تنسب هذه الجمل إلى مبتکر شعار المرأة، الحیاة، الحریة، یعنی عبد الله أوجولان، مؤسس حزب العمال الکردستانی، أحد الأشخاص الذین ارتکب بأسم استعادة حقوق المرأة الکردیة أکبر الجرائم بحق النساء الأبطال والنجیبات للشعب الکردی.

ان کردستان أینما کانت، سواء فی إیران أو ترکیا أو العراق أو سوریا، فهی تحمل على جسدها جراح تاریخیة من اضطهاد الحکومات الاستعماریة والإمبریالیة، والنساء والأطفال الأکراد قد شهدوا لسنوات انتهاک حقوقهم الأساسیة من قبل دعاة حقوق الإنسان فی العالم. وبمناسبة الثامن من آذار ویوم المرأة العالمی، إلتقینا بالدکتور حسن رستکاربناه رئیس مرکز دراسات المعلومات والأمن فی جامعة الإمام الحسین(ع) وأجرینا معه حوار حول انتهاک الحکومات الغربیة لحقوق المرأة الکردیة وتبیان المواقف الحقیقیة لهذه الحکومات. ونأمل عبر هذا الحوار ان نبین جانب من جرائم دعاة حقوق الإنسان بحق النساء الأکراد.

 شکراً علی إتاحتکم الفرصة لإجراء هذا الحوار، کسؤال أول بشکل عام کیف تقیمون جرائم الحکومات الغربیة ضد المرأة الکردیة؟

ــ فیما یتعلق بجرائم الحکومات الغربیة بحق النساء والأطفال الأکراد، توجد هناک العدید من الوثائق التی تدل على ذلک. وبعض هذه الحالات تعود إلى ما قبل الثورة، فأسس وهیکلیة المنظمات الدیمقراطیة کانت قد بینت دخول المرأة فی هذا التنظیم بشکل محدود، ولکن أی امرأة کانت تعارض التعاون مع الحزب الدیمقراطی وحزب کومله کانت تتعرض لأقسى العقوبات. ومن بین التقاریر المتوفرة قبل الثورة، توجد هناک تقاریر تشیر الى صمود ومقاومة نساء مدینة سردشت امام الأعمال غیر الأخلاقیة التی کان یمارسها اعضاء حزب کومله وبالتالی استشهدت هذه النساء على ایدی هذه المجموعة. وبالمقارنة مع الدیمقراطیین، کان حزب کومله قد فتح مجالا اکثر لأستقطاب النساء الى المنظمة، حیث کان یستقطب ویجذب الفتیات إلى هذا الحزب بشعار الحریة واحقاق حقوق المرأة فی مواجهة الثقافة الاجتماعیة والأخطاء الثقافیة الشائعة فی المجتمع الکردی انذاک، ولکن ما کان واضحًا هو أن رؤساء وقادة جزب کومله کانوا یستقطبون النساء من أجل رغباتهم ونزواتهم الشخصیة. وعادة ما کانوا یحتفظون بالنساء إلى جانبهم باستمرار. وفیما اذا ابدت النساء بعد فترة من استغلالهن والاعتداء علیهن اعتراضهن واحتجاجهن، فأن السبیل الوحید الذی کان یتبعه قادة هذه الجماعات. للتستر على جرائمهم هو حذف هذه النساء جسدیا. وهناک موارد کثیرة تشیر الى ان عدد من الفتیات اللواتی کن قد تعرضن للاغتصاب والاعتداء من قبل قادة حزب کومله قد تعرضن للقتل فی مدن مریوان وبانه وسقز، ولم یکن الناس یتمکنون من الاحتجاج والاعتراض على هذه الظروف لأن الأجواء التی کانت سائدة انذاک فی المجتمع من قبل جماعة کومله کانت اجواء ملیئة بالرعب.

ویذکر انه قبل اندلاع الحرب، کانت الجهات والمؤسسات الدولیة الحکومیة وغیر الحکومیة وبعض الجماعات والأحزاب مثل الحزب الاشتراکی الفرنسی تدعم رسما الجماعات التی کانت ناشطة ضد الثورة الإسلامیة.

 فیما یتعلق بموضوع الدعم بعد انتصار الثورة حتى بدایة الحرب المفروضة؟ کیف کان یتم هذا الدعم؟ .

