الثورة الاسلامیة قدوة للنهضة العربیة الحالیة | ||
یوم تأسیس الجمهوریة الاسلامیة فی ایران الثورة الاسلامیة قدوة للنهضة العربیة الحالیة الهام هاشم
بالرغم من مضی ثلاثة وثلاثین عاماً على تأسیس الجمهوریة الاسلامیة فی إیران، فإن وهجها الساطع لم یصبه الفتور او الضعف...و.بعد أکثر من ثلاثة عقود من مؤامرات الاستکبار العالمی والتحدیات الخطیرة التی واجهت شعبها المسلم الواعی. ولو تمعّنا فی خطب قائد الثورة وزعیمها الإمام الخمینی الراحل، نرى الترکیز على اقامة الحکومة الاسلامیة القادرة على إجتثاث کل الوان الحیف والظلم والاستبداد، وخلق الحیاة الحرة الکریمة العادلة، فکیف یصیب الوهن مثل هذه الثورة التی یلتحم معها شعبها الى حد الانصهار والذوبان. لقد کانت ثورة الشعب الایرانی المؤمن نابعة من هذا المعیار الدینی،إذ لم تدرک الرموز السیاسیة مدى قدرة الدین على تحریر الفرد واعطائه روحا جدیدة.. ولم تدرک ان الدین الاسلامی هو دین الثبات ضد الاستعمار وأذنابه،ولم تدرک ان الدین الاسلامی لایخضع للحسابات الوضعیة.. فتخبطت فی خططها وتحلیلاتها حتى فاجأها المد الاسلامی الجارف فی ایران وهو ینسف کل مؤامراتها التی حاکتها بعنایة فائقة.. ویبدد احلامها فی مزید من المصالح والاستغلال.. وحقیقة ان الدین هو محرر الشعوب، و له القدرة الهائلة للتأثیر على الجماهیر وحثها على العطاء الثوری کما شهدت بذلک الثورة الاسلامیة الایرانیة،والتی ساهم فیها لیس فقط الفقراء والمحرومون وانما ایضا الاثریاء والتجار الذین دعموا الثورة بکل الوسائل وکان لهم التأثیر البالغ فی انجاح الثورة العظیمة. وخطت الثورة الاسلامیة طریقا جدیدا وفریدا من نوعه فی تأریخ الثورات،وساعدها على ذلک اصالتها المرتکزة على الاسلام کدین منزل من الله سبحانه وتعالى، فلم تکن افکارها مستوردة،وقد اختارت طریقها تبعا للظروف التی عاشتها. فاستغلت وجود المناسبات الدینیة الخالدة فی التأریخ الاسلامی،ونظرا لتعلق الشعب الایرانی المؤمن، بدینه وعقیدته وقیمه النبیلة،فلم تکن هناک ایة صعوبة فی حشد الجماهیرالمؤمنة التی کانت تدفعها الروح المستلهمة من صاحب الذکرى فی کل مناسبة. فتنطلق فی مسیرات متراصة ضد نظام الطاغیة البائد، وفی کل مناسبة کان علماء الدین یلهبون مشاعر الناس ویزودوهم بالحماس والاندفاع الایمانی.. فکان الوقود الرئیسی الذی استمر بالثورة حتى تحقیق النصر المؤزر. هذه الخصائص المتوفرة فی الاسلام فحسب، ساعدت الثورة على قطع مراحل کانت ستأخذ وقتا اطول، لو لم یتوفر لها المناخ الملائم، فالمسیرات الیومیة الضخمة التی یزید تعدادها على الملیون وفی جمیع نواحی البلاد،کانت تردد شعارات مختلفة تحمل هدفا واحدا وتحت قیادة واحدة. ولو أرید لهذه الملایین ان تخرج الى الشارع لتأیید حزب ما اوسلطة دکتاتوریة ما، لاحتاج ذلک الى الاموال الطائلة.. وتنظیم المهرجانات والندوات.. وغیرها.. وبعد کل هذا عادة ما تؤول الى الفشل المحتم.إلا ان الشعب المسلم فی ایران خرج کله باسم الاسلام.. لافرق بین غنیهم وفقیرهم أو طالب المدرسة وعالم الدین أو العامل وصاحب المعمل.. الکل تحمل قسطه من المسؤولیة،حتى المرأة لم تنس دورها على مسرح الاحداث.. ومسؤولیتها الکبرى. واستطاع ذلک الشعب المؤمن الذی لایملک سلاحا سوى الإیمان والوعی،وشعار الله اکبر.. ولا اله الا الله،الذی رفعه خفاقا على جماجم عشرات الآلاف من الشهداء،ان یکتسح کل الطواغیت.. ویضعهم على هامش التأریخ. فمن المحال ان تذهب طاقات الملایین من الشعب هدرا.. وتضحیاتهم هباء مع الریاح بوجود القیادة الحکیمة التی استطاعت ان تشحن تلک الطاقات فی المظاهرات المستمرة.. والاضرابات المتواصلة.. والعصیان المدنی،والتنظیم والعمل کلها التقت