الداعیة ندیة یاسین والموقف من النظام المغربی | ||
الداعیة ندیة یاسین والموقف من النظام المغربی خدیجة محمود الداعیة الأستاذة "ندیة یاسین" من أهم الداعیات فی المغرب، قدمت على مدى عقدین من الزمن العدید من الإسهامات فی مجال الدعوة الإسلامیة وترشید الوعی من خلال محاضرات وندوات وحوارات صحفیة. وتعدّ السیدة"ندیة یاسین" السند الأول لوالدها الشیخ الداعیة "عبد السلام یاسین" فی تأسیس جماعة "العدل والإحسان"، وهی المؤسسة والمشرفة على العمل النسائی داخل جماعة العدل والإحسان. وقد أهّلها إجادتها للغة الفرنسیة، القیام بدور الناطق الرسمی للجماعة لدى وسائل الإعلام الغربیة المکتوبة والمسموعة والمرئیة، ولها عدة مؤلفات باللغة الفرنسیة. حازت على إجازة فی العلوم السیاسیة من کلیة الحقوق والدراسات القانونیة والسیاسیة بفاس سنة 1980 وکانت تنوی إعداد دبلوم الدراسات العلیا إلا أنها منعت من ذلک لأزمة العلاقة بین والدها والنظام المغربی ومواقفها السیاسیة. عملت بتدریس اللغة الفرنسیة لمدة 4 سنوات، ثم استقالت من وظیفتها للتفرغ للعمل الاسلامی، خاصة بعد اعتقال والدها وزوجها. للأستاذة ندیة مواقف سیاسیة متمیزة بخصوص قضایا الساعة، وقد شارکت فی إعداد تظاهرات تضامنیة مع قضایا المجتمع أو تندیدیة ببعض مواقفالنظام الملکی. واعتقلت یوم 10دیسمبر 2000 برفقة جمیع أفراد عائلتها (باستثناء والدها) وعدد کبیر من أعضاء الجماعة لمشارکتها فی وقفة احتجاجیة سلمیة بمناسبة الیوم العالمی لحقوق الإنسان، وصدر فی حقها حکم بالسجن وغرامة مالیة.. لیس لدیها أی طموح للمشارکة فی الحکم لا سیما فی سیاق یعد فیه هذا الدور مجرد تهریج، عکس ما یعتقده الکثیرون، فهی لا تنظر إلى العالم بالنظرة السیاسیة وإنما بعین المثقفة المؤمنة أولا ثم بعین الأم ثانیا.
مقاومة الاستبداد تقول السیدة یاسین: لقد ناضلنا منذ 30 عاما من أجل انتزاع الحق فی الخروج عن المسار النظری الفکری والفقهی الذی رسمه وأرساه الاستبداد منذ الانقلاب الأموی إلى أیامنا هذه. من المهم جدا، بالنسبة لنا، أن ندافع عن النموذج النبوی لنظام الحکم، ومن ثم تخلیص الإسلام من الممارسات الظلامیة التی تتم باسمه. إنه واجب الدعوة ذاک الذی یدفعنا إلى مثل هذه القراءة النقدیة للتأریخ. لا یمکننا أن نسمح بالاعتقاد بأن الاستبداد جزء من الإسلام. الموقف من الخطاب الملکی حقوق الإنسان – فی منظور السیدة یاسین - معدة للواجهة فقط ولیس لرجال هذا الوطن ولا لنسائه. لقد وعدهم الخطاب الملکی بمستجدات ویبدو أن هذه من أهمها. أجل، لقد أصبحت نساء العدل والإحسان یزعجن النظام کثیراً.وإذا کانت مضایقات هذا الأخیر لهن قد بدأت منذ وقت لیس بالقصیر، فإن اعتقالهن من عقر بیوتهن سابقة فریدة من نوعها. بعد الحملة المسعورة والمأجورة ضد الجماعة وبعد الضربات الغادرة ومحاولات التجسس والاختراق العدیدة، انتقلت القضیة إلى مستوى أعلى من الجبن والنذالة، فأصبح یراهن على الضغط النفسی الذی یحدثه المساس بالنساء فی مجتمع أبوی، کسلاح رادع وحاسم حسب ظنه. فما اعتقدوا أنه ضربة قاصمة هی فعلاً کذلک، ولکن للجلادین ولیس للضحیة. فعلى الباغی تدور الدوائر، وسلاح الدولة البولیسیة