عید النوروز فرصة لجمع شمل الشعوب الاسلامیة والمستضعفة | ||
بمناسبة حلول العام الایرانی الجدید عید النوروز فرصة لجمع شمل الشعوب الاسلامیة والمستضعفة الهام هاشم یُعدّ عید النوروز الامل الکبیر بمستقبل مشرق للبشریة وتجاوز الصعاب والاحباطات المتوالیة، ولا شک ان شتاء البشریة یتجه نحو الزوال بقدوم ربیع الانسانیة، لان التجلّی الحقیقی للنوروز یکمن فی سیادة التوحید والعدالة والمحبة فی العالم کله، بحیث لا یبقى اثر للظلم والتمییز والعدوان. ولاریب ان الاحتفال السنوی بعید النوروز یحمل رسالة خاصة للشعوب الباحثة عن السلام والعدالة الاجتماعیة والاقتصادیة، والمساواة فی الانسانیة، ومن الممکن ان یصبح عید النوروز عالمیا فی ظل التعاون والتعاضد والتماسک الجَماعی. ولا ننسى ان عید النوروز قد تعدّى الحدود الجغرافیة والعرقیة واللغویة واصبح جزءاً لا یتجزأ من الثقافة الالهیة والانسانیة لشعوب المنطقة، بل لکثیر من الشعوب الاخرى، وان قیم عید النوروز، وبضمنها تجدد الطبیعة وزوال الیأس والقنوط، وانبعاث الامل وتبلور الصداقات والمحبة وصلة الارحام وتوثیق العلاقات الانسانیة التی تُعد من العناصر المشترکة فی المفاهیم الانسانیة والالهیة، وهی فرصة لاخذ الدروس والعبَر من الماضی والنظر الى المستقبل بنظرة واعدة. ومن الممکن إعتبار عید النوروز کجزء من ثقافتنا المشترکة جمیعا، حیث تنقل الناس الى ما وراء الحدود الجغرافیة والعرقیة واللغویة، وعلیه یُحتفل بالنوروز فی الکثیر من دول آسیا وافریقیا وامریکا وحتى اوروبا. ولسنا نتجاوز الحقیقة إذا قلنا ان النوروز یوفّر ارضیة مشترکة للعلاقات الانسانیة العمیقة والواسعة بین الافراد والشعوب، لانه یمثل فرصة عظیمة فی التعاطی البنّاء، وتوفیر مصالح ومنافع الشعوب المشترکة فی ثقافة الربیع بین سائر شعوب العالم، وإستغلال هذه المناسیة لإیجاد الاجواء الاخویة والإصرار على الصداقات وتعمیق العلاقات الراسخة وتأصیلها. والاحتفاء العالمی بعید النوروز یتحقق من خلال تاکید الاواصر الدینیة والتأریخیة والثقافیة فی البلدان المتمسکة بهذا العید العریق، ومن غیر البعید ان یُسهم هذا الاحتفال فی تعزیز العلاقات السیاسیة والاقتصادیة بین البلدان ذات الاحتفاء المشترک بهذا العید التأریخی، کونه یتضمن الخیر والبرکة والمحبة والصفح وترسیخ المودة بین الشعوب المسلمة .أن اقامة عید النوروز فی إیران سنویاً یدلّ على سیطرة الامن والاستقرار فی هذا البلد الذی یُعتبر مرکزاً للسلام، الصفاء والهدوء. وحین تدرک الشعوب المسلمة انها تتمتع بالقیم المشترکة الکثیرة وفی المناسبات المختلفة بأمکانها ان تکون الى جانب بعضها البعض، وسوف یزداد الاتحاد، التضامن، الصداقة والمحبة فیما بینها، وهی التی تمتلک حضارة کبرى لا تدانیها حضارة أخرى. وقیم النوروز التی تتمتع بالخصائص المعنویة والانسانیة یمکن ان یقف المحتفون بهذا العید من خلال الاعتماد علیها، فی وجه الهیمنة الثقافیة للاعداء، خاصة وإن الرموز الدینیة والاسلامیة فی مراسیم النوروز تدل ان الاسلام غیر منفصل عن النوروز، وان هذا العید العریق اخذ مکانه فی قلب الامة. فاحترام الاب والام والحفاظ على حرمة العلاقات المقدسة والمحبة والحنان هی من بین الخصائص الثقافیة للنوروز بحیث یمکنها ان تؤمّن امکانیة کبرى لتقریب الشعوب المختلفة بشکل اکثر کما نشاهد بان المواطنین المسیحیین والاقلیات الدینیة فی إیران یحتفلون بعید النوروز لان النوروز رمز عام للدعاء والشکر والحمد. کما ان النوروز وهو حلول الربیع، یعنی احیاء الارض، وظهور الأسرار الجمیلة فی الکون، تَراقص الزهور والبراعم والخضار، وهو موسم بذل المحبة والعدالة والتذکیر بتقالید القدماء. وینبغی التأکید بأن ما جعل ایران عزیزة وکبیرة فی أعین الشعوب، هو القیم الداخلیة لدى الشعب الایرانی حیث یعتبر النوروز، واحداً من هذه القیم المعنویة التی عرفت باستمرار کقیمة دینیة ووطنیة وتأریخیة. وهکذا ینبری الایرانیون فی کلّ عام عند إقتراب عید النیروز الذی یصادف ( 21آذار) والذی