النزاع فی الحیاة الزوجیة | ||
النزاع فی الحیاة الزوجیة الدکتور علی القائمی من المسائل التی تؤدی إلى نشوب النزاع فی الحیاة الزوجیة، خاصة لدى الشباب هی الإختلاف فی الرؤى والنظرة إلى الحیاة ، وهذه المسألة لا تتوقف عند الشباب بل إنها تنسحب أیضاً لتشمل أعماراً أکبر. یخوض الشباب مع الفتاة تجربة الزواج المثیرة ولدى کل منهما رؤاه وأحلامه وآماله العریضة ، وعادة ما یغطّی الخیال مساحة واسعة من معلومات کل منهما عن الطرف الآخر . وعلى هذا الأساس یبدآن ببناء حیاتهما المستقبلیة فی جهل بإمکاناتهما وقدرات کلٍّ منهما. ولکن ، بعد أن یقضیا شهرین أو عامین فی هدوء تبدأ مرحلة من الحساب والتقییم ومراجعة الأمور، حیث تبدّد الشمس ضباب الخیال والأوهام، وعندها تترسب فی الأعماق تراکمات السلوک ، ویسعى خلالها کل طرف التغاضی عنها والسکوت علیها؛ وفی لحظة اشتعال الشرارة ینفجر الموقف وتظهر إلى السطح جمیع العقد الدفینة، ویبدأ فصل من النزاع والمواجهة . وتؤکد البحوث بأن النزاع قد ینشب فی بدایته حول بعض التفاصیل التافهة ثم سرعان ما یتصاعد لیهدد البناء الأسری برمّته، فمن کلمة جارحة إلى العراک والضرب ، إلى التفکیر الجدّی بالطلاق والإنفصال النهائی. بواعث النزاع : للبحث فی السبب أو الأسباب التی تکمن وراء النزاع بین الزوجین ، یمکن الإشارة إلى ما یلی : ـ المفاهیم الخاطئة عن الحیاة ، خاصة حیاة الأسرة . ـ جهل الطرفین ببعضهما قبیل خوض تجربة الزواج . ـ عدم تفهم کل طرف لتقالید وعادات وسلوک الطرف الآخر . ـ سعی أحد الطرفین لإثبات قدرته وسیطرته على الطرف الآخر. ـ إفراغ شحنات الغضب الناجمة عن عوامل خارجیة فی محیط الأسرة. ـ غیاب العقل والانقیاد إلى العواطف. ـ انعدام أو محدودیة القابلیة على تحمل الآلام والحرمان. ـ إطلاق الأحکام جزافاً دون رویة وتعقل. ـ الندم على الزواج والشعور بالغبن. ـ الحسد وإساءة الظن بالطرف الآخر. ـ غیاب روح التسامح والإیثار. ـ التعلق بشخص آخر على أمل أن یکون زوجاً بدیلاً. ـ وأخیر انعدام التوافق الروحی بین الطرفین ، الذی یبقى بحد ذاته ، العامل المهم وراء تدهور الحیاة الزوجیة وانحطاط الأسرة. النزاع لدى من ؟ إضافة إلى ما ذکرنا آنفاً ، هناک أسباب وعلل تدفع إلى النزاع ، ولکن السؤال هو لدى من یشتد المیل إلى المنازعة ، والجواب: ـ لدى الأشخاص الذین لا یتمتعون ، وبسبب صغر أعمارهم ، بالتجربة الکافیة . ـ لدى أولئک الذین یعانون من الشعور بالحقارة والنقص. ـ لدى الذین یدلّون بثروتهم أو منصبهم أو أقاربهم. ـ لدى أولئک الذین لا یمکنهم، وبسبب نقص فی تربیتهم ، من السیطرة على أنفسهم. ـ لدى بعض الذین یظنون أن بإمکانهم تحقیق جمیع ما تصبو إلیه أنفسهم. ـ لدى الذین یعتبرون أزواجهم رقیقاً یمکنهم توجیههم أینما یریدون. ـ لدى الأثریاء من الذین یرون الحیاة فی إطار الرفاه والثراء. ـ لدى الذی یتمتعون بالمراکز الإجتماعیة ممن ینظرون إلى الناس على أنهم عبید وأرقّاء لهم. ـ وأخیراً ؛ لدى أولئک الذین یعیشون مرحلة الطفولة بالرغم من بلوغهم سنّ الثلاثین أو الأربعین ، ویتوقعون من الآخرین أن یعاملوهم بالدلال. نتائج النزاع: ینتهی النزاع إلى إحدى نتیجتین لا ثالث لهما إیجابیة أو سلبیة . وإیجابیة النتیجة بمعنى أن الطرف وبسبب أعماله الناجمة عن الغضب والعنف قد تمکن من حسم النزاع لصالحه ، حیث یتمکن من دفع زوجه إلى الاستسلام خوفاً. والسؤال هنا : أیة قیمة لهذه الحیاة التی یسودها الخوف ؟ إن تحویل المنزل إلى غابة وسیادة قانون الأقوى لا یبعث على الإفتخار ، وإن تحکیم قانون الأقوى وتسخیر جمیع الحیوانات فی الغابة لا یمکن أن یکون باعثاً على الإعتزاز. وقد لا یؤدی إلى نتیجة إیجابیة أی لا ینتهی لصالح أحد الطرفین، بل ینتهی بهزیمة الطرفین معاً . . . صراع مستمر، عراک دائم؛ ضرب؛ وبالتالی؛ یتصاعد دخان النزاع لیحرق عیون الجمیع خاصة الأطفال الأبریاء الذین یجدون أنفسهم فی مهب العاصفة الهوجاء التی سوف تقذفهم بعیداً فی عالم الضیاع والإنحراف.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,480 |
||