دور عید النوروز فی تعزیز العلاقات الثقافیة بین البلدان | ||||
PDF (643 K) | ||||
عید النوروز هو أحد أکبر الاحتفــــالات القدیمــــــة للإیرانییـــــن. اذ یحتفــــل الإیرانیون کل عام ببدایة العام الجدید وقدوم النوروز. وهذا الاحتفال البهیج - الذی یحظی بخلفیة تاریخیة مشرقة، له ارتباط وثیق بالطبیعة وولادتها ونموها من جدید وکذلک ولادة جمیع الکائنات والبشر، والتبشیر بالعام الجدید -، یتعلق بإیران الآریة وایران الإسلامیة ایضا والاداب والعادات القدیمة الذی استوعبت علی مر آلاف السنین وخلال العصور المختلفة التی مر بها هذا البلد، أفضل الرموز البشریة والثقافیة والتی هی متجذرة فی اللاوعی الثقافی لهذه الأرض بحیث لا یمکن لأی جزء من تاریخ إیران أن یحتکرها. ان خلود واستمراریة احتفالات النوروز بین جمیع الشعوب الإیرانیة، رغم تنوع الأعراق واللغات والثقافات الفرعیة المحدودة، على مدى آلاف السنین الماضیة، یؤکد بأن هذا الاحتفال یحظی بقبول جمیع الإیرانیین من کل دین وعرق، وهو رمز للهویة والتکامل والتضامن القومی والوطنی.بین جمیع القومیات التی یتکون منها الشعب والأمة الایرانیة.. من هنا، إذا أردنا الدفاع عن حدود إیران الإقلیمیة للحفاظ على المصالح الوطنیة، ینبغی علینا احترام طقوسنا وتقالیدنا الوطنیة والثقافیة القدیمة والأصیلة ومعتقداتنا التی تعزز التلاحم والتضامن والوشائج الثقافیة والاجتماعیة فی مختلف المجتمعات. وقد أشار المفکر الالمانی المعروف ( بیرتولد اشبولر) الخبیر بالشؤون الایرانیة الى موضوع عید النوروز قائلا : "من بین الاحتفالات الإیرانیة القدیمة، کان الاحتفال برأس السنة الجدیدة (نوروز والذی یطلق عیه بالللغة العربیة النیروز) وأیضًا مهرجان الخریف (مهرغان) فی نهایة الصیف یُقام بشکل طبیعی وفقا للتقویم القدیم. و مع وصول الإسلام إلى إیران وانتشار هذا الدین فی مساحة واسعة من شبه القارة الهندیة إلى شمال إفریقیا، أتیحت الفرصة للنوروز لیصبح مشهورًا بین الشعوب غیر الإیرانیة أیضًا، ومن هنا فأن عید النوروز هو عید یتجاوز الحدود الجغرافیة والسیاسیة. اذن نوروز هو احتفال قدیم وعابر للحدود وهو رمز للهویة الثقافیة للساکنین فی الأراضی الإیرانیة الشاسعة وهو محور مشترک بین دول المنطقة. والناس الذین یعیشون فی هذه البلدان یعتزون بهذا الیوم الحضاری القدیم والطیب ویکرمونه بطرق مختلفة.والواقع ان الاحتفال الثقافی بالنوروز هو أحد القواسم الثقافیة والتاریخیة المشترکة التی یتم الاحتفال بها کل عام فی منطقة جغرافیة شاسعة من الهضبة الإیرانیة، من إیران وأفغانستان وطاجیکستان وترکمانستان وأذربیجان وأوزبکستان وقیرغیزستان وقسم من المناطق الکردیة. فی العراق وترکیا وسوریا، حیث یتم الاحتفال به کل عام وعلى نطاق واسع فی الیوم الأول من بدایة العام الجدید للسنة الهجریة الشمسیة،(الموافق لیوم ٢١ مارس) وهذا الاحتفال یتعتبر منصة مناسبة للتواصل الثقافی والتضامن والتعاون بین الدول المجاورة والمتاخمة لإیران. وبما أن التقارب المتزاید بین