سیرتد حتما لنحرها داحضاً افتراءاتها. واقع المرأة المغربیة إن المرأة المغربیة – فی رأی ندیة یاسین - تعیش استضعافاً مزدوجاً، فهی تشارک الرجل المغربی والمسلم نفس المعاناة، من ظلم بسبب الاستبداد السیاسی وفقر بسبب الفساد الاقتصادی والاجتماعی. ثم هی تعیش ظلم الرجل لها لسوء فهمه وسوء استعماله درجته وقوامته. فطبیعی أنها تعیش مشاکل کثیرة من قبیل حرمانها من حقها فی النفقة والحضانة. الأسر المغربیة فی معظمها أسر فقیرة، وما یعیشه الشعب المغربی من قمع واستبداد وجهل بالدین ساهم فی تنامی عقلیات وذهنیات. فالرجل لاعتقاده أن القوامة تسلط واستبداد وبسبب ما یعانیه من هضم لحقوقه وخنق لحریاته، یوجه جام غضبه فی عنفه ضد المرأة (زوجته أو أخته أو ابنته...). أما المرأة فلجهلها بدینها وبحقوقها التی کفلها لها الإسلام ترکن لذلک الواقع وتستسلم لمعاناتها. ولذلک فقضیة المرأة تتجه فی سیاق عولمة وتدویل المسألة النسائیة، حیث المحرک هو المصلحة الاقتصادیة. هذا ما أکدته توصیات المؤتمرات الدولیة، فما معنى أن یرد فی أحد بنود وثیقة مؤتمر بیکن ما یلی: "على الجمعیات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة أن تشکل جماعات ضغط تکفل رعایة مقتضیات النظام العالمی الجدید والعولمة"؟! فالهدف أن یتم إغراق الدول العربیة بالقروض مقابل تطبیق توصیات المؤتمرات الدولیة. فی قلب الاحداث لم تنتظر الاستاذة یاسین هذه الأحداث لتأیید حریة التعبیر. بل لقد کانت رائدة فی المظاهرات السلمیة المنظمة خلال سنوات الرصاص، وتأتی محاکمتها فی إطار حریة التعبیر المصادرة دستوریاً. هی فخورة بالشباب، والذی تنتمی إلیه الأغلبیة الساحقة من جماعتها، وحیی بکثیر من التقدیر الشباب التونسی والمصری. وهی تعتقد أن کل مظاهرة سلمیة حضاریة ومنظمة، تکون لها ضمانات بأن لا تتحول إلى فتنة واعتداء على الممتلکات والأشخاص ستلقى منها، کل تأیید. جماعتها قوة هادئة متجذرة فی الشعب ورغم انها لا اختار له إلا انها ستکون معه فی اختیاراته مادام ملتزماً بنبذ العنف. مدونة الأسرة والتوفیق بین مقتضیات الشریعة الإسلامیة وبین القیم الإنسانیة الکونیة أما مدونة الأسرة فی المغرب – فی نظرها - لم ترق إلى نموذج التکریم الذی حظیت به المرأة المسلمة فی السنة النبویة. کل هذا یؤکد أن الشریعة الإسلامیة هی الکفیلة بتغییر الواقع، وأننا لسنا بحاجة إلى قوانین دخیلة خاصة إذا کانت هذه القوانین بنیت على أساس القطیعة مع الدین. إن مشکلة المرأة المغربیة لیست مشکلة مسمیات، إنما هی مشکلة منظومة قانونیة مستمدة من التراث الفقهی الذی لم ینصف المرأة، هذا من جهة، ومن جهة ثانیة: إذا کانت مدونة الأسرة قد تضمنت نقاطا إیجابیة کما یرى البعض. فهی ترى الأمر من فوق، فحتى لو کانت هذه المنظومة ترعى مصلحة المرأة، ما هی الضمانات لتنزیل هذا القانون وتطبیقه فی بیئة یسودها الاستبداد السیاسی والظلم الاجتماعی والاقتصادی والفساد الإداری والأخلاقی، ومع وجود ذهنیات ونفسیات مترسبة فی العقول راسخة فی القلوب. ما الحل؟ الحل عند الاستاذة ندیة یاسین، لابد من مشروع مجتمعی متکامل یستهدف جمیع جوانب الحیاة، سیاسیة، اقتصادیة واجتماعیة، بتحقیق العدل السیاسی، العدل فی قسمة الأرزاق وتوزیع الثروات. ثم التربیة التی تودع قلب الإنسان رحمة وعقله حکمة وجسمه صلابة، لتجاوز کل العقبات النفسیة والذهنیات. هذا المشروع هو الذی تدعو له من خلال میثاق أرضیته الإسلام یجمع من یحرّکه هم المضی بهذا البلد إلى غد العدل والکرامة والحریة. تعتبر الجمعیات النسائیة مدونة الأسرة ثمرة نضالها. لا تنکر أن فی صفوف هذه الجمعیات نساء تحرکهن الغیرة والمسؤولیة لإنصاف المرأة والمطالبة بحقوقها. لکنه من المؤسف أن تصبح قضیة المرأة ورقة انتخابیة تلعبها الأحزاب لتحقیق أغراض سیاسیة. المرأة فاعلة فی المجتمع مشارکة المرأة الفعالة فی المجتمع تکون بانخراطها فی مشروع التجدید الکلی، تسعى لإحیاء نموذج خیر نساء طلعت علیهن الشمس. نساء کن فی العهد النبوی یقدن حرکة التغییر إلى جانب الرجل متزعمات لا تابعات. فما على المؤمنة إلا أن تنفض عنها غبار التقلید، سواء کان تقلید الفقه المنحبس أو الفکر المغرّب. أولى خطوات التجدید: التسلح بالعلم، حتى تساهم فی حرکة الاجتهاد على هدى وبصیرة. لابد أن یکون للمرأة حضور فی مختلف مجالات الحیاة، وأولى هذه المجالات أسرتها، تعمل على تربیة النشء الصالح، فذلک من صمیم عملها الصالح، ولأن الأجیال الصالحة هی المؤهلة لحمل لواء التغییر والجهاد. ثم تساهم من موقعها فی الحیاة الاجتماعیة عموماً. اما مبادرة وخیارات حرکة 20 فبرایر فخیاراتها تجعل جماعة یاسین مساندة مطالب هؤلاء الشباب. لذلک سیکونون معهم فی الشارع طالما لیس هناک أی خطاب یعلن عن تغییر حقیقی. المَلکِیة والمَلِک فی نظر الاستاذة ندیة یاسین هناک ملوک یعانون من إعاقات مثل عامة البشر، لأنهم فعلا بشر، ولأنهم یحملون أعباء ثقیلة ینوء بها عاتق کل بشر. بل هناک حتماً بعض الرؤوس المتوَّجَة التی تتمنى أن تکون أبعد ما یمکن عن ذلک العرش الذی یصادر حقها فی السکوت. ملوک وملکات یتمنون أن یحبهم الناس لخصالهم، لا خوفا من صولجاناتهم التی غالباً ما تتحول إلى هراوات، ولا طمعا فی الجزرة التی یلوحون بها بالید الأخرى. هناک ملوک یتمتمون، کما تخبرنا الملابسات التأریخیة المحلیة أن هناک ملوکاً یحدث لهم عطب تقنی، وآخرون یُلقون خطباً کی لا یقولوا شیئاً. الجبابرة الذین ألقت بهم القوى الاستعماریة فوق العروش فلصقوا بها مدى الحیاة ولأجیال متتالیة. هؤلاء لا یبالون بجودة الخطب ولا بعمقها. لا نقصد کذلک صغار "الملوک" الذین تزخر بهم إفریقیا المنسیة، بل نتحدث عن الملوک عریقی السلالات الذین یفتحون أعینهم على العالم بملعقة ذهبیة فی أفواههم ومیکروفوناً ینتظر. هم قلة یشارفون الانقراض، وخُطبهم نادرة لأنهم توقفوا منذ عهود عن قصف رعایاهم بثرثرتهم، تارکین مهمة الخطب لوزیر أول حقیقی، متخذین صمتهم البروتوکولی المتعالی عن شؤون المجتمع حجابا یسمح لهم بالتفرغ لحیاة العوام. تلک خواطر أثارها لدی "خطاب ملک"، رغم ما یبدو من افتقاره إلى العمق، فأنا بطبیعتی أحب دائما قراءة ما وراء سطور الکتب، واستخلاص العبر الفلسفیة من إبداعات تبدو لأول وهلة بدون رسالة معینة، لکنها فی الغالب تخفی دروسا عمیقة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,404 |
||