ــ بالطبع ان هذا الدعم قد ازداد بشکل کبیر بعد انتصار الثورة، وکان دعم هذه التنظیمات والأحزاب لدرجة أنه إذا کانوا یعقدون مؤتمرا، کان یمکن لممثلی هذه الأحزاب المشارکة فی المؤتمرات الدولیة، وقراءة بیاناتهم هناک واعلان مواقفهم ضد الجمهوریة الإسلامیة، وفی کثیر من هذه اللقاءات، کان ممثلوا هذه الأحزاب بصفتهم ممثلین عن الشعب الکردی یدافعون عن حقوق الأکراد وکانوا یقدمون معلومات کاذبة عن أوضاع الأکراد فی إیران وبقیة دول العالم الأخرى، وکان هذا فی الواقع دعم سیاسی من قبل الحکومات الغربیة لهذه الأحزاب. والنوع الآخر من الدعم کان تقدیم الدعم المالی والتسهیلات والعلاج، على سبیل المثال، کان الأطباء(أطباء بلا حدود) ملزمین بخدمة قوات هذه الأحزاب. ونحن لم نرى فی تلک الفترة ای نموذج یشیر الى أن الحکومات الغربیة أبدت رأیها او اتخذت موقفا ازاء الظلم والقمع الذی تعرض له الأکراد وأبنائهم. على سبیل المثال، تم القبض على رجل دین فی قریة بین مدینتی سقز ودیواندره من قبل حزب کومله، وبعد أسبوع من إطلاق سراحه وعودته إلى القریة، قاموا باغتیاله هو وابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات. ولم تتخذ الحکومات الغربیة موقفًا ضد أی من هذه الحوادث.

 کیف کانت مواقف هذه الحکومات تجاه المرأة الکردیة أثناء الدفاع المقدس وبدایة الحرب؟

ــ کان النظام البعثی فی العراق یهاجم المناطق السکنیة والمدنیة فی کردستان بلا هوادة وبشکل مستمر کما کان یقصف المدن والقرى باستمرار، ولم تتخذ الحکومات المدافعة عن حقوق الإنسان أی موقف ازاء ذلک.

 هل یعنی ذلک أن النظام البعثی العراقی والأحزاب الدیمقراطیة لم یکن لدیهما بروتوکول یضمن عدم استهداف النساء والأطفال للحرب؟.

ــ حتى لو کان لدیهم بروتوکول، کانوا من الناحیة العملیة سیتجهون نحو الحکومة البعثیة فی العراق وکان سیتم دعمهم من حیث السلاح والعتاد. على سبیل المثال، کانت إنجلترا تسلم قنابل النابال الى نظام البعث فی العراق، کماکانت فرنسا تسلمه مقاتلاتها الحربیة مثل المیراج، وکانت المدفعیة العراقیة بدورها تدعم هذه المجموعات. وفی کردستان، لم یکن یتم استخدام النیران العراقیة لضرب القوات المقاتلة، على سبیل المثال، فی مدینة بانة، لم تقوم القوات العراقیة بقصف ای معسکر او ثکنة عسکریة ولکنها کانت تستهدف وسط المدینة وقد انفجرت قنابل عدیدة ومختلفة بین اهالی المدینة. ومن هذه الجرائم التی لم تتکرر فی تاریخ الحروب وتعتبر فریدة من نوعها هی الحادثة النی وقعت یوم ١٥ خرداد فی مدینة بانه.

