دور الإمام الراحل ووارثه الخامنئی فی تثبیت مکانة المرأة المسلمة | ||
دور الإمام الراحل ووارثه الخامنئی فی تثبیت مکانة المرأة المسلمة ما شهدته إیران قبل 38 عاماً من ثورة إسلامیة عظیمة، وإقامة نظام مقتدر وشجاع ومتطوّر متمثّل بالجمهوریة الإسلامیة الایرانیة، یحتاج إلى بحث وتحقیق یستوعب مساحة هامة فی تحلیل وتدوین الوضع الحالی للإسلام المعاصر، وخاصة فیما یتعلق بالمرأة المسلمة فی إیران وعموم المنطقة. فالمرأة عند الإمام الخمینی (قده)، مظهر تحقّق آمال البشریة، وهی مربیة النساء والرجال الأفاضل، ومن حضن المرأة یسمو الرجل فی عروجه، فهو مهد تربیة نساء ورجال عظام[1]. ومن أحادیث الإمام أیضاً بحق النساء: تربی النساء فی أحضانهن الرجال الشجعان. إن القرآن الکریم یربی الإنسان، والمرأة أیضاً تربی الإنسان[2]. ولذا، فإن المرأة فی فکر الإمام الخمینی الراحل تحتل موقعاً مرموقاً، فهومنحها دوراً کالقرآن فی تربیة الإنسان، وهذا الموقع لم یبقِ نظریة فی فکر الإمام الخمینی بل جسّدته المرأة بدورها غداة الثورة الإسلامیة فی إیران منذ عام 1979 ، والتی هی منطلق الصحوة الإسلامیة فی العالم، وذلک من خلال ما مُنحت من حقوق مارستها على أرض الواقع ووصلت بالمرأة إلى مراتب عالیة ومتقدّمة أتیحت لها فی مسیرتها الحیاتیة. ومن أقوال الإمام الخمینی (قده) فی هذا السیاق: نحن نفخر بأن النساء بمختلف الأعمار متواجدات زرافات ووحداناً فی الساحات الثقافیة والإقتصادیة والعسکریة، ویبذلن جهداً جنباً إلى جنب مع الرجال، أو متقدّمات علیهم، على طریق اعتلاء الإسلام وأهداف القرآن الکریم[3]. اما السیِّد الخامنئی، فیرى: إنّ دور النساء فی الثورة کان دوراً أساسیاً وخلال الحرب کان دورهنّ مصیریاً، وسیکون دورهن فی المستقبل مصیریاً إن شاء اللّه... فالمرأة فی حال الجهاد الدفاعی – (هو الجهاد الذی تکون المعارک فیه نتیجة هجوم الأعداء على المسلمین وتهدیدهم لهم) – کما هو قائم الیوم، فإن واجب الجهاد یتوجّه إلى جمیع المکلّفین سواءً کانوا رجالاً أم نساءً، بل یجب علیهم حمل السلاح والمواجهة إذا تطلّب الدفاع ذلک. ما هو دور النساء فی حرکات النهضة الإسلامیة؟ ومن تجلیاته، التجربة الإسلامیة فی إیران والتی برهنت على إمکانیة النهوض بواقع المرأة على قاعدة المرجعیة الإسلامیة، بحیث أُتیحت لها مجالات المشارکة فی قضایا الشأن العام على نطاقات واسعة، ولم تعد هناک ای مقومات فی طریق تقدّمها وارتقائها. ویُعتبر واقع المرأة الایرانیة الأکثر تطوراً وتقدماً، مقارنةً بالعدید من البلدان العربیة والإسلامیة، الوضع الذی نفترض من خلاله ضرورة أن یُعاد النظر فی التشکیکات والإشکالیات المثارة حول جدلیّات الدین والمرأة فی نطاق الحقوق والمشارکة العامة، وحول ما یتصل بقضایا التقدّم الاجتماعی. فالمرأة الإیرانیة شارکت بالنهضة فی بلادها فی النشاطات الاجتماعیة والاقتصادیة والعسکریة منذ العام 1979 إبان الثورة وما زالت حتى الآن، فهی نزلت الى الساحات بقوة وهتفت بسقوط الشاه وکان لها ما أرادت. والشاهد على ذلک خطاب الإمام الخمینی، وهذه مقتطفات منها: ان النساء المتلقیات للتربیة إسلامیة، نزلنَ إلى الشوارع، وحملن أرواحهن على الأکف وقدن النهضة إلى النصر. إننا نعتبر نهضتنا مدینة للنساء، فالرجال کانوا ینزلون الى الشوارع اقتداءً بالنساء، فهنّ یشجّعن الرجال وکنّ دائماً فی مقدمة الصفوف... ینبغی للمرأة أن تتحلّى بمثل هذه الشجاعة. وبحمد الله إن نساء عصرنا یتشبّهن بهذه المرأة، إذ وقفن فی وجه الطاغیة شاهرات قبضاتهن الحدیدیة والأطفال على صدورهن، وساهمن فی النهضة[4]. :(فأنتم الیوم لا تجدون مدینة أو قریة تخلو من الجمعیات الثقافیة والتعلیمیة التی تضم بین صفوفها النساء الملتزمات والمسلمات المکرّمات، وإن النهضة الإسلامیة هی التی أوجدت ببرکة الإسلام مثل هذا التحول فی نفوس أبناء المجتمع من الرجال والنساء بنحو قطعت طریق مئة عام فی لیلة واحدة. وأنت أیها الشعب النبیل! لقد شهدت کیف کانت نساء إیران المحترمات یتسابقن