الإمام الخمینی ..إرادة صلبة لم تعرف التهاون والتراجع | ||||
PDF (171 K) | ||||
الإمام الخمینی ..إرادة صلبة لم تعرف التهاون والتراجع إلهام هاشم عَبَر تاریخ نضالاتِ الشعوب فی العالم، تتألَّق دوماً أسماء شخصیّاتٍ هی فی الحقیقة تجسیدٌ حیٌّ وبلورةٌ واضحةٌ لإرادة الجماهیر الشعبیة. وفی صفحات تاریخ النضالات الإسلامیة التی خاضها الشعبُ المُسلم فی اِیران، یبرزُ اسمُ الإمام الخمینی، ناصعاً متألَّقاً، بوصفهِ العلامة المُضیئة للحریّة، والتجسید الحیّ للتحریر والاِنعتاق. وتُظهرُ لنا صفحاتُ تاریخ نضالات الشعوب، کم هی قلیلة تلک الشخصیات التی وقفت موقفَ الردّ والرفض أمام جمیع المستعمرین. تلک الشخصیّات سارت قُدُماً نحوَ اَهدافها، بالاعتماد فقط على قُوَّة الایمان والعقیدة، ثُمَّ على شعوبها المُحتضنة لها. والإمامُ الخمینی، هو مِن هذهِ القِلّة النادرة، الذی وُفِّق لاِن یشُقَّ طریقه، وأن یقودَ الکفاح والنَّضال، ضِدّ الدکتاتوریة والإستعمار، خلالَ السنوات الماضیة. فی الوقت الذی کان فیه النَّضالُ، على طریق التحرّر والخَلاص مِن هیمنةِ القِوى العُظمى والمُستَعمرین، یُعتَبَر جُهداً شاقاً جدّاً، أمّا سماحته، فقد تمکّن بکُّل إقتدار، أن یقودَ مسیرةَ النّضال حتّى النصر، دونَ أن یقبل التحالُف والمساومة مع التنظیمات والمجموعات السیاسیّة المختلفة. یقول الشهید الاستاذ مطهری – الذی یُعتبر من جملة کبار علماء الإسلام – عن الإمام الخُمینی فی کتابه (الحرکات الإسلامیةُ فی المئة سنة الماضیة) مایلی: إن إسمهُ وذکراهُ وسماع أقواله، وإن نفسه الثائرة والمتاجّجة وإرادته وعزیمته الفولاذیتین، و صموده وشجاعته الثاقبة، وإیمانه القوی، کلها أمور یُردّدها العام والخاص. أی أنه روح الأرواح، وبطل الأبطال، وقرّة عین الشعب الإیرانی، وروح الشعب الغالیة. هو الأستاذ الکبیر والجلیل، سماحةُ آیة الله العظمى الخُمینی الذی أنعم الله به علینا فی قرننا وزماننا هذا. وإنه لمصداق بارز وبیّن، للقول بأن لله فی کُلّ خَلَفٍ عدولاً، ینفون عنه تحریف المبطلین. فقیادة الإمام الخمینی، نَفَخت الروح الثوریة فی الشعب الإیرانی المسلم، وأنّ ملامح زعامته، نادراً ما توجد فی الزعامات التاریخیة للعالم. إن تعبئة الشعب بدون وجود تنظیمات ومؤسسات حزبیة، مثلما حصل من خلال الثورة الإسلامیة فی إیران، هی مِن صُلب طبیعة العقیدة الإسلامیة وزعامة الإمام الخمینی. ولقد وفّر سماحتهُ، الارضیة المناسبة للثورة، منذ شهر یونیو – حزیران عام 1963، وأحیا الحماس الثوری فی نفوس أبناء الشَعب، واستطاع أن یَخلق من إنتفاضة الثانی عشر من محرم الحرام عام 1374 هجری، ثورة عارمة إنتهت إلى النصر فی عام 1979. وإن تعبئة المواطنین خلال هذه الفترة، کانت عملاً هاماً جداً، وإن فضح أعمال حکم الشاه المعزول، وتبعیة الحکومة الإیرانیة لأمریکا وإسرائیل وإلى الغرب بوجه عام، کان من جملة الأعمال التی إستطاع الإمام الخمینی أن یقوم بها لصالح الشعب الإیرانی. وعلى الرغم من الدعم الجماهیری والشعبی الذی یحظی به سماحته، فإنّه یُردّد