ففی ذلک الیوم تم استهداف النساء والأطفال الذین تجمعوا فی احد المنتزهات فی وسط مدینة بانه لإحیاء ذکرى الخامس عشر من خرداد(ذکرى الانتفاضة الشعبیة التی حدثت فی قم عام ١٩٦٣م) من قبل طائرات المیراج الفرنسیة التی کان قد تم تسلیمها لقوات النظام البعثی فی العراق، اذ بادر الطیارون الذین تم تدریبهم فی فرنسا باستهداف الناس،وبالنتیجة راح ضحیتها حوالی ٦٠٠ شخص من اهالی (بانه) فی لحظة واحدة، والعجیب أنه أی من الأحزاب السیاسیة الکردیة، ولا الحکومات الغربیة ولا حزب کومله ولا الدیمقراطیین لم یعترضوا على هذاالعمل الإجرامی المشین. حتى فرنسا، التی تتمشدق بحقوق الإنسان وسلمت هذه الطائرات الحربیة لصدام، لم تبدی أی اعتراض على صدام. ومثل هذه الحوادث قد وقعت کثیرا فی تاریخ الحرب فی کردستان، حیث تعرضت مدن مثل بانه ومریوان وسردشت وسقز وبوکان وسنندج ومهاباد للقصف أکثر من ٣٠٠ مرة خلال فترة السنوات الثمانیة للدفاع المقدس. حیث کان القصف یستهدف مراکز هذه المدن وبین السکان واستشهد اثناء ذلک عدد کبیر من النساء. وبحسب الإحصائیات المتوفرة، شکل النساء والأطفال نسبة مئویة کبیرة من بین ٥٠٠٠ شهید فی کردستان و ٧٠٠٠ شهید فی أذربیجان الغربیة و ١٠٠٠٠ شهید فی محافظة کرمانشاه،. . فمن کان یزود صدام بهذه الأسلحة؟ نفس هذه الحکومات التی تطالب بحقوق المرأة وحقوق الإنسان. یمکن رؤیة اساس وصحة هذا الکلام بسهولة بعد سنوات، عندما زعمت الحکومات الغربیة، بعد الإطاحة بصدام، أن لدیها مطالب مالیة من الحکومة العراقیة ازاء بیعها السلاح الیها خلال الحرب. فلم یکن مثل هذا الإجراء موجودًا فی العالم قبل بدایة الحرب ضد إیران، یعنی أن الدول التی تبیع السلاح کانت تستلم تکلفة السلاح أولاً، ثم تقوم بعد ذلک بتسلیمه، أما فی الحرب المفروضة ضد إیران کان یتم تقدیم الأسلحة الى النظام البعثی مقدما.

بشکل عام، یمکن القول أنه، ما یقرب من ٥٪ فقط من بین جمیع الصواریخ التی استخدمها النظام العراقی ضد إیران قد أصابت أهدافًا عسکریة فیما اصابت البقیة السکان، فی القرى والمدارس والمراکز التجاریة. وحتى الملاعب الریاضیة. وفی إیلام تم قصف ملعب کرة القدم الذی کان الشباب یمارسون الریاضة فیه، وبصورة عامةً کل جرائم صدام کانت خلافا للبروتوکولات العسکریة التی تنص على عدم استهداف المدنیین، لکن لم تحتج أی من الحکومات التی تدعی حقوق الإنسان على هذه الجرائم.

 هل استمر هذه الأمر حتى نهایة الحرب المفروضة على إیران؟

ــ نعم، إن ذروة انتهاکات حقوق الإنسان ضد المرأة فی الحرب المفروضة تعود الى الوقت الذی کانت فیه الحکومة العراقیة تمر فی ظروف غیرمواتیة فی الحرب وبدأت فی استخدام الأسلحة الکیماویة. حیث استلم العراق الذی لم یکن بلدا منتجا للأسلحة الکیماویة هذه الأسلحة من ١٧ دولة أوروبیة، ومعظم القنابل الکیماویة التی تم بیعها للنظام العراقی کانت من ألمانیا وإیطالیا وفرنسا وإنجلترا.

 هل تم استخدام هذه الأسلحة فی إقلیم کردستان؟

ــ نعم، کانت ذروة الهجمات الکیماویة العراقیة فی مدینة حلبجة، فالقوات الإیرانیة ومن أجل استقرار قواتها العسکریة فی الحرب وتوعیة القوات العراقیة بقوتها العسکریة، قررت الاستیلاء على جزء من المناطق الواقعة فی شرق وشمال مدینة السلیمانیة فی العراق،والتی کانت تضم حلبجة وطوزخرماتو، وسید صادق، وشانه دری والجزء الشمالی من سد دربندی خان، و فی هذه المناورة العسکریة تمکنت القوات الایرانیة بمساعدة المعارضین الأکراد للنظام البعثی. ، ان تحقق النصر بسهولة و لم یقبل النظام العراقی بهذه الهزیمة من هنا بادر بقصف مدینة حلبجة کیمیاویا.

 فی العملیات التی ذکرتها قلت إن جماعة المعارضة العراقیة تعاونت مع القوات الإیرانیة، ما هی هذه الجماعات؟

ــ شارکت فی هذه العملیة جماعات المعارضة الکردیة التی دعمت الجمهوریة الإسلامیة، مثل جماعة جلال الطالبانی وبعض الاحیان جماعة البارزانی التی کانت تقاتل النظام البعثی العراقی فی شمال کرکوک.