عند هدف واحد هو اسقاط العرش الملکی المقبور.. واقامة الجمهوریة الاسلامیة المنصورة. وکانت الصفات العظیمة التی إتصف بها قائد الثورة الامام الخمینی الراحل، ابتداء من تجسید الاسلام على نفسه فی کل تصرفاته وآرائه،والبساطة التی تمتع بها.. وانتهاء بالحزم والصراحة واللامساومة مع الباطل.. کل هذه الصفات القیادیة جعلت من الامام الخمینی محبوب الملایین لیس من الشعب الایرانی فقط وانما من قبل شعوب العالم الاسلامی ایضا. ولذا فلیس غریبا ان نسمع الجماهیر الایرانیة تصرخ : (الخمینی أو الموت)،لأنهم عرفوا فی الامام الخمینی النضال والکفاح ضد الاستکبار العالمی.. عرفوا منه القائد المخلص لدینه ووطنه.. والرجل المنقذ لهم من الاستعباد والظلم. وهکذا بنى الامام الخمینی (قدس سره) مدرسة جدیدة للثوار فی جمیع انحاء العالم،منهجها الاسلام،ودروسها التضحیة،والتنظیم،والارادة الایمانیة الصلبة الخلاقة. کانت الثورة الاسلامیة فی إیران انعطافة کبیرة فی حیاة الشعب الایرانی المجاهد،قلبته من عصور الظلم والظلام.. والاستبداد الى عصر الحریة والعدالة ومن حیاة الفقر والذل الى حیاة العز والسمو،واستطاعت جماهیر ایران المؤمنة ان تعکس صورتها على شعوب العالم.. وخصوصا تلک الشعوب التی تعیش حالة التخلف والاستعمار العمیل ولذلک بدأت هذه الشعوب تمسک بأول الطریق الشاق الذی قطعة الشعب الایرانی،بدأت تتحرک.. وتدرس بعمق الثورة الاسلامیة للتعرف على ذلک الدافع الخفی وراء الثورة وتلک الطاقة الجبارة التی تفجرت فی الشعب الایرانی فدبت فیه الروح الثوریة متحدیة أعنف واقوى الطغاة فی التأریخ المعاصر،وتوصلت فی النهایة الى السر.. انه الاسلام الحقیقی، الاسلام المحمدی الاصیل، ولیس الاسلام الصوری کما صوره لنا الحکام.. وعلماء الدین المزیفین الذین وقفوا ضد الثورة الاسلامیة الأصیلة،باجهزة اعلامهم من أجل التشویش وقطع الطریق أمام الثورة من التغلغل فی اوساط الجماهیر،قالوا : ماذا یرید الخمینی ؟.. وهم یعرفون هدفه. وقالوا : لا یستطیع بناء جمهوریة اسلامیة. ولما فشلت توقعاتهم بدأوا یحاربون أی تحرک یظهر فی البلاد الاسلامیة.. ویدعون ان الاسلام لایعرف الانتفاضات والثورات. وفی نفس الوقت حاولت الشعوب المضطهدة الاستلهام من ثورة الاسلام فی ایران،فتعلن ولاءها للثورة الاسلامیة،وقد خرجت مظاهرات التأیید فی طول العالم الاسلامی وعرضه. اما السلطات العمیلة.. والخائفة على مصالحها ومراکزها من التبدد والضیاع.. فراحت تلاحق الاسلامیین فی کل مکان.. وتزجهم فی السجون والمعتقلات.. وکأنهم نسوا او تناسوا ان السجون والمعتقلات تربی المجاهدون والثوار.. وتشدّ همهم وارادتهم لمواصلة السیر حتى تحقیق النصر المؤزر، کما حصل فی العالم العربی مؤخراً.. ان حکام الدول الاسلامیة أحسوا بأنهم لایلبثون حتى یصیبهم ما أصاب رفیقهم الشاه الطاغیة،فقد وعت الشعوب،واستیقظت من رقادها العمیق لترى شعار الثورة الاسلامیة الایرانیة مرفوعا ((أن لا حیاة تحت ظل الاستکبار بکل اقنعته ))،وبعد ان ازالت الثورة الاسلامیة تلک الاقنعة،اخذت الشعوب الاسلامیة تردد معها ذلک الشعار،واصبحت الثورة الاسلامیة انشودة المحرومین والمضطهدین فی کل مکان من العالم. ونحن على یقین بأن ثورات الربیع العربی، قد استلهمت فی افکارها وانطلاقتها الثوریة فی مواجهة الانظمة القمعیة المستبدة والسائرة فی رکاب الغرب، من معین الثورة الاسلامیة الایرانیة، الذی لا ینضب، وإذا جاءت هذه الثورات والانتفاضات متأخرة الى حد ما، الا اننا لا ننکر استیحائها من شعارات الثورة الاسلامیة وأسلوبها فی مقاومة أنطمة مستبدة مدعومة من قبل قوى الاستکبار العالمی. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,716 |
||