المرأة فی فکر الإمام الخمینی | ||||
PDF (170 K) | ||||
حظیت المرأة وقضایاها المجتمعیة باهتمام خاص فی فکر الإمام الخمینی- رحمه الله- سواء قبل الثورة الإسلامیة من خلال کتاباته المختلفة وخطاباته التی کان یوجهها لطلبته وللشعب الإیرانی، أو بعد الثورة عندما جسدت تلک الکلمات فی قوانین اهتمت بالمرأة باعتبارها نصف المجتمع. وکان الإمام الخمینی یؤکد فی مختلف کتاباته وخطاباته أن تاریخ البشریة لم یعرف دینا أو فکرا اهتم بالمرأة ومکانتها أکثر من الإسلام، حیث یرى أن نهضة المرأة لم تنطلق إلا بعد الإسلام، إذ تجسد ذلک فی تعالیم القرآن الکریم وأحادیث النبی محمد صلى الله علیه وآله وسلم وروایات أئمة أهل البیت علیهم السلام، فالمرأة تجد کرامتها حیث یکون الإسلام وتفقدها عندما یغیب الإسلام وأحکامه فی أی مجتمع. ویقول الإمام الخمینی رحمه الله: “ومع کل غیاب للإسلام عن المجتمع عبر التاریخ، تنحط مکانة المرأة، ومع کل إشراقة جدیدة له ترتفع مکانتها فی المجتمع مجدداً لترجع إلى إنسانیتها، لقد استعادت الیوم المرأة- هذا العضو الفاعل فی المجتمع- مکانتها إلى حد ما ببرکة النهضة الإسلامیة”(1 ). وقد بلغ اهتمام الإمام الخمینی بالمرأة أن جعل مناسبة ولادة السیدة فاطمة الزهراء علیها السلام یوما للمرأة الإیرانیة، وسبب اختیار هذا الیوم هو لأجل عظمة هذه الشخصیة التی تجسدت فیها جمیع معانی الإسلام وعظمته، ولم لا فهی ابنة خیر البشریة ونبی هذه الأمة محمد علیه وآله الصلاة والسلام، وزوجها هو الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام، وأبناؤها هما الحسن والحسین سیدا شباب أهل الجنة، کما أن اختیار هذا الیوم المبارک لأجل أن تقتدی المرأة الإیرانیة فی حیاتها وأخلاقها بهذه الشخصیة الإسلامیة العظیمة التی جسدت الإسلام وتعالیمه المقدسة فی شخصیتها فکانت المرأة القدوة.ویقول الإمام الخمینی فی إحدى خطاباته بمناسبة ذکرى ولادة السیدة فاطمة الزهراء: “اسعین فی تهذیب الأخلاق وادعون صدیقاتکنَّ إلى تهذیب الأخلاق، حاولن أن تبدینَ ردّ فعل مقابل الجنایات التی تحَمّلْتنَّها، واسعین فی حفظ کرامتکنَّ التی هی کرامة المرأة العظیمة، واقتدین بالمرأة الفریدة سیدتنا الزهّراء (س) وعلینا جمیعاً أن نأخذ تعالیمنا من الإسلام بواسطة الزهّراء وأولادها ونکون کما کانت هی، واسعین فی نیل العلم والتقوى، حیث أن العلم غیر منحصر بشخص معیّن، فالعلم للجمیع والتقوى للجمیع والسعی للوصول إلى العلم والتقوی وظیفتنا جمیعاً”(2) ویوضح سبب اختیار ذکرى ولادة الزهراء المرضیة علیها السلام یوما للمرأة فی إیران: “إن کان ینبغی أن یکون أحد الأیام یوماً للمرأة، فأی یوم أسمى وأرقى فخراً من یوم الولادة السعیدة لفاطمة الزهراء- سلام الله علیها- المرأة التی تعد مفخرة بیت الوحی، وشمساً فی سماء الإسلام العزیز، امرأةٌ فضائلها فی مصاف الفضائل غیر المتناهیة للرسول الأکرم وبیت العصمة والطهارة، امرأة کل من قال فیها وبغضّ النظر عن طبیعة نظرته إلیها لم یفِ بمدیحها، والأحادیث التی وصلت عن بیت الوحی فی حدود فهم المستمعین فهی بحر لا یستوعبه إناء، وکل ما قاله الآخرون کان بمقدار فهمهم لا فی حدود منزلتها، والیوم اکتسبت المرأة؛ هذا العنصر الاجتماعی المؤثر، مکانتها إلى حدٍّ ما بفضل النهضة الإسلامیة”.