هناک نقطة فی قصف حلبجة بالکیماوی ینبغی الاشارة الیها، وهی أن صدام لم یستهدف المواقع العسکریة بل استهدف الناس والأحیاء السکنیة للأکراد حتى فی القرى والأریاف، وهناک وثائق کثیرة تشیر الى أن أکثر من ٦٠٠٠ شخص استشهدوا فی هذه المدینة(حلبجه)، وتزامنا مع قصف مدینةحلبجة، تم ایضا قصف مدینة سردشت والقرى والبلدات المأهولة بالسکان مثل قرى نجمار وسرنجمار ودره تفی وقرى أخرى تقع على طول الطریق الذی یربط بین مدینتی مریوان وسنندج، کل هذه القرى تم قصفها کیمیائیا. ویذکر ان کمیة المواد الکیماویة التی استخدمها صدام فی السنوات الثلاث الأخیرة من الحرب تصل أضعاف کمیة المواد الکیمیائیة التی تم استخدامها خلال الحرب العالمیة الثانیة.

فی غضون ذلک، احتج عدد قلیل فقط من الدول الأوروبیة على صدام وقالوا له لماذ استهدفت الشعب الکردی؟ والإشارة الواضحة للعرق الکردی فی هذا الاحتجاج یشیر الى ان هدف هذه الحکومات هو خداع الشعب الکردی، لیتمکنوا فی المستقبل أستغلال هذه الجمل لتحقیق أهداف ومصالح الأخرى.

ولدینا هناک ادلة على هذا القصف تبین مدى الظلم والقسوة التی طالت النساء والأطفال، وهذه الحکومات لم تعاقب صدام ولم تمتنع عن بیع الأسلحة الکیماویة له، بل استمرت فی بیع الأسلحة للعراق.

 الم یعترض أی من الاحزاب والفصائل الکردیة سواء حزب کومله او الحزب الدیمقراطی على قیام صدام باستخدام الأسلحة الکیماویة ضد النساء؟

ــ کلا، لا یوجد دلیل فی هذا المجال. هاتوا وثیقة واحدة تبین انهم احتجوا فیها على الهجوم الکیماوی على المدن الکردیة. فهذه الجماعات والاحزاب تدعی أنها تقاتل من أجل الشعب الکردی، کما انهم یزعمون بأنهم یقاتلون الجمهوریة الإسلامیة لأنها تضطهد الأکراد، لکنهم اختاروا الصمت امام الجرائم التی ارتکبها صدام فی سردشت، وبوالحسن، وقریة بادمجان وبانه ودزلی و امام القصف الکیماوی التی لازالت آثارها باقیة رغم مرور سنوات مدیدة، ولم یتفوهوا بکلمة واحدة فی الدفاع عن حقوق الشعب الکردی أو حقوق الإنسان.

 ثمة سؤال. عموماً فی الحروب الکلاسیکیة و حرب العصابات لایمکن الفصل بین الاهداف و المواقع العسکریة و غیر العسکریة، و من الطبیعی ان یکون النساء و الاطفال ضحایا هذا النوع من الحروب. و الحرب فی کردستان غیر مستثناة من ذلک. ربما لهذا السبب القتلى من النساء فی هذه الحرب أمر طبیعی.

ــ نحن اثناء عملیات التطهیر فی المناطق التی کنا نقوم بها، کنا نشاهد بکثرة کیف ان هذه العصابات و الاحزاب کانت تستخدم الناس کدروع بشریة. و اود ان اذکر لکم خاطرة فی هذا الخصوص. لدى تحریر و تطهیر الجادة التی تربط بین مدینتی بانه و سردشت، کان هناک تجمع کبیر لقوات العدو فی هذه القرى، و کانت القوات تشن قصفً مکثفاً. و فی ظرف خاص قرر الشهید الکبیر صیاد شیرازی قصف هذه المنطقة. و لهذا تم استئذان مندوب سماحة الامام الحاج السید موسوی، الذی قرر التوجه الى لقاء الامام الخمینی و اطلاعه على قرار قصف هذه القرى و المواقع التی یتحصن بها العدو. فأوضح سماحة الامام : اذا کان الناس متواجدین فی هذه القرى، فلا یحق لکم قصف هذه القرى تحت ای ظرف کان.