مع الرجال فی النزل إلى المیدان. وتحطیم الصرح الشاهنشاهی المنیع)[5]. النصر والعزّة للنهضة الإسلامیة ولنساء إیران الحرائر، والفخر لهذه الطبقة العظیمة التی ساهمت بحضورها الفاعل والشجاع فی میدان الدفاع عن الوطن الإسلامی وعن القرآن الکریم، فی تحقیق النصر للثورة، وهی الآن تمارس نشاطها أیضاً فی جبهات القتال وخلق الجبهات وتقف على أهبّة الإستعداد للتضحیة. تحیة متواصلة للنسوة الملتزمات اللاتی یعملن الیوم فی مختلف أرجاء البلاد، على تربیة الأطفال وتعلیم الأمیین، وتدریس العلوم الإنسانیة والثقافة القرآنیة الفنیة. سلام الله وثناؤه على النسوة اللاتی نلن فی هذه الثورة وفی الدفاع عن الوطن درجة الشهادة السامیة: وعلى اللاتی یعملن فی المستشفیات والمستوصفات على خدمة المرضى والمعاقین[6] وأنتنّ أیتها النساء قد تعذبتنّ وعانیتنّ وصمدتنّ فی جمیع المراحل وأدّیتنّ دورکن فی جمیع المجالات الثقافیة والاقتصادیة. إذ أن شریحة کبیرة من النساء تعمل فی الزراعة، وأخرى تمارس نشاطاً فی المجال الصناعی، وثالثة فی مجال الثقافة والأدب والعلم والفن[7].
المرأة اللبنانیة المسلمة تستلهم دروساً من أختها الإیرانیة المسلمة والمرأة المسلمة فی لبنان أخذت دروساً من أختها المسلمة الإیرانیة أیضاً وسارت على تعلیمات وتوجیهات الإمام الخمینی (قده) والإمام الخامنئی (دام ظلّه) بضرورة مقارعة الظلم والإحتلال، والمرأة دعمت المقاومة الإسلامیة فی لبنان حتى حققت الإنتصار فی العام 2000 وسطّرت أسطورة الصمود فی العام 2006م بوجه العدوان الإسرائیلی على لبنان. وقدّمت الشهید تلو الشهید على مدار الوطن تأسیاً بالسیدة الزهراء (ع) التی قدّمت إبنها الإمام الحسین (ع) شهیداً لکی ترفع رایة الإسلام عالیة. واخذت من السیدة زینب إبنة علی إبن أبی طالب (ع) دروساً بالصبر على الشدائد والمحن والثبات والعزّة. والمرأة جاهدت عبر مساعدتها المجاهدین فی المعرکة من تأمین احتیاجاتهم من طعام ولباس والدعاء لهم بالنصر. إن للمرأة النصیب الکبیر فی التربیة والتعبئة الجهادیّة، وفی مواقعها المختلفة کأم وزوجة وأخت وإبنة، فکم من أمّ ربّت ولدها على الإیمان عندما کان صغیراً، ودفعته إلى المعرکة عندما أصبح کبیراً، وکم من زوجة ساندت زوجها وتحمّلت معه تضحیات الجهاد، إنها التربیة التی ترتقی بالمرأة إلى المستویات العظیمة من العطاء والتضحیة. وقد لمسنا هذا الأمر من عائلات المجاهدین والشهداء، وقد بلغت المطالبة ببعضهن بضرورة الإفساح فی المجال لهن لحمل السلاح والقتال فی ساحة المعرکة. لکن التکلیف الشرعی لا یطالهنّ فی واجب القتال مع توفّر العدد الکافی من الرجال، وعدم وجود الضرورة المتوقفة على مشارکتهن، فدورهن فی الخطوط الخلفیة، فی المدد والتعبئة، وهذا ینسجم مع القدرة الجسدیة للمرأة ومع توزیع الأدوار بینها وبین الرجل، وهذا لا یُنقص من أجرها شیئاً عند الله تعالى، لأن الأجر مرتبط بالتکلیف، وهی تقوم به من موقعها. ولم تحظ قضیة فی العقود القلیلة الماضیة باهتمام کقضیة المرأة، فعقدت من أجلها المؤتمرات ووضعت لها القوانین والاتفاقات التی سعت یائسة إلى تکریس حقوقها. ولعلّ السبب فی ذلک یعود إلى قصور هذه القوانین والاتفاقیات عن الإحاطة بواقع المرأة ورسالتها ودورها، کما أحاط بذلک النظام الإسلامی فی إیران، من خلال المبادئ الفقهیة والحقوقیة الخاصة بالمرأة، إذ لم یمنعها من أی حق ولم یحرمها من ممارسة أی دور، شرط احترام الضوابط الشرعیة ومراعاة خصوصیة المرأة کأنثى. فالإسلام منح المرأة حق المساواة بالرجل والحریة وحق العمل وحق التعبیر...