الحج مظهر للسلوک الدینی ووحدة المسلمین | ||||
PDF (1128 K) | ||||
﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْکَعْبَةَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ قِیَامًا لِلنَّاسِ﴾( المائدة: ٩٧) ﴿سُبْحَانَ الَّذِی أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِی بَارَکْنَا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیَاتِنَا -إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ﴾(أسراء:١) سید عبدالفتاح نواب ممثل الولی الفقیه فی شؤون الحج والزیارات و المشرف على شؤون حجاج إیران مما لا شک فیه أن المؤتمر العالمی للحج هو المظهر التام والعلنی للسلوک الدینی ووحدة المسلمین فی کافة المجالات. ولا تستطیع أی مناسک أو عبادة کالحج، أن تحفّز القوى الراقدة للأمة الإسلامیة للمضی فی طریق احیاء القیم الإسلامیة ومحاربة الآفات والأعداء اللدودین. من ناحیة أخرى، یمکن القول بحزم ویقین بأن الدعاة الحقیقیین للوحدة والتضامن الإسلامی هم المؤمنون المخلصون الذین الی جانب ممارسة العبادة والتحلی بالأخلاق جعلوا الجهاد بالأموال والأنفس قدوتهم و اسلوبهم الدائم ولم یشعروا ابدا بالخوف من الاعداء رغم کثرة عدتهم وأعدادهم. ویتمیز موسم الحج فی هذا العام بعدة میزات ضاعفت من أهمیته وحساسیته. من إعادة فتح طریق الحج بعد ثلاث سنوات وشغف المسلمین الذی لایوصف للمشارکة فی هذه الفریضة الجماعیة، إلى تنامی قوة المقاومة الإسلامیة فی مواجهة الهیمنة العالمیة وفشل الضغوط الظالمة للأستکبار على الجمهوریة الإسلامیة وإخفاقاتهم المستمرة فی ترکیع دول إیران والعراق ولبنان والیمن وفلسطین. وکم تنبأ الإمام بذکاء بالوضع الراهن فی فلسطین والعالم الإسلامی فی مواجهة الغزاة والمحتلین وقال"لقد کنت أذکّر المسلمین بخطر إسرائیل على مر السنین الطویلة، والآن زاد هذا العدو الغاصب من شدّة اعتداءاته الوحشیة....وإنی أطالب عامة المسلمین فی العالم والدول الإسلامیة بتوحید صفوفهم من أجل وضع حد لتجاوزات هذا العدو الغاصب وحماته. (صحیفة الإمام الجزء: ٩ صفحة : ٢٦٧) مع ذلک، لا زال العالم الإسلامی یعانی کما فی الماضی من استمرار معاناة الشعب الفلسطینی البطل و تهمیشه، وفی حین ینبغی أن تکون قضیة الحقوق الفلسطینیة الشعار الأساسی والمحوری والهدف الجازم لکافة الأمة الإسلامیة، ببالغ الحزن والأسی نری الایادی الغادرة و الخطوات التخاذلیة لجماعة جاهلة ومضللة من بین الدول المسلمة تسعی بما تحمله من روح الهزیمة و الاستسلام للمتغطرسین وتقدیم الخدمة لأسیادهم الی تطبیع العلاقات مع الکیان الصهیونی. وهم لایعیرون أی أهمیة للرأی العام لدولهم الذی یعبر عن رفضه للتطبیع بطرق مختلفة. بالطبع، فی هذا الصدد، یبقی الحل الوحید هو الوعی والتضامن والتعاضد بین أحاد المسلمین وکل الجهات والجماعات الأسلامیة الغیورة، ونأمل من خلال زیادة وعی المسلمین ازاء التداعیات السیاسیة والاقتصادیة والأمنیة للتطبیع أن یتم قریبًا قطع العلاقات مع هذا النظام المجرم المنتهک لکل القوانین. وفی هذا الصدد، وکما أکد سماحة القائد المعظم خلال لقائه بمسؤولی الحج، بإنه ینبغی ان یتم عبر الطرق المختلفة، بما فی ذلک الاتصالات والحوار والتواصل المنتظم والهادف مع المسلمین فی جمیع أنحاء العالم، وخاصة حجاج بیت الله الحرام، تبیین وتوضیح حقیقة الأمور وفضح عمق واتساع حجم المؤامرات والأفکار السیئة التی تحملها الصهیونیة الدولیة، ضد الأمة الإسلامیة ولاسیما الشعب الفلسطینی. وعلی الخصوص الضرر الثقافی والاقتصادی الذی سیوجه إلى جانب الضربات السیاسیة والأمنیة ضربة کبیرة الى کیان ونسیج الثقافة والمعیشة للمجتمعات الإسلامیة ونحن نشاهد علائمها فی قمع العمال المسلمین ونفوذ وتوغل الشرکات الصهیونیة فی المشاریع الاقتصادیة وکذلک فی تجهیز وإمداد الإرهابیین الذین یمارسون نشاطهم فی المناطق المحیطة بالخلیج الفارسی وفی العراق والیمن. ونظرا للإرشادات المهمة والاساسیة لقائد الثورة المعظم حول علاقات النظام المحتل مع الدول العربیة والإسلامیة