هذه هی المبادىء التی نؤمن بها. فنحن لم نحاول مطلقاً ـ تحت ای ظرف و أی عنوان ـ اللجوء الى استخدام الافراد کدروع بشریة، و کنا فی غایة الحرص على سلامة النساء و الاطفال. حتى فی مدینة سنندج کان العدو یصر على استخدام الناس کدروع بشریة.

ان تحریر سنندج فی اردیبهشت عام ١٣٥٩ (شمسی) کان فی وقت ان المجموعات المعادة للثورة کانت قد اتخذت من منازل الناس خنادق لها، فی حین انه لم یصدر عن قواتنا ایة طلقة قنبلة باتجاه منازل الناس. وعلیه فنحن کنا قد قبلنا بتقدیم ضحایا من بین قواتنا لئلا یلحق اذى بالاکراد الابریاء.

اثناء وقف اطلاق النار فی سنندج لمدة ٢٤ ساعة، تنبه الشهید البروجردی ان احدى النساء فی احد المنازل تواجه مخاض الولادة. حینها یأمر الشهید الکبیر احدى سیارات الاسعاف بأخذ المرأة المشفى لتضع حملها هناک. و اثناء عودة سیارة الاسعاف من المستشفى تتعرض الى قذیفة آر بی جی اطلقتها المیلیشیات الکردیة. فی وقت یعلم الجمیع ان ذلک یعتبر انتهاکاً للقوانین الدولیة فی زمن الحرب.

 بعد الحرب، وفی الوقت الحاضر، تتزاید فعالیات المیلیشیات فی محاولة لاستقطاب الفتیات و النساء، و لذلک دوافعه الخاصة بما فیها الترکیبة الثقافیة و المشکلات الاقتصادیة و. .. بالنسبة لکم کیف تنظرون الى ذلک؟

ــ خلال فترة الحرب و اثناء عملیة تطهیر المناطق المختلفة، ان الاوکار التی کانت تتحصن بها تشکیلات تنظیم (کومله) التی کان یطلق علیها (بنکه)، و تم الاستیلاء علیها من قبل مقاتلینا، لقد تم العثور فی جمیع هذه ـ البنکات ـ على وسائل و مستلزمات منع الحمل، و یدل ذلک على ان العلاقات الجنسیة و التعرض للنساء کان متداول داخل هذه التشکیلات. الملاحظة التی ارى من الضروری الاشارة الیها هنا هی، ان نظام الحکم الوحید ـ طوال المراحل التی مرّ بها الاکراد ـ الذی حاول التصدی الى بعض الثقافات الخاطئة و غیر اللائقة التی عرفت بها الثقافة الکردیة، و اتخاذ موقف ثقافی مناهض له، هو الجمهوریة الاسلامیة. ذلک ان لدى الاکراد تقلیداً وعرفاً یقال له أمرأة بـأمرأة. حتى ان تنظیمی کومله و الدیمقراطی لم یعترضا على هذا التقلید و العرف. و فی الاعوام الاخیرة حاول تنظیم (بزاک) ابداء ردة فعل ازاء هذا التقلید فی محاولة لخداع العوام. فی وقت ان الجمهوریة الاسلامیة و سماحة القائد المعظم، کانا قد اتخذا موقفاً رافضاً له واعتبروه منسوخاً.

و کان هذا التقلید ینص على الآتی و هو، اذا ما تزوجت فتاة احدى الأسر من أسرة أخرى، فانه ینبغی للأسرة الاخرى تقدیم فتاة الى هذه الاسرة وفقاً لاختیارها، و تزویجها الى رجل من هذه الأسرة دون الاخذ بالاعتبار رأی و موافقة الفتاة. و اذا ما توفی زوج هذه الفتاة فانه یتحتم علیها العودة الى أسرتها.

فی المناطق الکردیة تمارس ضغوط متزایدة ضد النساء من حیث العمل و المهام داخل المنزل، خاصة فی القرى و الاریاف. و على الرغم من ان هذه الضغوط قد تراجعت قلیلاً هذه الایام، الا أنها لازالت قائمة.