(3) ومن یقرأ تاریخ الثورة الإسلامیة فی إیران ونهضة الشعب الإیرانی من أجل الحریة والاستقلال یجد حضورا کبیرا للمرأة فی مختلف فصولها وأحداثها، فقد کان للمرأة حضورها البارز فی أحداث الثورة الإسلامیة حیث شارکت فی المظاهرات والمسیرات والاحتجاجات ضد نظام الشاه، وأسهمت بشکل کبیر فی انتصار الثورة الإسلامیة، وکان لخطابات الإمام الخمینی وکلماته دور کبیر فی مشارکة المرأة الإیرانیة بفعالیة فی أحداث الثورة والإسهام فی انتصارها، وبعد الثورة الإسلامیة انطلقت الدعایات المغرضة من الاتجاهات المعارضة سواء داخل إیران أو خرجها بأن النظام الإسلامی الجدید سیمنع عمل المرأة بحجة أنه حرام ومخالف لتعالیم الإسلام، وکان الغرض من نشر هذه الشائعات هو تنفیر الناس من النظام الإسلامی، وکان الهدف من نشر هذه الشائعات وترویجها بشکل واسع فی وسائل الإعلام المختلفة هو تشویه صورة الإسلام وتعالیمه، وأنه غیر قادر على ممارسة الحکم فی القرن العشرین، ولکن الذی حدث هو عکس ذلک، حیث انطلقت المرأة للعمل فی مختلف المیادین سواء السیاسیة أوالاقتصادیة أو الثقافیة أو الریاضیة وغیرها لأن کل من لدیه أدنى معرفة بالإسلام وأحکامه یدرک أن الإسلام لا یمنع عمل المرأة إذا ناسب شخصیتها وحفظ کرامتها مع الاحتشام ومراعاة الأحکام الشرعیة.ویقول الإمام الخمینی: “فلتعمل المرأة ولکن بالحجاب، لا مانع من عملها فی الدوائر الحکومیة ولکن مع مراعاة الحجاب الشرعی والحفاظ على الشؤون الشرعیة”(4). وهناک کلام رائع قرأته للإمام الخمینی ویدعو فیه المرأة للانخراط فی قضایا الساعة التی تهم المجتمع سواء القضایا السیاسیة أو الاقتصادیة أو الثقافیة، حیثیقول فیه “إنّ کل هذا التخلف والانحطاط ینبغی أن نقوم بمعالجته جمیعا ولا یمکن لأی أحد بمفرده أن یقوم بذلک، فإذا ظنت النساء أنّه لا بأس بجلوسهن جانبا حیث یقوم الرجال بهذا الدور، فهذا باطل، وعلى الأخوات اللواتی لم یتدخلن حتى الیوم فی قضایا الساعة أن یتدخلن، وعلى جمیع النساء والرجال أن یدخلوا فی العمل الاجتماعی والسیاسی وأن یراقبوا ویبدوا وجهات نظرهم(5)”. ومن القضایا التی تکررها ما تسمى بالمنظمات الدولیة کثیرا والتی تقف وراءها الولایات المتحدة الأمریکیة والغرب والکیان الصهیونی هو “تحریر المرأة”، وقد مارست کثیر من الأنظمة الاستبدادیة ومنها النظام الشاهنشاهی الکثیر من المظالم وقمع المرأة تحت هذا الشعار المضلل، ولکن قبل أن نناقش هذا المصطلح الذی أتى إلینا من الغرب لنسأل أنفسنا: ماذا یعنون بـ “تحریر المرأة” ؟ وعن أی حریة یتحدثون؟ وأی حریة یریدون؟ هل أنهم یریدون تحریر المرأة بالفعل، لکن تحریرها مِن مَن؟ من یتابع تاریخ هذه المنظمات والمؤسسات المشبوهة وتقاریرها یجد أنهم یریدون تحریر المرأة من دینها وعقیدتها، من عفتها وأخلاقها، من کل ما یربطها بوطنها ودینها وعاداتها وتقالیدها وأسرتها، وباختصار شدید یریدون المرأة أن تکون سلعة تباع وتشترى حسب المزاد وفی ذلک یقول الإمام الخمینی: “لو رأیتم النساء فی تلک الأوضاع التی کانوا یریدونها لهن باسم (تحریر النساء وتحریر الرجال) لأدرکتم أن کل ذلک لم یکن غیر خدعة وتضلیل، لم یکن الرجال أحراراً ولا النساء، ولا حتى الصحف أو الإذاعة، أو أی شیء آخر، لم تکن الحریة هدفهم مطلقاً، صحیح أن اسمها والحدیث عنها والدعایة لها کان یتردد بکثرة، إلا أن الحریة التی تقود شبابنا من الفتیان والفتیات إلى التیه والضیاع، أنا أسمی هذه الحریة التی کانوا یدعون إلیها بالحریة المستوردة.. الحریة الاستعماریة، أی الحریة التی تسود البلدان التی یریدون لها أن تکون تابعة، هذه الحریات یأتون بها هدایا(6)”.
المصادر: 1-من کلمة بمناسبة یوم المرأة بتاریخ 5-5-1980. 2- موقع “وکالة أنباء تقریب” الإلکترونی 3- صحیفة الإمام ج 11 ص 229 4- من حدیث فی جمع من علماء الدین وطلبة العلوم الدینیة فی قم بتاریخ 6/3/1979. 5- موقع الزکیة الإلکترونی- مقال بعنوان “ المرأة والعمل فی فکر الإمام الراحل” . 6-من حدیث فی جمع من عوائل الشهداء بتاریخ 17/9/1979. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 82 تنزیل PDF: 23 |
||||