فکان لتمسک المرأة بأحکام الإسلام الأثر الأکبر فی الحفاظ على الرسالة المحمدیة ونهجها الذی یبرز للعالم بأسره الدور الذی یمکن أن تقوم به المرأة سواء فی السیاسة أو الإعلام أو السلم أو الحرب؛ وهذا ما استفادت منه المرأة الإیرانیة، فکانت بحق قدوة للمرأة المعاصرة فی أیامنا هذه، وذلک من خلال مشارکتها ودورها فی انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران. ولا یمکننا إلا دعوة المرأة إلى قراءة معمّقة وتحلیلیة لفکر الإمام الخمینی (قدس) حول المرأة ودورها فی الثورة الإسلامیة وما بعد الثورة، لأن فی ذلک نهج وسلوک لکل إمرأة تسعى أن یکون لها بصمة وید بیضاء فی إحیاء الفکر المحمدی الأصیل. أی عودة المرأة المسلمة إلى الإلتزام بالمبادئ الفقهیة والحقوقیة التی منحها إیاها الإسلام، وعدم الإکتفاء بإحیاء هذه المبادئ نظریاً، وإنما الاستفادة منها فی حیاتها العملیة والإجتماعیة بغیة المساهمة الفعالة والناجعة فی النهضة الإسلامیة. خاصة فی وقت تتعالى فیه أصوات النساء للمطالبة باصلاح أوضاعها والداعیة إلى نقض المفاهیم والموروثات والتقالید التی تعرقل مشارکتها فی قضایا الشأن العام، ونقد سلوک الرجل وطریقته الاستبدادیة، والإلتزام بالرؤیة التی حددها لها الإسلام، حیث أنها یجب أن تعیش الإسلام حرکیاً ولیس کإنتماء وشعارات فقط. وینبغی أن تعمل المرأة على تطویر ذاتها بنفسها، من خلال الاطلاع ومتابعة الأحداث والمشارکة بمختلف الفعالیات الإجتماعیة والثقافیة والسیاسیة، وأن تطالب بتحسین أوضاعها وأن لا تنتظر الرجل بأن یقوم بذلک بدلاً منها... کما نجد الإمام الراحل عندما یقارن بین دور المرأة ودور الرجل فی المجتمع یصرح أن دور المرأة أهم وأخطر، حیث یقول قدس سره: "إن دور المرأة فی المجتمع أهم من دور الرجل، لأن النساء والسیدات ـ علاوة على کونهن شریحة فعالة على کل الأصعدة ـ فإنهن یتصدین لتربیة الشرائح الفعالة الأخرى أیضاً. وبسبب خطورة هذا الدور وأهمیته نجد الإسلام قد خصها بالثواب الجزیل مقابل ذلک، یوضح الإمام الخمینی: إن لیلة واحدة من سهر الأم لطفلها، تعادل سنین من عمر أب ملتزم، إن الرأفة والرحمة التی تحملها نظرات الأم النورانیة ما هی إلا تجلِ لرأفة ورحمة رب العالمین. فالتربیة تشکل البنیة التحتیة الصلبة لشخصیة الانسان بابعادها الثقافیة والاجتماعیة والنفسیة التی تبلور دوره. وإلى هذه الحقیقة یشیر الإمام الخمینی (قده) بقوله: وإن معظم المفاسد ناتجة عن هذه العقد التی تنشأ عند الأطفال[8]. ویقول (قده): إن طفلاً صالحاً یتربى فی أحضانکن من الممکن أن یسعد شعباً کاملاً. وبقدر أهمیة هذا الدور هو خطیر أیضاً، وینبه الإمام الراحل إلى ذلک: أما لو کانت تربیة سیئة فقد یفسد مجتمعاً لا سمح الله، لا تتصوروا أنه طفل، فقد ینزل هذا الطفل إلى المجتمع ویمثل موقعاً على رأس المجتمع ثم یسوقه إلى الفساد[9]. هذا الدور المهم مقدم ـ إجمالاً ـ على الأدوار الأخرى، ویجب أن لا تؤثر أدوارها الأخرى التی یمکن أن تقوم به على دورها هذا، لذلک نجد الإمام یعترض على انشغال المرأة بشکل یمنعها من أداء هذا الدور الأساسی. یقول (قدس سره): أنتن أیتها النساء اللاتی شارکتن فی هذه النهضة وحفظکن الله، مدعوات للتقدم بهذه النهضة، وإن مسؤولیتکن المهمة هی تربیة أبناء صالحین... لقد أرادوا لهذه النسوة أن یبتعدون عن أطفالهن... فبعض من یدعو النساء للعمل فی الدوائر لا یهدف تطویر العمل، بل یعمل ذلک من أجل إفساد الدوائر، ویسعى على إبعاد الأطفال عن أحضان أمهاتهن فسوف ینشأون معقدین،.... حافظن على أطفالکن جیداً... ربین أطفالکن تربیة صالحة. ومن خلالها تحقق سعادة المجتمع الدنیوی والأخرویة: إن حضن المرأة مهد جمیع السعادات وینبغی للمرأة أن تکون مهد السعادات. نشاط المرأة فی المجتمع المرأة عنصر مؤثر جداً فی المجتمع، فإن کانت صالحة تسببت بصلاح المجتمع من خلال الأجواء التی ستحکم هذا المجتمع ببرکة حجابها وعفتها والتزامها بالحکم الشرعی. فالمرأة المحجبة وجودها ومظهرها دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فهی القادرة على صناعة أجواء المجتمع الصالح بما أولاها الله سبحانه وتعالى، وإن کانت المرأة فاسدةـ لا سمح الله ـ فإنها ستسبب بفساد المجتمع وستعطی طابعاً وأجواءً فی المجتمع تساعد بل وتدعو إلى الفساد والانحراف. ومن المفروض على النساء القیام بهذا الدور والتصدی له: یتحتم على النساء الیوم أداء دورهن الاجتماعی والتزاماتهن الدینیة، مع المحافظة على الحیاء العام، ففی ظل العفة العامة یمارسن نشاطاتهن الاجتماعیة. ویعدّ الامام ان النساء نجحن فی هذا الاختبار رغم الفساد الشائع بین المجتمعات بتشجیع من الطامعین بثروات العالم، ورغم کل وسائل الدعایة والإعلام التی جمعت طاقاتها لتؤلف جیوشاً تدعو المجتمع عموماً والنساء خصوصاً نحو التیه والانحراف ، استطاعت المرأة أن تکسر کل ذلک لتقدم للمجتمع، بل للعالم کله نموذج المرأة السلیمة والمستقیمة، والتی تؤدی دوراً إیجابیاً فاعلاً فی المجتمع.