الدول سیضمن السلام والأمن العالمیین، من الضروری البحث عن العناصر التی تقلل من مستوى الاختلاف السیاسی وتزید من التقارب السیاسی. والقضیة التی یؤکد علیها أهم الخبراء والمنظرین من أجل تعزیز التقارب والتواصل السیاسی بین بلدان اقلیم التوروز هو الاهتمام بالقواسم السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة المشترکة. وإذا کانت هناک بعض القواسم المشترکة بین الحکومة والبلدان، فیمکن استخدامها کعناصرللتقارب. ولکن فی حالة عدم وجود قواسم مشترکة بین البلدان، ینبغی بذل الجهود لخلق مکونات وعناصر التقارب السیاسی. وعلى هذا الصعید، یحظى الاهتمام بالنوروز بأعتباره أحد القواسم الثقافیة الهامة المشترکة بین شعوب المنطقة بمکانة خاصة. فالتأسیس للتحالفات الإقلیمیة یتأثر فی الغالب بموضوعی الخصائص الجغرافیة والبیئیة، وکذلک الخصائص التاریخیة والثقافیة المشترکة. وعلى الرغم من حقیقة أن دول المنطقة والدول الثلاث الناطقة بالفارسیة یعنی (أفغانستان وإیران وطاجیکستان) هی جزء من منطقة جغرافیة واحدة ولدیها بعض الخصائص المتشابهة وتواجه أیضًا نفس التحدیات، فإن التقارب بینهم وخاصة فی المجال الثقافی یحظى بأهمیة متزایدة . من هنا فإن إقامة الاحتفال الدولی بعید النوروز یعتبر خطوة إیجابیة نحو تقدم وتطور وتعزیز الدبلوماسیة الثقافیة والعامة، وهذا الأمر بطبیعة الحال سیعزز التقارب الثقافی بین الأمم، وتسجیل النوروز فی الأمم المتحدة کعید عالمی سیعزز مجالات التبادل الثقافی ایضا. کما ان الاحتفال العالمی بالنوروز بجذوره الإیرانیة هو یوم لتجدید ذکرى تلاحم البشریة مع الطبیعة الذکرى التی احتفظت بمجد تقالیدها عبر القرون لأن إحیاء تقالیدها مرتبط بفکرة السلام، الصداقة والتضامن. تجدر الإشارة إلى أن هذا الیوم العظیم تم تسجیله فی قائمة التراث الثقافی والروحی لمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعلیم والثقافة (الیونسکو) فی مارس ٢٠١٨ وتم الاعتراف به من قبل الأمم المتحدة. فی النهایة، یمکن القول أن الطقوس العظیمة لهذا العید لا تلعب فقط دورًا کبیرًا فی تعزیزهویة وتضامن المجتمع الإیرانی الیوم، وانما یمکنها أن تکون حلقة وصل تربط بین کل من یحبون النوروز خارج الحدود الجغرافیة لإیران الیوم ویقیمون مراسمه. لأن الثقافة المشترکة والرموز الأسطوریة تلعب الدور الأکبر فی تضامن الأمم والشعوب، من هنا یحظى موضوع خلود واستمرار الطقوس القومیة والدینیة مثل احتفالات النوروز بأهمیة بالغة على هذه الصعید. بما أن التقارب المتزاید بین الدول سیضمن السلام والأمن العالمیین، من الضروری البحث عن العناصر التی تقلل من مستوى الاختلاف السیاسی وتزید من التقارب السیاسی. والقضیة التی یؤکد علیها أهم الخبراء والمنظرین من أجل تعزیز التقارب والتواصل السیاسی بین بلدان اقلیم التوروز هو الاهتمام بالقواسم السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة المشترکة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 220 تنزیل PDF: 104 |
||||