وتداعیاتها الکارثیة الحتمیة، فمن المناسب بل ومن الضروری أن یتخذ جمیع المسلمین المحورین التالیین بنظر الاعتبار وتسلیط الضوء علیهما والترویج لهما عبر العمل التبلیغی والاعلامی؛ الأول: الأضرار والمخاطر الثقافیة والسیاسیة والعسکریة لعملیة تطبیع العلاقات وأضرارها المتزایدة التی سیتعرض لها المسلمین بسبب روح الغدر التی یعرف بها الصهاینة وعدائهم للإسلام. ثانیاً: ان المحرک الرئیسی الذی یقف وراء أقامة العلاقات،هی الضغوط الامیرکیة وضغوط نظام الاستکبار ولیس الحاجات والمصالح الاقتصادیة والسیاسیة للدول الإسلامیة. ازاء هذه الصحوة العالمیة، نلاحظ ان قائد الثورة المعظم بأعتباره مرشد إیجابی، قد أکد بذکاء على نظریة التعایش واستراتیجیة التفاعل والتواصل بین القبائل والأعراق والأدیان والمذاهب وبین الشعوب الإسلامیة وحتى غیر الإسلامیة، ونظرا للمؤامرات الصغیرة والکبیرة التی خطط لها المستکبرین فی أماکن وأنحاء مختلفة من العالم الإسلامی، فأن هذه الارشادات کانت مفیدة وملهمة للغایة فی السنوات الأخیرة. لذلک یجدر بالمفکرین والعلماء المسلمین ونخبهم دراسة وصیاغة استراتیجیات وأدوات هذه الوحدة الاستراتیجیة وهذا التعایش الشامل، بالاعتماد على المبادئ القرآنیة والتاریخیة، حتى لا ینخدع المسلمون بسهولة من الان فصاعدا بالأعلام المنافق المثیر للتفرقة والتشرذم، ویجعلوا رایة الأمل والعزة تهتز فی العالم الإسلامی امام جبهة الکفر والنفاق. من ناحیة أخرى، وبالنظر إلى الدروس الثلاثة الهامة للحج من وجهة نظر قائد الثورة، وهی التعایش، والعیش البسیط، والسیطرة على النفس وحفظها من الانجراف وراء ملذات الحیاة، یجدر ان یتم اجراء حوارات ودراسات متواصلة وشاملة علی شکل مجلات وکتب ومؤتمرات شعبیة وعلمیة حول هذه المحاور، وخاصة المحور الأول یعنی أنماط التعایش بین الأدیان والمذاهب ومعرفة الأنماط والنماذج المرغوبة وغیر المرغوبة، والسیر التاریخی للتعایش وعدم التعایش بین المسلمین. وبما أن القائد المعظم للثورة الإسلامیة قد اعتبرعلی هذا الصعید، بان الاتصالات الجیدة والمفیدة مع حجاج البلدان الأخرى والأستفادة من الآیات والتعالیم القرآنیة والقراء الجیدین تعتبرمن ممهدات تعزیزالوحدة، فمن الجدیر ان یتم المزید من التنسیق بین هذین الرکنین فی مجال الأنشطة الأعلامیة وان یتم فی معظم البرامج، وخاصة الحوارات والاجتماعات والملتقیات والمؤتمرات، قراءة ومناقشة الآیات المناسبة والمواضیع والأبحاث وطرحها بشکل موثق بالأدلة والوثائق التفسیریة والروایات حتی تمتزج الحکمة العقلانیة بالمعرفة القرآنیة. وفی الختام نظرا الی ان سماحة آیة الله الخامنئی اعتبر الحج مظهرا لوحدة الأمة الإسلامیة وقال: "یجب توظیف جمیع المساعی والجهود حتى لا یحدث أی خلل فی قضیة وحدة المسلمین". من هنا ینبغی علی الباحثین والمبلغین والأعلامیین وأهل العلم والثقافة ان یقوموا بالتخطیط وبمبادرات علی نطاق أوسع لإثبات فوائد التقارب وأضرار ومخاطر التباعد والانفصال فی صفوف الأمة الإسلامیة، وان یتم تشکیل جبهة کبیرة من العلماء والنشطاء المؤمنین بوحدة الأمة امام المعارضین الجهلة المتأثرین بالتیارات الباطلة الذین یهتفون شعارات تدعو للتفرقة، لتوعیتهم وهدایتهم حتى تفشل الجهود الرامیة لأثارة التفرقة ویتبدد الحلم البریطانی القدیم الذی یحمل شعار(فرّق تسد). ومما لاشک فیه ان فی هذا المسیر الساطع والمجال الحساس، وبالاتکال على القوة الإلهیة والسواعد القویة لأبناء الأمة الإسلامیة، سوف لن یبقی الشعب الفلسطینی المظلوم والأبی بلا ناصر ومعین، وسنشهد قریباً بمساعدة ومشارکة المؤمنین والمسلمین والأحرار فی العالم تعاظم قوة هذا الشعب وانهیار النظام الصهیونی الزائف. وفی الختام أود أن أعبر عن شکری لجمیع هؤلاء الذین ساهموا فی اعداد و اثراء و نشر هذه المجلة و أتمنی أن تؤثر استراتیجیة التوعیة الشاملة الی تماسک أکثر فی رص صفوف المسلمین وتوحید القوى المؤمنة الابیة و الشجاعة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 397 تنزیل PDF: 145 |
||||