[10] نشاط المرأة فی السیاسة وبناء الدولة کما أکد الإمام على ضرورة مشارکة المرأة فی الأمور السیاسیة وبناء النظام ومؤسساته بفعالیة، وفی جمیع المجالات، ومن ابرز هذه المجالات: المساهمة فی الاستفتاء والانتخابات والترشیح ومن الأمور الهامة التی یجب التأکید علیها مشارکة النساء الفاضلات والشجاعات فی مختلف أنحاء إیران فی الاستفتاء العام[11]. المشارکة فی الأمور السیاسیة: ینبغی على النساء أیضاً المشارکة والحفاظ على المجتمع، والإسهام فی النشاطات الاجتماعیة والسیاسیة على قدم المساواة مع الرجال. المشارکة فی إعمار البلاد: من مهام النساء فی الجمهوریة الإسلامیة الإنهماک جنباً إلى جنب الرجال، فی بناء أنفسهن وفی إعمار البلاد. الإهتمام بإدارة شؤون الوطن: من الذی عبأ النسوة الإیرانیات ودفعهن للمشارکة فی إدارة شؤون البلاد؟ المشارکة فی الجهاد ضد العدو یؤکد الإمام الخمینی الراحل: الجهاد غیر واجب على النساء ولکن الدفاع واجب على کل فرد فی حدود القدرة والاستطاعة. ویضیف: وإذا ما حدث فی وقت ما هجوم ضد البلاد الإسلامیة فإن على الجمیع نساءً ورجالاً أن یهبوا للدفاع، إن الدفاع لا یقتصر على الرجل دون المرأة. أو على فئة دون أخرى، بل یجب على الجمیع التحرک والدفاع عن البلاد[12]. ویشیر الإمام الخمینی إلى ذلک فی بعض کلماته، بالقول: إذا ما کان الدفاع واجباً على الجمیع، ینبغی أن تهیأ مقدمات الدفاع أیضاً، من جملة ذلک موضوع التدریب العسکری، وتعلیم فنون القتال لمن لا یجیدها، فالأمر لیس بهذه الصورة بأن یجب علینا الدفاع ولکن لا ندری کیف ندافع. بل یجب أن نتعلم کیف ندافع..[13]. ویتابع الامام، قائلاً: اننی آمل ، بفضل ما تحقق حتى الان بهمة الرجال والنساء الشرفاء ، ان توفق النسوة بتأیید الله تعالى فی التعبئة العامة بما فی ذلک التدریب العسکری والعقائدی والاخلاقی والثقافی وان تکمل الدورات التعلیمیة والتمارین المیدانیة العسکریة بنجاح وکفاءة تحقق تطلعات الامة الاسلامیة. إن هذا الانتصار الذی تحقق لنا مدین لجهود النساء قبل الرجال إذ کانت نساؤنا فی الصفوف الأمامیة. ولم تکتف المرأة بدورها المباشر بل کان لها دور المحفز للرجل لیؤدی دوره فی هذه النهضة: نحن نعتبر نهضتنا مدینة للنساء. کان الرجال ینزلون إلى الشارع إقتداءً بالنساء وهن حفزن الرجال، وکان فی طلیعة النهضة. إن مثل هذه المرأة بإمکانها أن تنتصر على قوة شیطانیة عتیدة[14]. وعلى اهمیة هذه الامورعمل الامام الخمینی (قده) على مبدأ التفکیک لها، وذلک بغرض تهشیم القوة المصطنعة للاستکبار وتقزیمها مقابل الایمان والارادة والعزیمة والاخلاص لدى افراد المجتمع، لا سیما النساء الایرانیات اللواتی أبدین صحوة مبکرة فی مواجهة الاستکبار العالمی.وکانت لدروس وخطب الامام الراحل الاثر البلیغ على الوعی المتقد لدى هذا القائد العظیم.
سبل المواجهة مع الإستکبار: ونلاحظ ان معظم خطاباته کانت موجهة للنساء والرجال وفی خطابات أخرى کان الحدیث موجّه للمرأة فقط. إخوتی وأخواتی المسلمین، إنکم تعلمون بأن القوى الکبرى فی الشرق والغرب تقوم باستلاب کافة ثرواتنا المادیة والمعنویة وتترکنا نعانی الفقر والتبعیة السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة والعسکریة. فثوبوا إلى رشدکم بحثاً عن شخصیتکم الإسلامیة، لا تستکینوا للظلم، وافضحوا بوعیٍ تلک الخطط المشؤومة التی یرسمها الطامعون الدولیون وعلى رأسهم أمریکا. (29/9/1979) إن الشعوب (النساء والرجال) إذا لم تتمتع بمثل هذه الیقظة وهذا الانسجام فلتعلم أنها محکومة بتسلط الحکومات الفاسدة وأمریکا المجرمة وشتى القوى الکبرى.