یُدعى أیضاً عید "البر والإحسان" بجمع التبرعات المالیة والهدایا الثمینة للأُسر ذات الدخل المحدود، ویقومون بإعداد قوائم الأیتام لمن یرغب بتکفل یتیم أو إعانة مسکین، فلا یحلّ علیهم عید الربیع بحلّته الزاهیة، وما یعکس من معانی الجدِّ والصفاء والسلام والمحبة إلاّ وقد تم، رعایة الفقراء والمعوزین قبل القیام بمراسم وطقوس هذا العید الجمیل الذی تشترک فیه العدید من الأمم والشعوب العربیة کالمصریین والسوریین والعراقیین وغیرها من البلدان العربیة المسلمة کالأتراک، والإیرانیین، وشعوب آسیا الوسطى، وحتى غیر المسلمة کالیونانیین وغیرهم بأسماء مختلفة وممارسات مشابهة تدلّ على وحدة المصدر. ویعیش الإیرانیون عید النوروز بکل طاقاتهم الروحیة والمادیة، فهو بالنسبة لهم فرصة للراحة والاستجمام، یجددون فیها العهد مع الأرض، ویغتنمونها لممارسة الفرح والسعادة. ویعتز الایرانیون على اختلاف اعراقهم وادیانهم باحیاء عید النوروز (رأس السنة الایرانیة) الذی یعتبر اهم واقدم الاعیاد الوطنیة والدینیة لدیهم باعتباره جزءا من الهویة القومیة الفارسیة. ویحتفل الایرانیون بالمناسبة القومیة التی تجمعهم حول مائدة واحدة على اختلاف اعراقهم وادیانهم من مسلمین ومسیحیین ویهود واتباع باقی الدیانات الاخرى کالزرادشتیة الذین یعتبرون انفسهم ورثة الایرانیین القدامى. وعلى الرغم من مرور آلاف السنین على هذه التقالید التی یعود تأریخها الى العهد الساسانی، ظل الایرانیون یتوارثونها جیلا بعد آخر حیث یتبادلون التهانی بهذه المناسبة باعتبارها اکبر الاعیاد لدیهم على الرغم من اعتناق اغلبهم الدین الاسلامی الحنیف. ویتزامن اول ایام رأس السنة الایرانیة مع بدایة اول ایام الربیع الذی یعلن انتهاء فصل الشتاء وتفتح اوراق الاشجار والزهور واعتدال المناخ فی اغلب مناطق البلاد لاسیما الشمالیة منها التی تستعد لاستقبال سیاحها. أما فی دولة مصر المسلمة یُعدّ (الیوم الجدید) أول یوم فی السنة الزراعیة الجدیدة لأنه موعد اکتمال موسم فیضان النیل الذی یُعتبرسبب الحیاة فی مصر، ولدى الشعب السوری یمثّل یوم تجدّد الحیاة والبدء بقدوم الربیع وبروز البراعم على الأشجار وتفتح الأزهار، ویُطلق على هذا العید فی العراق یوم (الشجرة)، رمزاً لحیویة وإنطلاق الربیع وتجدد الطبیعة بعد فصل الشتاء، ویحتفل المسیحیون بهذا العید باسم عید الخصب والربیع للأرض والبشر ... وتروج مراسم عید النوروز فی لبنان فی هذه السنوات الاخیرة رواجاً و اسعاً حیث یهتم الاکراد المقیمون فی لبنان بهذه الاحتفالات اهتماماً اکثر ممامضى ویعتبرون هذا العید ، عیداً وطنیاً عظیماً ". ویجب ان نذکر ان کثیرا من الایرانیین هاجروا منذ القرون الماضیة الى لبنان ویعیشون فی الزمن الراهن فی بعلبک شرقی لبنان وجنوبها وخاصة فی مدینة صور ویحتفلون بعید النوروز الایرانی. وترتبط مراسم هذا العید لدى العدید من الشعوب والملل، بفکرة تنظیف البیوت، وإعادة ترتیب أثاثها، والاستغناء عن الأشیاء البالیة، وإعداد أنواع الحلوى، والتزاور، وصلة الأرحام لإزالة کل ما علق بالقلوب من جفاء، وإعادة الدفء لکل ما شاب العلاقات العائلیة من فتور على مدى عام مضى، فیُستقبل الربیع بمنازل وأزقة وشوارع نظیفة، ویُستضاف العام الجدید بقلوب خالیة من کل حقد وکراهیة وبغض لتمتلىء القلوب بالمحبة والعواطف الحمیمة کما تمتلىء الطبیعة بالأزهار والثماروالاوراق الیانعة. کما تعتبر بعض البلدان، یوم 21 آذار یوماً للأم (کما فی بلدان الخلیج الفارسی وبعض الدول الغربیة)، ثم أُستُبدل "بیوم الأسرة" بعد أن تم أُخذ الاعتبار بفقدان بعض الأطفال أمّهاتهم وما یسبّبه تخصیص یوم للاحتفال بعیدها من ألم وحسرة فی نفوسهم، فانتُهزت هذه الفرصة من قبل بعض الأبناء أو الأسر التی تشکو من عقوق الوالدین أو تفکّک أسری لإعادة اللُحمة لأعضاء الأسرة بقلب صفحة الماضی المؤلمة، وکتابة صفحة جدیدة بمزید من التفاهم والحکمة والخبرة والمودّة والرحمة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,075 |
||