ایضاً، ان الدین الاسلامی الذی یفخر الامام الخمینی بالانتماء الیه، یکن احتراماً خاصاً للمرأة، وکما جاء فی کتب الفقه، ان الله تعالى اوجب الفرائض على المرأة قبل الرجل بست سنوات، وهذا دلیل على اهتمام الاسلام البالغ بالمرأة. اما المرأة فی المذهب الفکری للامام الخمینی رضوان الله علیه فهی تساهم مساهمة فعالة فی المجتمع، باعتبارها انسان کامل، اذ نراه یقول: ((ان للمراة فی النظام الاسلامی، نفس الحقوق التی للرجل، مثل حق الدراسة وحق التملک وحق التصویت والترشیح.. الخ)) طبعاً من الممکن ان یتصور البعض ان المفکرین الغربیین قد وفّروا مثل هذه الفرص للمرأة أیضاً، لکن اذا انتبهنا الى هذه النقطة، سیتوضح لنا وجه الاختلاف بین رؤیة الامام الراحل وبقیة الافکار الوضعیة، فالمرأة فی رأی لسماحته، رغم مواهبها العدیدة وحقوقها الکثیرة، تبقى مشارکتها الاجتماعیة، رهینة بصیانتها لشخصیتها ورعایتها للعفة والتزامها بالضوابط الاخلاقیة، وذلک لان الامام یعتبر مشارکة المرأة وحیاتها، عامل مهم ومؤثر فی صیاغة شخصیة الرجل ومدى تکامله. اما المجتمع الذی یقترن فیه حضور المرأة ونشاطها الاجتماعی، بعرض مفاتنها الجسدیة، سوف لاتؤخذ مواهب المرأة وخصوصیتها الانسانیة التی ینبغی ان یستفید المجتمع منها، بنظر الاعتبار، وفی النتیجة ستصبح المرأة فی مثل هذا المجتمع، وسیلة للفساد الاجتماعی والتحلل الخلقی، فی حین یعتبر الامام الراحل، مساهمة المرأة الاجتماعیة والثقافیة والسیاسیة، امراً ضروریاً ایضا لکن بشرط صیانة العفة العامة التی تعتبر من ضرورات سلامة المجتمع والمرأة ذاتها، وهو الامر الذی سبّب فقدانه فی السنوات الاخیرة، ازمات حادة للعوائل الغربیة، وهذه الازمات انتقلت حتى الى بقیة المجتمعات الانسانیة ومنها المجتمعات الاسلامیة، لعدم الانتباه الى المخاطر والنتائج المترتبة على تقلید الغربیین فی هذا المجال. فی الوقت الحاضر، نلمس آثار ارشادات الامام الراحل فی اعداد کبیرة من الاسر الباحثة عن الحقیقة فی مختلف ارجاء العالم، وذلک من خلال تطبیق تلک الارشادات الحکیمة على علاقاتها الانسانیة والاجتماعیة. ونتیجة للافکار الثاقبة التی ابداها الامام الخمینی حول المرأة، شهدت ایران، تحولات عظیمة على صعید توسیع نطاق الدور النسوی فی المجتمع، والامثلة على ذلک کثیرة، منها مساهمة المرأة فی الحرب المفروضة حیث وقفت الى جانب المقاتلین عن طریق دعم الجبهات الخلفیة، کما ان صبرهم وصمودها کان حافزاً قویاً لمشارکة الشباب فی الدفاع عن ارض الاسلام، وکذلک مساهمتها الفاعلة فی المجالات الثقافیة والسیاسیة والعلمیة، فالیوم یوجد عدد هائل من النساء الایرانیات وهنّ یمارسن مهنة التعلیم والتدریس فی المراکز العلمیة المختلفة. وفیما یخص مکافحة الامیة بین النساء، فقد ارتفع عدد المتعلمات بعد انتصار الثورة الاسلامیة بنسبة جیدة وخاصة بین النساء العاملات، حیث تبلغ نسبة خریجات الاعدادیة بینهن، عالیة جدا. ان اکثر اهتمامات الحکومة الاسلامیة التی اقیمت بارادة الشعب وقیادة الامام الخمینی، کان یترکز على تنمیة اوضاع النساء الایرانیات، وان قسماً کبیراً من الدعم الثقافی والسیاسی والاقتصادی تم تخصیصه لرعایة مواهب المرأة فی المجالات المختلفة، وذلک لان مفهوم الدور الاجتماعی للمرأة فی فکر الامام الراحل قد أخذ بمعناه الواسع ای ان المشارکة النسویة لاتختص بالقضایا الاقتصادیة فقط وانما الاهتمام بجمیع النشاطات التی تعود بالنفع للمجتمع. ومما لاشک فیه ان بقاء افکار الامام الخمینی فی الامور المتعلقة بحقوق المرأة، یکمن فی احیاء دور المرأة وتطویر مساهماتها الاجتماعیة ومطالبة الدول والحکومات لتحقیق هذه الطموحات البناءة، وهذا الامر لایتحقق الا بقیام المجتمع النسوی فی العالم بالدفاع المنطقی عن کیانه الحقیقی وتقدیم صورة واضحة عن دور المرأة وممارساتها الاجتماعیة والسیاسیة، وتأسیس نظام مبنی على تطبیق الشریعة والتعالیم السماویة دون ای تحریف فیه بل الحکم بما انزل الله بدون ای تبدیل او تغییر. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,557 |
||