دائماً بأنّه طالبُ علمٍ بسیط، مما یبرهن على تواضعه العمیق تجاه الشعب. وحینما یتحدّثُ الإمام الخُمینی، فکَأنّه یتحدث بالنیابة عن کل الشعب، وله إلمامٌ تامُ بجمیع الآلام التی عانی منها خلال السنوات المظلمة الماضیة، ویُشعر بکل وجوده بکل هذه الإحباطات وصنوف الحرمان. وتعاملٌ سماحته مع القضایا السیاسیة، على ضوء مواقفه منها، والتی تختلف تماماً عما یُعبّر عنها بالمفاهیم الحدیثة، أنه مدعاة للتأمّل. فالإمام یواجه کل القضایا، إنطلاقاً من نظرةٍ إسلامیة، لأنَّ القوانین الإلهیة والإسلامیة عنده، هی أهمُ من أی قانون آخر. وإن استمراریة أقوال وآراء الإمام الخمینی، هی من جملة المزایا البارزة الأخرى التی یتحلّى بها سماحته، إذ لم یُغیّر نهجهُ الفکری حول قضایا خاصة إطلاقاً. فمثلا کانَ الإمام یرى منذُ البدایة، أن نظام الشاه المعزول هو نظام تابع لأمریکا، ونظام یصون مصالح إسرائیل، ولم یتغیر رأیهُ هذا إطلاقاً، خلال السنوات الطویلة التی قضاها فی المنفى. وموقف الإمام الخمینی تجاه قضیة فلسطین، والعالم الإسلامی، کانَ محدّداً ومعروفاً منذ سنوات مضت، ولم یتأثّر هذا الموقف بأیة واقعة أو حادث. وإن حَسمَه ولهجتَه الصَریحة فی کُلّ قضیة، یُثیران الإعجاب والتقدیر، ولقد دعا سماحته المستضعفین فی العالم إلى الإنتفاضة دوماً، وقد سُمّی هذا القرن بقرن إنتصار المستضعفین على المستکبرین، والحق على الباطل. ویؤکّد دائماً: أننا بدأنا نضالاً ضاریاً، ومتواصلةً ضد آمریکا، آملین أن یَرفع أبناؤنا رایةَ التوحیدِ فی العالم، مُتحرّرین من ربقَة الظالمین. کما أن تفهمه العمیق، وموقفه المحدّد تجاه الاحداث، هما من جملةِ العوامل التی تُبرز دور زعامة الإمام الخُمینی. کما أن دوره المعنوی فی المجتمع الإیرانی الراهن، یشکّل أهمّ جانب من جوانب الثورة الإسلامیة. وقد إستطاعَ بجهوده المتواصلة، وتفانیه خلال سنواتٍ عمرهِ الطویل، وما لقیه من نفی وسجن واعتقال، أن یخلق من العقیدة الإسلامیة ثورةَ قادها حتى النصر...ثورة تنطوی على الجوهر الخالص للإسلام، وإن هذا لَهُو من الأمجاد التی یجب أن یتفاخر بها العالمُ الإسلامی، کما أنه حدثٌ جلیل لم یَر العالمُ مثله منذُ سنواتٍ طویلةٍ. والنهج الفکری الذی کان یتبعهُ سماحُتُه، من شأنٍه أن یُحدث ثورةً عالمیة، یوحی من القیادة الإسلامیة الشاملة، وأن یفتح الطریق أمام المستضعفین. ومن جملة المزایا التی کان یتحلّى بها، هو عدم التبعیة الفکریة التی أوجدت فی نفسهِ استقلالاً روحیاً وعقائدیاً، بحیث یمکن القول بأنّ نهجه الفکری هو ثورةٌ ثقافیةُ فی حدّ ذاته، وأنّ المعاییر التی یَزنُ ویُقیم بها الوقائع هی مبتکرة وفریدة من نوعها حتى الآن، وهی کلها لصالح المستضعفین فی العالم. ونضالُ الإمام الخُمینی، هو نضالُ المستضعفین فی العالم، وهو نضال یخوضه کل فرد رازح تحت نیر الإستغلال والإستعمار. وإن إهتمام سماحته بأمور المظلومین فی العالم، مردّه إلى إسلوب التفکیر الذی یتوفّر علیه، وإلى الخصوصیة الشمولیة للعقیدة الإسلامیة الحقّة، التی باستطاعتها خلق الثورات.