(13/6/1982) الجامعة والبحث العلمی وخطورة المناهج المستوردة تتزاید اعداد النساء فی الجامعات مما یجعل من المناهج التعلیمیة المسمومة تأخذ هذا المتغیر کهدف لاحداث التغییر المخطط له. وربط هذا الموضوع بوعی المرأة وصحوة المرأة غایة فی الخطورة لجهة اضعاف الجانب الروحانی لدیها، فتصبح انتفاضتها لیس على عادات وتقالید المجتمع. من خلال تشکیل قالب الوعی لدیها فی اطار التجربة والحس، فاشارة سریعة الى البحث العلمی وتثبیت المنهجیات الموصلة الى نتائج مثبتة هی غالبا تعتمد على المنهجیات التجریبیة والمیدانیة ، ومنها یتم تعمیم النتائج .وخطورتها حسب المدارس الفکریة الغربیة تضع نسقا للتفکیر العلمی ونسفا لکل ما عداه اضافة الى کونها تجعل المدخل هو التشکیک والیقین لا یتم الا عبر الحس . وهذا الموضوع لا ینفی تقدیر الانجازات الغربیة والاستفادة منها وتطویرها ولکن بحذر، فقد عبر عنها الامام الخمینی: إننا نرحب بالإنجازات التی حققها العالم الغربی، لا الفساد الذی یئن منه الغربیون أنفسهم". وهنا یذهب الامام الى المیادین الحقیقیة للعلوم وهی الجامعات باعتبارها البیئة للشابات والشباب، فالجامعة الاسلامیة لا بد لها من انتاج بنى تحتیة للادارة على المستوى التخصصی، والعمل على الحد من نطاق التبعیة العلمیة الشدیدة لشبکة العلم المعاصر المعقدة. إعداد الکوادر والکفاءات المتلائمة : وهذا سیاق متصل بما قبلها؛ فقد ابتلیت الکوادر والکفاءات الجامعیة بالاستعمار الفکری والتغرب والتأثر بالاستهلاک العلمی، خلال سنین طوال من هیمنة العلم والحضارة الغربیة والتسلط الاستعماری الغربی على مجتمعنا ، حیث إنّ الجامعة فی مجتمعنا والمجتمعات المماثلة له ، مستهلک للمعلومات المتخصصة التی ینتجها النظام المادی، والغریب أنها تعتز بمحاکاة نتاجاتهم والعمل على ترجمتها .[15] ومهما یکن من أمر ، فإن المجتمع اذا ما أراد أن یقدّم فکراً جدیداً، و تعریفاً حدیثاً عن التنمیة وحلولها العملیّة فی سیاق انتاج العلم والبنى التحتیة الجدیدة استناداً الى اسس المبادئ الإلهیة ، فإنه مضطر لامتلاک کوادر وکفاءات تتحلّى بروح الاستقلال والاکتفاء الذاتی، أو کما یصفها سماحة الامام: تکون قد انعتقت من طوق النظرة التی تختزل العلم فی الشرق أو الغرب، واتسمت بالاضافة الى التخصص والمهنیة، بالالتزام، والایمان اللازم، وسجیة الخدمة أیضاً، من خلال تفسیر جدید لمعنى المعیشة والتنمیة، وتحدید نسبتهما الى السعادة والقیم المعنویة . یتحدث الإمام الخمینی حول مقام المرأة ومکانتها : إن المرأة إنسان، إنها إنسان عظیم ومربّیة المجتمع، ویتربّی الإنسان بأحضان تلک المرأة وسعادة الدول وشقاوتها تتعلق بالمرأة. وللمرأة دور عظیم فی المجتمع، والمرأة مظهر من مظاهر تحقیق الطموحات البشریة. إن المرأة مربّیة النساء والرجال المحترمین ومن المرأة یبلغ الرجل مدارج الرقیّ والمعراج وأحضان المرأة مکان یتربّی فیه العظماء من الرجال والنساء (صحیفة الإمام، ج 7، ص). وتأخرت المرأة المسلمة عن أداء دورها الریادی الإسلامی، ولکنّها تمکّنت فی العقود الأخیرة من أن تعوّض عن هذا التأخیر من خلال إعادة هویّتها الإنسانیة والإلهیة وحضورها الفعال والبنّاء فی جمیع المجالات الاجتماعیة والسیاسیة، فتقدّمت الرجل حاملة لواء الثورة الإسلامیة فی إیران وأصبحت فی طلیعة النهضات الإسلامیة وحرکة الصحوة فی الدول الإسلامیة إلی حد التضحیة. ویوضح الإمام الخمینی، فی هذا السیاق : إن للمرأة أبعاداً مختلفة کما هو الحال بالنسبة للرجل وللإنسان بصورة عامة. إن هذه الصورة الطبیعیة أبخس مرتبة للإنسان بل أبخس مرتبة للمرأة وأبخس مرتبة للرجل. ولکن الحرکة تبدأ من المرتبة الدونیة حتی تصل إلی الکمال، الإنسان کائن متحرک یتحرّک من مرتبة الطبیعیة کنقطة بدایة لهذه الحرکة حتی یصل إلی مرتبة الغیب فی مرحلة ماوراء الطبیعة ویستمر حتی الفناء فی الألوهیة. (صحیفة الإمام ج 7؛ ص 337 و 