تنظیم (بزاک) یحاول انتهاز هذه الفرصة، سیما فی القرى و الاریاف داخل الاراضی الترکیة، التی کانت تعانی من تخلف و تأخر مقارنة بمناطقنا الکردیة، یحاول انتهاز الفرصة و شن حملات دعائیة واسعة ولفت الانظار الى اهتمامه بالنساء و الفتیات. ففی الوهلة الاولى اعلن ان المنظمة لا توافق على زواج و ارتباط شخص ما من شخص آخر. فتلک قضیة منکوبة. . المرأة حرة. . تحت عنوان حریة المرأة. . الزواج الثابت غیر موجود، بل هناک ارتباط حر، و مثل هذا یتعارض مع الثقافة الکردیة. فی منظمة ( بزاک ) لا تستطیع ان یکون لدیک أسرة، لابد لک من مغادرة المنظمة. رؤساء و زعماء (بزاک) باستطاعتهم اختیار أیة أمرأة، و لکن اعضاء المنظمة الآخرین لیس بوسعهم امتلاک مثل هذه العلاقات. بطبیعة الحال الفتیات و النساء هن عرضة للتحرش فی سیاق الترکیبة العامة للمنظمة. ان مثل هذا التوجه قد یبدو فی الظاهر جذاباً بالنسبة الى الفتیات اللواتی یتعرضن للضغوط داخل الأسرة و یخضعن لنظام هیمنة الأب، و یحقق لهن الحریة. و کنا قد شهدنا عن کثب التعامل المسیء و المهین الذی تتعرض له النساء فی بعض المناطق الکردیة، فکان ذلک عاملاً بارزاً ساعد فی استقطاب الفتیات و النساء.

بید ان هذه الاوضاع شهدت تحولاً بعد انتصار الثورة، و ساعد ذلک فی احداث تغییر جذری. على سبیل المثال، موضوع استهلاک الوقود و دخول الطاقة الى هذه المناطق، ساعد فی الحد من الضغوط التی تمارس ضد النساء فی سیاق اداء اعمالها المنزلیة و مهامها الأسریة.

 کیف تنظر الفصائل و الملیشیات الکردیة الى معنى و مفهوم شعار الحریة المطلقة للمرأة، و کیف یتسنى تعریف ذلک؟

ــ مفهوم الحریة المطلقة له تعریفه الخاص. فاذا ترید تعریف هذه الحریة بهذا النحو وهو باستطاعتک ان تفعل کل ما یحلو لک، و هذا یعنی ان امرأة ما اذا ارادت ان تکون عضو فی منظمة و تتزوج ایضاً، فهی حرة و تمتلک الارادة فی اختیار ذلک. و لکن الامر لیس کذلک. لأنه لا یحق لها ان تتزوج. و هذا بحد ذاته نوع من المحدودیة بالنسبة لاختیار النساء و انتهاک لحقوقها الاولیة.

 اذا ارادت المرأة الزواج، هل یحق لها بترک المنظمة؟

ــ کلا. فی الظاهر یقولون یجب ان تترک المنظمة، غیر ان ترک المنظمة اساساً لیس بالعمل السهل. خاصة بالنسبة لمنظمة ( بزاک ). النظام الاساسی لمنظمة بزاک ینص على، ان احداً اذا اصبح عضواً فی المنظمة لا یحق له ترکها. و هناک حالات متعددة تشیر الى ان نساء حاولن الخروج من المنظمة اختفین من الوجود، خصوصاً النساء اللواتی کن على علاقة مع الزعماء و القادة، و ذلک حفاظاً على معلومات المنظمة و الحد من ذیوعها. و فی هذا الصدد ألفت کتب عدید. على سبیل المثال، کتاب صدر عن علاقات عبد الله اوجلان بالنساء و محاولته استغلالهن لاشباع نزواته.

فی الظاهر یبدو ان هذه المنظمات تؤمن بالحریة، غیر انه لا یحق لک ان یصدر عنک ادنى اغتراض. خاصة الاعتراض على زعماء المنظمة. و لهذا وجدت الکثیر من الانشعابات داخل هذه الفصائل و الملیشیات. و کمثال یمکن ان نشیر الى خمسة انشعابات ظهرت فی الحزب الدیمقراطی فی ایران منذ عام ١٣٥٧ شمسی و حتى یومنا هذا. و هناک تصفیات کثیرة تجری داخل التشکیلات، و فی هذا الصدد نلفت الى الاختفاء الغامض لاسماعیل معینی. و ما یذکر ان انواع الاغتیالات و اسالیبها متباینة و مختلفة. و هذا الامر متعدد و متنوع الى حد کبیر بالنسبة الى (بزاک).