وإن الأسالیب المطروحة فی الإسلام، تستطیع أن تفتح الطریق أمام الجمیع، وأن تُقیم نظماً إجتماعیة جدیدة، وأن تفرض مفاهیم جدیدة. إن الثورة التی قامت فی إیران بزعامة الإمام الخمینی، إستطاعت أن تُغیر جَمیع المفاهیم السابقة، حول الثورات وأسالیب النضال، لتأتی بقوالب جدیدة بدیلة. وأن المعادلات التی طرحتها سائر المبادیء، لم تستطع أن تُبرّر الثورة الإسلامیة التی لم تشمل إیران، وغیّرت نظامها الحکومی وهیکلیتها الإجتماعیة والثقافیة فحسب، بل أوجدت ثورة على مستوى العالم أیضاً، وأفرزت مفاهیم وأسالیب جدیدة. إن تعامل الإمام الخمینی مع القضایا، وإستمراریة زعامته، قد سَدَّا الطریق بوجهِ أیَّ نوع من أنواع التبعیة.وقد أفزع هذا التلاحم الشعبی مع علماء ورجال الدین، بوصفهم حماة الشعب من جهة والتصور السیء الذی یمتلکه الشعب تجاه رموز النظام الشاهنشاهی والشاه الخائن، بوصفهم عملاء لأمریکا.کل ذلک أفزع السلطة الحاکمة، فالشاه الخائن لم یکن بمقدوره على ضوء تواجد رجال الدین المناضلین الذین بذلوا جهوداً عظیمة عبر سنوات طویلة، من أجل خلاص الشعب من ربقة الإستعمار، ولم یکن بمقدوره أن یُطبّق السیاسات الإستعماریة، خاصة وأنه کانت أمامه مهام أخرى، موکَلَة إلیه من قبل الرئیس الآمریکی فی ذلک الوقت. نعم کان من أهم مُعارضی خطته التی سُمیت بالثورة البیضاء، هم رجال الدین وعلى الأخص الإمام الخمینی، إذ فی ظل تواجد هؤلاء، کان من الصعب على الشاه أن یحقق سیاساته، ومن هنا فقد بادر إلى توسیع خططه المضادة للإسلام. یقول الإمام الخمینی: إن إسرائیل ترید ان تقضی بواسطة عملائها على کل من یقف حجر عثرة فی طریقها، فالقرآن حجر عثرة یجب إزالته، ورجال الدین هم أیضا حجر عثرة یجب تدمیرهم، والمدرسة الفیضیة وسائر مراکز العلم والفکر هی سدود یجب هدمها. ومن الممکن، أن یصبح طلاب العلوم الدینیة سداً فی المستقبل، فیجب قتلهم الآن حتى تستطیع إسرائیل من تحقیق مصالحها. وإن الحکومة الایرانیة فی إنجرافها، وراء النوایا والمخططات الإسرائیلیة، قد وجّهت وتُوجّه لنا الإهانات. إن الکلمة الصریحة والواضحة التی ألقاها الإمام الخمینی کشف بها کذلک عن طبیعة النظام العمیل لأمریکا وإسرائیل، ممّا اثارت سخط الشاه المقبور، والتی حدت به الى إتخاذ موقف التصدی. وفی الیوم الحادی عشر من فبرایر – شباط عام 1979، وقَعتَ القیادات الهامة لنظام الحکم البائد فی أیدی الشعب. و بذلک، تحقق فی هذا الیوم، إنتصار الشعب، وتمکّن الإمام الخمینی من أداء رسالته التی حمّلها إیاه الشعب الإیرانی المضطهد، فی تحریره من ظُلم وتعسّف النظام الشاهنشاهی، وإستمر فی منح إرشاداته وتوجیهاته القیّمة، حتى وبعد قیام النظام الجمهوری الإسلامی فی البلاد. فسماحته أمضى سنّی عمره الطویل، فی إسداء الخدمة للإسلام وللأمة الإسلامیة، وواصلَ مُنذُ عهدهِ بانتساب مساعیه وتفانیه وتضحیاته فی سبیل مکافحة الظلمٍ والظالمٍ، ولم یُثنه أیّ مانع أو رادع، عن إرادته الفولاذیة، فی تحقیق هدفه السامی، فی إقامة حکومة إسلامیة، واقرار نظام قائم على العدل فی إیران. ولم