338 ). والملاحظ فی کلام الإمام الراحل وما یحمله من معانی رفیعة تجعل القاری یتوقف متأملاً، أنه ساوی بین المواهب الکامنة لدی الرجل والمرأة علی حد سواء والتی تمکّن الإنسان من التحلّی بالصفات الحمیدة والمکانة المعنویة الرفیعة. ووفق هذه الرؤیة، یمکن اعتبار تقسیم الإنسان إلی رجل وامرأة أو ذکر وأنثى أبخس وأدنی نظرة إلی المجتمع الإنسانی. وفی المقابل وبنظرة أصولیة یمکن القول إن جمیع الناس هم أولاد آدم وهم خلیفة الله بالقوة وما یمیّزهم عن بعضهم هو الجهود والمثابرة فی سبیل تفعیل القابلیات الفطریة والوصول إلی الکمال المطلوب وما یجنیه الإنسان . والمرأة والرجل فی رؤیة قائد الثورة الإسلامیة لایختلفان أساسا فی المرتبة الإنسانیة. هناک مسافة واحدة بین الإسلام. کما أن هناک سلسلة من المراتب المتدرجة، وتجد الجنسیة معناها فی تحدید الوظائف فی الحیاة ولکن فی سیر البشر کإنسان لا تؤثر الجنسیة بتاتاً. (تصریحات قائد الثورة الإسلامیة فی ثالث اجتماع عقد حول مناقشة الأفکار الاستیراتیجیة بمحور المرأة والأسرة 04/01/2012. دور التعالیم الإسلامیة فی إرتقاء المرأة والتعبیر الذی جاء علی لسان الإمام الخمینی والذی یصرح بهبوط مکانة المرأة فی الجاهلیة، هو یحکی عن الواقع المریر المتمثل فی اعتبار المرأة کالحیوان الذی ظهر بصورة إنسان لا یتعدى دورها سوی إرضاء الرجل ولاخیر فی وجودها سوی العار ولا یتوقع منها فعل شیء سوی إنجاب رجال شجعان للقبیلة. وفی مثل هذه البیئة الفاسدة والمتوحشة جاء النبی الأکرم (ص) لینقذ المرأة من مستنقع تلک العادات والتقالید الجاهلیة. وتأریخ الإسلام یشهد للرسول (ص) احترامه وتکریمه لهذا المولود الشریف، حتی یبیّن أن للمرأة مکانة عظمی فی المجتمع، وهی لا تقلّ عن الرجل شأناً إن لم تکن أعلی منه مرتبة. ومنذ ذلک الیوم أصبح للمرأة حیاة تحیی فیها بالعز والفخر من خلال الدور الکبیر الذی تؤدیه فی المجتمع. (صحیفة الإمام، ج 14، ص 316). یذکر الإمام الخمینی فی هذا المجال، إن الإسلام أنقذ المرأة مما کانت علیه فی الجاهلیة، والخدمة التی قدّمها الإسلام للمرأة خدمة عظیمة، لا یتمتع الرجل بمثل هذه الخدمة والعنایة، أنتم لا تعلمون ما کانت علیه المرأة فی الجاهلیة وما أصبحت علیه فی الإسلام. قدم الإسلام خدمة لانظیر لها فی التأریخ للمرأة. (صحیفة الإمام ، ج 4، ص 427 ، 428). مع ظهور الإسلام وطرح المعتقدات والعقائد والآراء والمواقف الجدیدة، أصبح من المستحیل إنکار حقوق المرأة ومکانتها ویمکن مشاهدة ازدهار هذه الرؤیة وارتقاءها فی فترة الثورة الإسلامیة المقدسة فی ظل القیادة الحکیمة المتمثلة بشخص الإمام الخمینی والسید الخامنئی. تشیر إلی أن فی مکتب الإسلام، بإمکان المرأة والرجل علی حد سواء، الوصول إلی الکمال والتحلّی بالقیم، وأن الهدف من خلق الإنسان یتمثل فی الوصول إلی الکمال الإنسانی واکتساب الفضائل والصفات الحمیدة التی من الممکن أن یتحلّی بها أی الإنسان. (فی لقائه مع الطبیبات فی البلاد 16/1/1990). إن دلّ هذا علی شیء فإنه یدلّ علی اعتقاد الإمام الراسخ فی التزام المرأة المسلمة إزاء المجتمع الإسلامی، ذلک المجتمع الذی یتهدد فی أی لحظة من قبل نفوذ المستکبرین الانتهازیین، الذین لا یفکرون سوی بمصالحهم وفی هذه الحالة، تکمن مواجهة مثل هذه الوقائع فی الوعی والإحساس بالمسؤولیة الذی یجب أن یتحلّی بها جمیع أفراد المجتمع لاسیما المرأة المسلمة. المسؤولیة السیاسیة الاجتماعیة لا تختص بالرجل دون المرأة وفی رؤیة خاصة للإمام الراحل، یری أن التعهد الاجتماعی والمسؤولیة السیاسیة الاجتماعیة لاتختص بالرجل دون المرأة بل هی مسؤولیة تقع على عاتقهما علی حد سواء. وعلی المرأة أن یکون لها حضور فعال فی المجتمع وحضورها لایقتصر فی البیت الذی یعتبر مرکزاً للتربیة والتعلیم، ویؤکد أن دور المرأة فی النظام دور استثنائی وممتاز کما أن دورها فی الثورة کان ممتازاً فدور النساء مؤثر ولا بدیل له ولا شک أن هذه التجمعات وهذه المظاهرات العظیمة لم یکن لها أثر وصدی لولا