و ما یجدر ذکره هو، أنه لدى البحث عن خنادق (بزاک) و محاولة تطهیرها، تم العثور على کمیات کثیرة من وسائل منع الحمل. کما تم العثور قبل عدة سنوات فی مناطق اور امانات التی یتمرکز فیها تنظیم (بزاک)، على جسد امرأة اقدمت على الانتحار، و عثر الى جانبها على قصاصة کتبت فیها السبب الذی دفعها الى الانتحار، مشیرة الى تعرض زعماء التنظیم لها مرات عدیدة، بحث لم یعد بمقدورها تحمل کل هذه التحرشات و التجاوزات.

یشار الى ان هذا النوع من الممارسات شوهدت مراراً فی اعترافات قادة التنظیم. على سبیل المثال ان عبد الله مهتدی یحتج على ایلخانی بأنک اعتدیت على عدة فتیات و هو یعترف علیه ایضاً بالمقابل بارتکاب مثل هذه الافعال.

اما بالنسبة للنظام الداخلی لـ (بزاک)، لابد من الاشارة الى ان التنظیم و للحیلولة دون تمکن النساء من الاتصال و التواصل مع اسرهم، یحاول نقل الافراد و توزیعهم على فروع و شعب مختلفة. کمثال، ان امرأة یتم استقطابها من قبل بزاک فی ایران، إلا انها تتلقى دورات التدریب فی فرع ترکیا. و لا یخفى ان الـ ب ک ک لدیها تشکیلات مستقلة فی اربعة بلدان مما یساعدها فی اجراء تنقلات الافراد على نطاق واسع.

 فی الختام هل لدیکم ما تودون اضافته؟

ــ فی اوائل الثورة کان تعداد المدارس فی المناطق الکردیة قلیل جداً، و کان یتحتم على الفتیات الراغبات بالدراسة الذهاب من مدینة الى أخرى، و لذلک کن یتخلین عن مواصلة التعلیم. و الیوم فان اجواء التعلیم قد تغیرت تماماً، و ان الکثیر من النساء و الفتیات فی المناطق الکردیة الایرانیة دخلن المدارس و تعلمن و نجحن فی مواصلة تعلیمهن الى مستویات رفیعة، و بالتالی کان ذلک مدعاة للارتقاء بمستوى الوعی و الثقافة بالنسبة لهذه الشریح من المجتمع الایرانی.

و ما یجد ذکره هو انه لدینا الیوم فی المناطق الکردیة اکثر من ٥٠٠٠٠٠ جامعی فی مدینة سنندج فقط، و ان التقدم العلمی بین الفتیات یتفوق على الرجال. کما ان الاجواء باتت مناسبة لتوفیر فرص العمل للنساء فی هذه المناطق. و من المؤمل ان نشهد تلاشی بریق انشطة الفصائل و الملیشیات الکردیة مع تنامی مستوى الوعی الثقافی.

الجمهوریة الاسلامیة تکن احتراماً کبیراً لهذه القومیة. ففی برهة من التاریخ الایرانی، و فی عهد بهلوی الاول بالتحدید، لم یسمح للاکراد بارتداء الزی المحلی الخاص بهم. و على النقیض من ذلک تبذل الجمهوریة الاسلامیة الیوم ما بوسعها لاحترام التنمیة الثقافیة للاکراد و المساعد فی اشاعة نمط الحیاة الذی یرتأونه.

اخیراً بقی ان نشیر الى أن (بزاک) تحظى رسمیاً بالدعم السیاسی و المالی من قبل فرنسا و ألمانیا، و أنا على اطمئنان کامل من أنها تتلقى الدعم و المساندة من قبل الاستخبارات الاسرائیلیة ـ الموساد ـ. کما ان الدول الغربیة على اطلاع بالجرائم و المجازر التی یرتکبها هذا التنظیم، غیر انها تلتزم الصمت ازاء کل ذلک، سیما المنزلة المتدنیة التی تعانی منها المرأة داخل هذه التشکیلات، و محاولات استغلال النساء لاغراض جنسیة.