یقبل سماحته بعد إنتصار الثورة الإسلامیة، بأن یتولّى أی منصب أو رتبة حکومیة، بل اکتفى بکونه المرشد والموجّه للأمة الإسلامیة الإیرانیة، وإسداء النصح لأعضاء الحکومة، أی أنه إستمر فی القیام بدوره الروحی والمعنوی، أی نفس الدور الذی کان یقوم به قبل الثورة. إن الحسم والصمود، اللذین یتحلّى بهما الإمام الخُمینی، فی مواجهة المؤامرات ومخططات الأجانب، وخاصة الإمبریالیة الأمریکیة، أّدّیا إلى الدفع بالثورة الإسلامیة أشواطاً بعیدة إلى الأمام، والسیر على طریقها المرسوم، متخطّیة کل العقبات والعثرات التی أوجدها المستعمرون وعملاؤهم. بل، أن عدم التبعیة، وعدم المساومة والتهاون، ونبذ التوجیهات التی هی لغیر صالح الشعب، والتباری للدفاع عن أحکام الإسلام، هی من الصفات والمیزات التی یتحلّى بها سَماحته. ولم ینس الإمام الخُمینی أبناء شعبه المسلم لحظة واحدة، منذ إبعاده ونفیه إلى خارج الوطن سواء حینما کان فی ترکیا أو فی العراق، وبقی یقود الشعب عبر بیاناتهِ ونداءاته وفتاویه، وکان یتخذ مواقف حاسمة تجاه أی حدث مصیری یقع فی إیران، وبقی وفیاً لإلتزاماته أمام الشعب الإیرانی. لقد خاطب سماحتُه أحد مسؤولی الحکومة البعثیة العراقیة الذی جاء للقاء سماحته قائلاً: أن لکم التزامات تجاه شاه إیران ولی أیضاً التزامات تجاه الإسلام الذی لا یُضحّی بمصالحه من أجل أشخاص مثل الشاه المعزول وصدام، واستمرّ الإمام على هذا النهج السّوی ولم یغمض العین عن مصالح الإسلام إطلاقاً. سوتیتر : v لقد وفّر سماحتهُ، الارضیة المناسبة للثورة، منذ شهر یونیو – حزیران عام 1963، وأحیا الحماس الثوری فی نفوس أبناء الشَعب، واستطاع أن یَخلق من إنتفاضة الثانی عشر من محرم الحرام عام 1374 هجری، ثورة عارمة إنتهت إلى النصر فی عام 1979. v حینما یتحدّثُ الإمام الخُمینی، فکَأنّه یتحدث بالنیابة عن کل الشعب، وله إلمامٌ تامُ بجمیع الآلام التی عانی منها خلال السنوات المظلمة الماضیة، ویُشعر بکل وجوده بکل هذه الإحباطات وصنوف الحرمان. v من جملة المزایا التی کان یتحلّى بها، هو عدم التبعیة الفکریة التی أوجدت فی نفسهِ استقلالاً روحیاً وعقائدیاً، بحیث یمکن القول بأنّ نهجه الفکری هو ثورةٌ ثقافیةُ فی حدّ ذاته، وأنّ المعاییر التی یَزنُ ویُقیم بها الوقائع هی مبتکرة وفریدة من نوعها حتى الآن، وهی کلها لصالح المستضعفین فی العالم. v یقول الإمام الخمینی: إن إسرائیل ترید ان تقضی بواسطة عملائها على کل من یقف حجر عثرة فی طریقها، فالقرآن حجر عثرة یجب إزالته، ورجال الدین هم أیضا حجر عثرة یجب تدمیرهم، والمدرسة الفیضیة وسائر مراکز العلم والفکر هی سدود یجب هدمها. v إن الحسم والصمود، اللذین یتحلّى بهما الإمام الخُمینی، فی مواجهة المؤامرات ومخططات الأجانب، وخاصة الإمبریالیة الأمریکیة، أّدّیا إلى الدفع بالثورة الإسلامیة أشواطاً بعیدة إلى الأمام، والسیر على طریقها المرسوم، متخطّیة کل العقبات والعثرات التی أوجدها المستعمرون وعملاؤهم.
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 762 تنزیل PDF: 357 |
||||