وجود المرأة فیها. ونشاهد فی بعض الأمکنة کمدینة مشهد المقدسة أن المظاهرات بدأت من المرأة أی أن الحرکة الشعبیة العامة کانت حرکة نسائیة أعقبتها حرکة قادها الرجال. (صحیفة الإمام، ج 20 ، ص 6). لجمیع النساء حق فی الجمهوریة الإسلامیة فی إیران لأنهنّ ساهمن فی الثورة بل کنّ فی الصدارة ولأن الرجال کسبوا الشجاعة من النساء ومن مجاهدتهنّ تشجعوا. أنتم خدمتم الإسلام وستسیرون علی هذا النهج. (صحیفة الإمام، ج 6 ، ص 501). إن المرأة فی عصرنا هذا أثبتت أنها فی المجاهدة والمثابرة مرافقة للرجل بل تتقدّمه فی بعض الأحیان. إن المرأة الإیرانیة جاهدت إنسانیاً ومالیاً. (صحیفة الإمام ج 7 ، ص 341). ویؤکد السید الخامنئی حول دور المرأة فی فترة الدفاع المقدس: فی هذه الفترة العصیبة أدت المرأة دوراً استثنائیاً، دور أمّهات الشهداء دور أزواج الشهداء ودور المرأة الحاضرة فی ساحات الحرب فی شؤون الإسناد والدعم وفی بعض الأحیان فی العملیات العسکریة – وإنی شاهدت فی قسم الإسناد دور هؤلاء النساء من قریب– حقّاً کان دوراً استثنائیاً. فکانت المرأة تنشط حتی فی قسم العملیات العسکریة، إن دور المرأة لا یمکن حصره وعدّه فی هذه الکلمات وأنا اعترف وأقرّ أن أول من اکتشف دور المرأة هو الإمام الراحل (تصریحات قائد الثورة الإسلامیة فی ثالث اجتماع للأفکار الاستیراتیجیة، محوره المرأة والأسرة 24/1/2012). وقد دعا الإمام الخمینی سائر نساء البلدان الإسلامیة إلی الاقتداء بالمرأة الإیرانیة مشیدا بحضورها فی انتفاضة الثورة الإسلامیة وفی فترة الدفاع المقدس،: سلام الله علی أرواح تلک النساء اللاتی نلن درجة الشهادة فی الدفاع عن أرضهنّ، وعلی جمیع النساء ممن یعملن فی المستشفیات والمستوصفات ویراعین المعوقین والمرضی. وتحیة إلی جمیع الأمهات اللاتی فقدن أولادهنّ فی الحرب وهن یشعرن بالفخر. ونبارک یوم المرأة للنساء الملتزمات فی الدول الإسلامیة. ونأمل أن تستیقظ المرأة من هذا السبات الصناعی الذی فرضه الغرب ولتتوحد کلمتهنّ فی إنقاذ المجتمع المخدوع وتهدی المرأة إلی السیر فی الوصول إلی مکانتها المرتفعة، علی أن تعتبر المرأة فی سائر الدول الإسلامیة من التحول العظیم الذی شهدته المرأة الإیرانیة فی ظل الثورة الإسلامیة وتحاول فی إصلاح مجتمعها وبلادها حتی الوصول إلی الحریة والاستقلال المنشود . (صحیفة الإمام، ج 14 ، ص 317). ولاشک ان المرأة والرجل یسیران جنباً إلی جنب نحو التقدّم والرقی، کما أدلی بذلک السیِّد علی الخامنئی، فالمرأة مکلّفة بمعرفة هویّتها الإسلامیّة ضمن الخصوصیّة النسائیة، وهذا أمر فطری وطبیعی، حیث أنّ هذه الخصوصِّات تمثّل قیمة کبری للمرأة، وکذلک علیها أن تنطلق نحو القیم المعنویّة المتمثّلة فی العبادة والزلفی نحو الخالق ومعرفة المعارف الإلهیّة الموصلة نحو العرفان، کما أنّ علیها التقدّم عشرات الخطوات اجتماعیّاً وسیاسیّاً، فلا ترضخ للظلم والانتهاک لحقوق الإنسان عامّة وحقوق المرأة خاصّة، ففی نهضتها وإفاقتها وصحوتها، إفاقة ویقظة وصحوة لجمیع نساء العالم من بنی جنسها، و بهذا المنطلق تکون داعیة وموصلة للرسالة التی تنتظرها کلّ امرأة فی هذا الوجود، وهی أنّ المرأة موجود حرّ صامد مقاوم. فکلّما کانت الشعوب متیقظة عسکریّاً، کان ذلک دلیل علی یقظتها الفکریّة والقلبیّة، والمعین له فی هذا المسیر، کانت خطابات السیّد القائد وقبله الإمام الخمینی، الذی بسماعه یُضاف رصید ضخم من القوّة والثبات والصمود، إلی الصمود الأصلی، وکذلک یزید الحماس والشعور بالقدرة علی التغییر وعدم العجز، لما شاهدناه فی شخصیّة هذین العملاقین من التفوق العلمی والروحی، الذین جسّدا القدرة علی التغییر الشامل لمخلّفات الطاغیة، وإقامة الحقّ فی ظلّ دولة عرفت ماذا تنهج، وکیف تسیر لتصل إلی المقصود. فالأمّة الإسلامیّة إذا جاهدت وسعت لتغییر المحتوی الداخلی والنفسی فی نفوس أبناء الأمّة، کان ذلک طریقاً لوصولها إلی إصلاح المحتوی الخارجی، فالسعی لتغییر نفوس الأفراد، بأن یکونا أکثر قدرة وسیطرة علی القوّة الشهوانیّة، کان ذلک طریقاً ناجعاً لتغییر واقع الأمّة وحالها لکلا الجنسین، إلّا أنّ بحثنا یصبّ حول المرأة الصّامدة والصحوة الإسلامیّة، متی کانت المرأة واعیة علی شؤونها الداخلیّة وساعیة لإصلاحه، وتغییره، کان ذلک تمهیداً للوعی علی قضایاها و مصالحها الخارجیّة؟ حیث أنّ الوعی علی تغییر المحتوی الداخلی لدی المرأة، بأن تسیطر علی القوّة الغضبیّة، والشهوانیّة، والخیالیّة، کان ذلک سبباً لقربها من العزیز الحکیم، وهذا القرب سبب لوعی المرأة علی قضایا أکبر ممّا إعتادت علیها، فکان سبیلاً للمطالبة بحقوقها المنسیّة، وطریقاً لتفتّح ذهنها علی مطالب وحقوق أکبر، وسبباً لتغییر الفکر الجاهلی القدیم الذیی لا یعتبر بمشروعیّة حقّ المرأة فی المطالبة بحقوقها، أو الإدلاء برأیها، أو المشارکة فی انتخاب رئیسها، أو تسلّمها قیادة مرکز ما، أو ترأسها فی وزارة ما، وکأنّ هؤلاء المعارضین بحقوق المرأة لم یکونوا مسلمین فی یوم ما، أو آنّهم کانوا، لکن سرعان ما رجعوا للوراء من جدید ، فها هو مؤسس الثورة الإسلامیّة فی ایران، الإمام الخمینی، ووارثه من بعده ، السیّد علی الخامنئی، قد نهضوا بالمرأة عالیاً ، ومنحوها الحقّ فی المشارکة بتفعیل المجتمع والنهوض به ، کما للرجل الحقّ بالنهوض بمجتمعه عالیاً ، وفی هذا الصدد، قال قائد الثورة الإسلامیّة فی خطاب له : عندما وصلت النهضة الإسلامیّة إلی مرحلة الثورة ، تقدّمت المرأة إلی الأمام بما لها من فهم طبیعی لموقف الإسلام من جنسها ، ولهذا قال الإمام ، ونِعمَ ما قال، فی کلمة له : لو لم تشارک المرأة فی هذه النهضة لما انتصرت الثورة، وبالتأکید ، فإنّه لو لا ذلک الحضور النسوی الفعّال فی الشوارع والمسیرات الحاشدة ، لما انتصرت الثورة الإسلامیّة[16]. کما کانت تنادی الجمهوریّة الإسلامیّة الإیرانیّة بشعارها المشهور " لا شرقیّة ولا غربیّة "، حیث جذبت الشعوب إلیها، و کانت منارة الشعوب فی کلّ بقاع العالم، فبهذا الشعار أرادت إیصال حقیقة إلی جمیع أنحاء العالم وهی : أنّنا لا نتّبع نموذج الإتحاد السوفیتی، ولا نموذج الغرب الأمریکی الأوروبی"، فکان هذا ممّا جذب أمال أغلب الشعوب نحوها، ومن بین هذه الشعوب، النساء المؤمنات، الصامدات، المجاهدات، السائرات علی درب السالفات من أقرانهن، ففهمن ووعین أنّ هناک قلباً للحقائق، وأنّ حکوماتها الجائرة ترید مساندة ومعاضدة مَن هو مؤسّس، ومؤصّل قلب الحقائق فی العالم، وهی الشیطان الاکبر" أمریکا"، وفی هذا الصدد، یقول قائد الجمهوریّة الإسلامیّة: إنّ ما یُسمّی بالدیمقراطیّة فی قاموس العالم، ویفتخر به الغرب، لا وجود له مطلقاً فی أمریکا، وإنجلترا، وحتّی فی فرنسا، التی تعتبر نفسها مهداً للدیمقراطیّة، إلّا أنّ الغربیین دأبوا علی تغلیف أقبح الظواهر وعرضها فی إطار حسن، کشأن أمریکا التّی هی نموذج واضح لذلک[17].
[1].الإمام الخمینی، المصدر نفسه، ص 78. [2].الإمام الخمینی، المصدر نفسه، ص 78. [3]. الإمام الخمینی، المصدر نفسه، ص 102 (من الوصیة السیاسیة الإلهیة بتاریخ 5/6/1989). [4] کلمة الإمام الخمینی (قده) بمناسبة یوم المرأة بتاریخ 16/6/1979. [5]من کلمة الإمام الخمینی (قده) بمناسبة یوم المرأة بتاریخ 5/5/1980. [6]من کلمة الإمام الخمینی (قده) بمناسبة یوم المرأة بتاریخ 24/4/1981. [7]من کلمة الإمام الخمینی (قده) بمناسبة یوم المرأة بتاریخ 12/3/1985. [8].من حدیثه فی جمع من نساء مدینة اهواز بتاریخ 2/7/1979 [9].من حدیثه حول دور الامهات 13/5/1979 .3 من حدیث له من الطالبات الجامعیات بتاریخ 12/04/1979 .4 من کلمة بمناسبة الاستفتاء العام بتاریخ 24/3/1979 .5 الاستفتاءات. ج1. .6 فی حدیثه بمناسبة یوم المرأة المسلمة 10/2/1986
.8 الامام الخمینی ،صحیفة النور ج 13. [16]. علی الخامنئی، قدوتنا الصدّیقة الکبری فاطمة الزهراء، ص90 . [17]ابوالفضل سلطان محمدی ، آفاق الفکر السیاسی عند العلّامة المجلسی، ص135، نقلاً عن المکاسب ج2 ، ص51، المسألة21.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,676 |
||